←←إطلاق الباطل علي ماسوى الله واطلق على ما سوى اللَّه سبحانه كما في قوله سبحانه وتعالى: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ». [۱۵]
← الفاسد اسم للفساد، وهو خروج الشيء عن الاعتدال ، قليلًا كان الخروج عنه أو كثيراً، ويضادّه الصلاح ، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة . [۲۷][۲۸] والفاسد لدى الفقهاء مرادف للباطل كما هو كذلك بمعنى الفساد والبطلان، فيقال:
صلاة فاسدة وصلاة باطلة، ويقال: بيع باطل وبيع فاسد ونحو ذلك.
نعم، نقل الشهيد الثاني الفرق بين الفاسد والباطل وأنّ الباطل هو ما لم يشرّع بالكلّية كبيع ما في بطون الامّهات، والفاسد: ما يشرّع أصله ولكن امتنع؛ لاشتماله على وصف كالربا.
إلّاأنّه قال: إنّ «الحقّ أنّهم إن ادّعوا أنّ التفرقة شرعية أو لغوية فليس فيهما ما يقتضيه، وإن كانت اصطلاحية فلا مشاحّة في الاصطلاح». [۲۹][۳۰] ولكن في الاستدلالات والإطلاقات العامة قد يجتمعان وقد يفترقان كما يقال:
لحم فاسد و فاكهة فاسدة، ولم يعهد إطلاق الباطل عليهما، ويقال: كلام باطل ولا يقال: كلام فاسد، وقد يجتمعان كما في إطلاقات الفقهاء.
←←أكل المال بالباطل صرّح الفقهاء بعدم جواز أكل مال الغير بغير رضاه ؛ لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنْكُمْ»، [۵۰] حيث دلّ على حرمة الأكل بكل وجه يسمّى باطلًا عرفاً . [۵۱][۵۲][۵۳] هذا، والموارد التي رخّص الشارع فيها بالأكل لا تعدّ من الباطل، كما هو واضح.
وتفصيله في محلّه.
←←تصحيح العمل الباطل لا يتصوّر شرعاً تصحيح العمل الباطل إذا كان البطلان بمعنى الفساد، فلو أتى بعمل باطل في العبادات أو عمل في الأثناء عملًا يبطل العبادة، فلا ينقلب صحيحاً، فلو نوى العمل رياءً أو ارتكب الرياء في الأثناء بطل ولم ينقلب صحيحاً؛ لأنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه، أو قطع نيّة العبادة حين الاشتغال بالعبادة، أو أخلّ بركن من أركانها أو شرط من شرائطها عملًا، فقد أبطل بذلك العبادة ولا تصحّح، بل يجب عليه الإعادة فيما يقبل الإعادة أو القضاء فيما لو كان مأموراً به.
نعم، قد يجب على العامل إتمام العمل الفاسد للتعبّد به شرعاً، كما في الحجّ الفاسد حيث امر بإتمامه، ولكنّه يجب عليه الحجّ صحيحاً من العام القادم.
لكن إذا فهم الفقيه من الأدلّة أنّ البطلان معلّق على عدم الإتيان بفعل متأخر أمكن الحكم بتصحيح العمل الباطل ولو شأناً و اقتضاءً ، لكنه مجرّد تعبير .
وكذا فيما إذا كان البطلان بمعنى عدم النفوذ والتأثير كما في المعاملات و العقود و الإيقاعات من البيع و الإجارة والنكاح والطلاق، فلو أخلّ بركن من أركان البيع أو شرائطه فإنّه يبطل، ولا يمكن تصحيحه إلّا فيما دلّ الدليل عليه، كما في البيع الفضولي إذا لحقته إجازة المالك، أو ما هو مشروط بنحو الشرط المتأخّر ، وقد صحّحنا الشرط المتأخّر عقلًا، ولحقه الشرط في ظرفه، فقد يصحّح حينئذٍ المعاملة ويتمّ تأثيره ونفوذه.
وكذا لا يصحّح الباطل بتقادم الأيّام و الأزمان أو بحكم الحاكم، فلا ينقلب صحيحاً إذا مرّ عليه أعوام و سنين - مثلًا- كما اتّفق من تصرّف الجائرين في أموال الناس تحت ذرائع فتح الشوارع والطرق وغير ذلك من دون رضاهم و طيبة أنفسهم.
وكذا حكم الحاكم فإنّه لا ينقلب الباطل صحيحاً، فلو تمّت شرائط القضاء عند الحاكم من إقامة البيّنة العادلة وحكم الحاكم وفقاً لموازين القضاء، وكان المدعي يعلم ببطلانه أو علم الحاكم بذلك، فلا ينقلب الواقع بذلك عمّا هو عليه من البطلان، فلا يجوز لمن حكم له التصرّف في المحكوم به بأيّ نحو من أنحاء التصرّف، وعلى القاضي إعلام خطأ قضائه. [۷۵] فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يحكم بين الناس بالبيّنات و الأيمان في الدعاوي ، فكثرت المطالبات و المظالم ، فقال: أيّها الناس، إنّما أنا بشر وأنتم تختصمون، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض، وإنّما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حقّ أخيه بشيء فلا يأخذنّه، فإنّما أقطع له قطعة من النار ». [۷۶]