الباطل - ویکی فقه 


الباطل


الباطل نقيض الحق ، مالا ثبات له عند الفحص عنه،وبمعنى الشيء الفاسد و الضائع .

محتويات
۱ - الباطل‏ في اللغة
۲ - الباطل في الاصطلاح
       ۲.۱ - إطلاقات الباطل في القرآن الكريم والعلوم المختلفة
              ۲.۱.۱ - إطلاق الباطل مقابل الحق
              ۲.۱.۲ - إطلاق الباطل على ما لا ثبات له ولا دوام
              ۲.۱.۳ - إطلاق الباطل علي ماسوى الله
              ۲.۱.۴ - إطلاق الباطل على العمل غير المشروع
۳ - الألفاظ ذات الصلة
       ۳.۱ - الصحيح
       ۳.۲ - الحبط
       ۳.۳ - الفاسد
       ۳.۴ - الحق
۴ - الحكم الإجمالي ومواطن البحث
       ۴.۱ - الباطل بمعنى خلاف الحق
              ۴.۱.۱ - الإقدام على فعل الباطل
              ۴.۱.۲ - الإنكار على فاعل الباطل
              ۴.۱.۳ - إحقاق الحق وإبطال الباطل
              ۴.۱.۴ - أخذ الرشوة على الحكم
              ۴.۱.۵ - الحكم بالباطل
              ۴.۱.۶ - أكل المال بالباطل
       ۴.۲ - الباطل بمعنى الفاسد
              ۴.۲.۱ - الإقدام على الفعل الباطل
              ۴.۲.۲ - تصحيح العمل الباطل
۵ - المراجع
۶ - المصدر

الباطل‏ في اللغة [تعديل]

الباطل: اسم فاعل من البُطل و البطلان بمعنى الفاسد و الضائع ، والذي يسقط حكمه ولم يترتّب عليه الأثر المطلوب منه، [۱] [۲] [۳] فيقال: بطل الشي‏ء، أي ذهب ضياعاً، وبطل دمه، أي هُدر ولم يجبر بشي‏ء . ومنه قوله تعالى: «وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ». [۴]
وقد يقال في الاعتبار إلى المقال و الفعال : بطل بطولًا وبُطْلًا وبطلاناً وأبطله غيره. [۵]

الباطل في الاصطلاح [تعديل]

وقد استقرّت تعابير الفقهاء على ذلك في العبادات و المعاملات ، كقولهم: الصلاة باطلة، و البيع باطل؛ بمعنى عدم حصول الامتثال وسقوط الأمر في العبادات وعدم ترتّب الأثر المطلوب من المعاملات، وهو حصول النقل و الانتقال في البيع مثلًا.
وقد يستعمل الباطل ويراد به خلاف الحقّ ، وهو في القول و العقيدة والحكم، فيقال: عقيدة باطلة أو مذهب باطل أو برهان باطل، أي خلاف الحق.

← إطلاقات الباطل في القرآن الكريم والعلوم المختلفة
وللباطل إطلاقات عديدة في القرآن الكريم والعلوم المختلفة نتعرّض لها إجمالًا فيما يلي:
منها: إطلاق الباطل عند علماء البلاغة و المنطق ، ويراد به الكذب في الكلام .
ومنها: إطلاق علماء العرفان ، ويراد به ما سوى اللَّه سبحانه (ألا كلّ شي‏ء ما خلا اللَّه باطل).
ومنها: إطلاق الباطل في القرآن‏ الكريم، وإليك بعض الآيات المشعرة بذلك:

←←إطلاق الباطل مقابل الحق
في عدّة آيات ، [۶] [۷] [۸] [۹] [۱۰] [۱۱] كقوله تعالى: «يَا   أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»، [۱۲] وقوله تعالى: «وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ». [۱۳]

←←إطلاق الباطل على ما لا ثبات له ولا دوام
وإطلاقه على ما لا ثبات له ولا دوام وعلى الأمر الموهون   وما يتسرّب إليه الفساد، وكلّ ذلك يستشعر من قوله تعالى: «كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ». [۱۴]

←←إطلاق الباطل علي ماسوى الله
واطلق على ما سوى اللَّه سبحانه كما في قوله سبحانه وتعالى: «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ». [۱۵]

←←إطلاق الباطل على العمل غير المشروع
واطلق على العمل غير المشروع كقوله سبحانه وتعالى: «وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ »؛ [۱۶] [۱۷] [۱۸] [۱۹] إذ تعني النهج والعمل و التصرّف   غير المشروع.
وفي عدة من الروايات جعل البهتان و الافتراء   و التكبّر   و العجب   من الباطل. [۲۰] [۲۱]
بل في الشرع اسم لكلّ ما لا يحلّ في الشرع كالربا و الغصب   و السرقة   و الخيانة   وأخذ المال باليمين الكاذبة و جحد   الحقّ. [۲۲] [۲۳] [۲۴]

الألفاظ ذات الصلة [تعديل]


← الصحيح
وهو ما يقابل الباطل و الفاسد   في جميع المعاني المتقدمة، فيقال: صحّ البدن ، إذا جرت أفعاله مجرى الأفعال الطبيعية، وصحّت الصلاة، إذا حصل بها الامتثال وسقط الأمر، وصحّ العقد - كالنكاح و الطلاق   ونحوهما-
إذا ترتّب عليه الأثر المطلوب، وصحّ القول ، إذا طابق الحقّ و الواقع . [۲۵]
ويستعمل في كلمات الفقهاء بنفس المعاني المذكورة .

← الحبط
وهو- لغة- بمعنى الهدر والفساد، و اصطلاحاً : إبطال الطاعة بالمعصية، فهو بالمعنى اللغوي مرادف  للبطلان ، وبمعناه الاصطلاحي أخصّ منه.
قال الراغب : «حبط العمل على أضرب: أحدها: أن تكون الأعمال دنيوية فلا تغني في القيامة غناءً ... والثاني: أن تكون أعمالًا اخروية، لكن لم يقصد بها صاحبها وجه اللَّه   تعالى... والثالث: أن تكون أعمالًا صالحة ولكن بإزائها سيّئات توفي عليها، وذلك هو المشار إليه بخفّة الميزان ». [۲۶]

← الفاسد
اسم للفساد، وهو خروج الشي‏ء عن الاعتدال ، قليلًا كان الخروج عنه أو كثيراً، ويضادّه الصلاح ، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة . [۲۷] [۲۸]
والفاسد لدى الفقهاء مرادف للباطل كما هو كذلك بمعنى الفساد والبطلان، فيقال:
صلاة فاسدة وصلاة باطلة، ويقال: بيع باطل وبيع فاسد ونحو ذلك.
نعم، نقل الشهيد الثاني   الفرق بين الفاسد والباطل وأنّ الباطل هو ما لم يشرّع بالكلّية كبيع ما في بطون الامّهات، والفاسد: ما يشرّع أصله ولكن امتنع؛ لاشتماله على وصف كالربا.
إلّاأنّه قال: إنّ «الحقّ أنّهم إن ادّعوا أنّ التفرقة شرعية أو لغوية فليس فيهما ما يقتضيه، وإن كانت اصطلاحية فلا مشاحّة في الاصطلاح». [۲۹] [۳۰]
ولكن في الاستدلالات والإطلاقات العامة قد يجتمعان وقد يفترقان كما يقال:
لحم   فاسد و فاكهة   فاسدة، ولم يعهد إطلاق الباطل عليهما، ويقال: كلام باطل ولا يقال: كلام فاسد، وقد يجتمعان كما في إطلاقات الفقهاء.

← الحق
أصل الحقّ المطابقة و الموافقة ، [۳۱] وهو من أسماء اللَّه   تعالى أو من صفاته ، و القرآن ، والأمر المقضي ، و العدل ، و الإسلام ، و المال ، و الملك ، والموجود الثابت ، و الصدق ، و الموت ، و الحزم ، وضدّ الباطل. [۳۲] [۳۳]
وعليه فالنسبة بين الحقّ والباطل هي نسبة التضادّ، فكلّ ما صدق عليه الباطل يكون ضدّه حقّاً.

الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل]

تعرّض الفقهاء لما يتصل بالباطل بمعنييه، ممّا نذكره هنا إجمالًا كما يلي:

← الباطل بمعنى خلاف الحق
 وهذا المعنى للباطل تترتّب عليه بعض الأحكام ، وهي إجمالًا كما يلي:

←←الإقدام على فعل الباطل
من الواضح في الفقه الإسلامي أنّ الباطل الذي يكون خلاف الحق سواء في العقائد أو في الأعمال، لا يجوز الإقدام عليه؛ لكونه عقيدةً فاسدة أو بدعة محرّمة، أو عملًا محظوراً شرعاً، وبهذا تندرج جميع المحرّمات الجوانحية و الجوارحية   في هذا الباطل، فلا يجوز الإتيان بها.

←←الإنكار على فاعل الباطل
ولا يقف الأمر شرعاً عند حدود حرمة فعل الباطل، بل لابدّ من إنكاره أيضاً، فإنكار المنكر والباطل ممّا يجب على كلّ مكلّف إذا توفّرت شرائطه كالعلم بأنّه منكر وغيره، فلو لم يعلم به أو علم به ولكنّه احتمل ارتكاب ذلك باجتهاد منه، فلا يعدّ منكراً ولا يجب إنكاره.
هذا فيما احتمل ارتداعه بإنكاره ولم يلزم منه الضرر ، وإلّا فلا يجب حينئذٍ. [۳۴]
لكنّ هذا فيما إذا كان المنكر من‏ الامور الاعتيادية - كشرب الخمر   و اللعب   بالقمار أو ترك الحجاب ونحو ذلك- وأمّا لو كان المنكر ممّا يرجع إلى أساس الدين و نظام   الإسلام، بحيث يعدّ عدم إنكاره و السكوت   عليه موجباً لتصغير الإسلام و وهنه   و تحطيم منزلة المتولّين لُامور  الإسلام من العلماء ومراجع الدين و اتّهامهم   بمداهنة الظالمين و الركوع   و الركون   إليهم، أو تضعيف اسس الإسلام لدى أفراد المجتمع ، فعندئذٍ يجب الإنكار، سواء احتمل الارتداع أم لم يحتمل ولحق به الضرر أم لا.
قال الإمام الخميني : «لو وقعت بدعة في الإسلام وكان سكوت علماء الدين ورؤساء المذهب - أعلى اللَّه كلمتهم - موجباً لهتك الإسلام وضعف عقائد المسلمين ، يجب عليهم الإنكار بأيّة وسيلة ممكنة، سواء كان الإنكار مؤثّراً في قلع الفساد أم لا. وكذا لو كان سكوتهم عن إنكار المنكرات موجباً لذلك، ولا يلاحظ الضرر و الحرج   بل تلاحظ الأهمّية ». [۳۵]
والتفصيل في محلّه.

←←إحقاق الحق وإبطال الباطل
إحقاق الحقّ و إبطال   الباطل من أهمّ الامور التي يلزم القيام بها، بل قد يكون واجباً ، خصوصاً الحقوق النوعية التامّة.
ثمّ إنّ ذلك قد يكون في الامور الحسبية التي تكون من لوازم منصب الحاكم، وقد يكون في حكم القاضي ، وقد يكون ضمن خطبة بليغة، لمن يكون عالماً بمصالح الإسلام والمسلمين، شجاعاً صريحاً في إظهار الحقّ وإبطال الباطل حسب المقتضيات، مراعياً لما يوجب تأثير كلامه في النفوس».

←←أخذ الرشوة على الحكم
أخذ الرشوة على الحكم من المدّعي والمدّعى عليه حرام ضرورةً بالإجماع ؛ لأنّه إعانة على الإثم و العدوان   المنهيّ‏
عنهما، [۳۶] [۳۷] [۳۸] [۳۹] وربّما قيّد تحريمها بما إذا كان  متوصّلًا بها إلى الحكم له بالباطل. [۴۰] [۴۱] [۴۲]
و التفصيل   في محلّه.

←←الحكم بالباطل
لا خلاف بين المسلمين في وجوب العدل في الحكم؛ لقوله تعالى: «فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»، [۴۳] وأمّا الحكم بالباطل فلا يجوز على أيّ حال وإن استلزم الحكم ضرراً على المدّعى عليه زائداً على أصل ما يقتضيه. [۴۴] [۴۵]
فلا يجوز للحاكم أن يحكم إلّابما تقتضيه شريعة الإسلام وعدله، ولا يجوز له أن يحكم بالباطل؛ [۴۶] [۴۷] لقوله تعالى:
«وَمَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ». [۴۸]
وفي صحيح عبد اللَّه بن سنان   عن أبي عبد اللَّه عليه السلام   قال: «أيّما مؤمن قدّم مؤمناً في خصومة إلى قاضٍ أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللَّه فقد شركه في الإثم». [۴۹] والتفصيل في محلّه.

←←أكل المال بالباطل
صرّح الفقهاء بعدم جواز أكل مال الغير بغير رضاه ؛ لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنْكُمْ»، [۵۰] حيث دلّ على حرمة الأكل بكل وجه يسمّى باطلًا عرفاً . [۵۱] [۵۲] [۵۳]
هذا، والموارد التي رخّص الشارع فيها بالأكل لا تعدّ من الباطل، كما هو واضح.
وتفصيله في محلّه.

← الباطل بمعنى الفاسد
تلحق الباطل بمعنى الفاسد بعض الأحكام نذكرها- إجمالًا- فيما يلي:

←←الإقدام على الفعل الباطل
الإقدام على الفعل الباطل مع العلم ببطلانه محرّم ويأثم فاعله لارتكابه المعصية بمخالفة الشريعة؛ إذ البطلان وصف الفعل الذي يقع مخالفاً للشرع، بلا فرق بين العبادات و المعاملات ، ففي العبادات يحرم بطلان  الصلاة على  المشهور ، [۵۴] [۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸] [۵۹] [۶۰] وكذا الصوم   [۶۱] [۶۲] [۶۳] و الحجّ وغيرهما. [۶۴] [۶۵] [۶۶]
هذا إذا لم يكن الفعل مستحباً وغير إلزامي ، فإنّ الإقدام عليه لا بقصد التشريع لا يحرم حينئذٍ.
وفي المعاملات يحرم التكسّب بالمحرّمات، أو ما يقصد منه الحرام ، أو غير ذلك ممّا هو محرّم فعله كالغيبة ، و سبّ   المؤمن، وعمل الأصنام ، واللعب بالقمار ونحو ذلك. [۶۷]
هذا مع العلم به وعدم الاضطرار إليه، ومعه فقد يجوز ارتكاب الحرام؛ لأنّ الاضطرار من مسوّغات الحرام.
وأمّا الإقدام عليه جهلًا ، فإنّ الأصل بالنسبة إلى الجاهل في أفعاله أن يتعلّم ما هو محلّ ابتلائه من الأحكام في العبادات والمعاملات حتى سائر أعماله و تروكه ؛ [۶۸] لكي لا يقع في مخالفة الشريعة و الوقوع   في التشريع المحرّم، فإذا أقدم على العمل ولم يستلزم أحد المحذورين فلا يكون فعله باطلًا ومحرّماً، ولا يستحقّ المؤاخذة على ترك التعلّم ؛ لأنّ وجوبه طريقي ولا يؤاخذ على ترك الواجب الطريقي، كما حقّق في علم الاصول .
وأمّا قوله سبحانه وتعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» [۶۹] فإنّه غير ناظر إلى مجرّد ترك التعلّم، وإنّما هو التحذير بالنسبة إلى الوقوع في التشريع المحرّم، فما لم يلزم منه التشريع لا تشمله الآية الكريمة.
مضافاً إلى أنّ الجهل و النسيان   من الأعذار الشرعية، فقد يعذر إذا لم يستند إلى تقصير منه، كما تدلّ عليه النصوص التي منها: حديث الرفع   المعروف: «رفع عن امّتي تسعة أشياء الخطأ والنسيان...
وما لا يعلمون...»، [۷۰] فلو استند جهله إلى تقصير منه فلا يعذر. [۷۱] [۷۲] [۷۳]
كما لا يعذر لو أقدم على ترك جزء أو شرط استفيد من دليله شرطيته وجوداً لا علماً، كما في اشتراط الطهارة في الصلاة وغيرها ممّا دلّ عليه الدليل . [۷۴]

←←تصحيح العمل الباطل
لا يتصوّر شرعاً تصحيح العمل الباطل إذا كان البطلان بمعنى الفساد، فلو أتى بعمل باطل في العبادات أو عمل في الأثناء عملًا يبطل العبادة، فلا ينقلب صحيحاً، فلو نوى العمل رياءً أو ارتكب الرياء في الأثناء بطل ولم ينقلب صحيحاً؛ لأنّ الشي‏ء لا ينقلب عمّا هو عليه، أو قطع نيّة العبادة حين الاشتغال بالعبادة، أو أخلّ بركن من أركانها أو شرط من شرائطها عملًا، فقد أبطل بذلك العبادة ولا تصحّح، بل يجب عليه الإعادة فيما يقبل الإعادة أو القضاء فيما لو كان مأموراً به.
نعم، قد يجب على العامل إتمام العمل الفاسد للتعبّد به شرعاً، كما في الحجّ الفاسد حيث امر بإتمامه، ولكنّه يجب عليه الحجّ صحيحاً من العام القادم.
لكن إذا فهم الفقيه من الأدلّة أنّ‏ البطلان معلّق على عدم الإتيان بفعل متأخر أمكن الحكم بتصحيح العمل الباطل ولو شأناً و اقتضاءً ، لكنه مجرّد تعبير .
وكذا فيما إذا كان البطلان بمعنى عدم النفوذ والتأثير كما في المعاملات و العقود   و الإيقاعات   من البيع و الإجارة والنكاح والطلاق، فلو أخلّ بركن من أركان البيع أو شرائطه فإنّه يبطل، ولا يمكن تصحيحه إلّا فيما دلّ الدليل عليه، كما في البيع الفضولي   إذا لحقته إجازة المالك، أو ما هو مشروط بنحو الشرط المتأخّر ، وقد صحّحنا الشرط المتأخّر عقلًا، ولحقه الشرط في ظرفه، فقد يصحّح حينئذٍ المعاملة ويتمّ تأثيره ونفوذه.
وكذا لا يصحّح الباطل بتقادم الأيّام و الأزمان   أو بحكم الحاكم، فلا ينقلب صحيحاً إذا مرّ عليه أعوام و سنين - مثلًا- كما اتّفق من تصرّف الجائرين في أموال الناس تحت ذرائع فتح الشوارع والطرق وغير ذلك من دون رضاهم و طيبة أنفسهم.
وكذا حكم الحاكم فإنّه لا ينقلب الباطل صحيحاً، فلو تمّت شرائط القضاء عند الحاكم من إقامة البيّنة العادلة وحكم الحاكم وفقاً لموازين القضاء، وكان المدعي يعلم ببطلانه أو علم الحاكم بذلك، فلا ينقلب الواقع بذلك عمّا هو عليه من البطلان، فلا يجوز لمن حكم له التصرّف في المحكوم به بأيّ نحو من أنحاء التصرّف، وعلى القاضي إعلام خطأ قضائه. [۷۵]
فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام   أنّه قال: «كان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله   وسلم يحكم بين الناس بالبيّنات و الأيمان   في الدعاوي ، فكثرت المطالبات و المظالم ، فقال: أيّها الناس، إنّما أنا بشر وأنتم تختصمون، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض، وإنّما أقضي على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له من حقّ أخيه بشي‏ء فلا يأخذنّه، فإنّما أقطع له قطعة من  النار ». [۷۶]

المراجع [تعديل]

۱. المفردات، ج۱، ص۱۲۹.
۲. لسان العرب، ج۱، ص۴۳۲.
۳. المصباح المنير، ج۱، ص۵۲.
۴. الأعراف/سورة ۷، الآية ۱۱۸.    
۵. المفردات، ج۱، ص۱۲۹.
۶. الأنفال/سورة ۸، الآية ۸.    
۷. الإسراء/سورة ۱۷، الآية ۸۱.    
۸. الكهف/سورة ۱۸، الآية ۵۶.    
۹. الأنبياء/سورة ۲۱، الآية ۱۸.    
۱۰. المؤمنون/سورة ۲۳، الآية ۵.    
۱۱. سبأ/سورة ۳۴، الآية ۴۹.    
۱۲. آل عمران/سورة ۳، الآية ۷۱.    
۱۳. البقرة/سورة ۲، الآية ۴۲.    
۱۴. الرعد/سورة ۱۳، الآية ۱۷.    
۱۵. الحجّ/سورة ۲۲، الآية ۶۲.    
۱۶. البقرة/سورة ۲، الآية ۱۸۸.    
۱۷. النساء/سورة ۴، الآية ۲۹.   
۱۸. النساء/سورة ۴، الآية ۱۶۱.    
۱۹. التوبة/سورة ۹، الآية ۳۴.    
۲۰. الموطّأ، ج۲، ص۹۸۷، ح ۱۰.
۲۱. سنن النسائي بشرح السيوطي، ج۵، ص۷۸- ۷۹.
۲۲. مفاتيح الغيب (الفخر الرازي)، ج۱۰، ص۶۹.
۲۳. التبيان، ج۱۰، ص۱۹۰- ۱۹۱.
۲۴. مجمع البيان، ج۱، ص۹۵- ۹۶.
۲۵. المصباح المنير، ج۱، ص۳۳۳.
۲۶. المفردات، ج۱، ص۲۱۶.
۲۷. المفردات، ج۱، ص۶۳۶.
۲۸. القاموس المحيط، ج۱، ص۶۱۴.
۲۹. تمهيد القواعد، ج۱، ص۳۹- ۴۰.    
۳۰. معجم الفروق اللغوية، ج۱، ص۹۰.   
۳۱. المفردات، ج۱، ص۲۴۶.
۳۲. المفردات، ج۱، ص۱۲۹.
۳۳. القاموس المحيط، ج۳، ص۳۲۲.
۳۴. جواهر الكلام، ج۲۱، ص۳۶۶- ۳۶۷.    
۳۵. تحرير الوسيلة، ج۱، ص۴۷۳، م ۷.    
۳۶. جامع المقاصد، ج۴، ص۳۵.    
۳۷. الروضة، ج۳، ص۷۵.    
۳۸. المنهاج (الحكيم)، ج۲، ص۱۴، م ۳۲.
۳۹. مهذّب الأحكام، ج۱۶، ص۹۴.
۴۰. مستند الشيعة، ج۱۷، ص۷۱- ۷۲.    
۴۱. جواهر الكلام، ج۴۰، ص۱۳۱.    
۴۲. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۴۰۶، م ۶.    
۴۳. ص/سورة ۳۸، الآية ۲۶.    
۴۴. السرائر، ج۳، ص۵۳۷.    
۴۵. القضاء (الگلبايگاني)، ج۱، ص۲۵۱- ۲۵۲.   
۴۶. السرائر، ج۲، ص۱۹۷.    
۴۷. التذكرة، ج۹، ص۴۴۷.    
۴۸. المائدة/سورة ۵، الآية ۴۷.    
۴۹. الوسائل، ج۲۷، ص۱۱، ب ۱ من صفات القاضي، ح ۱.    
۵۰. النساء/سورة ۴، الآية ۲۹.    
۵۱. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۵، ص۲۰.   
۵۲. نهج الفقاهة، ج۱، ص۲۱۶.    
۵۳. البيع (الخميني)، ج۱، ص۹۸- ۹۹.
۵۴. الحدائق، ج۹، ص۱۰۱.    
۵۵. الذكرى، ج۱، ص۴۶۳.   
۵۶. جامع‏المقاصد، ج۱، ص۴۳۴.    
۵۷. العناوين، ج۱، ص۵۵.
۵۸. مستمسك العروة، ج۶، ص۶۱۱.    
۵۹. القواعد الفقهية (البجنوردي)، ج۵، ص۲۵۲.    
۶۰. مستند العروة (الصلاة)، ج۴، ص۵۵۲.
۶۱. المسالك، ج۲، ص۶۷.    
۶۲. المدارك، ج۶، ص۳۳۰.    
۶۳. جواهر الكلام، ج۱۷، ص۵۲- ۵۳.    
۶۴. الخلاف، ج۲، ص۳۶۵، م ۲۰۲.    
۶۵. التذكرة، ج۶، ص۲۲۲.    
۶۶. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۴۲۱، م ۲.
۶۷. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم)، ج۱، ص۱۱۱- ۱۵۳.    
۶۸. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۸.    
۶۹. الإسراء/سورة ۱۷، الآية ۳۶.    
۷۰. الوسائل، ج۱۵، ص۳۶۹، ب ۵۶ من جهاد النفس، ح ۱.    
۷۱. كشف الغطاء، ج۱، ص۲۱۶.
۷۲. العروة الوثقى، ج۱، ص۴۰۵.   
۷۳. مستمسك العروة، ج۱، ص۵۰۲- ۵۰۳.    
۷۴. كفاية الاصول، ج۱، ص۳۶۸.   
۷۵. تنقيح مباني الأحكام (القضاء والشهادة)، ج۱، ص۹۶- ۹۷.
۷۶. الوسائل، ج۲۷، ص۲۳۳، ب ۲ من كيفية الحكم وأحكام الدعوى، ح ۳.    


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۴۹-۵۷.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار