البدعة - ویکی فقه 


البدعة


لتصفح عناوين مشابهة، انظر البدعة (توضيح) .
اسم من الابتداع ، بمعنى إحداث شي‏ء و اختراعه لا على مثال سابق. يقال: بدع الشي‏ء وابتدعه، أي أنشأه وبدأه. و البِدع - بالكسر-: الشي‏ء الذي يكون أوّلًا.


البدعة في اللغة [تعديل]

اسم من الابتداع ، بمعنى إحداث شي‏ء و اختراعه لا على مثال سابق. [۱] [۲] يقال: بدع الشي‏ء وابتدعه، أي أنشأه وبدأه. [۳]
وقوله سبحانه وتعالى: «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»، [۴] أي خالقهم لا على مثال. [۵]
و البِدع - بالكسر-: الشي‏ء الذي يكون أوّلًا. [۶] ومنه قوله تعالى: «مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ »، [۷] أي أوّلهم. [۸]

البدعة في الاصطلاح [تعديل]

واستعمله الفقهاء في نفس معناه اللغوي مع اختلافهم في حقيقة البدعة   وما تتحقّق به وما شابه ذلك ممّا سيأتي.

الألفاظ ذات الصلة [تعديل]


← السنة
للسنّة معانٍ مختلفة:
منها: مطلق العمل المندوب المقابل للواجب- سواء ثبت بالكتاب أو بالخبر النبوي أو غيره- وهذا أشهر معاني السنّة عند الفقهاء، بل لعلّه الظاهر منها على ما ذكره جمع من الفقهاء. [۹] [۱۰]
ومنها: قول المعصوم وفعله و تقريره ، سواء كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم   أو غيره من المعصومين عليهم السلام، وسواء كان مفادها الاستحباب أو غيره، فهي مقابل الكتاب، ومنه قولهم عند الاستدلال لحكم: «يدلّ عليه من الكتاب كذا، ومن السنّة كذا». وقد خصّ أهل السنّة هذا المعنى بخصوص رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لعدم اعتقادهم بعصمة الأئمّة عليهم السلام.
ومنها: مقابل البدعة، وهو المناسب لمعناهما اللغوي؛ إذ السنّة لغةً المنهج و السيرة   الثابتة المألوفة المستمرّة المسبقة، [۱۱] [۱۲] والبدعة هي الحالة الجديدة و المخالفة   للحالة السابقة التي ليس لها مثال. [۱۳] [۱۴]ومن هذا الباب قوله تعالى: «فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا »، [۱۵] وقوله سبحانه: «سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ»، [۱۶] وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وسننت لكم سنّةً فاتّبعوها». [۱۷]
وعليه فالسنّة اسم لمطلق حكم اللَّه الثابت في الشريعة ، سواء كان هو الاستحباب أو غيره، وسواء كان مدركه الكتاب أو الخبر النبوي   أو غيره. ومن ذلك ما ورد من أبي الحسن الرضا عليه السلام   قال: «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنةٌ من ربّه ، وسنةٌ من نبيّه، وسنّةٌ من وليّه ...». [۱۸]
وفي مقابلها البدعة، وهي الحالة المخالفة، وهي الالتزام و التعبّد   بما ليس من الشرع على أنّه من الشرع، ولذلك جعلت البدعة مقابل السنّة في كثير من الأخبار كما روي عن علي عليه السلام : « اقتصاد في سنّة خير من اجتهاد في بدعة»، ثمّ قال: «تعلّموا ممّن علم فعمل». [۱۹]وما رواه زرارة   و محمّد بن مسلم   و الفضيل   عن أبي جعفر و أبي عبد اللَّه الصادق عليهما السلام : «... قليل في سنّة خير من كثير في بدعة». [۲۰]
وقول الصادق عليه السلام في وجه كراهة شمّ الريحان للصائم بخلاف الطيب : «... لأنّ الطيب سنّة، والريحان بدعة للصائم ». [۲۱]
وعن علي عليه السلام- في خطبة له- قال: «وما احدثت بدعة إلّا تركت بها سنّة، فاتّقوا البدع، والزموا المهيع . ..». (المَهْيع: هو الطريق الواسع المنبسط ، والميم زائدة، وهو مفعل من التهيّع وهو الانبساط . ) [۲۲] [۲۳]
وما رواه أبو بصير   عن أبي جعفر عليه السلام في أوصاف القائم عليه السلام   قال: «... فلا يترك بدعة إلّاأزالها، ولا سنةً إلّاأقامها». [۲۴]وغيرها ممّا في هذا المعنى، وقد مرّت رواية الحميري أيضاً.
ثمّ إنّ السنّة قد تطلق ويراد بها مطلق عمل سنّه وابتدأ به أحد، سواء كان  ممدوحاً أو  مذموماً ،  مأجوراً عليه أو  مأزوراً ، ومن ذلك ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رواية فضيل بن عياض   عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة   من غير أن ينقص من اجورهم شي‏ء». [۲۵]
وفي رواية الشيخ المفيد   زاد عليه: «ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». [۲۶]و تفصيل   معاني كلمة السنّة و استخداماتها   تراجع في محلّها.

← التشريع
وهو تفعيل من الشرع، بمعنى جعل شي‏ء شرعاً لنفس الجاعل أو لغيره. وهذا المعنى لا يساوق البدعة؛ إذ يشمل فعل الباري تعالى بوصفه مشرّعاً.
نعم، قد يقال بأنّه يطلق التشريع في اصطلاح الفقهاء و الاصوليّين   على إدخال ما ليس من الدين في الدين، [۲۷] فيرادف البدعة، إلّاأنّ التشريع مصدر والبدعة اسمه ، ولذا تطلق البدعة على نفس العمل المشرَّع والمبدَع فيه أيضاً، بخلاف التشريع.
وأنّ المتعارف في القرآن والأخبار وعبارات المتقدّمين من الفقهاء التعبير بالبدعة، ولكن المتعارف في لسان الفقهاء في العصور المتأخّرة التعبير عنه بالتشريع، وفي كلماتهم شواهد كثيرة على وحدة المراد من الكلمتين عندما تقعان في سياق هذا  الموضوع الذي نحن فيه.
وقد جمع بين التعبيرين مع تفسيرهما بشي‏ء واحد المحقّق الحلّي   حيث قال: «أمّا كون الثالثة بدعة فلأنّها ليست مشروعة، فإذا اعتقد التشريع أثم، ولأنّه يكون إدخالًا في الدين ما ليس منه، فيكون مردوداً؛ لقوله عليه السلام: «من أدخل في ديننا ما ليس فيه فهو ردّ»، ولا نعني بالبدعة إلّاذلك». [۲۸]
لكنّ الصحيح أنّ التشريع يشمل إسناد ما لا يعلم أنّه من الدين إلى الدين أيضاً وإن كان واقعاً منه، بخلاف البدعة، كما أنّ البدعة تشمل كلّ ما يخترعه ويبتدعه الإنسان من المذاهب و الضلالات   ولو لم يكن بعنوان الإسناد إلى الدين؛ ولهذا يقال لهم: أهل البدع ، ومن هنا يكونان مختلفين مفهوماً وبينهما العموم من وجه مصداقاً .
كما أنّه قد اخذت في البدعة خصوصية زائدة على مجرّد التشريع وهي خصوصية كونه مطلباً جديداً ومخترعاً في قبال ما هو ثابت في الشريعة، فمن يشرّع في صلاته مثلًا بقول آمين من دون العلم أنّه من الشرع ولكن على أنّه من الشرع من دون طرحه كشي‏ء جديد في قبال الشارع لا يكون بدعةً.

حقيقة البدعة [تعديل]

البدعة (حقيقتها) ، تستعمل البدعة لدى المتشرّعة- ومنهم الفقهاء- وفي الأخبار بمعنى إحداث شي‏ء في الدين بإدخال ما ليس من الدين فيه، أو إيجاد نقص فيه. وإليه يرجع تفسير بعضهم لها ب «إحداث أمر على خلاف السنّة»؛ إذ السنّة هنا بمعنى ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الدين.

بواعث البدعة [تعديل]

البدعة (بواعثها) ، وتختلف الدواعي إلى البدعة بحسب الظروف والمقامات، وجلّها راجع إمّا إلى جهل المبتدع بالشريعة ومقاصدها، وما يدلّ عليها ويكشف عنها من النصوص الشرعية وغيرها، فيرى نفسه عالماً بها وهو غير عالم، ويزعم الشي‏ء دليلًا على الحكم الشرعي وليس بدليل، فيتّكل مثلًا على القياس الظنّي والاستحسان العقلي، فيقع في غير الواقع فيزعمه حكماً شرعياً، أو راجع إلى الهوى وحبّ الدنيا ومقاماتها، وقد يمتزجان.

بين الابتداع والإبداع [تعديل]

قد يتصوّر أحياناً أنّ الشريعة الإسلامية   بمحاربتها للبدعة و الابتداع   تحارب الاجتهاد و الإبداع   وتقدّم الفكر الإنساني والديني، فتحسب كلّ نظرية جديدة في الدين و الفقه   و الأخلاق   و الفلسفة   ابتداعاً وإحداثاً في الدين، وبذلك تسدّ باب الاجتهاد و التجديد   في الفقه و العلوم الدينية .
إلّاأنّ هذا التصوّر غير صحيح؛ لأنّ الشريعة الإسلامية أعطت الاجتهاد حرمته و مكانته وحثّت على التأمّل في الكتاب والسنّة، كما حثّت على نقد الذات ومحاسبتها و مراجعتها   لأفكارها والسعي للتوصّل إلى نظريات وأفكار ورؤى جديدة من مصادر الدين لمشكلات الإنسانية على مرّ العصور.
فالاجتهاد القائم على أصول علمية   محترم مقدّس، يحقّ معه للمجتهد في الفلسفة والأخلاق والفقه والاصول و العقيدة و... أن يدلي برأيه مستدلّاً عليه
ويقدّمه في المحافل العلمية والحوزات والمعاهد الدينية، ويناقش اجتهاده باسلوب علمي هادئ و رصين .
وعلى هذا جرت سيرة العلماء والفقهاء، حتى لو كانت نظريته مخالفةً للمشهور أو حتى للإجماع ، أو لم تطرح من قبل، شرط أن تقوم على القواعد العلمية   وتطرح نفسها بطريقة استدلالية رصينة.
هذا هو الإبداع المفتوح وباب الاجتهاد الذي لا ينسدّ، أمّا اختراع الآراء دون دليل و الإطاحة   بالنظريات وطرح أفكار بديلة دون بحث علمي رصين وقواعد استدلالية محكمة مهما اختلفنا معها، فهو الابتداع الذي يعني طرح أفكار لا وجود لها في الدين ودون تقديم أدلّة متكاملة فيها أو تكون اجتهادات في مقابل النصوص الواضحة تحت حجج واهية كالمعاصرة و التجديد   والمواكبة وغير ذلك.
بهذا يفرّق الفقهاء بين الاجتهاد الإبداعي مهما اختلفوا مع هذه النظرية أو تلك، وبين القول الابتداعي الذي يقف مقابل النصوص الواضحة أو يدخل في الدين ما ليس فيه بلا حجّة ولا دليل

 أحكام البدعة [تعديل]

البدعة (أحكامها) ، تتعلّق بالبدعة أحكام مختلفة كحرمتها، و مفسديّتها للعمل المبدع فيه- عبادة كانت أو معاملة - وفسق فاعلها، بل كفره أحياناً، ولزوم نهيه وردعه، وحكم شهادته ، و الصلاة   عليه، وغيرها ممّا نتعرّض له في عنوانه.

نماذج تطبيقية من البدع [تعديل]

البدعة (نماذجها) ، مرّت في ثنايا ما تقدّم بعض مصاديق البدعة و تطبيقاتها ، ونحاول هنا أن نذكر بعض التطبيقات والنماذج الاخرى التي اطلقت عليها البدعة في الأخبار وكلمات الفقهاء. 

المراجع [تعديل]

۱. لسان العرب، ج۸، ص۶.    
۲. المصباح المنير، ج۱، ص۳۸.
۳. لسان العرب، ج۸، ص۶.    
۴. البقرة/سورة ۲، الآية ۱۱۷.    
۵. لسان العرب، ج۸، ص۶.    
۶. القاموس المحيط، ج۳، ص۳.    
۷. الأحقاف/سورة ۴۶، الآية ۹.    
۸. مجمع البحرين، ج۱، ص۱۶۳.   
۹. لسان العرب، ج۱۳، ص۲۲۵.   
۱۰. المصباح المنير، ج۱، ص۲۹۲.
۱۱. لسان العرب، ج۱۳، ص۲۲۵.      
۱۲. المصباح المنير، ج۱، ص۲۹۲.
۱۳. معجم مقاييس اللغة، ج۱، ص۲۰۹.
۱۴. المصباح المنير، ج۱، ص۳۸.
۱۵. فاطر/سورة ۳۵، الآية ۴۳.    
۱۶. الأحزاب/سورة ۳۳، الآية ۶۲.    
۱۷. لسان العرب، ج۱۳، ص۲۲۵.    
۱۸. المستدرك، ج۲، ص۴۲۴، ب ۶۴ من الدفن، ح ۲۰، و۹: ۳۷، ب ۱۰۴ من أحكام العشرة، ح ۵.    
۱۹. الوسائل، ج۱، ص۱۱۱، ب ۲۶ من مقدّمة العبادات، ح ۹.    
۲۰. الوسائل، ج۸، ص۴۵، ب ۱۰ من نافلة شهر رمضان، ح ۱.    
۲۱. الوسائل، ج۱۰، ص۹۵، ب ۳۲ ممّا يمسك عنه الصائم، ح ۱۴.     
۲۲. لسان العرب، ج۸، ص۳۷۹.     
۲۳. الوسائل، ج۱۶، ص۱۷۵، ب ۱۶ من الأمر والنهي، ح ۱۱.     
۲۴. الوسائل، ج۲۵، ص۴۳۶، ب ۲۰ من إحياء الموات، ح ۱.    
۲۵. الكافي، ج۵، ص۹- ۱۰، ح ۱.    
۲۶. الفصول المختارة (مصنّفات الشيخ المفيد)، ج۲، ص۱۳۶.     
۲۷. جواهر الكلام، ج۲، ص۲۷۹.    
۲۸. المعتبر، ج۱، ص۱۵۹.    


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۹۹-۱۳۶.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار