← العلم وهو نقيض الجهل ، [۶] ويطلق على معان: منها: معرفة الشيء مطلقاً، أعمّ من أن يكون جازماً أو غير جازم.
ومن معانيه: اليقين، يقال: علم، إذا تيقّن. [۷] بلا فرق بين التصوّر والتصديق.
وعلى هذا التقدير يكون العلم أعم من الاعتقاد بمعناه الثاني، ومرادف للمعنى الأوّل على المستوى التصديقي.
والفرق بين الاعتقاد والعلم أنّ الاعتقاد اسم لجنس الفعل على أيّ وجه وقع اعتقاده، و الأصل فيه أنّه مشبّه بعقد الحبل والخيط، فالعالم بالشيء على ما هو به كالعاقد المحكم لما عقده.
ومثل ذلك تسميتهم العلم بالشيء حفظاً له، ولا يوجب ذلك أن يكون كلّ عالم معتقداً. [۸]
← اليقين هو العلم الحاصل عن نظر وا ستدلال ، واليقين فوق المعرفة و الدراية و أخواتها . [۹][۱۰][۱۱] وقد يطلقه العلماء على مطلق العلم الجازم، فكلمات الفقهاء والاصوليين لا يظهر منها اشتراط الاستدلال في تحقق مفاهيم العلم والقطع واليقين ونحوها.
والنسبة بين اليقين والاعتقاد أنّ الاعتقاد قد يكون بعقد القلب دون يقين، وقد يكون معه.
← الاعتناق وهو من المعانقة ، بمعنى جعل الرجل يديه على عنق الآخر وضمّه إلى نفسه، ومن معانيه: أخذ الأمر بجدّ، يقال: اعتنق الأمر، إذا لزمه وأخذه بجدّ. [۱۲][۱۳] ويقال: اعتنق ديناً أو نحلة، أي دان، [۱۴] فهو أعم من الاعتقاد.
← الظن وهو مرتبة متوسطة بين الوهم (الشك) والعلم، إلّاأنّ له مراتب مختلفة من حيث الشدّة و الضعف ، فإذا بلغ أعلى مرتبة صار اطمئناناً فتكون النسبة هي العموم والخصوص المطلق، [۲۲][۲۳][۲۴] بناءً على عدّ الاطمئنان من الظنون وإلّا صار مبايناً . [۲۵] وعليه، فإذا فسّر الاعتقاد بمطلق عقد القلب صار أعم من الظن، وإذا فسّر باليقين الجازم صار مبايناً له، وإذا فسّر بمطلق العلم وكان الظن شاملًا للاطمئنان كانت النسبة هي العموم والخصوص من وجه، وإذا كان الظن مبايناً للاطمئنان صارت النسبة بين الاعتقاد بهذا المعنى والظن هي التباين .
← الاعتقاد في الاصول تارة يقع البحث هنا في لزوم تحصيل اليقين ونحوه في الاعتقاد باصول الدين واخرى في أصل وجوب الاعتقاد بها، وثالثة في إظهار المعتقدات الحقة تارةً والباطلة اخرى، ورابعة في ترتّب أحكام الردّة على إظهار العقائد الفاسدة، فهنا مقامات أربعة:
←←بناء الاعتقاد على العلم أو الظن كيف يجب أن يبنى الاعتقاد؟ هل اليقين لازم فيه أم يكفي الظن؟ وهل مطلق اليقين أم يقين خاصّ؟
ذكر الفقهاء والمتكلمون والاصوليون عدّة آراء في هذه المسألة ، وهي:
۱- اعتبار اليقين في الاعتقاد باصول الدين، فلا يصحّ التقليد فيها ولا الظن؛ لوضوح أنّه لا عمل في تلك الامور حتى يستند فيها إلى قول الغير أو لا يستند، فإنّ المطلوب فيها هو اليقين والاعتقاد ونحوهما ممّا لا يمكن أن يحصل بالتقليد، فلا معنى له في مثلها.
نعم، إذا حصل له اليقين من قول الغير يمكن أن يكتفي به في الاصول؛ إذ المطلوب في الاعتقاديّات هو العلم واليقين، من دون فرق في ذلك بين أسبابه وطرقه. [۲۶][۲۷][۲۸] ۲- عدم كفاية الظن ولزوم تحصيل العلم بالاستدلال، فلا يكفي العلم عن تقليد.
۳- كفاية الظن مطلقاً، سواء جاء من الاستدلال أم التقليد.
۴- كفاية الظن الناتج عن استدلال لا عن تقليد.
۵- كفاية الظن الناتج عن أخبار الآحاد خاصّة.
۶- التفصيل بين ما يجب الاعتقاد به كالتوحيد و النبوة فلا يجوز الاكتفاء بالظن فيه مع القدرة على تحصيل العلم ولو عبر التقليد، وأمّا مع عدم القدرة فلا يجب عليه تحصيل العلم؛ للعجز، ولا الظن؛ لعدم تحقق الإيمان به فيتوقف.
هذا فيما يجب الاعتقاد به مطلقاً، وأمّا ما يجب الاعتقاد به على تقدير حصول العلم فيه كتفاصيل المعارف ، فإن حصل العلم فبها وإلّا لم يجب تحصيل الظن؛ استناداً إلى ما دلّ على عدم جواز الأخذ بالظن و اقتفاء سبيل غير العلم. [۲۹]
←←إظهار العقائد تارةً تكون العقيدة باطلةً واخرى صحيحة، وحكم إظهارها يختلف تبعاً لذلك:
أمّا العقائد الباطلة والفاسدة فلا ريب في عدم جواز إظهارها، ولذا صرّح جماعة من الفقهاء بحرمة إظهار أهل الذمّة المنكرات في البلاد الإسلامية وإن كانت مباحة عندهم، كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونكاح المحرّمات ونحوها؛ [۳۳][۳۴][۳۵] إذ يفهم منه أنّ إظهار الاعتقادات الفاسدة ممنوع بطريق أولى.
وأمّا العقائد الدينية الصحيحة فلم يتعرّض الفقهاء صريحاً لمسألة إظهارها، لكنّ الذي يفهم من كلامهم في إظهار الشعائر الإسلامية أنّ إظهار الاعتقادات الدينية راجح، وقد قامت على ذلك سيرة النبي وأهل بيته عليهم السلام ومن اتّبعهم بإحسان .
هذا، وقد يجب إظهار العقائد الدينية؛ لإرشاد الناس إلى المعارف الإلهية وتعليمهم المقدار الواجب من اصول العقيدة والمسائل الشرعية في الجملة، وخصوصاً بالنسبة إلى العلماء؛ إذ من وظائفهم المهمّة بيان الحلال و الحرام وإظهار العقائد الحقّة، وبيان فساد العقائد الباطلة التي يحسبها بعض الضالّين من الدين . [۳۶] ويدلّ على ذلك ما ورد في حرمة كتمان الهدى ووجوب نشر العلم إذا ظهرت البدع، كقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ». [۳۷] وقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا ظهرت البدع في امّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة اللَّه». [۳۸] وفي رواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: «زكاة العلم أن تعلّمه عباد اللَّه». [۳۹] وقد رغّبت الشريعة في إظهار العقائد الدينية وكذا الشعائر من الفرائض وبعض السنن، ولذا أفتى بعض الفقهاء بوجوب الهجرة عن بلد الشرك مع عدم التمكّن من إظهار شعائر الإسلام فيه، بل صرّح بعضهم بحرمة المقام في بلاد الشرك على مَن يضعف عن إظهار عقائده الدينية وشعائر الإسلام مع القدرة على المهاجرة . [۴۰][۴۱]
←←تحقق الارتداد بإظهار الاعتقاد بالكفر وما يؤول إليه اختلف الفقهاء في أنّه هل يتحقّق الارتداد بمجرّد الاعتقاد بالكفر من دون إظهاره، أو لا يكفي ذلك، بل يتحقّق مع الإظهار ؟
الظاهر من كلام بعضهم أنّه لا يكفي في تحقّق الارتداد مجرّد الاعتقاد بالكفر من دون إظهاره بفعل أو قول أو غير ذلك، حيث أخذوا الإظهار قيداً في تعريف الارتداد. [۴۲][۴۳][۴۴] وقد يستظهر من كلمات بعض آخر أنّه يتحقّق الارتداد بمجرد النيّة والاعتقاد وإن كان ترتّب الآثار متوقّفاً على الإظهار. [۴۵][۴۶] وتردّد بعض المعاصرين في تحقّق الارتداد بمجرد الاعتقاد بالكفر ونيّة الخروج عن الإسلام أو الدخول في بعض فرق الكفر مع عدم تكلّمه أو عمله بشيء يظهر ما في قلبه. [۴۷]