البيع - ویکی فقه 


البيع


(الفصل الثاني :)
(في البيع وآدابه)


معنى البيع [تعديل]

(أمّا البيع : فهو الإيجاب والقبول اللذان ينتقل بهما العين المملوكة من مالك إلى غيره بعض مقدّر). تعريف البيع بالإيجابين كما هنا، أو اللفظ المطلق، كما في الشرائع وغيره [۱] [۲] هو الأشهر، قيل : لأنّه المتبادر . [۳] وفيه نظر. خلافاً للطوسي والحلّي، فعرّفاه بمسبَّبهما الذي هو الانتقال . [۴] [۵]
وهما جنس يشمل العقود، وباقي القيود خاصّة مركّبة يخرج بها من العقود ما لا نقل فيه كالوديعة والمضاربة والوكالة، وما تضمّن نقل الملك بغير عوض كالهبة والوصية بالمال، أو المنفعة خاصّة كالإجارة .وقوله : من مالك، يتعلّق بـ «ينتقل» فيعمّ ما كان ملكاً للعاقد وغيره، فيدخل فيه بيع الوكيل والوليّ.وبه يندفع الاعتراض عن التعريف بعدم العموم فيه للثاني مع دخوله فيه بالإجماع .وخرج بالعرض المقدّر الهبة المشروط فيها مطلق الثواب.
وحيث لم يعتبر التراضي وأطلق الإيجابين دخل فيه بيع المكرَه حيث يقع صحيحاً، وبيع الأخرس وشراؤه بالإشارة ، فإنّه يصدق به الإيجاب والقبول.وبقي فيه دخول الهبة المشروط فيها عوض معيّن، والصلح المشتمل على نقل الملك بعوض معلوم، فإنّه ليس بيعاً عند المصنف وسائر المتأخّرين، فاختلّ التعريف منه كاختلاله منه في غير الكتاب، ومن غيره، والأمر فيه سهل بعد وضوح المطلب.
وحيث كان البيع عبارة عن الإيجاب والقبول المذكورين فلا يكفي في اللزوم المعاطاة ، وهي إعطاء كلّ واحد من المتبايعين من المال عوضاً عمّا يأخذه من الآخر باتّفاقهما على ذلك بغير العقد المخصوص، سواء في ذلك الجليل والحقير، على المشهور، بل كان أن يكون إجماعاً، كما في الروضة والمسالك في موضعين، [۶] [۷] بل ظاهر الأخير تحقّقه وانعقاده ، وادّعاه صريحاً في الغنية؛ [۸] وهو الحجة بعد الأُصول القطعيّة من عدم الانتقال وترتّب أحكام البيع من اللزوم وغيره.
مضافاً إلى ما استدلّ به في الغنية، قال : ولما ذكرناه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الملامسة والمنابذة وعن بيع الحصاة على التأويل الآخر، ومعنى ذلك أن يجعل اللمس للشي‌ء أو النبذ له أو إلقاء الحصاة بيعاً موجباً. [۹] [۱۰] انتهى، فتأمّل.
ولم نقف لهم على مخالف لا من الأصحاب عدا ما ربّما يتوهّم من كلام المفيد [۱۱] من الاكتفاء بمجرد التراضي والتقابض ولو خلاء عن اللفظ‌ طرّاً، كما ذكره في المختلف، [۱۲] وصرّح فيه بأنّه ليس بصريح فيه ولا ظاهر، بل يتوهّم، فكيف يتّخذ مثله مخالفاً صريحاً أو ظاهراً. ولا من إطلاق الكتاب والسنّة؛ فإنّ ما دلّ منهما على الانتقال واللزوم مختص بالعقود، وليس مجرّد التراضي مع التقابض منها قطعاً، لغةً وعرفاً، مع أنّه يكفي الشك في الدخول فهيأ جزماً.
وكذلك ما دلّ منهما على حِلّ البيع؛ لاحتمال منع تسمية مثل ذلك بيعاً حقيقة، كما في الغنية مدّعياً عليه الإجماع، [۱۳] وهو ظاهر جماعة، [۱۴] [۱۵] وغاية العرف استعماله فيه، وهو أعمّ منها جدّاً. وعلى تقديرها كما حكاه المحقق الشيخ علي ; في شرح القواعد عن كافّة الأصحاب، حيث ادّعى أنّ المعاطاة عندهم بيع حقيقة، مفيد للملكية، وإنّما غايتهم أنّها ليست بلازمة [۱۶] فغاية الدليل حينئذٍ ثبوت الحلّية، وهو غير اللزوم الذي هو مفروض المسألة.
وأمّا الوجوه الأُخر التي ذكرها بعض الأجلّة [۱۷] انتصاراً لمتوهّم كلام المفيد ; فلم أفهم منها دلالة بل ولا إشارة، وإنّما غايتها كباقي الأدلّة ثبوت الإباحة في التصرف، فلا كلام فيها، كما هو المشهور بين الطائفة، بل كافّتهم؛ لرجوع القائل بعدمها وحرمة التصرّف في المعاطاة [۱۸] عنه إلى‌ الإباحة، كما حكاه جماعة، [۱۹] [۲۰] [۲۱] وهي غير مفروض المسألة، بل يستفاد من كثير من المعتبرة عدم الاكتفاء بمجرّد القصد والإشارة، وأنّه لا بدّ من لفظ البتّة، كما ذهب إليه بعض من لا يعتدّ به من الأجلّة. [۲۲]
ففي الصحيح وغيره من المعتبرة أنّه إنّما يحرّم ويحلّل الكلام [۲۳] [۲۴] بيان الحمل هو أنه قد ذكر في الحديث لفظ : يحلّل ويحرّم. فيمكن أن يريد الإمام عليه السلام حصر التحليل في الكلام على وجه اللزوم. أي : لا يحلّل البيع على وجه اللزوم إلاّ الكلام وحصر التحريم في الكلام على ما بعد الرجوع. أي لا يحرّم إرجاع المبتاع على صاحبه إلاّ إجراء الكلام في البيع. فإنّه إذا أُجري الكلام في البيع يحرم رجوع كل منهما على الآخر. (منه ). [۲۵]
وهي وإن اقتضت حرمة التصرف إلاّ أنّها محمولة على اللزوم وعلى ما بعد الرجوع؛ جمعاً بينه وبين ما دلّ على الإباحة بالتراضي من الإجماع في الغنية وشرح القواعد، [۲۶] [۲۷] مع عدم الخلاف فيه بين الطائفة، لما عرفت من رجوع القائل بالحرمة كما حكاه جماعة.نعم هي ليست دالّة على اشتراط كونه الألفاظ المخصوصة المشهورة بكيفياتها، المعهودة المشترطة، إلاّ أنّه ليس فيها الدلالة على الاكتفاء بذلك من دونها أيضاً، وإنّما غايتها في الاكتفاء به وعدمه أنّها مجملة لا يمكن الاستناد إليها نفياً ولا إثباتاً في الكيفيات المزبورة.
وممّا حقّقناه من الأصل وغيره يظهر وجوب الإتيان بكلّ ما اختلف‌ في اعتباره هنا بل العقود مطلقاً، كالعربيّة والماضوية وتقديم الإيجاب على القبول وغير ذلك، وفاقاً لجماعة. [۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱]خلافاً لآخرين، [۳۲] [۳۳] [۳۴] [۳۵] فاكتفوا بمجرّد الإيجابين، إمّا مطلقاً، أو مع اعتبار بعض ما مرّ لا كلاًّ، التفاتاً إلى أنّه عقد فيشمله عموم ما دلّ على لزوم الوفاء به، كقوله سبحانه (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). [۳۶]
وفيه نظر؛ إذ بعد تسليم كون مثل ذلك عقداً يحصل الشك في دخوله في الآية جدّاً وإن كانت للعموم لغة، بناءً على عدم إمكان حملها عليه، من حيث خروج أكثر العقود منها على هذا التقدير إجماعاً، فليس مثله حجّة، فيكون الإجماع حينئذٍ قرينة على كون المراد بالعقود المأمور بالوفاء بها كلاًّ ما تداول في زمان الخطاب لا مطلقاً، ودخول المفروض فيه غير معلوم جدّاً ولم يصل إلينا ما يدلّ عليه أصلاً.فالواجب حينئذٍ الرجوع إلى ما قدّمناه من الأصل قطعاً، هذا.
وقد حكي الإجماع عن التذكرة على عدم الوقوع بالمضارع والاستفهام ، [۳۷] وعن الخلاف على اعتبار الترتيب، [۳۸] إلاّ أنّ في منع العموم نظراً، ووجهه سيظهر.فإذاً الجواز فيما عدا ما مرّ من محلّ الإجماع أظهر، وأمّا فيه فالاشتراط أقرب، لحجّية الإجماع المحكي، سيّما مع اعتضاده بعمل‌ الأكثر، وتأيّد الأوّل منه بعدم صدق العقد حقيقة إلاّ بعد صراحة اللفظ الدال عليه، وهو منحصر في الماضي، لتداول العادة بإجراء العقد به، المستلزم لصراحته فيه، وليس كذلك غيره، فتدبّر.

شرائط البيع [تعديل]



لواحق البيع [تعديل]

(الفصل الرابع :)
(في لواحق البيع، وهي خمسة) ‌
(الأوّل : النقد والنسيئة)

← مسائل في البيع
( وهنا مسائل : )

←←معنى التصرية وحكمها

←←تات
(الثانية : الثيوبة) في الإماء (ليست عيباً) مطلقاً في المشهور بين الأصحاب؛ لأنّها فيهنّ بمنزلة الخلقة الأصلية وإن كانت عارضة، بناءً على غلبتها فيهنّ.
خلافاً لظاهر القاضي ومستوجه الشهيد الثاني؛ [۳۹] [۴۰] لأنّ البكارة مقتضى الطبيعة، وفواتها نقص يحدث على الأمة، ويؤثّر في نقصان القيمة تأثيراً بيّناً، فيتخيّر بين الردّ والأرش، خصوصاً في الصغيرة التي ليست محلّ الوطء، فإنّ أصل الخلقة والغالب متطابقان في مثلها على البكارة، فتكون فواتها عيباً.
وهو في الصغيرة لا يخلو عن قوة، ونفى عنه البأس في التذكرة بعد أن حكاه عن بعض الشافعية. [۴۱] إلاّ أنّ في الخروج عن مقتضى لزوم العقد الثابت بالأدلّة القاطعة فتوًى وآيةً وروايةً، مع اعتضاده في المسألة بالشهرة‌
العظيمة، مع الشك في تسمية مثل ذلك عيباً عرفاً وعادةً، وقصور سند ما دلّ على أنّ العيب هو كلّ ما نقص عن الخلقة، مع عدم جابر له في المسألة وعدم وضوح الدلالة نوع مناقشة.
(نعم لو شرط البكارة) في متن العقد (فثبت سبق الثيوبة) بالبيّنة، أو إقرار البائع، أو قرب زمان الاختبار لزمان البيع، بحيث لا يمكن فيه تجدّد الثيوبة بحسب العادة (كان له الردّ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة، لا لكونه عيباً، بل لقاعدة الشرطية.
ومنه ينقدح الوجه في القول بعدم الأرش مع الإمضاء؛ لاختصاصه بالعيب، والواقع ليس كذلك، بل فوات أمر زائد، ويأتي على القول السابق ثبوته، وربما أشعر به الموثق الآتي.
خلافاً للقاضي في الكامل بل في التحرير بل في التحرير: الثيوبة ليست عيباً ولا نعلم فيه خلافاً (منه ;).
، [۴۲] فنفى الأمرين، وربما يستدل له بالموثق : عن رجل باع جارية على أنّها بكر فلم يجدها على ذلك، قال : «لا تردّ عليه، ولا يجب عليه شي‌ء، إنّه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها». [۴۳] [۴۴] [۴۵]
وهو مع الإضمار غير واضح الدلالة على ثبوت الحكم مع سبق الثيوبة، كما هو مفروض المسألة، بل ربما كان فيها على الخلاف وموافقة العبارة نظراً إلى التعليل نوع إشارة.
مع معارضته بالخبر : في رجل اشترى جارية على أنّها عذراء فلم‌ يجدها عذراء، قال : «يردّ عليه فضل القيمة إذا علم أنّه صادق». [۴۶] [۴۷] [۴۸]
لكنّه مقطوع، وفي سنده جهالة، وإطلاقه غير معمول به بين الطائفة من حيث إطلاق الحكم فيه بثبوت الأرش الشامل لصورة الجهل بسبق الثيوبة.
مع أنّه على تقدير العلم به لا أرش أيضاً، كما تقدّمت إليه الإشارة، وبه قال جماعة؛ [۴۹] [۵۰] للأصل المتقدّم، مع ضعف هذه الرواية بالوجوه المزبورة، إلاّ أنّ في الدروس [۵۱] نسب الأرش إلى الشهرة، وربما أشعرت به الموثقة المتقدّمة، ولعلّه لذا توقّف فيه بعض الأجلّة. [۵۲] [۵۳]
(ولو لم يثبت التقدّم فلا ردّ) بلا خلاف؛ للأصل، و (لأنّها قد تذهب بـ) العلّة و (النزوة) كما في الموثقة المتقدّمة، وهي حجّة أُخرى في المسألة، بل ربما حكي عن بعض الأصحاب [۵۴] انسحاب الحكم في الصورة السابقة. ولا مستند له سوى الأصل المندفع بالقاعدة المتقدّمة إليها الإشارة، وظاهر إطلاق صدر الموثقة المقيّد بما في ذيلها من العلّة المشعرة باختصاص الحكم بصورة الجهل بسبق الثيوبة لا مطلقاً.
(الثالثة : لا يردّ العبد) ولا الأمة (بالإباق الحادث عند المشتري) بلا خلاف؛ للأصل، والمعتبرين، أحدهما الصحيح : «ليس في إباق العبد‌
عهدة». [۵۵] [۵۶]
ونحوه الثاني الموثق، [۵۷] [۵۸] لكن بزيادة : «إلاّ أن يشترط المبتاع» بحملهما عليه، جمعاً بينهما وبين الصحيح الصريح في أنّه يردّ بالإباق عند البائع، وفيه بعد الحكم بردّ المملوك من أحداث السنة : قال له محمد بن علي : فالإباق؟ قال : «ليس الإباق من هذا إلاّ أن يقيم بيّنة أنّه كان آبقاً عنده». [۵۹] [۶۰] [۶۱]
وهو المستند في قوله : (ويردّ بـ) الإباق (السابق) مضافاً إلى الإجماع عليه في الجملة.
وإطلاقه كالعبارة وغيرها وصريح جماعة [۶۲] [۶۳] [۶۴] الاكتفاء بالإباق السابق ولو مرّة.
خلافاً لبعضهم، [۶۵] فقيّده بالمعتاد ولو بمرّة ثانية.
ومستنده غير واضح عدا الأصل، والشك في تسمية الإباق مرّة عيباً عادةً.
ويندفع الأوّل بما مرّ، والثاني بأنّ الردّ لعلّ المستند فيه هو إطلاق النص، لا ثبوت كونه من العيب، فإذاً الإطلاق أظهر، وفاقاً للأكثر.
(الرابعة : لو اشترى أمةً لا تحيض في ستّة أشهر فصاعداً ومثلها تحيض، فله الردّ) وفاقاً للنهاية والقاضي وابن حمزة [۶۶] [۶۷] [۶۸] والمتأخّرين كافّة.
للصحيح : عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستّة أشهر وليس بها حبل، قال : «إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب تردّ منه». [۶۹] [۷۰] [۷۱] [۷۲]
و (لأنّ ذلك لا يكون إلاّ لعارض) غير طبيعي فيكون عيباً خلافاً للحلّي، [۷۳] فلا تردّ وهو شاذّ، والدليلان سيّما الثاني عليه حجّة.
ومقتضاه ـ بل الأوّل أيضاً كما قيل، [۷۴] ولعلّه غير بعيد ـ أنّه لا يعتبر في ثبوت عيب الحيض مضيّ ستّة أشهر، كما في العبارة وعبارة جماعة، [۷۵] [۷۶] [۷۷] [۷۸] بل يثبت بمضيّ مدّة تحيض فيها ذوات أسنانها في تلك البلاد.
ومنه ينقدح الوجه فيما ذكره بعض الأصحاب [۷۹] من أنّ عدم تحيّض الحديثة البلوغ في المدّة المزبورة ليس عيباً يوجب الردّ بالبديهة، فإنّ أمثالها لم تحضن فيها غالباً في العادة، ويمكن أن ينزّل على ذلك عبارة المتن والجماعة.
(الخامسة : لا يردّ البزر) بفتح الباء وكسرها، حبّ يؤخذ منه دهن يقال له : دهن الكتاب، كأنّه بتقدير مضاف أي دهن البزر، ويطلق على الدهن كما عن الصحاح [۸۰] (والزيت بما يوجد فيه من الثفل المعتاد) بضم المثلّثة، هو والثافل ما استقرّ من كدرة تحت المائع.
والأصل في الحكم بعد الإجماع على الظاهر الأصل، والعمومات السليمة عن المعارض، إمّا بناءً على أنّ مثله ليس عيباً، أو لاقتضاء طبيعة الدهن كون ذلك فيه غالباً، فيجري مجرى علم المشتري بالعيب المسقط للردّ، كما مضى [53]    ويأتي.
(نعم لو خرج) بالكثرة (عن) القدر الذي جرت به (العادة جاز ردّه) لكونه حينئذٍ عيباً بالضرورة عرفاً وعادةً، لكن الردّ مشروط بما (إذا لم يعلم) وأمّا معه فلا ردّ، بلا خلاف فيه وفيما مضى؛ استناداً فيهما إلى قواعد العيب المتقدّمة نفياً وإثباتاً.
ولا يشكل صحة البيع مع زيادته عن المعتاد بجهالة قدر المبيع المقصود بالذات فيجهل مقدار ثمنه؛ لأنّ مثل ذلك غير قادح مع معرفة مقدار الجملة، كما في معرفة مقدار السمن بظروفه جملة من دون العلم بالتفصيل.
وعلى التفصيل في العبارة يحمل بعض المعتبرة، كالحسن كالصحيح، بل الصحيح على الصحيح : «إن كان المشتري يعلم أنّ الدُّردي -الدُّردي من الزيت وغيره ما يبقى في أسفله مجمع البحرين، [۸۱] يكون في الزيت فليس عليه ردّه، وإن لم يكن يعلم فله ردّه». [۸۲] [۸۳] [۸۴] [۸۵]
(السادسة : لو تنازعا في) شي‌ء من مسقطات الخيار ك (التبرّي من العيب) ونحوه، فقال : بعتك بالتبرّي مثلاً : فقال : لا (فالقول قول منكره مع يمينه) بلا خلاف يعرف؛ للأصل المجمع عليه فتوًى وروايةً : «البيّنة على المدّعى، واليمين على من أنكر».
والخبر الوارد بخلافه [۸۶] [۸۷] مع ضعفه بالكتابة، وعدم وضوح الدلالة، وقرب احتمال اجتماعه نظراً إلى السياق مع القواعد شاذّ لا يلتفت إليه البتّة.
(السابعة : لو ادّعى المشتري تقدّم العيب) المتحقق وأنكره البائع (ولا بيّنة) للمشتري (فالقول قول البائع مع يمينه) على القطع بعدم العيب عنده مع اختباره المبيع قبل المبيع واطّلاعه على خفايا أمره، قولاً واحداً، وعلى نفي العلم به مع العدم، وفاقاً للتذكرة، [۸۸] وفاقاً للتذكرة، فعلى المشتري الإثبات بالبيّنة.
وقيل : على القطع بالعدم كالأوّل؛ [۸۹] عملاً بأصالة العدم، واعتماداً على ظاهر السلامة.
والأصل فيه الأصل المتقدّم.
(ما لم يكن هناك قرينة حال) قطعيّة (تشهد لأحدهما) كزيادة الإصبع واندمال الجرح، مع قصر زمان البيع بحيث لا يحتمل التأخّر في العادة، فيحكم للمشتري، أو طراوة الجرح مع تطاول زمان البيع، فيحكم للبائع من دون يمينه. (الثامنة :) في كيفيّة أخذ الأرش، وهو أن (يقوَّم المبيع صحيحاً ومعيباً، ويرجع المشتري على البائع بنسبة ذلك) التفاوت (من الثمن) لا نفس تفاوت المعيب والصحيح؛ لأنّه قد يحيط بالثمن أو يزيد عليه، فيلزم أخذ العوض والمعوض، كما إذا اشتراه بخمسين وقوّم معيباً بها وصحيحاً بمائة أو أزيد، وعلى اعتبار النسبة يرجع في المثال بخمسة وعشرين، وعلى هذا القياس.
(ولو) تعدّد القيم، بأن (اختلف أهل الخبرة) أو اختلفت قيمة أفراد ذلك النوع المساوية للمبيع، فإنّ ذلك قد يتّفق على الندرة، والأكثر ومنهم المصنف عبّروا عن ذلك باختلاف أهل الخبرة (رجع إلى القيمة الوسطى) المتساوية النسبة إلى الجميع المنتزعة منه، نسبتها إليه بالسوية، فمن القيمتين يؤخذ نصفها، ومن الثلاث ثلثها، ومن الأربع ربعها، وهكذا.
وضابطه أخذ قيمة منتزعة من المجموع نسبتها إليه كنسبة الواحد إلى تلك القيم، وذلك لانتفاء الترجيح.
وطريقه أن تجمع القيم الصحيحة على حدةٍ والمعيبة كذلك، وتنسب إحداهما إلى الأُخرى، وتؤخذ بتلك النسبة.
ولا فرق بين اختلاف المقوّمين في قيمته صحيحاً ومعيباً وفي إحداهما.
وقيل : ينسب معيب كل قيمة إلى صحيحها، ويجمع قدر النسبة، ويؤخذ من المجتمع بنسبتها قد نسب هذا الطريق إلى الشهيد الأول وفخر المحققين.
[۹۰] [۹۱] وفي الأكثر يتّحد الطريقان، وقد يختلفان في يسير.
(التاسعة : لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض كان للمشتري الردّ) بلا خلاف فيه (وفي) جواز أخذ (الأرش) بعد الإمضاء مع التراضي؛ استناداً في الأوّل إلى حديث نفي الضرر [62]    ، وفي الثاني إلى كونه أكل مال بالتراضي.
وفي ثبوت أخذ الأرش مع العدم كما في العيب السابق (قولان، أشبههما) وأشهرهما بين المتأخّرين، وفاقاً للنهاية والتقي والقاضي [۹۲] [۹۳] [۹۴] (الثبوت) لفحوى ما دلّ على كون تلف المبيع قبل القبض مع البائع، [۹۵] فكون تلف الجزء أو الوصف قبله منه بطريق أولى.
ولإطلاق الصحيح، بل عمومه : في رجل اشترى من رجل عبداً أو دابّة وشرط يوماً أو يومين فمات العبد أو نفقت الدابة أو حدث فيه حدث، على مَن الضمان؟ قال : «لا ضمان على المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع له». [۹۶] [۹۷] [۹۸] [۹۹] فإنّ إطلاق الحدث فيه بل عمومه الناشئ من ترك الاستفصال يشمل النقص في المبيع بجزء منه أو صفة، وقد نفى ضمانه عن المبتاع، وهو يستلزم الضمان على البائع، إذ لا واسطة.
خلافاً للمبسوط والخلاف، [۱۰۰] [۱۰۱] مدّعياً عليه الوفاق، وتبعه الحلّي، [۱۰۲] فنفيا الثبوت، واقتصرا على الردّ والإمساك؛ للأصل النافي للأرش مع عدم‌
الموجب له سوى الضرر المندفع بخيار الردّ.
ويندفع الإجماع بالوهن، كيف ولم يوجد بما ادّعاه قائل سواه؟! والأخيران بما مرّ من الدليلين.
ولكن قد يمنعان، فالأوّل : بمنعه، بناء على وجود الفارق بين المقيس والمقيس عليه من انتفاء الضرر على البائع في المقيس عليه؛ لأنّ التلف فيه موجب لبطلان البيع الموجب للتسلّط على استرداد الثمن خاصّة، وثبوته في الثاني، لعدم رضاء البائع ببذل العين إلاّ في مقابلة تمام الثمن، فأخذ المبيع منه ببعضه من غير رضاء منه تجارة عن غير تراضٍ محرّم بالكتاب والسنّة.
ولا ينتقض بأخذ الأرش في العيب السابق على العقد مع ورود دليل المنع فيه أيضاً؛ لمنع الورود على الإطلاق، لعدم تسليمه فيما إذا علم البائع بالعيب، فقد يكون الوجه في أخذ الأرش منه المقابَلَة له بمقتضى التغرير وإقدامه على الضرر، ولا كذلك محلّ الفرض، ويسلّم في صورة الجهل، ولكن يدفع النقض فيها بالإجماع، وهو كافٍ في ردّ دليل المنع؛ مضافاً إلى النصوص إن تمّت في الدلالة على جواز أخذ الأرش، فتأمّل.
والثاني : أوّلاً : بمتروكيّة الظاهر عند المستدلّ من حيث الدلالة على عدم انتقال الملك بمجرّد العقد، والتوقّف على انقضاء الشرط، وهو متحاشٍ عنه باليقين.
وثانياً : بضعف الدلالة، أوّلاً : بشهادة السياق بكون المراد من الحدث ما هو من قبيل الموت المترتّب عليه تلف الجملة.
وثانياً : وهو العُمدة بعدم الدلالة على مشروطيّة تعلّق الضمان على البائع بكون الحدث قبل القبض، بل غايته الدلالة على تعلّقه عليه قبل
انقضاء زمان الخيار، وهو أعمّ من الأوّل، فقد ينقضي الخيار قبله. بل مفهومه حينئذٍ كون الضمان على المبتاع في هذه الصورة، وهو ضدّ المطلب في الجملة، وإن دلّ عليه المنطوق كذلك. وإتمامه بالإجماع المركّب ليس بأولى من العكس في المفهوم.
فهذا القول لعلّه لا يخلو عن قوة، سيّما مع اعتضاده بالإجماع المتقدّم، وإن لم يكن بنفسه لما مرّ حجّة مستقلة، ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة عن شبهة، فالاحتياط فيه لا يترك البتّة.
(وكذا لو قبض المشتري بعضاً) من المبيع (وحدث) عيب (في الباقي كان الحكم) المتقدّم (ثابتاً فيما لم يقبض) منه، فله الخيار بين الردّ والإمضاء مع أخذ الأرش. بلا إشكال في الثاني؛ للدليل المتقدّم بعد فرض التماميّة.
وكذا في الأوّل إن أراد بالمردود مجموع المبيع؛ للدليل المتقدّم. وعلى إشكال فيه إن أراد به خصوص المعيب، كما هو ظاهر سياق العبارة؛ لاستلزام ردّه خاصّة تبعّض الصفقة، الموجب للضرر على البائع، المنفي في الشريعة فتوًى وروايةً.
فإذاً الأقوى عدم جواز ردّه خاصّة، بل إمّا الجميع، أو إمساكه بتمام الثمن، أو مع الأرش على اختلاف القولين.

المراجع [تعديل]



المراجع [تعديل]

۱. الشرائع، ج۲، ص۱۳.
۲. الروضة، ج۳، ص۲۲۱.    
۳. الروضة، ج۳، ص۲۲۱.    
۴. المبسوط، ج۲، ص۷۶.   
۵. السرائر، ج۲، ص۲۴۰.    
۶. الروضة، ج۳، ص۲۲۲.   
۷. المسالك، ج۱، ص۱۶۹-۱۷۰.
۸. الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۸۶.
۹. معاني الأخبار، ص۸۰.
۱۰. الوسائل، ج۱۷، ص۳۵۸، أبواب عقد البيع وشروطه، ب۱۲، ح۱۳.    
۱۱. المقنعة، ص۵۹۱.    
۱۲. المختلف، ص۳۴۸.
۱۳. الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۸۶.
۱۴. الروضة، ج۳، ص۲۲۲.    
۱۵. المسالك، ج۱، ص۱۶۹.
۱۶. جامع المقاصد، ج۴، ص۵۸.    
۱۷. مجمع الفائدة، ج۸، ص۱۳۹.   
۱۸. نهاية الأحكام، ج۲، ص۴۴۹.    
۱۹. جامع المقاصد، ج۴، ص۵۸.    
۲۰. مجمع الفائدة، ج۸، ص۱۴۰.    
۲۱. الحدائق، ج۱۸، ص۳۵۶.    
۲۲. المسالك، ج۱، ص۱۶۹.
۲۳. الكافي، ج۵، ص۲۰۱، ح۶.    
۲۴. التهذيب، ج۷، ص۵۰، ح۲۱۶.    
۲۵. الوسائل، ج۱۸، ص۵۰، أبواب أحكام العقود، ب۸، ح۴.    
۲۶. الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۸۶.
۲۷. جامع المقاصد، ج۴، ص۵۸.    
۲۸. رسائل الكركي، ج۱، ص۱۷۷.   
۲۹. جامع المقاصد، ج۴، ص۵۹.    
۳۰. التنقيح، ج۲، ص۲۴.
۳۱. المختلف، ص۳۴۸.
۳۲. الشرائع، ج۲، ص۱۳.
۳۳. الروضة، ج۳، ص۲۲۵.    
۳۴. مجمع الفائدة، ج۸، ص۱۴۵.    
۳۵. الكفاية، ص۸۸.
۳۶. المائدة/۵، الآية۱.   
۳۷. التذكرة، ج۱، ص۴۶۲.   
۳۸. المسالك، ج۱، ص۱۷۱.
۳۹. المهذب، ج۱، ص۳۹۵.    
۴۰. الروضة البهية، ج۳، ص۵۰۰.
۴۱. التذكرة، ج۱، ص۵۳۹.    
۴۲. التحرير، ج۱، ص۱۸۲.    
۴۳. الكافي، ج۵، ص۲۱۵، ح۱۱.    
۴۴. التهذيب، ج۷، ص۶۵، ح۲۷۹.    
۴۵. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۸، أبواب أحكام العيوب، ب۶، ح۲.    
۴۶. الكافي، ج۵، ص۲۱۶، ح۱۴.    
۴۷. التهذيب، ج۷، ص۶۴، ح۲۷۸.    
۴۸. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۸، أبواب أحكام العيوب، ب۶، ح۱.    
۴۹. الوسيلة، ص۲۵۷.
۵۰. الروضة، ج۳، ص۴۹۸.
۵۱. الدروس، ج۳، ص۲۷۶.    
۵۲. الكفاية، ص۹۴.
۵۳. الحدائق، ج۱۹، ص۹۹.    
۵۴. كشف الرموز، ج۱، ص۴۸۰.
۵۵. التهذيب، ج۶، ص۳۱۲، ح۸۶۴.    
۵۶. الوسائل، ج۱۸، ص۱۱۴، أبواب أحكام العيوب، ب۱۰، ح۱.    
۵۷. التهذيب، ج۷، ص۲۳۷، ح۱۰۳۴.    
۵۸. الوسائل، ج۱۸، ص۱۱۴، أبواب أحكام العيوب، ب۱۰، ح۲.    
۵۹. الكافي، ج۵، ص۲۱۷، ح۱۷.    
۶۰. التهذيب، ج۷، ص۶۳، ح۲۷۳.    
۶۱. الوسائل، ج۱۸، ص۹۸، أبواب أحكام العيوب، ب۲، ح۲.    
۶۲. المبسوط، ج۲، ص۱۳۱.
۶۳. السرائر، ج۲، ص۳۰۳.    
۶۴. التحرير، ج۱، ص۱۸۴.    
۶۵. الروضة البهيّة، ج۳، ص۴۹۹.
۶۶. النهاية، ص۳۹۵.
۶۷. المختلف، ص۳۷۲.
۶۸. الوسيلة، ص۲۵۶.
۶۹. الكافي، ج۵، ص۲۱۳، ح۱.    
۷۰. الفقيه، ج۳، ص۲۸۵، ح۱۳۵۷.    
۷۱. التهذيب، ج۷، ص۶۵، ح۲۸۱.    
۷۲. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۱، أبواب أحكام العيوب، ب۳، ح۱.    
۷۳. السرائر، ج۲، ص۳۰۵.    
۷۴. التنقيح الرائع، ج۲، ص۸۲.
۷۵. النهاية، ص۳۹۵.
۷۶. القواعد، ج۱، ص۱۴۵.    
۷۷. الإرشاد، ج۱، ص۳۷۷.
۷۸. الحدائق، ج۱۹، ص۱۰۳.    
۷۹. مجمع الفائدة، ج۸، ص۴۴۵.    
۸۰. الصحاح، ج۲، ص۵۸۹.
۸۱. مجمع البحرين، ج۳، ص۴۵.
۸۲. الكافي، ج۵، ص۲۲۹، ح۱.    
۸۳. الفقيه، ج۳، ص۱۷۲، ح۷۶۷.    
۸۴. التهذيب، ج۷، ص۶۶، ح۲۸۳.    
۸۵. الوسائل، ج۱۸، ص۱۰۹، أبواب أحكام العيوب، ب۷، ح۱.    
۸۶. التهذيب، ج۷، ص۶۶، ح۲۸۵.    
۸۷. الوسائل، ج۱۸، ص۱۱۱، أبواب أحكام العيوب، ب۸، ح۱.    
۸۸. التذكرة، ج۱، ص۵۴۱.    
۸۹. الحدائق، ج۱۹، ص۱۰۲.    
۹۰. الروضة البهية، ج۳، ص۴۷۸.
۹۱. مفتاح الكرامة، ج۴، ص۶۳۳.
۹۲. النهاية، ص۳۹۵.
۹۳. الكافي في الفقه، ص۳۵۵.
۹۴. المهذب، ج۱، ص۳۹۷.    
۹۵. الوسائل ۱۸، ۲۳ أبواب الخيار، ب ۱۰.
۹۶. الكافي، ج۵، ص۱۶۹، ح۳.    
۹۷. الفقيه، ج۳، ص۱۲۶، ح۵۵۱.    
۹۸. التهذيب، ج۷، ص۲۴، ح۱۰۳.    
۹۹. الوسائل، ج۱۸، ص۱۴، أبواب الخيار، ب ۵، ح ۲.    
۱۰۰. المبسوط، ج۲، ص۱۳۸.
۱۰۱. الخلاف، ج۲، ص۵۶۱.    
۱۰۲. السرائر، ج۲، ص۲۴۷.    


المصدر [تعديل]

[70]   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار