←←إشارة المحرم إلى الصيد يحرم على المحرم الإشارة إلى الصيد و الدلالة عليه ليصيده آخر بلا خلاف فيه بين الفقهاء، [۷۵][۷۶][۷۷][۷۸] بل عليه الإجماع المصرّح به في جملة من عبائرهم [۷۹][۸۰][۸۱] والأخبار به مستفيضة ، [۸۲][۸۳] كصحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام، ولا تدلنّ عليه محلّاً ولا محرماً، ولا تشر إليه فيستحلّ من أجلك ، فإن فيه فداء لمن تعمّده». [۸۴] وإنّما تحرم الإشارة والدلالة على الصيد إذا كان المدلول جاهلًا و مريداً للصيد، أمّا إذا كان عالماً به أو لم يقصد الصيد أصلًا فلا تحرم الإشارة إليه. [۸۵][۸۶][۸۷][۸۸][۸۹] ومن الواضح أنّ الإشارة بعنوانها ليست محرّمة هنا، وإن وردت في الرواية ، وإنّما تحرم بوصفها دلالةً على الصيد، فالمحرّم هو الدلالة عليه لا مجرّد الإشارة مع عدم الدلالة، كما لو لم يكن هناك أحد بجانبه.
←←إشارة العاجز عن الكلام تقوم الإشارة مقام اللفظ عند التعذّر لخرس أو غيره، وهو ممّا لا خلاف فيه بين الفقهاء، [۱۵۱][۱۵۲] بل بناء السيرة العقلائية على الاكتفاء بإشارة العاجز عن النطق في إظهار المقاصد و المنويّات ، [۱۵۳] وبيانه إجمالًا كما يلي:
۱- إشارته في العبادة: لا خلاف في وجوب الإشارة عند العجز عن النطق في تكبيرة الإحرام [۱۵۴][۱۵۵][۱۵۶][۱۵۷] و القراءة [۱۵۸][۱۵۹][۱۶۰][۱۶۱][۱۶۲] في الصلاة وغيرهما من الأذكار [۱۶۳][۱۶۴] ونصّ الفقهاء أيضاً في كتاب الحجّ في مسألة استلام الحجر و التلبية على كفاية الإشارة في ذلك. [۱۶۵][۱۶۶][۱۶۷] ۲- إشارته في العقود والإيقاعات: لو تعذّر النطق لخرس أو غيره كفت الإشارة المفهمة في العقود والإيقاعات على حدّ سواء، [۱۶۸][۱۶۹][۱۷۰] بلا خلاف فيه في طلاق الأخرس. [۱۷۱] ووجّه ذلك بعضهم بقوله: «إنّ كلّ عقدٍ وإيقاعٍ ينشأ بما يكون مبرزاً له عرفاً تشمله العمومات ، إلّاإذا ثبت بالدليل اعتبار مبرز خاصّ فيه بحيث لو انشئ بغيره لم يكن ممّا يترتّب عليه الأثر المقصود، فلو فرض قيام الإجماع على اعتبار اللفظ في العقود والإيقاعات واغمض عن المناقشة فيه، كان ذلك مختصّاً بالقادر على التلفّظ، فالعاجز عنه ينشئ العقد والإيقاع بكلّ مبرز عرفي، ولا دليل على حصر المبرز في حقّه باللفظ، فالأخرس وغيره ممّا يعجز عن التكلّم يصحّ عقده وإيقاعه بكلّ مبرز حصل، فلا ترتيب بين المبرزات للأخرس كما قيل». [۱۷۲]
←←الإشارة في السلام وردّه أمّا فيمن تعذّر فيه النطق- كالأخرس- أو تعذّر فيه السماع - وهو الأصمّ - فذكر بعض الفقهاء [۱۷۳][۱۷۴]: أنّ انعقاد سلام الأخرس إنّما هو بالإشارة، وكذا ردّه السلام . هذا في الأوّل.
وفي الثاني- أي الأصم- لا معنى للإشارة منه، إذا أراد هو أن يسلّم أو يردّ السلام، لفرض قدرته على الكلام، لكن لو اريد السلام عليه لزم ضمّ الإشارة إلى اللفظ ليحصل تفهيمه، وكذا لو اريد الجواب على سلامه، على ما ذكره العلّامة الحلّي. [۱۷۵] وأمّا في القادر على النطق فلا تكفي الإشارة عن اللفظ في الردّ لوجوب الإسماع في الصلاة وغيرها، بل ذكر المحقّق البحراني: أنّه الظاهر من كلام الأصحاب ؛ [۱۷۶] لإطلاق رواية ابن القدّاح [۱۷۷] وغيرها. نعم، في حال الصلاة خاصّة قيل بعدم وجوب الإسماع؛ [۱۷۸][۱۷۹][۱۸۰] لصحيح منصور بن حازم [۱۸۱] و محمّد بن مسلم ، [۱۸۲] وحينئذٍ يسلّم خفياً ويشير بإصبعه كما في الرواية . لكن حملهما جماعة [۱۸۳][۱۸۴][۱۸۵] على التقية ؛ لأنّ المشهور عند الجمهور عدم الردّ لفظاً، بل بالإشارة.
←←دلالة الإشارة الإشارة عند الاصوليّين قسم من الدلالات، فإنّ جمعاً منهم قسّموا الدلالة إلى: دلالة اقتضاء ، ودلالة إيماء و تنبيه ، ودلالة إشارة، وعرّفوا دلالة الإشارة بأنّها دلالة الكلام على أمر لازم لمدلوله عرفاً لزوماً غير بيّن أو بيّناً بالمعنى الأعمّ . [۱۹۹][۲۰۰] ومثاله قوله تعالى: «وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً» [۲۰۱] مع قوله تعالى: «وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ»، [۲۰۲] حيث دلّ على أقلّ مدّة الحمل وهو ستّة أشهر.
ومنه دلالة وجوب الشيء على وجوب مقدّمته عند من يبني على ذلك.
وتفترق دلالة الإشارة عن دلالة الاقتضاء ودلالة الإيماء بأنّ دلالة الإشارة غير مقصودة للمتكلّم بالقصد الاستعمالي بحسب العرف بخلاف الدلالتين الاخريتين، فإنّه يشترط القصد عرفاً فيهما. [۲۰۳] وتفصيله موكول إلى علم الاصول.