الإعادة - ویکی فقه 


الإعادة


وهو تكرار الكلام وإرجاعه وإعادته.


الإعادة في اللغة [تعديل]

الإرجاع والتكرير، يقال: أعدت الشي‌ء إلى مكانه، أي رددته وأرجعته إليه، وأعاد الكلام: كرّره. [۱] [۲] [۳]
واستعدته الشي‌ء فأعاده، إذا سألته أن يفعله ثانياً. [۴]

الإعادة في الاصطلاح [تعديل]

وليس لها لدى الفقهاء اصطلاح خاص. نعم، تطلق الإعادة في كتاب الصلاة في قبال القضاء ويراد بها تكرار العمل داخل الوقت.

الألفاظ ذات الصلة [تعديل]


← التكرار
وهو بمعنى الإعادة، إلّاأنّ كلمة (تكرار) تستعمل غالباً عندما تكون الإعادة مراراً، [۵] بخلاف الإعادة فإنّها تستعمل في إعادة التصرّف مرّة واحدة.

← القضاء
وهو فعل العبادة بعد خروج وقتها المحدَّد، [۶] [۷] [۸] بخلاف الإعادة فإنّها فعل المأمور به ثانية في وقته إن كان له وقت محدّد، أو في أيّ وقت كان إن لم يكن له وقت محدّد.

← الاستئناف
وهو إعادة العمل أو التصرّف من أوّله، كاستئناف الوضوء، [۹] [۱۰] بخلاف الإعادة فإنّها تستعمل في إعادة التصرّف من أوّله أو إعادة جزء من أجزائه، كإعادة غَسل عضو من أعضاء الوضوء.

← الرد
وهو صرف الشي‌ء ورجعه، يقال: ردّ الشي‌ء، إذا أرجعه. [۱۱] وهو أحد معاني الإعادة.

الأحكام [تعديل]

يختلف حكم الإعادة باختلاف المعاني والموارد، فإنّها قد تكون بمعنى التكرار، وقد تكون بمعنى الردّ، وفي الحالين ليس لها حكم بعنوانها، وإنّما يختلف حكمها باختلاف الموارد كما ستعرف، وحيث إنّ المستعمل في الفقه بدل الإعادة بالمعنى الثاني- أي الإرجاع - الرد فيقال: ردّ المغصوب وردّ المبيع ونحو ذلك، يتركز الكلام هنا على الإعادة بالمعنى الأوّل.

← حكم الإعادة
الإعادة بمعنى التكرار قد تكون واجبة، كما إذا ظهر بطلان العمل الواجب. وقد تكون راجحة ومستحبة، كما إذا كان العمل الأوّل صحيحاً، إلّاأنّ في إعادته فضلًا ومزيّة راجحة، أو كان العمل مستحبّاً وظهر بطلانه. وقد تكون مرجوحة أو محرّمة، كما إذا انطبق عليها عنوان مرجوح، أو محرّم كالتشريع، كما في إعادة الغَسل في الوضوء للمرّة الثالثة، أو الوسواس ، كما في إعادة الوسواسي في العبادات ومقدّماتها. وقد تكون الإعادة مباحة كما في إعادة العقد الفاسد بعد ظهور بطلانه، وعدم وجود ما يلزم أو يرجح إعادته وإنشاؤه من جديد.
وينبغي أن يعلم أنّ مطلق تكرار العمل ليس إعادة، فإنّه قد يكون تكرار العمل شرطاً لازماً في ترتّب الأثر أو سقوط التكليف، كما في تكرار الغسل من البول مرّتين، أو تكرار الإقرار بالزنا أربع مرّات لترتّب الحد، أو تكرار التسبيحة في الركعتين الثالثة والرابعة، إلى غير ذلك. فهذا النحو من التكرار ليس إعادة، بل هو تعدّد مأخوذ في نفس العمل المطلوب، وترتّب الأثر الشرعي عليه.
وإنّما الإعادة تكون بالتكرار، بمعنى استئناف العمل بشروطه من جديد وفعله ثانياً. إذاً على هذا التعريف للإعادة لا يكون إعادة الغسل في الوضوء وتكراره للمرة الثالثة إعادة. وهذا المعنى للإعادة قد يكون وجوبه أو رجحانه عقلياً في مقام الخروج عن عهدة التكليف الشرعي أو ترتب الأثر الوضعي المطلوب من الفعل، فلا تكون‌ الإعادة في هذا القسم بعنوانها واجبة ومتعلّقة للحكم الشرعي، وإنّما متعلّق الحكم الشرعي نفس العنوان الأوّل، كالصلاة والصيام ونحو ذلك. ولكن حيث إنّه لم يمتثل في الفعل الأوّل صحيحاً أو لم يحرز امتثاله وتحقّقه، فيحكم العقل بلزوم أو رجحان استئناف العمل وإعادته للخروج عن عهدة ذلك التكليف، أو إحراز ترتّب الأثر الوضعيّ المطلوب خارجاً.
وفي هذه الموارد إذا ورد في دليل شرعي ما ظاهره الأمر بالإعادة أيضاً يكون محمولًا على الإرشاد إلى بقاء التكليف الأوّل، أو عدم تحقّق الأثر الشرعيّ المطلوب، ولا يكون أمراً شرعيّاً تأسيسيّاً بالإعادة. وقد تكون الإعادة متعلّقة للأمر الشرعي بنحو التأسيس، فتكون واجبة أو راجحة شرعاً مولويّاً، كما هو الحال فيمن أفسد حجّه بالجماع ، فإنّه تجب عليه الإعادة من قابل شرعاً ككفّارة عليه، وكما في أمر الشارع بإعادة الفريضة جماعة لمن صلّاها فرادى أوّلًا، وكما في الأوامر الشرعيّة بالقضاء إذا اعتبرناه من الإعادة خارج الوقت، فإنّها أوامر شرعيّة تأسيسيّة بعنوان الإعادة أو القضاء.

← أسباب الإعادة
أسباب الإعادة ، وهي متعدّدة، فمنها ما يوجبها، ومنها ما يوجب استحبابها.

← نية الإعادة
تختلف نيّة المكلّف بالنسبة للعمل الذي يريد إعادته بحسب نوع الإعادة وحكمه، فإنّه إذا كانت الإعادة واقعيّة- بأن كان العمل الذي جاء به أوّلًا فاسداً- أعاده المكلّف بنفس النيّة الأوّليّة، أي إن كان الفعل واجباً نوى الوجوب، وإن كان مستحبّاً نوى الاستحباب. وإذا كانت الإعادة ظاهرية ومن باب الاحتياط- كما في موارد العلم الإجمالي أو الشكّ في الامتثال أو الاحتياط الاستحبابي- أعاد العمل بنيّة الرجاء والاحتياط، ولا يجوز له الإعادة بنيّة الوجوب تعييناً؛ لكونه تشريعاً.
وإذا كانت الإعادة واقعيّة ولكن بأمر شرعي جاء بها مع قصد ذلك الأمر تعييناً إلّا أنّه إذا كانت الإعادة مستحبّة- كما في إعادة الصلاة جماعة- فهل يمكنه نيّة الوجوب واعتبار ما يأتي به جماعة هو فرضه الواجب بدلًا عن صلاته الاولى فرادى، أم يأتي به بنيّة الاستحباب؟ فيه خلاف بين الفقهاء. قد يستظهر من فتاوى بعض الفقهاء وبعض النصوص [۱۲] بل صرّح به عدّة منهم [۱۳] [۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] [۱۸] [۱۹] [۲۰] أنّه يأتي به بنيّة الاستحباب؛ وذلك لسقوط الأمر الوجوبي بالصلاة الاولى، فلا تكون المعادة بما أنّها كذلك فرداً للواجب، ومعه كيف يقصد الوجوب بها؟! نعم، الطبيعة هي تلك الطبيعة بعينها، غير أنّ الأمر المتعلّق بها حينئذٍ استحبابي، وهذا الأمر هو الباعث على إعادتها، دون الوجوبي الساقط الذي كان باعثاً على الصلاة الاولى، فلو أراد نيّة الوجه ليس له إلّا أن ينوي الندب، فيقصد نفس تلك الطبيعة المتعلّقة للأمر الاستحبابي.
خلافاً للآخرين، فجوّزا إيقاعها على وجه الوجوب أيضاً؛ [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] وعلّلوا ذلك‌ بصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال في الرجل يصلّي الصلاة وحده ثمّ يجد جماعة، قال: «يصلّي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء». [۲۷] وبخبر حفص بن البختري عنه عليه السلام أيضاً في الرجل يصلّي الصلاة وحده ثمّ يجد جماعة، قال: «يصلّي معهم ويجعلها الفريضة». [۲۸]
واختار السيّد الحكيم في المستمسك تعيّن نيّة الوجوب. [۲۹] [۳۰]

← أثر الإعادة
لو اعيد العمل لخلل فيه موجب لفساده فالمعاد هو الذي يسقط به الواجب؛ لأنّ الفعل الأوّل لم يحصل به الامتثال فلم يسقط به الواجب، كالصلاة المعادة لخلل فيها، فإنّ الواجب يسقط بالثاني.
وأمّا إذا اعيد عملٌ لا لخللٍ بل لأمر شرعي واجباً كان كإعادة الحج الفاسد بالجماع أو مستحباً كإعادة الصلاة المأتيّ بها فرادى جماعةً- فقد اختلف الفقهاء فيه من جهة المسقط في أنّه هو الأوّل أو الثاني.
نعم، صرّح عدّة من القائلين بإتيان الثانية بنيّة الندب بجواز الاجتزاء بها لو تبيّن خلل في الاولى؛ [۳۱] [۳۲] [۳۳] وذلك لأنّ المعادة ليست صلاة اخرى مستقلّة، بل هي إعادة لنفس الصلاة الاولى فهي ذاتاً تلك الفريضة بعينها، غايته أنّه يستحبّ إعادتها جماعة، فإذا تبيّن الخلل في الاولى تحقّق الامتثال في ضمن الفرد الثاني لا محالة، هذا بناءً على أنّه لا يعتبر في صحة العبادة عدا الإتيان ‌بذات العمل، وأن يكون ذلك بداعي القربة، وكلاهما متحقق في المقام، فالحكم بالاجتزاء مطابق للقاعدة.. [۳۴]
وتؤيّده رواية أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: اصلّي ثمّ أدخل المسجد فتقام الصلاة وقد صلّيت، فقال: «صلّ معهم، يختار اللَّه أحبّهما إليه»؛ [۳۵] إذ من المعلوم أنّ اللَّه تعالى يختار الصحيح منهما دون الفاسد.
خلافاً لظاهر الشهيد الأوّل ، حيث نقل عنه انّ الفائدة في النزاع المتقدم في نية المعادة تظهر فيما لو تبين أنّ صلاته الاولى باطلة؛ فالثانية تجزيه لو نوى بها الوجوب. [۳۶]
هذا كلّه في الصلاة المعادة، وأمّا في الحج الفاسد المعاد ففيه قولان: للشيخ في أحد قوليه والحلّي في السرائر وغيرهما أنّه يتمّ الأداء عقوبة والمسقط للفرض هو القضاء، والقول الآخر للشيخ أيضاً ويحيى بن سعيد وجماعة آخرين أنّ الأداء فرضه والقضاء عقوبة. [۳۷] [۳۸] [۳۹] [۴۰]

← الإعادة في العقود والإيقاعات
قد تجب أو ترجّح الإعادة في العقود والإيقاعات إذا وقعت على وجه باطل وكان ذلك العقد واجباً أو راجحاً شرعاً، أو كان لازماً من أجل التحرّز عن الوقوع في الحرام، مثل: أكل مال الغير بالباطل، ونكاح امرأة بنكاح غير صحيح، أو نكاح امرأة باقية في نكاح آخر بسبب بطلان الطلاق ، ونحو ذلك من المحاذير الشرعية.

← قاعدة لا تعاد
•  قاعدة لاتعاد ، من جملة القواعد الفقهية المشهورة التي يتمسّك بها الفقهاء لنفي الإعادة في فروع كثيرة، مذكورة في الفقه في أبواب الخلل من كتاب الصلاة ، قاعدة (لا تعاد الصلاة إلّا من خمس).

← قاعدة لا تعاد الصغير
قاعدة لاتعاد الصغير ، ذكروا أنّ من أخلّ في صلاته بسجدة واحدة نسياناً بزيادة أو نقيصة لا تبطل صلاته، وقد ادّعي استفاضة النصوص الدالّة على ذلك، وسمّي ذلك بقاعدة (لا تعاد) الصغير.

المراجع [تعديل]

۱. المفردات، ج۱، ص۵۹۳- ۵۹۴.
۲. المصباح المنير، ج۱، ص۴۳۶.
۳. القاموس المحيط، ج۱، ص۶۰۷- ۶۰۸.
۴. الصحاح، ج۲، ص۵۱۴.   
۵. المصباح المنير، ج۱، ص۵۳۰.
۶. المصباح المنير، ج۱، ص۵۰۷.
۷. مجمع البحرين، ج۳، ص۱۴۹۰.
۸. تاج العروس، ج۱۰، ص۳۹۶.
۹. المصباح المنير، ج۱، ص۲۶.
۱۰. محيط المحيط، ج۱، ص۱۹.
۱۱. لسان العرب، ج۳، ص۱۷۲.
۱۲. جواهر الكلام، ج۱۳، ص۲۶۲.   
۱۳. السرائر، ج۱، ص۲۸۹.    
۱۴. المنتهى، ج۶، ص۲۷۳.
۱۵. مجمع الفائدة، ج۳، ص۲۹۱.    
۱۶. المدارك، ج۴، ص۳۴۳.    
۱۷. كفاية الأحكام، ج۱، ص۱۴۹.    
۱۸. جواهر الكلام، ج۱۳، ص۲۶۲- ۲۶۳.    
۱۹. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۶، م ۲۱.    
۲۰. مستند العروة (الصلاة)، ج۵/۲، ص۴۸۴.
۲۱. الدروس، ج۱، ص۲۲۳.    
۲۲. الذكرى، ج۴، ص۳۸۳.    
۲۳. الموجز الحاوي (الرسائل العشر، الحلّي)، ج۱، ص۱۱۵.
۲۴. المسالك، ج۱، ص۳۱۱.    
۲۵. الروض، ج۲، ص۹۸۹.
۲۶. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۶- ۲۰۷، م ۲۱، تعليقة المحقق العراقي والجواهري، الرقم ۴.    
۲۷. الوسائل، ج۸، ص۴۰۱، ب ۵۴ من صلاة الجماعة، ح ۱.    
۲۸. الوسائل، ج۸، ص۴۰۳، ب ۵۴ من صلاة الجماعة، ح ۱۱.    
۲۹. مستمسك العروة، ج۷، ص۳۷۶.    
۳۰. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۶- ۲۰۷، م ۲۱، تعليقة السيد الحكيم، الرقم ۴.    
۳۱. جواهر الكلام، ج۱۳، ص۲۶۳.    
۳۲. العروة الوثقى، ج۳، ص۲۰۶، م ۲۰.    
۳۳. مستند العروة (الصلاة)، ج۵/۲، ص۴۸۳.
۳۴. مستند العروة (الصلاة)، ج۵/۲، ص۴۸۳.
۳۵. الوسائل، ج۸، ص۴۰۳، ب ۵۴ من صلاة الجماعة، ح ۱۰.    
۳۶. جواهر الكلام، ج۱۳، ص۲۶۳.   
۳۷. المدارك، ج۸، ص۴۰۸- ۴۰۹.    
۳۸. كشف اللثام، ج۶، ص۴۵۹.    
۳۹. الرياض، ج۷، ص۳۶۶.    
۴۰. جواهر الكلام، ج۲۰، ص۳۵۳- ۳۵۵.    


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۲۵۵-۲۶۵.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار