← الشرط ويطلق على معنيين:
۱- المعنى الحدثي ، وهو بهذا المعنى مصدر شرط، [۸] فإذاً هو بمعنى الاشتراط.
۲- ما يلزم من عدمه العدم من دون ملاحظة أنّه يلزم من وجوده الوجود أو لا، فهو بهذا المعنى اسم جامد . [۹] مغاير للاشتراط بالمعنى المتقدم.
← الاعتبار وهو العبرة بالحالة التي يتوصّل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد. [۱۰] وفي الاصطلاح هو قسم من أقسام الوجود يسمّونه بالوجود الاعتباري ، بمعنى أنّ وعاءه عالم الاعتبار و الذهن في قبال الوجود العيني والخارجي. [۱۱] كما أنّ الشائع لدى الفقهاء إطلاق الاعتبار مكان الاشتراط في عدّة مواضع من الفقه كقولهم باعتبار الكرّية في عدم انفعال الجاري وعدمه، [۱۲] بمعنى أنّه هل يشترط كون الماء الجاري كرّاً حتى لا ينفعل بملاقاة النجس ؟
وكقولهم باعتبار دوام النبع في الجاري وعدمه، [۱۳] بمعنى أنّه هل يشترط في صدق كون الماء جارياً دوام نبعه؟ إلى غيرها من النماذج الكثيرة، مثل يعتبر في العقد كذا وكذا، وفي الوضوء كذا وكذا.
وعليه، فظاهر كلماتهم أنّهم استعملوا الاعتبار بمعنى الاشتراط، وإن لم يكن مرادفاً له دوماً بحسب أصل معناه.
وللتفصيل انظراعتبار.
ما يتحقق به الاشتراط [تعديل] يتحقّق الاشتراط باللفظ- كأشترط وأمثاله- كما يتحقّق بغيره- كالإشارة - إذا أفاد ذلك، كما وقد يتحقّق بالبناء على شرط مذكور خارج العقد أو معلوم و معهود قبله، فيوقع العقد مبنياً عليه وإن لم يصرّح به، فيكون شرطاً ضمن العقد أيضاً.
وقد يكون الابتناء المذكور نوعياً وكلّياً عند العرف و العقلاء ومنه الشروط العامة للعقود كاشتراط صحّة المبيع وسلامته، وتسمّى بالشروط ضمن العقد العامة أو الشروط العقلائية.
رابعاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
الاشتراط قد يكون بمعنى الإناطة والتقييد، وقد يكون بمعنى الالتزام بشيء، كما أنّ الأخير قد يكون ابتدائياً ومن طرف واحد ويسمّى بالشرط الابتدائي، وقد يكون بالتعاقد فيكون عقداً أو عهداً، وقد يكون ضمن عقد أو عهد ويسمّى بالشرط الضمني، كما أنّ الشرط بمعناه الأعم قد يكون ضمن عبادة .
وهناك بحوث فقهية مبسوطة حول كلّ قسم من هذه الأقسام يطلب في مصطلح شرط، ونشير هنا إلى بعض أنحاء الاشتراط.
← الاشتراط ضمن عقد أو إيقاع ويسمّى بالشرط المعاملي أو ضمن العقد، وهو أيضاً واجب الوفاء إذا كان ضمن عقد لازم، وبعض عمّمه للشروط ضمن العقود الجائزة أيضاً إذا لم يرجع عنها تمسّكاً بعموم « المؤمنون عند شروطهم».
وليس المراد بالشرط في باب العقود و الإيقاعات التقييد والتعليق فإنّه مبطل لها، بل المراد الالتزام ضمن العقد أو الإيقاع ، وأثره وجوب الوفاء به، كما أنّ أثره الآخر الخيار للطرف الآخر من العقد إذا كان العقد لازماً و تخلّف الشارط عن الوفاء بشرطه إلى أحكام وآثار اخرى، يطلب تفصيلها من محالّها.
← ما يعتبر في الاشتراط بمعنى الالتزام ولا إشكال في أنّ الاشتراط من كلّ أحد إنّما يكون نافذاً وصحيحاً، ويترتب عليه الأثر إذا توفّرت فيه امور:
أ- أن يكون الشارط ممّن له قابلية الاشتراط بأن يكون حائزاً لشرائط التكليف العامة من البلوغ و العقل و الاختيار ، فلا يصحّ من الصبي و المجنون و المكره ؛ إذ هؤلاء مرفوع عنهم قلم التكليف كما في الحديث . [۲۷][۲۸] ب- أن يكون الشرط مقدوراً له بحيث يمكنه تحقيقه في الخارج ، فلا يصحّ اشتراط ما لا يكون قادراً عليه.
ج- أن لا يكون المشروط مخالفاً للكتاب و السنّة ، فلا يصحّ اشتراط ما هو محرّم ، مثل: الخمر و خدمة الظالمين وأكل الميتة و الدم من المحرّمات المصرّح بها في الكتاب والسنّة. [۲۹][۳۰] د- أن لا يستلزم المحال العقلي الذي منه اشتراط شيء يكون منافياً للعقد نفسه، بأن يشترط في العقد أن لا يتحقّق هذا العقد، فإنّ هذا يندرج في قاعدة ما يلزم من وجوده عدمه فهو محال.
ه- أن لا يكون مجهولًا ، فلو كان مجهولًا غير محدّدٍ لم يصحّ.
و- أن يكون فيه غرض عقلائي، أي العقلاء يعتبرونه أمراً معقولًا غير سفهي .
ز- أن يكون ضمن العقد أو الإيقاع، وقد اختلفوا في معنى ذلك بعد أن اتفقوا على أنّ المقصود منه ليس هو تعلّق العقد على تحقق المشروط به، وإلّا كان باطلًا؛ لاشتراط التنجيز في العقود، والمعروف أنّه بمعنى الارتباط بين الالتزام العقدي والالتزام الشرطي، أي أنّ التزام الطرف بمضمون العقد مشروط بالتزام الشارط وتعهده بالشرط، لا بفعل المشروط به.
وتفصيل ذلك في محلّه.
فلو توفّرت هذه الشروط فله الاشتراط بكلّ ما يصلح اشتراطه من الوصف أو غاية أو نتيجة عمل أو اشتراط عمل على نفسه أو لنفسه، فيكون مسؤولًا تجاه شرطه ويجب الوفاء به. [۳۱][۳۲][۳۳] وهذه الشروط هي في الحقيقة شروط لصحة الشرط و نفوذه وترتّب الأثر عليه، ونحن هنا لا نتعرّض- كما قلنا- لأحكام الشرط، وإنّما للاشتراط بوصفه فعلًا وحدثاً.
فتفصيل هذه المباحث المذكورة هنا ينظر في محلّه.