الإعانة - ویکی فقه 


الإعانة


 


أوّلا التعريف: [تعديل]

الإعانة لغة: من العون، وهو اسم بمعنى المساعدة على أمرٍ ما. يقال: أعانه على الشي‏ء، إذا ساعده مساعدة  [۱]  [۲] [۳] .


الإعانة اصطلاحا:و المعين و المعاون للإنسان: هو الظهير والمساعد له في فعله وأشغاله [۴] .

ورجل مِعوان: كثير المعونة للناس [۵]    [۶] [۷] .

وقد استعمله الفقهاء في نفس المعنى اللغوي وإن قيل: إنّ مفهوم الإعانة من المفاهيم التي لا يمكن تحديدها إلّابنحو التقريب [۸] .


 
 

ثانياً الألفاظ ذات الصلة: [تعديل]



۱- الإغاثة:

وهي الإعانة و النُّصرة في حال شدَّة أو ضيق، أمَّا الإعانة فلا يشترط أن تكون في شدَّة أو ضيق [۹] .

۲- الاستعانة:

وهي طلب العون. يقال:

استعنت بفلان فأعانني، إذا طلب منه المساعدة والعَون [۱۰] [۱۱] .

ومن الواضح أنّ الاستعانة مغايرة للإعانة.

۳- الإسعاد:

وهو الإعانة [۱۲] ، فبينه وبينها ترادف.

۴- التقوية:

وهي ضدّ التضعيف [۱۳] .

والفرق بينها وبين الإعانة أنّ التقوية من اللَّه تعالى للعبد هي إقداره على كثرة المقدور، ومن العبد للعبد إعطاؤه المال وإمداده بالرجال، وهي أبلغ من الإعانة.

يقال: أعانه بدرهم ولا يقال قوّاه بدراهم، وإنّما يقال: قوّاه بالأموال والرجال [۱۴] .



ثالثاً حقيقة الإعانة: [تعديل]



وقع خلاف بين الفقهاء في بيان حقيقة الإعانة وقدّموا في ذلك أكثر من تفسير لها:

← التفسيرالأوّل: أنّ الإعانة تصدق بفعل بعض مقدّمات العمل المعان عليه مطلقاً ولو بدون قصد الإعانة  [۱۵]
[۱۶]
[۱۷] ، وهو ظاهر الأكثر [۱۸] .

ويؤيّده استعمال هذه الكلمة في بعض الأخبار، كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه» [۱۹] .

وقول الصادق عليه السلام: «فإن أكلته ومُتّ فقد أعنت على نفسك» [۲۰] .

ومن المعلوم أنّ من يأكل الطين لا يقصد الإعانة على نفسه والقضاء عليها.

ومن هذا القبيل أيضاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من تبسّم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم الإسلام» [۲۱] .



← التفسيرالثاني: أنّها تتحقّق بإيجاد بعض مقدّمات فعل الغير بقصد الإعانة مطلقاً [۲۲] [۲۳] [۲۴] .



← التفسيرالثالث: أنّ الإعانة تتحقّق باقتران قصد الإعانة بوقوع الفعل المعان عليه في الخارج، وإلّا فلا يتحقّق الحرام من جهة الإعانة على الإثم، وإن كان قد يتحقّق من جهة قصدها، بناء على حرمة الاشتغال بمقدّمات الحرام بقصد تحقّقه، فمع تحقّقه يكون حراماً من جهتين: من جهة الاشتغال بالمقدّمات، ومن جهة الإعانة على الإثم [۲۵] .

وهذا الوجه هو القدر المتيقّن من صدق الإعانة [۲۶] ، إلّاأنّ الشيخ الأنصاري لم ير من الضروري الالتزام به؛ لأنّ حقيقة الإعانة باعتقاده: هي الفعل بقصد حصول الشي‏ء، سواء حصل أم لم يحصل، ومن اشتغل ببعض مقدّمات الحرام الصادر عن الغير بقصد التوصّل إليه فهو داخل في الإعانة على الإثم، ولو تحقّق الحرام لم يتعدّد العقاب [۲۷] .



← التفسير الرابع: تتحقّق الإعانة بالقصد أو الصدق العرفي ؛ لأنّ الإعانة قد تتحقّق عرفاً فيما لا قصد فيه، كإعطاء العصا بيد ظالم يريد ضرب الآخرين، وإعطاء القلم بيد من يريد ظلم المؤمنين وإن لم يكن قاصداً ذلك.

وعليه‏ فلا فرق في ذلك بين المقدّمات القريبة والبعيدة، ولذلك صحّ إطلاق المعين على من تسبّب في قضاء حوائج الغير ولو بوسائط بعيدة [۲۸] .

وقد تبنّى المحقّق الأردبيلي هذا الوجه في معرض تفسيره للآية: «وَ لا تَعَاوَنُوا عَلى الإثْمِ وَ الْعُدْوَانِ» [۲۹] ، مؤكّداً على أنّ الإعانة لا تصدق على العشار الذي يعطيه التاجر لحكّام الجور من مال التجارة، ولا على الأموال التي يعطيها الحاج في طريقه إلى الكعبة [۳۰] ، ونحو ذلك ممّا لا يعدّ معاونة عرفاً.

ووافقه المحقّق النراقي ، معتبراً ذلك في غاية الجودة [۳۱] ، وكذا الشيخ الأنصاري الذي أشاد بدقّة المحقّق الأردبيلي؛ لعدم إصراره على توقّف الإعانة على القصد بصورة مطلقة ولا رفضه ذلك بصورة مطلقة، بل ربط تحقّقها بالقصد أو الصدق العرفي المجرّد عن القصد [۳۲] .

ولابدّ من الإشارة إلى أن القصد أو الصدق العرفي إنّما يؤثّران إذا كانا مسبوقين بوقوع الإعانة في الخارج، كما صرّح بذلك بعضهم [۳۳] .



← التفسير الخامس: التفصيل بين المساعدة على المقدّمات القريبة فتصدق الإعانة على الإثم، وبين البعيدة فلا تصدق [۳۴] .

وقد حاول المحقّق النائيني استثناء القصد إلى الحرام من المقدّمات البعيدة، معتبراً أنّها تكون حينئذٍ من الإعانة على الإثم، كالمقدّمات القريبة [۳۵] .

إلّاأنّ هناك من رفض أساساً التفريق بين المقدّمات القريبة والبعيدة إلّابالمقدار الذي يفرّق فيه العرف بينهما، ومن هنا صحّ إطلاق لفظ المعين على من تسبّب في قضاء حوائج الناس ولو بوسائط بعيدة [۳۶] .



← التفسير السادس: نفي دخل شي‏ء في صدق الإعانة إلّاعلم المعين بقصد المعان على العمل ووقوع المعان عليه في الخارج.

قال السيّد الخوئي : «يتحقّق ذلك بأمرين: الأوّل: عدم اعتبار العلم والقصد في مفهوم الإعانة، والثاني: اعتبار وقوع المعان عليه في صدقها.

أمّا الأمر الأوّل: فإنّ صحّة استعمال كلمة الإعانة وما اقتطع منها في فعل غير القاصد بل وغير الشاعر بلا عناية وعلاقة تقتضي عدم اعتبار القصد والإرادة في صدقها لغة، كقوله عليه السلام في دعاء أبي حمزة الثمالي : «وأعانني عليها شقوتي» [۳۷] ، وقوله تعالى: «وَاسْتَعِينُوْا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ» [۳۸] ... وفي أحاديث الفريقين:

«من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه»
[۳۹] ...

ونتيجة جميع ذلك أنّه لا يعتبر في تحقّق مفهوم الإعانة علم المعين بها، ولا اعتبار الداعي إلى تحقّقها؛ لبديهة صدق الإعانة على الإثم على إعطاء العصا لمن يريد ضرب اليتيم وإن لم يعلم بذلك، أو علم ولم يكن إعطاؤه بداعي وقوع الحرام... [2]    أنّ القصد- سواء كان بمعنى الإرادة والاختيار أم بمعنى الالتفات- لا يعتبر في مفهوم الإعانة.

ومن هنا لا نظنّ أنّ أحداً ينكر تحقّق الإعانة بإعطاء السيف أو العصا لمن يريد الظلم أو القتل ولو كان المعطي غير ملتفت إلى ضمير مريد الظلم أو القتل، أو كان غافلًا عنه.

نعم، لو نسب ذلك إلى الفاعل المختار انصرف إلى صورة العلم والالتفات.

وأمّا الأمر الثاني فالذي يوافقه الاعتبار ويساعد عليه الاستعمال هو تقييد مفهوم الإعانة بحسب الوضع بوقوع المعان عليه‏

في الخارج، ومنع صدقها بدونه. ومن هنا لو أراد شخص قتل غيره بزعم أنّه مصون الدم، وهيّأ له ثالث جميع مقدّمات القتل، ثمّ أعرض عنه مريد القتل أو قتله، ثمّ بان أنّه مهدور الدم، فإنّه لا يقال:

إنّ الثالث أعان على الإثم بتهيئة مقدّمات القتل»   [۴۰]                                 
[۴۱]  [۴۲] .

إلّاأنّ المحقّق النراقي نفى اشتراط العلم مطلقاً، حيث قال: إنّ العلم بتحقّق المعاوَن عليه في الخارج بعد الإعانة ليس شرطاً في تحقّقها؛ لعدم دخل العلم في ذلك سلباً أو إيجاباً، فلو غرس المعين كرماً بقصد تهيئة العنب لصنّاع الخمر- مثلًا- مع عدم علمه بأنّهم سوف يبادرون لشرائه وصنعه في المستقبل، فإنّ الإعانة تصدق بمجرّد وقوع المعان عليه في الخارج [۴۳]  [۴۴]   [۴۵] [۴۶] [۴۷] [۴۸] [۴۹] ، بل وكذا مع عدم تحقّقه، بناءً على المبنى القائل بصدق الإعانة بمجرّد الشروع في المقدّمات التي تقدّم ذكرها.

ولابدّ من الإشارة أخيراً إلى أن الظاهر عدم اختصاص الإعانة بالامور العملية، بل تعمّ سائر الإرشادات الفكرية والإعانات النظرية، كوضع الخطط ودراسة المشاريع التي لا تنسجم مع الإسلام وأحكامه [۵۰]  [۵۱]  [۵۲]



← التفسير السابع: توقّف صدق الإعانة على تحقّق المعين والمعان، بأن يكونا مفروضي الوجود مع قطع النظر عن تحقّق الإعانة في الخارج ليقع فعل المعين في سلسلة مقدّمات فعل المعان، فيكون عنوان الإعانة بهذا الاعتبار من الامور الإضافية، وعليه فإيجاد موضوع الإعانة- كتوليد المعين مثلًا- خارج عن حدودها، وإلّا لحرم التناكح و التناسل ؛ للعلم العادي بأنّ في نسل الإنسان في نظام الوجود من يرتكب المعاصي ، وتصدر منه القبائح .

المراجع [تعديل]


۱. الصحاح ۶: ۲۱۶۸.
۲. لسان العرب ۹: ۴۸۴.
۳. تاج العروس ۹: ۲۸۵.
۴. المنجد: ۵۳۹.
۵. الصحاح ۶: ۲۱۶۹.
۶. لسان العرب ۹: ۴۸۴.
۷. تاج العروس ۹: ۲۸۵.
۸. مصباح الفقاهة ۱: ۱۷۶.
۹. المصباح المنير: ۴۵۵.
۱۰. لسان العرب ۹: ۴۸۴.
۱۱. تاج العروس ۹: ۲۸۵.
۱۲. الصحاح ۲: ۴۸۷.   
۱۳. الصحاح ۶: ۲۴۶۹.
۱۴. معجم الفروق اللغويّة: ۱۳۷.
۱۵. المبسوط ۴: ۶۸۲.
۱۶. التذكرة ۱۲: ۱۳۹.
۱۷. الرياض ۸: ۵۵.
۱۸. نسبه إليهم في المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) ۱: ۱۳۳.
۱۹. الوسائل ۲۴: ۲۲۲، ب ۵۸ من الأطعمة المحرّمة، ح ۷.
۲۰. الوسائل ۲۴: ۲۲۲، ب ۵۸ من الأطعمة المحرّمة، ح ۶.
۲۱. المستدرك ۱۲: ۳۲۲، ب ۳۷ من الأمر والنهي، ح ۱۲.
۲۲. حاشية الإرشاد (حياة المحقّق الكركي) ۹: ۳۱۷.
۲۳. كفاية الأحكام ۱: ۴۲۵.
۲۴. مستمسك العروة ۱۴: ۶۰.
۲۵. عوائد الأيّام: ۷۶- ۷۹.
۲۶. القواعد الفقهية (البجنوردي) ۱: ۳۶۶.
۲۷. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) ۱: ۱۳۳.
۲۸. مصباح الفقاهة ۱: ۱۷۹.
۲۹. المائدة: ۲.
۳۰. زبدة البيان: ۳۸۲- ۳۸۳.
۳۱. عوائد الأيّام: ۷۸.
۳۲. المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) ۱: ۱۳۶.
۳۳. عوائد الأيّام: ۷۸.
۳۴. مصباح الفقاهة ۱: ۱۷۶.
۳۵. منية الطالب ۱: ۴۰.
۳۶. مصباح الفقاهة ۱: ۱۷۶- ۱۷۸.
۳۷. عوائد الأيّام: ۷۹.
۳۸. القواعد الفقهية (اللنكراني): ۴۵۰.
۳۹. مصباح الفقاهة ۱: ۱۷۹.
۴۰. التذكرة ۱۷: ۳۰۹.
۴۱.  الذكرى ۴: ۶.
۴۲.  المسالك ۱۲: ۴۷۱.
۴۳. المبسوط ۱: ۱۷۴.
۴۴. الوسيلة: ۹۷.
۴۵. المعتبر ۲: ۲۵۸.
۴۶. التحرير ۱: ۲۶۸
۴۷. الدروس ۱: ۱۸۶.
۴۸. الحدائق ۹: ۱۰۳.
۴۹. جواهر الكلام ۱۱: ۱۲۲.
۵۰. الذكرى ۴: ۶.
۵۱. الذخيرة: ۳۶۴.
۵۲. مستمسك العروة ۶: ۶۱۱، ۶۱۲.





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار