←←الاعتدال والاستقامة في الدين وهي الالتزام بما دان به قولًا وفعلًا و اعتقاداً ، بمعنى عدم الانحراف عن جادّة الشرع يميناً و شمالًا و البقاء عليها- سواء كان في أمر من الامور الاعتقادية، أم في حكم من الأحكام ، أم في أمر أخلاقي - ومراعاة ما عيّنه الشارع لنظم امور الدنيا و الآخرة للإنسان.
ولا فرق في الانحراف عن الدين- وهو الصراط المستقيم الذي لا يمكن ولا يعقل أن يكون أكثر من واحد؛ لأنّه أقصر مسافة بين المبدأ و المعاد - أن يكون بالإفراط أو التفريط، سواء كان كثيراً أم لا وإن اختلف شدّة وضعفاً، عذاباً وعفواً. وهذا هو الأساس و الركن .
وقد حثّ الشارع المقدّس على الاستقامة في الدين بقوله: «فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ »، [۳۷] ومعناه: فما داموا باقين معكم على الطريقة المستقيمة- أي عدم نكث العهد و الغدر بكم- فكونوا باقين على العهد بينكم معهم، فجعل اللَّه تبارك وتعالى الوفاء بالعهد وعدم نكثه طريقة مستقيمة كانت من التقوى .
وقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ». [۳۸] وقوله تعالى: «وَأَ لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَاءً غَدَقاً ». [۳۹] وقوله تعالى: «فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ». [۴۰] فإنّ هذه الآيات كلّها تدلّ على لزوم الصراط المستقيم والسير وفقه.