الإيواء

---

هو ضم الإنسان غيره إلى نفسه و الإلتجاء إلى مكان أمن و الرجوع إلىه .


الإيواء في اللغة [تعديل]

---

الإيواء- لغة-: مصدر آوى، وهو وأوى بمعنى واحد، ^[۱] وهو ضمّ الإنسان غيره إلى نفسه، ^{[۲] [۳]} كقوله تعالى: «وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى‏ يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ». ^[۴]
أو إلى مكان يقيم ويأمن فيه؛ ومنه قوله تعالى: «فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ »، ^[۵] أي انضمّوا إليه. ^[۶]
ويأتي بمعنى العود ، تقول: أوى إلى اللَّه ، أي رجع إليه، ^[۷] وآوى إلى فراشه، أي رجع وانضمّ إليه. ^[۸]
و المأوى : كلّ مكان يأوي إليه شي‏ء. ^{[۹] [۱۰]}
ويأتي بمعنى الإنزال ، تقول: أويت فلاناً، إذا أنزلته بك. ^[۱۱]
وكذا يأتي بمعنى اللجوء ، تقول: أوى إلى مكان، أي لجأ. ^[۱۲]
ومنه قوله تعالى: «قَالَ سَآوِي إِلَى‏ جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الْمَاءِ ». ^[۱۳]

الإيواء في الاصطلاح [تعديل]

---

ويستعمله الفقهاء في نفس المعنى اللغوي.

الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل]

---

استعمل الفقهاء لفظ الإيواء بمعانيه المتقدّمة في أبواب متفرّقة من الفقه كإيواء اليتيم ، وإيواء المشرّد، وإيواء الضيف ، وإيواء الفارّ من الظالم ، وإيواء اللقطة ، و الجاسوس و الجاني ، وهو ما سنشير إلى أهمّه- إجمالًا - عبر تقسيم الإيواء إلى راجح و مرجوح ، وذلك كما يلي:

← الإيواء الراجح
ذكر الفقهاء بعض المصاديق للإيواء الراجح أبرزها:

←←إيواء المسلم
من مستحبّات العلاقة مع المسلم إيواؤه عند الحاجة ، فلو رأى مسلم مسلماً جائعاً أو عرياناً أو لا يملك مسكناً فإنّ إيواءه في المنزل و إطعامه و الإحسان إليه من أعظم المستحبّات ، بل يصرف في هذا المورد الحقّ الشرعي حسب المقرّر لو كان فقيراً أو ابن سبيل، وهو من مصاديق البرّ والإحسان وفعل الخير المأمور به في الشريعة الإسلامية.
ومن أبرز المصاديق هنا إيواء الذرّية النبوية وأهل البيت عليهم السلام، فمن المسلّم عند جميع الفقهاء ممدوحية مودّة ذرّية رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام التي من مصاديقها صلتهم وإيواؤهم كما أمر به بعض الفقهاء ضمن وصيّته لابنه . ^[۱۴]
وتدلّ على ذلك آية المودّة، ^[۱۵] وما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيّها الخلائق ، أنصتوا فإنّ محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم يكلّمكم، فتنصت الخلائق، فيقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول:
يا معشر الخلائق، من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتى اكافئه، فيقولون: بآبائنا و امّهاتنا ، وأيّ يد وأيّ منّة وأيّ معروف لنا؟! بل اليد والمنّة والمعروف للَّه‏ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحداً من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من عري ، أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافئه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند اللَّه تعالى: يا محمّد يا حبيبي ، قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنّة حيث شئت...». ^[۱۶]

←←إيواء اليتيم
يستحبّ إيواء اليتيم من أطفال المسلمين و كفالتهم ، وذلك بالإنفاق عليهم، وهو من صنائع المعروف»، ومن مصاديق التولّي لهم ولُامورهم.
ويترتّب الثواب عليه، كما ورد عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام- في وصيّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام - قال: «يا علي، أربع من كنّ فيه بنى اللَّه له بيتاً في الجنّة: من آوى اليتيم، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه ...». ^[۱۷]

← الإيواء المرجوح
ذكر بعض الفقهاء موارد يكون الإيواء فيها مرجوحاً، وأهمّها إجمالًا ما يلي:

←←إيواء الجاسوس والمحارب
صرّح الفقهاء بحرمة إيواء عيون أعداء الإسلام وجاسوس المشركين ؛ لما في ذلك من الإضرار بالمسلمين و مصالحهم العليا، حيث يكون في إيوائه توفير الأمن و الاستقرار له، الأمر الذي يمكّنه أكثر فأكثر من القيام بمهمّته العدوانية التي يعتزم القيام بها، كما أنّ ذلك من الإعانة على الإثم .
هذا إذا لم يُلتزم بوجوب تسليمه إلى ولاة الأمر لمعاقبته والحدَّ من إضراره بمصالح المسلمين.
بل ذكر الفقهاء أنّ من شرائط الذمّة ترك إيواء عيون المشركين ^{[۱۸] [۱۹] [۲۰]} و جواسيسهم ، ^{[۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵]} بحيث لو أخلّ أهل الذمّة بذلك انفسخ العقد معهم؛ لما في إيوائهم له من إعلان الحرب وكسر قواعد العهد و المعاهدة عرفاً وعقلائياً.
كما أنّ المشهور شهرة عظيمة ^[۲۶] نفي المحارب من مصر إلى مصر، ولا يسمح له بالاستقرار على وجه الأرض ولا يؤوى حتى يموت؛ ^{[۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱] [۳۲]} لصحيحة حنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّوجلّ: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ»، ^[۳۳] قال: «لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدّق عليه». ^[۳۴]

←←إيواء الملتجأ إلى الحرم
نصّ الكتاب الشريف على أنّ الحرم مأمن، ولا يجوز هتك حرمته وذلك بقوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ...». ^[۳۵] وعليه فلا يقام الحدّ مطلقاً على من التجأ إليه؛ التزاماً بهذا المبدأ العام الذي لا مخصّص له.
ومن هنا أجمع الفقهاء ^{[۳۶] [۳۷]} على أنّ من أحدث ما يوجب حدّاً أو تعزيراً أو قصاصاً والتجأ إلى الحرم لا يؤوى حتى يخرج من الحرم، فيؤخذ ويقام عليه الحدّ. ^{[۳۸] [۳۹] [۴۰] [۴۱] [۴۲] [۴۳] [۴۴] [۴۵]}
واستدلّ له أيضاً بصحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام: «لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم». ^{[۴۶] [۴۷]} فإنّ عدم إيوائه أو إطعامه لا يخرجه عن حالة الأمن لكنه يجبره على الخروج من الحرم، ما يحقّق موضوع جواز إلقاء القبض عليه و إنزال العقاب به.

←←إيواء العاصي
لا يحرم إيواء العصاة من المسلمين، بل حتى غير المسلمين. نعم، ذكر بعض الفقهاء المعاصرين أنّه يحرم إيواء المغنّية لأجل غنائها و تسهيل عملها المحرّم؛ ^[۴۸] وذلك لرواية نصر بن قابوس، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «... والمغنّية ملعونة ، ومن آواها ملعون، وآكل كسبها ملعون»، ^[۴۹] بناءً على ظهور اللعن في إفادة الحرمة، وإلّا فإذا بني على إفادته الكراهة أو جامع المبغوضية الأعم من‏ الحرمة والكراهة المصطلحة فلا يفيد الحرمة هنا بعنوانه.
نعم، قد يلتزم بحرمة إيواء غير المغنية مثل السارق ولاعب القمار والقاتل والجاني وغيرهم إذا كان في ذلك إعانة له على الإثم لا مطلقاً، بناءً على حرمة الإعانة على الإثم.
وعلى تقدير لزوم تسليم أيّ جانٍ أو فارّ من العدالة القضائية إلى السلطات المختصّة ولو من خلال حكم ولائي صادر من الجهة المعنية المخوّلة، فإنّه يحرم إيواؤه و الحيلولة دون تسليمه إلى تلك الجهات الشرعية.

←←إيواء القمامة في البيت
صرّح بعض الفقهاء بكراهة إيواء القمامة في البيت خصوصاً خلف الباب ، ^{[۵۰] [۵۱]} كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : «لا تؤوا التراب خلف الباب؛ فإنّه مأوى الشياطين ». ^[۵۲]
وورد أيضاً في رواية اخرى عدم إيواء منديل اللحم في البيت . ^[۵۳]

← الوضوء عند الإيواء للفراش
صرّح جماعة من الفقهاء ^{[۵۴] [۵۵] [۵۶]} باستحباب الوضوء عند الإيواء للفراش؛ وذلك لرواية محمّد بن كردوس عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «من تطهّر ثمّ آوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده...». ^{[۵۷] [۵۸]}
وهناك فرع آخر ذكره جماعة من الفقهاء أيضاً، وهو أنّه إذا آوى إلى فراشه ثمّ ذكر أنّه ليس على وضوء جاز له التيمّم رجاءً وإن تمكّن من استعمال الماء؛ ^{[۵۹] [۶۰] [۶۱] [۶۲] [۶۳] [۶۴]} بمعنى أنّه يتيمّم من دثاره ، لا أن يتيمّم قبل دخوله في فراشه متعمّداً مع إمكان الوضوء. ^{[۶۵] [۶۶] [۶۷]}

المراجع [تعديل]

---