الأب - ویکی فقه 


الأب


هو إنسان مذكر الذي تكون من نطفته إنسان آخر.


الأب فی اللغة [تعديل]

الأب، هو إنسان ذكر تولّد من نطفته إنسان آخر [۱] . وقال الجرجاني «الأب، حيوان يتولّد من نطفته شخص آخر من نوعه » [۲] .
وأصله ابَوٌ- بالتحريك- لأنّ جمعه آباء مثل قفا وأقفاء ورحىً وأرحاء، حذفت لامه وهي واوٌ؛ لأنّك تقول في التثنية ابَوان [۳] [۴] ، ومثل آباء، أُبُوّ وأَبُون وأُبُوَّة، وهو في اللغة بمعنى الوالد [۵] ،
وقال ابن فارس «الهمزة و الباء و الواو يدلّ على التربية و الغَذْو ، أبوتُ الشي‏ء آبوه أبْواً، إذا غذوته. وبذلك سمّي الأب أباً، ويقال في النسبة إلى أب أبَويّ» [۶] . وقال الراغب «يسمّى كلّ من كان سبباً في إيجاد شي‏ء أو صلاحه أو ظهوره أباً، ولذلك يسمّى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا المؤمنين ...
وروي أنّه قال لعليّ ، «أنا وأنت أبوا هذه الامّة » [۷] [۸] »، وقد اطلق الأب على العمّ في قوله تعالى، «قالوا نعبدُ إلهكَ وإلهَ آبائِك إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحاقَ » [۹] ؛ فإنّ إسماعيل لم يكن من آباء بني يعقوب وإنّما كان عمّهم [۱۰] ،
ويسمّى العمّ مع الأب أبوين وكذلك الامّ مع الأب، وكذلك الجدّ مع الأب [۱۱] ، وورد أيضاً، الخال أحد الأبوين [۱۲] .
والظاهر أنّ لفظ الأب حقيقة في الوالد، ولعلّه غير مختصّ بالأب المباشر بل يشمل الجدّ للأب وإن علا، قال تعالى- حكاية عن يوسف عليه السلام-، «وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ» [۱۳] ، وكان إسحاق جدّه وإبراهيم جدّ أبيه [۱۴] ، إلّا أنّ تسمية الجدّ أباً بمعنى التفرّع منه، بخلاف العمّ والخال؛ فإنّهما إنّما سمّيا أباً للازم آخر من لوازمه، وهي التربية و القيام بمصالح المرء [۱۵] ، بل يشمل الجدّ للُامّ أيضاً كما في قوله تعالى، «وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ» [۱۶] .
نعم، إطلاقه على الأب الرضاعي أو العمّ أو المربّي مجاز، بل ادّعي أنّ إطلاقه على الجدّ مجاز [۱۷] ، و الأُبُوَّة مصدر من الأب مثل الامومة مصدر من الامّ [۱۸] .

الأب فی الاصطلاح [تعديل]

والأب في اصطلاح الفقهاء نسبيّ ورضاعي:
أ- الأب النسبي، هو كلّ من تكوّن من نطفته إنسان آخر من طريق معتبر شرعاً وبشروط معيّنة كالنكاح الصحيح دائماً كان أو منقطعاً أو بملك يمين أو بالتحليل ، أو من طريق الوطء المشتبه ، وسواء تمّ ذلك بطريقة طبيعيّة أو بتلقيح صناعي .
قال المحقّق الحلّي «النسب يثبت مع النكاح الصحيح ومع الشبهة » [۱۹] . وحمل المحقّق النجفي النكاح الصحيح على الوطء الصحيح ليدخل فيه ملك اليمين والتحليل [۲۰] « والمتحصّل من مجموع كلمات الفقهاء، أنّ الابوّة و البنوّة شرعاً أخصّ من المعنى اللغوي و العرفي ؛ إذ أنّ النسب تكويناً وعرفاً يتحقّق بانخلاقه من ماء الرجل و المرأة ، وأمّا شرعاً واصطلاحاً حيث تصرّف الشارع فأسقط النسب في بعض الموارد كالزنا وما يُلحق به، فيبقى في غيرها على معناه العرفي التكويني.
وعليه فتثبت‌ الابوّة في الموارد التالية:
۱- انخلاق الولد من وطء الرجل حليلته بسبب عقد النكاح الدائم أو المنقطع‌ أو بسبب ملك اليمين أو التحليل.
 ۲- انخلاق الولد من وطء الرجل لامرأة أجنبيّة بسبب الشبهة والخطأ.
 ثمّ إنّ الشبهة أمر نسبي، فقد يكون كلا الطرفين- الرجل والمرأة- مشتبهين فيكون النسب ثابتاً بالنسبة إليهما معاً، وقد يكون أحدهما مشتبهاً دون الآخر فيثبت النسب بالنسبة إلى المشتبه منهما دون الآخر.
 ۳- تكوّن الولد من ماء رجل وقع في فرج امرأة أجنبيّة من دون ارتكاب محرّم من قِبل صاحب الماء، من قبيل مساحقة الحليلة لامرأة أجنبيّة أو غير ذلك. [۲۱]
 ۴- وطء المكرَه الأجنبيّة. [۲۲]
 ۵- وطء من ارتفع عنه التكليف بالجنون ونحوه. أمّا من ارتفع عنه التكليف بسبب محرّم كالسكر؛ فإنّ المشهور أنّ وطء السكران بشرب خمر ونحوه زنى ينتفي معه النسب. [۲۳] [۲۴] [۲۵] 
 ۶- ومن موارد ثبوت الابوّة هو ما لو تكوّن الولد بسبب تلقيح صناعي؛ فقد تثبت الابوّة في بعض الصور. 
۷- كما واثير أخيراً بحث حول إمكانيّة ثبوت الابوّة بالنسبة للمتكوّن من الاستنساخ. 
ب- الأب الرضاعي، وأمّا الأب‏ الرضاعي فالمقصود منه- عند الفقهاء- صاحب اللبن الذي ارتضع منه الطفل الذي لم يتكوّن من مائه .
 ويشترط الفقهاء عدّة شروط للرضاع، ويترتّب على هذا العنوان عدّة من الأحكام منها: أنّه يحرم عليه نكاح المرتضع إن كان انثى، ويحرم عليه بنات المرتضع إن كان ذكراً، وأيضاً زوجته، وغير ذلك من الأحكام حتى قالوا: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. 
 ثانياً- شروط إلحاق الولد:
 يلحق ولد المرأة بالرجل بشروط:
 الأوّل: الدخول مع العلم بالإنزال أو
احتماله أو الإنزال على فم الفرج.
 الثاني: مضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ونحوه إلى حين الولادة.
 الثالث: عدم التجاوز عن أقصى الحمل، واختلف في كونه تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة، والمشهور الأوّل. [۲۶] [۲۷] [۲۸]
 ثمّ إنّ الإلحاق في هذه الموارد إنّما هو بحسب مقام الإثبات والحكم الظاهري، ولهذا قيّده بعض الأعلام بما إذا كان اللحوق محتملًا، وأمّا مع العلم بعدم كونه من مائه فلا يحكم باللحوق. [۲۹] [۳۰]
 (انظر: نكاح، ولادة)
 ثالثاً- طرق إثبات الابوّة والبنوّة ونفيهما:
 أ- إثبات نسب الولد:
 ۱- يثبت نسب الولد بشهادة رجلين عدلين.
 ۲- ويثبت كذلك بالاستفاضة. [۳۱]
 ۳- ويثبت نسب الولد للصلب إذا كان صغيراً بإقرار الرجل أو المرأة إذا كانت الولديّة ممكنة وكان المُقرّ به مجهول النسب ولم ينازعه فيه منازع، فلو انتفى إمكان الولادة لم يقبل، كالإقرار ببنوّة من هو أكبر منه سنّاً أو مثله في السنّ أو أصغر منه بما لم تجر العادة بولادته لمثله أو أقرّ ببنوّة ولد امرأة له وبينهما مسافة لا يمكن الوصول إليها في مثل عمره، وكذا لو كان الطفل معلوم النسب شرعاً لغيره لم يقبل إقراره، وكذا لو نازعه منازع في بنوّته لم يقبل إلّا ببيّنة أو بالقرعة. ولا يعتبر تصديق الصغير. [۳۲] [۳۳]
 وأمّا إذا كان الولد كبيراً فهل يعتبر في ثبوت النسب تصديقه؟ فيه قولان: الأوّل:
 أنّه لا يعتبر. [۳۴] والثاني: أنّه يعتبر ذلك. [۳۵]
 ۴- وأمّا لو أقرّ الولد بالأبوين ولا ورثة له وصدّقه المُقَرّ به توارثا بينهما، ولا يتعدّى التوارث إلى غيرهما. [۳۶]
 (انظر: نسب، إقرار)

الأحكام [تعديل]

أحكام الأب ، إنّ طبيعة الأحكام المتعلّقة بالأب- تكليفية كانت أو وضعيّة - متنوّعة ، وبيان ذلك كما يلي:
۱- ثمّة أحكام تعمّ الأب بقسميه النسبي والرضاعي وبعضها مختصّ بأحدهما، كما أنّ جملة من الأحكام تشمل الأب المباشر وغير المباشر، وهو الجدّ، في حين أنّ بعض الأحكام ناظر إلى أحد القسمين ، وهناك أحكام تختصّ بالأب المسلم ، وبعضها مطلق ، بل بعضها يشمل كلا الأبوين أي الأب والامّ، بل بعضها يشمل عناوين أوسع من ذلك كالأقارب.
۲- توجد جملة من الأحكام تتعلّق بالأب من جهة طروّ بعض العناوين ككونه وليّاً أو معيلًا .
۳- تمثّل بعض الأحكام حقوقاً للأب، سواء كان تشريعها بملاك حفظ مصلحة الولد أو الأب نفسه أو كليهما معاً، أو بلحاظٍ أخلاقي و تشريفي . وسنذكر هذه الأحكام ضمن أقسام.
۴- توجد جملة من الأحكام تتعلّق بالأب من جهة طروّ بعض العناوين ككونه وليّاً أو معيلًا.
۵- تمثّل بعض الأحكام حقوقاً للأب، سواء كان تشريعها بملاك حفظ مصلحة الولد أو الأب نفسه أو كليهما معاً، أو بلحاظٍ أخلاقي وتشريفي. 

المراجع [تعديل]

۱. الكلّيات، ص ۲۵.
۲. التعريفات، ص۱۱.
۳. لسان العرب، ج ۱۴، ص۶.   
۴. المصباح المنير، ص ۲.
۵. لسان العرب، ج ۱۴، ص۷.   
۶. معجم مقاييس اللغة، ج ۱، ص۴۴.
۷. المفردات، ص۷.   
۸. بحار الأنوار، ج ۱۶، ص۹۵، ح ۲۹.   
۹. البقرة/السورة ۲،الآية ۱۳۳.   
۱۰. المفردات، ص ۷.   
۱۱. المفردات، ص۷.   
۱۲. الكلّيات، ص۲۶.
۱۳. يوسف/ السورة ۱۲، الآية ۳۸.   
۱۴. الكلّيات، ص ۲۶.
۱۵. الكلّيات، ص ۲۶.
۱۶. النساء/السورة ۴، الآية۲۲.   
۱۷. المصباح المنير، ص۲.
۱۸. المصباح المنير، ص۳.
۱۹. الشرائع، ج ۲، ص۵۰۶.   
۲۰. جواهر الكلام، ج ۲۹، ص ۲۴۳- ۲۴۴.   
۲۱. جواهر الكلام، ج۲۹، ص۲۴۴- ۲۵۷.    
۲۲. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۲۶۸- ۲۶۹.    
۲۳. جامع المقاصد، ج۱۳، ص۴۴۶.    
۲۴. جواهر الكلام، ج۲۹، ص۲۴۶- ۲۴۷.    
۲۵. الدرّ المنضود، ج۱، ص۶۳- ۶۴.    
۲۶. منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۲، ص۲۹۸- ۲۹۹.
۲۷. منهاج الصالحين (الخوئي)، ج۲، ص۲۸۲، م ۱۳۶۷.
۲۸. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۲۷۴- ۲۷۵.
۲۹. منهاج الصالحين (الحكيم)، ج۲، ص۲۹۸.
۳۰. التعليقة رقم (۸۱) للشهيد الصدر.
۳۱. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۱۷۳.    
۳۲. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۱۵۴.    
۳۳. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۱۵۶.    
۳۴. النهاية، ج۱، ص۶۸۴.    
۳۵. المبسوط، ج۳، ص۳۸.
۳۶. جواهر الكلام، ج۳۵، ص۱۵۷- ۱۵۸.    


المصدر [تعديل]

 
الموسوعة الفقهية، ج۲، ص۶۴- ۸۲.   
 




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار