الضمان [تعديل] الإتلاف يرد على النفس وعلى المال، ولكلٍّ من القسمين ضمان خاص به. ففي الإتلاف الوارد على المال يضمن المتلَف- بالفتح- فتشتغل ذمَّة المتلِف- بالكسر- بعوضه، قيمة أو مثلًا. [۶][۷][۸][۹] وفي الإتلاف الوارد على النفس تشتغل ذمّة المتلِف- بالكسر- بالدية أو حقّ الاقتصاص . [۱۰][۱۱] و الضمان بقسميه إنّما يكون في الموارد التي لا يكون الإتلاف مشروعاً وضعاً، أي لا يكون بحق أو بإذن المالك كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.
وفيما يلي نتعرّض إلى كلٍّ من الإتلاف الوارد على النفس والإتلاف الوارد على المال :
←←قول الإمام الخميني قال في محرّمات الإحرام : «الثاني عشر: قتل هوامّ الجسد من القملة والبرغوث ونحوهما، وكذا هوام جسد سائر الحيوانات... ولا يبعد عدم الكفارة في قتلها، لكن الأحوط الصدقة بكفٍّ من الطعام». [۲۵]
تحقق القبض [تعديل] رتّب الفقهاء على قبض المشتري للمبيع بعض الأحكام منها: انتقال ضمانه من عهدة البائع إلى عهدة المشتري، ثمّ إنّهم جعلوا إتلاف المشتري له بمنزلة القبض منه، بمعنى أنّه يكون مضموناً عليه لا على البائع. [۳۰]
← قول الشيخ الأنصاري قال: « الظاهر عدم الخلاف في كونه (إتلاف المشتري للمبيع) بمنزلة القبض في سقوط الضمان؛ لأنّه قد ضمن ماله بإتلافه، وحجته الإجماع لو تمّ، وإلّا فانصراف النصّ (كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه) إلى غير هذا التلف فيبقى تحت القاعدة (وهي قاعدة الإتلاف)». [۳۱] هذا في صورة علم المشتري بأنّه ماله، وأمّا مع الجهل كأن يقدِّم البائع الطعام المبيع إلى المشتري ليأكله وهو جاهل بأنّه ماله فقد ذهب بعض الفقهاء إلى كونه مضموناً على البائع مطلقاً، [۳۲] وفصّل فيه بعض آخر بين كونه غارّاً فجعلوه مضموناً في مال البائع، وعدمه ففي كونه كالتلف السماوي وجهان. [۳۳] وهناك فروع اخرى مشابهة لإتلاف المشتري في الحكم بتحقق قبض المالك للمال: منها: إتلاف المالك المال المغصوب منه في يد الغاصب فقد حكم الفقهاء ببراءة الغاصب من الضمان [۳۴] وتحقّق قبض المال من قبل مالكه. ومنها: إتلاف المستأجر للعين المستأجرة فإنّه بمنزلة القبض [۳۵] وهذا هو المشهور . [۳۶]
تحقق الرد [تعديل] ذكر الشيخ الأنصاري أنّ ردّ العقد الفضولي يتحقّق من المالك بكلّ فعل يُخرج المتعاقد عليه عن قابليته للإجازة ، [۴۱] ومن ذلك إتلافه حقيقة أو حكماً.
وأنكر بعض من جاء بعده من الفقهاء عليه ذلك، فإنّ فوات محلّ الإجازة وإن صار مانعاً من صحة الإجازة لعدم ترتّب أثر عليها حينئذٍ، لكنّه لا يعدُّ ردّاً منه. إلّا إذا كان ظاهراً في قصد الردّ بذلك فالإتلاف لا يكون بنفسه رداً للعقد الفضولي، وإنّما قد يكون كاشفاً عنه إذا كان ظاهر حال المتلِف أنّه يقصد به الردّ. [۴۲][۴۳]
فسخ العقد أو امضاؤه [تعديل] إذا أتلف ذو الخيار ما انتقل عنه كان إتلافه فسخاً للعقد، وإن أتلف ما انتقل إليه وكان بقاء الخيار منوطاً ببقائه كان سقوطاً للخيار ولزوماً للعقد.
قال الشيخ الطوسي: «إنّ كلّ تصرّف وقع للبائع كان فسخاً .. ومتى وقع من المشتري كان إمضاءً و إقراراً بالرضا بالبيع». [۴۴]
← قول السيد ابن زهرة وقال: «التصرُّف في المبيع من البائع فسخ ومن المشتري إجازة بلا خلاف ». [۴۵] ويلحق بالخيار في العقود اللازمة العقود الجائزة كعقد الهبة مثلًا فإنّ إتلاف المال الموهوب من قبل الواهب رجوع وفسخ للعقد حيث يجوز له الرجوع، [۴۶] كما أنّ تصرف الموهوب له ولو بالإتلاف يوجب لزوم الهبة وعدم إمكان رجوع الواهب. [۴۷] ويلحق بذلك أيضاً الفسخ الحاصل بالإقالة في الاستقالة ، فانّه لو استقاله من المعاملة فأتلف المتعاقد ما كان له كان ذلك إقالة.
إلّا أنّ هذا الأثر أيضاً لا يترتّب دائماً على الإتلاف، وليس أثراً له وإنّما يترتّب إذا كان الإقدام على الإتلاف ظاهراً في قصد الفسخ و إعمال الخيار أو إمضاء العقد و إسقاط الخيار. فلو كان هناك قرينة على أنّه لا يريد الفسخ ولا إسقاط الخيار فلا يترتّب شيء من ذلك على الإتلاف. [۴۸][۴۹][۵۰] نعم قد يكون الإتلاف من حيث كونه تصرّفاً في المال موجباً للزوم في بعض العقود الجائزة وعدم إمكان الرجوع فيها كما في الهبة الجائزة. كما أنّه إذا كان حقّ الخيار والفسخ معلّقاً على عدم التصرّف في العين كان الإتلاف موجباً لسقوطه من جهة صدق التصرّف.
ترتب حق الخيار [تعديل] وممّا قد يترتب على الإتلاف الخيار وحقّ الفسخ للمشتري أو المستأجر، كما إذا أتلف البائع أو الموجر العين قبل إقباضه فانّه يتخيّر المشتري، وكذلك المستأجر بين تضمينه قيمة العين- في البيع - و أجرة المثل - في الإجارة - وبين فسخ العقد والرجوع بالمسمّى؛ لأنّه بإتلافها يتعذّر على البائع أو الموجر التسليم ، فيكون للطرف الآخر خيار تعذُّر التسليم، فثبوت الخيار ليس من آثار الإتلاف بعنوانه، بل من جهة تعذّر التسليم الحاصل بالإتلاف.
← قول السيد اليزدي قال: «وإتلاف الموجر موجب للتخيير بين ضمانه والفسخ». [۵۲] هذا هو المشهور في الإجارة، لكن خالف فيه بعض المتأخّرين أيضاً كالإمام الخميني في تعليقته المتقدّمة على عبارة السيد اليزدي حيث جعله كالتلف موجباً لانفساخها. واستشكل فيه السيد الحكيم في منهاج الصالحين أيضاً حيث قال: «المشهور أنّ إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها و استيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة، وإذا أتلفها الموجر تخيّر المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالاجرة، وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة. وإذا أتلفها الأجنبي رجع المستأجر عليه بالقيمة. ولكنّه لا يخلو من إشكال؛ لاحتمال البطلان في الجميع، كما إذا تلفت بآفة سماوية أو أتلفها حيوان ». [۵۳]
بطلان العقد [تعديل] وممّا يترتّب على الإتلاف أيضاً بطلان العقد فيما إذا كان موجباً لانتفاء محلّ العقد الذي هو أحد أركانه، كما في إتلاف محلّ العمل في الإجارة فانّه يوجب بطلان الإجارة إذا كان صدوره من الحيوان الذي لا صاحب له أو الحيوان المملوك الذي لم يفرّط صاحبه في حفظه. [۵۴] وأمّا في إتلاف المالك أو المستأجر أو الأجير فقد اختلفت فتاوى المتأخّرين بين قائل بالبطلان فيهما أيضاً كالإمام الخميني [۵۵] والسيد الحكيم [۵۶] ولعلّه المشهور أيضاً. وبين قائل بالصحّة وأنّه- إذا أتلفه المالك- استيفاء وقبض من قبله فيستحقّ عليه الأجير تمام الاجرة، وإذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيّراً بين الفسخ وإمضائه، فإن أمضى جاز له المطالبة بقيمة العمل الفائت عليه. [۵۷] وفصّل السيد الصدر في إتلاف الأجير بين ما إذا كان مورد الإجارة العمل الخارجي فتبطل بإتلافه، وما إذا كان العمل في الذمّة فيتخيّر المستأجر. [۵۸]