← الحرية الاقتصادية لأهل الذمّة كامل الحرّية في القيام بنشاطاتهم الاقتصادية و الخروج إلى الأسواق و الدخول مع المسلمين في معاملات تجارية؛ وذلك لإطلاق الأدلّة الشامل لغير المسلمين، كقوله تعالى: «وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ ». [۴۹] بل سمح الشارع لهم بما لم يسمح لسائر المسلمين، كبيع الخمر و الخنزير وشرائهما فيما بينهم، [۵۰][۵۱][۵۲][۵۳] وسمح للمسلمين استيفاء حقوقهم من الذمّي حتى ولو كان قد أتى بها من معاملة محرّمة في ديننا، كما لو باع من مثله خمراً أو خنزيراً؛ لأنّ الذمّي قد اقرّ على دينه بما لديه، ولرواية منصور ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام : لي على رجل ذمّي دراهم فيبيع الخمر والخنزير وأنا حاضر ، فيحلّ لي أخذها؟ فقال: «إنّما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك». [۵۴] لكن هذا الحكم لا يشمل ما لو كان البائع مسلماً، أو كافراً حربياً، أو ذمّياً متظاهراً ببيع الخمر والخنزير؛ لفساد البيع حينئذٍ، فيبقى المال على ملك صاحبه، فلا يجوز تناوله في مقابل الحقّ؛ لأنّه سحت . [۵۵] لكنّ المحقّق السبزواري استشكل في تقييد الحكم المذكور بما إذا لم يكن البائع مسلماً؛ لإطلاق الروايات، إلّاإذا كان المقصود من الاستثناء منع البائع المسلم من ذلك رغم حلّية أخذ الثمن منه. [۵۶] واستشكل المحدّث البحراني أيضاً في تقييد الحكم في الذمّي بالتستّر، بل استقرب عدمه؛ لاعتقاده بخلوّ الأخبار عن كون التستّر من شروط الذمّة. [۵۷] وعلى أيّ حال، فرغم منح الشريعة الحرّية الاقتصادية لأهل الذمّة، إلّاأنّها حدّدت بعض نشاطاتهم في حدود القيم والمفاهيم التي جاء بها الإسلام، حيث ذهب المشهور إلى منعهم من شراء القرآن أو العبد المسلم، كما منعوا من بيع السلاح لهم على تفصيل مذكور في مصطلحي: (إسلام وكافر).
← حرية الإقامة والتنقل يجوز لأهل الذمّة أن يقيموا في دار الإسلام ويتنقّلوا إلى أيّ نقطة من نقاط البلاد الإسلامية باستثناء بعض المناطق التي استثناها الفقهاء من ذلك:
←←الحرم فإنّه لا خلاف [۶۸] في عدم جواز دخول أهل الذمّة الحرم، [۶۹][۷۰][۷۱] بل قيل: هو المراد من المسجد الحرام في الآية بقرينة قوله سبحانه وتعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ»، [۷۲] وقوله تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى»، [۷۳] مع أنّ الإسراء كان من بيت امّ هاني، ومن الواضح أنّ العيلة لا تتسبّب من عدم دخول الكفّار المسجد الحرام؛ إذ ليس هو محلّاً للتجارة ، بل من عدم دخولهم الحرم، و حرمانهم من التجارة فيه. [۷۴] هذا مضافاً إلى قول الإمام الصادق عليه السلام: «لا يدخل أهل الذمّة الحرم ولا دار الهجرة ، ويخرجون منها». [۷۵]فإن دخلوا عالمين بالحرمة عزّروا، ويعذرون مع الجهل بها، ولو مرض أحدهم في الحرم نقل منه، ولو مات فيه لم يدفن فيه، بل ذكر بعضهم بأنّه لو دفن نبش واخرج من قبره. [۷۶][۷۷]ويحتمل إلحاق حرم الأئمّة عليهم السلام و الحضرات المباركة و الصحن الشريف بالمسجد. [۷۸]
التبعية في الذمّة [تعديل] إذا عقد الإمام الذمّة لرجل دخل معه أولاده الصغار و زوجاته وعبيده وأمواله، فإذا بلغ أولاده أو اعتق عبيده يستأنف عقد الذمّة معهم إلّاأن يسلموا؛ [۱۰۵][۱۰۶][۱۰۷] لأنّ الأب عقد الذمّة لنفسه، وإنّما دخل أولاده معه لكونهم صغاراً، فإذا بلغوا زال المقتضي للدخول. [۱۰۸]وهم كما يتبعونه في الذمّة يتبعونه في خروجه عنها؛ لأنّ التابع يتبع متبوعه، فمتى بطلت ذمّته بطلت ذمّة متبوعه، [۱۰۹] بل ادّعي على ذلك الإجماع. [۱۱۰]ويجوز للرجل أن يستتبع في عقد الجزية من شاء من أقاربه وإن لم يكونوا من المحارم ، فيشترط ذلك في عقد الذمّة؛ [۱۱۱] لجريان القاعدة فيه حينئذٍ.
← القول الأول أنّه يردّ إلى مأمنه [۱۱۲][۱۱۳] بلا خلاف؛ [۱۱۴] لأنّ هذا هو حكم من دخل بلاد الإسلام بشبهة أمان، فيكون من دخلها بعهد أولى بالردّ إلى المأمن. [۱۱۵][۱۱۶] ولعلّ الوجه فيه أنّ دخوله في الذمّة أخرجه من تحت عمومات الحربي، فإذا نقض الذمّة فلا يحرز دخوله مرّة اخرى في العموم، فيلزم الجمع بين عدم كونه ذمّياً وعدم إحراز حربيّته، وذلك بإخراجه من بلاد المسلمين.
← القول الرابع التفصيل بين من نقض عهده بسبب القتال مع المسلمين أو إعانة الكافرين فيجري فيه حكم المحارب ، وبين من نقضه بغير ذلك فيردّه إلى مأمنه، وهو مختار الصيمري وإن لم يذكر له وجهاً أيضاً. [۱۲۰] ولعلّ الوجه فيه هو ما ذكرناه في القول الأوّل مع إضافة أنّه لو أعلن الحرب فإنّ دخوله في حكم المحارب يصبح محرزاً، فلا معنى لعدم إجراء أحكام الحربي في حقّه.
هذا بالنسبة إلى حكم الذمّي الناقض للعهد، وأمّا حكم ماله و أهله وذرّيته وتابعيه فالظاهر- كما في الجواهر -:« اختصاص ذلك -الحكم المذكور- بخصوص الخارق دون غيره، بل قد يشكل جريان الحكم على ماله وأهله بناءً على ما سمعته سابقاً باحترام مال المستأمن وإن لحق بدار الحرب، الّلهمّ إلّا أن يقال: إنّ أمان أهله وذرّيته وماله تبع لأمانه، والفرض انتقاضه على وجه لا يجب معه علينا الردّ إلى المأمن؛ لكون النقض من قبله، وخصوصاً إذا كان قد اشترط عليه مع ذلك، فلعلّ الأقوى حينئذٍ انتقاض الأمان في توابعه، فتسبى نساؤه، وتسترقّ ذرّيته». [۱۲۱]