← الإضرار وهو إدخال الضرر، والضَرَر اسم من ضَرّ وأضرّ، وهما بمعنى واحد، و المصدر الضرَّ- بالفتح - بمعنى عدم النفع ، و- بالضم- بمعنى كلّ ما كان من سوء حالٍ وفقرٍ أو شدّةٍ في بدن . [۱۰][۱۱] قال الراغب : «الضُرّ: سوء الحال ، إمّا في نفسه؛ لقلّة العلم و الفضل و العفّة ، وإمّا في بدنه؛ لعدم جارحة و نقص ، وإمّا في حالة ظاهرة من قلّة مالٍ وجاه، وقوله (تعالى): «فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ»، [۱۲] فهو محتمل لثلاثتها». [۱۳] وقد يفرّق بين الضرر والأذى بأنّ الشرّ إذا كان يسيراً، فيسمّى أذىً، وإذا كان جسيماً فيسمّى ضرراً، قال الزبيدي : «وقال الخطّابي: الأذى: الشرّ الخفيف ، فإن زاد فهو ضرر»». وحينئذٍ فكلّ ضرر أذىً وليس كذلك العكس . ولعلّ الفرق عند الفقهاء- بل العرف - أيضاً كذلك أو قريب منه؛ فإنّ الإضرار إذا تعلّق بمال شخصٍ أو نفسه، فإنّه يوجب الضمان عندهم؛ لأنّه إتلاف، بخلاف الأذية بما هي أذية فإنّها لا توجب ضماناً.
← الإيذاء في العقوبات والنهي عن المنكر لا ريب في جواز الإيذاء حدّاً أو تعزيراً في موارد جريانهما. ويدلّ عليه جميع أدلّة الحدود والتعزيرات من الآيات والروايات، عموماً وخصوصاً، قال اللَّه تعالى: «وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا». [۱۴] نعم، المستفاد منها جواز إجراء الحدّ وما يلازمه عادة من الإيذاء، وأمّا أكثر من ذلك فلا يجوز، بل قد يظهر من بعضهم لزوم إجرائها بأقلّ ما يمكن من الألم والأذى.
قول الشيخ الطوسي في قطع يد السارق [تعديل] قال: «فإذا قدّم السارق للقطع اجلس... وتشدّ يده بحبل وتُمدّ... وتوضع على شيء، لوحٍ أو نحوه؛ فإنّه أسهل وأعجل لقطعه، ثمّ يوضع على المفصل سكّين حادّة، ويدقّ من فوقه دقّة واحدة حتى تنقطع اليد بأعجل ما يمكن... أو يوضع على الموضع شيء حادّ ويمدّ عليه مدّة واحدة. ولا يكرّر القطع فيعذّبه؛ لأنّ الغرض إقامة الحدّ من غير تعذيب ، فإن علم قطع أعجل من هذا قطع به». [۱۵] وهذا الكلام منه وإن لم يمكن موافقته على إطلاقه، حيث إنّ إطلاق أدلّة الحدود يقتضي جوازها بما يلازمها عرفاً وعادة، ولا تجب المداقّة بما يقوله الشيخ ، إلّاأنّ حرمة الإيذاء بأكثر ممّا يلازم الحدّ عادة ممّا لا ينكر، فلا يجوز القطع بالمنشار مثلًا.
وكذا الجلد ، فكما لا يجوز جلد المحدود بسوط خفيف وبرأفة؛ لقوله تعالى: «وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ»، [۱۶] كذلك لا يجوز جلده بأشدّ من العادة، إلّامع دلالة دليل، كما قد يدّعى دلالة الآية على لزوم شدّة الضرب أشدّه في خصوص الزاني . [۱۷] وكذلك الكلام في التعزير فلابدّ من جلده تعزيراً جلداً متعارفاً.
قول الشيخ الطوسي في الجلد [تعديل] قال الشيخ الطوسي أيضاً في الجلد: «أمّا صفة السوط فسوط بين السوطين، لا جديد فيجرح ولا خلق فلا يؤلم، روي عن زيد بن أسلم : أنّ رجلًا اعترف عند النبي عليه وآله السلام بالزنا، فدعا له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم بسوط، فاتي بسوط مكسور، فقال: «غير هذا»، فاتي بسوط جديد لم يقطع ثمرته، فقال: «بين هذين»، فاتي بسوط قد ركب به ولان، قال: فأمر به فجلد، [۱۸] هذا لفظ الحديث.
رواية علي ابن أبي طالب عليه السلام [تعديل] وعن علي عليه السلام أنّه قال: «ضرب بين ضربين وسوط بين سوطين». [۱۹] وأمّا صفة الضرب فإنّه بين ضربين لا شديداً فيقتل، ولا ضعيفاً فلا يردع...وروي عن علي عليه السلام و ابن مسعود وغيرهما أنّهم قالوا: (لا يرفع يده في الضرب حتى يرى بياض إبطه)». [۲۰][۲۱]
قول الإمام الخميني [تعديل] قال الإمام الخميني : «لو كان بعض مراتب القول أقلّ إيذاءً و إهانةً من بعض ما ذُكر في المرتبة الاولى يجب الاقتصار عليه ويكون مقدّماً على ذلك، فلو فرض أنّ الوعظ و الإرشاد بقولٍ ليّن ووجه منبسط مؤثّر أو محتمل التأثير ، وكان أقلّ إيذاءً من الهجر و الإعراض ونحوهما، لا يجوز التعدي منه إليهما... فلابدّ للآمر والناهي ملاحظة المراتب والأشخاص، والعمل على الأيسر ثمّ الأيسر». [۲۴] وهذا كلّه مبني على ثبوت المرتبة الثالثة وهي اليد بمعنى الضرب ونحوه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث شكّك فيها بعض المتأخرين. [۲۵][۲۶][۲۷][۲۸] وأمّا التأديب - كما في تأديب الزوجة والولد والعبد والمربّى- فيجوز تأديب الزوجة عند خوف النشوز بما في الآية من قوله سبحانه وتعالى: «وَاللَّاتِيْ تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ». [۲۹] و الترتيب بين هذه المراتب لازم، فلا يجوز إيذاؤها بالهجر ما لم يعظها، ولا الضرب ما لم يهجرها، كما لا يجوز الضرب بعدهما بما يكون مدمياً أو مبرحاً . [۳۰][۳۱][۳۲]
← إيذاء الكافر • الإيذاء (الكافر) ، الكافر تارة يفرض كونه من الوالدين، فالمستفاد من إطلاق قوله تعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً»، عدم جواز إيذائهما حتى مع إصرارهما على ارتداد الولد. وأمّا إذا لم يكن من الوالدين فكذلك لا يجوز إيذاؤه إذا كان ذمّياً عاملًا بشرائط الذمّة ؛ لصيرورته بحكم المسلم بعقد الذمّة، فلا يجوز ظلمه و التعرّض لعرضه وماله ودمه.
← إيذاء الحيوان • الإيذاء (الحيوان) ، المستفاد من كلمات غير واحد من الفقهاء حرمة التعرّض لإيذاء الحيوان غير المؤذي إذا لم يترتّب عليه نفع معتدٌّ به، بل الواجب فيما يكون فيه نفع أيضاً الاقتصار على ما يطيقه من الضرر، إلّاإذا دلّ عليه دليل خاصّ كالذبح .
← عقوبة الإيذاء الإيذاء إذا كان واجباً أو جائزاً فلا عقوبة فيه كما هو واضح، أمّا إذا كان محرّماً كإيذاء المؤمن أو الوالدين، فإن كان بأمر ورد فيه عقوبة خاصّة كالقذف أو غيره جرت تلك العقوبة المترتبة على موردها، ولو كان هو شيء مع الإيذاء، وأمّا إذا لم تكن هناك عقوبة خاصّة محدّدة في الشرع، كان الحكم هو التعزير وفقاً لقاعدة: كلّ ذنب ليس فيه حدّ ففيه التعزير، بناءً على ثبوتها، وقد ذكر بعض الفقهاء هذا الأمر في عقوبة مطلق الإيذاء. [۳۷][۳۸] وقد لا ترد في الإيذاء عقوبة خاصّة، بل يكون هناك ضمان أو نحوه كما في القصاص والديات وضمان المتلفات وغير ذلك.