الإيمان (ما يعتبر فيه الإيمان) لتصفح عناوين مشابهة، انظر الإيمان (توضيح) .
وقع الكلام بينهم في اشتراط بعض الامور بالإيمان وعدمه، ونتعرّض لأهمّها فيما يلي:
اشتراط الإيمان في صحة العبادات [تعديل] لا إشكال في عدم اشتراط صحّة المعاملات بالإيمان كما لا يشترط فيها الإسلام؛ لعدم دلالة دليل عقلي أو نقلي على الاشتراط. نعم، قد دلّ الدليل على اشتراط بعضها بالإسلام كالنكاح ؛ لما دلّ من الأخبار على اشتراط النكاح بالكفاءة بين الزوجين بضمّ ما دلّ على نفي الكفاءة بين المسلم والكافر، وأمّا الإيمان فليس من الكفاءة عندهم كما سيأتي.
وأمّا العبادات فقد وقع الخلاف بين العلماء في اشتراط الإيمان بالمعنى الأخصّ- أي اعتقاد الولاية- في صحّتها وعدمه، فذهب عدّة منهم إلى عدم الاشتراط، وهذا القول نسبه الشهيد الأوّل إلى المشهور، [۱] وعليه تكون عبادات المخالف صحيحة على القاعدة، ولا يجب عليه قضاؤها بعد الاستبصار إذا كان قد أتى بها على وجهها الصحيح في مذهبه من دون احتياج إلى رواية في خصوص المسألة من حجّ أو غيره.
← قول العلامة الحلي وقال العلّامة الحلّي: «المخالف إذا حجّ ثمّ استبصر، فإن كان قد أخلّ بشيء من أركان الحجّ وجب عليه الإعادة ، وإن لم يكن قد أخلّ بشيء من واجباته لم تجب عليه الإعادة... احتجّ المخالف بأنّ الإيمان شرط العبادة ولم يحصل... و الجواب : المنع من كون الإيمان شرطاً في العبادة». [۴][۵]
←←عدم قبول العبادة الفاقدة للولاية ومن الثالث رواية الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: «... أما واللَّه يا فضيل، ما للَّه عزّ ذكره حاجّ غيركم، ولا يغفر الذنوب إلّا لكم، ولا يتقبّل إلّامنكم، وأنّكم لأهل هذه الآية «إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم وَنُدْخِلْكُم مُدْخَلًا كَرِيماً»..»، . [۱۸][۱۹][۲۰][۲۱] ومن الأخير رواية ميسّر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «... لو أنّ عبداً عمّره اللَّه ما بين الركن والمقام وما بين القبر و المنبر يَعْبُدُه ألفَ عامٍ، ثمّ ذُبح على فراشه مظلوماً كما يُذبح الكبش الأملح ، ثمّ لقي اللَّه عزّوجلّ بغير ولايتنا، لكان حقيقاً على اللَّه عزّوجلّ أن يكبّه على منخريه في نار جهنّم». [۲۲] وفي حديث آخر: «... لو أنّ عبداً دعاني منذ خلقت السماوات والأرضين، ثمّ لقيني جاحداً لولاية علي لأكببته في سقر ». [۲۳]وهذه الروايات يستدلّ بها بناءً على استفادة البطلان المصطلح منها جميعاً أو بعضاً.
وقد اجيب عنها بما حاصله: عدم دلالتها على بطلان العبادة وفسادها فقهيّاً؛ لعدم الملازمة بين عدم الثواب والبطلان فقهيّاً، والروايات الأخيرة أيضاً ليس لها دلالة على فساد العبادات وإنّما هي ناظرة إلى عدم النجاة في آخر الأمر وختم أمره إلى النار؛ إذ لا دلالة فيها على أنّ عقاب جاحد الولاية إنّما هو على تركه العبادات أو فسادها، بل لها الدلالة الواضحة على أنّ السبب في عقابه وختم أمره إلى النار هو جحده للولاية وإن كانت عباداته واقعة على وجهها فقهيّاً في مذهبه، فهو علّة تامّة مستقلّة للخلود في النار، وأنّ النجاة منها إنّما يحصل بأمرين معاً: صحّة الأعمال والعبادات، والولاية. [۲۴] هذا، ولكنّ الذي يسهّل الخطب أنّ هذا النزاع أثره الكلامي محدود جداً ولا يترتّب عليه أيّ أثر فقهي، أمّا الأوّل فلعدم الخلاف في خلود الجاحد و المعاند في النار؛ للروايات المتقدّمة ولو قلنا بصحّة عباداته فقهيّاً، كما لا خلاف في نجاة المستبصر إذا كان قد أتى بعباداته على وجهها الصحيح في مذهبه؛ لما مرّ من قوله عليه السلام في رواية العجلي: «كلّ عمل عمله في حال ضلاله ثمّ منّ اللَّه عليه فإنّ اللَّه يأجره عليه، إلّاالزكاة فإنّه يعيدها...»، [۲۵] والقاصر لا يمكن الحكم عليه بالنار قطعاً كما لا يخفى.
وأمّا انتفاء الأثر الفقهي فلأنّ الفقهاء أجمعوا على عدم وجوب قضاء ما أتاه صحيحاً في مذهبه بعد الاستبصار ؛ إمّا لحكمهم بصحّتها على القاعدة؛ لعدم اشتراطها بالإيمان، أو لاشتراطها بالإيمان ولكن بنحو الشرط المتأخّر، فيُكشف بالاستبصار كونها واجدة للشرط من أوّل الأمر على نحو الكشف الحكمي؛ [۲۶] وإمّا لحكمهم بعدم لزوم القضاء عفواً ومنّاً- وإن كانت فاسدة على القاعدة- للروايات الدالّة على ذلك، وكونها منّةً من اللَّه تعالى عليهم كما مرّت الرواية بهذا المضمون آنفاً. نعم، لا خلاف بينهم في لزوم قضاء الزكاة؛ لاشتراط الإيمان في مستحقّها- كما مرّت الإشارة إليه في بعض الأخبار- وهذا أمر آخر لا ربط له بالمقام وسيجيء تفصيله.
كما لا خلاف بينهم ظاهراً في لزوم قضائه لما فعله من العبادات فاسداً في مذهبه، وهذا أيضاً أمر آخر لا ربط له بالمقام كما لا يخفى. [۲۷]فالمخالف المعاند لا تنفعه عباداته مع عدم الاستبصار والتوبة وإن قلنا بصحّة عباداته، والتائب تنفعه أعماله وعباداته وإن قيل بفسادها فقهيّاً على القاعدة؛ لفرض دلالة الأخبار على عدم لزوم قضائها مع صحّتها في مذهبه، بل قد تقدّمت دلالتها على أنّه يثاب عليها.
← قول السيد اليزدي قال السيّد اليزدي في أوصاف المستحقّين: «وهي امور، الأوّل: الإيمان، فلا يعطى للكافر بجميع أقسامه، ولا لمن يعتقد خلاف الحقّ من فرق المسلمين حتى المستضعفين منهم، إلّامن سهم المؤلّفة قلوبهم و سهم سبيل اللَّه في الجملة، ومع عدم وجود المؤمن والمؤلّفة وسبيل اللَّه يحفظ إلى حال التمكّن ». [۵۹]وتفصيل الكلام في ذلك كلّه يراجع في محلّه.
اشتراط الإيمان في الشاهد [تعديل] صرّح كثير من الفقهاء باشتراط الإيمان بالمعنى الأخص في الشاهد، فلا تجوز شهادة المخالف عندهم [۹۷][۹۸][۹۹][۱۰۰][۱۰۱][۱۰۲][۱۰۳][۱۰۴][۱۰۵][۱۰۶] بلا خلاف، [۱۰۷] وقد يدّعى الإجماع [۱۰۸][۱۰۹][۱۱۰] و اتّفاقهم فيه، [۱۱۱] بل في الجواهر لعلّه من ضرورة المذهب . [۱۱۲] ولم ترد بخصوصه رواية، وقد يستدلّ له برجوع الخلاف إلى الفسق حيث إنّه ترك ما يجب الاعتقاد به من الولاية، أو برجوعه إلى الكفر ؛ استناداً إلى ما دلّ على كفرهم، أو بانصراف إطلاقات الشهادة إلى المؤمن، أو بالإجماع، والعمدة هو الوجه الأوّل والأخير على ما هو المستفاد من بعض الكلمات. [۱۱۳][۱۱۴] ولكن يناقش فيه بأنّ الاستلزام للفسق إنّما هو إذا كان المخالف مقصّراً ومعانداً في عدوله عن الحقّ، كما إذا كان عالماً بالحقّ وعدل عنه، وأمّا إذا كان قاصراً كما في كثير من الموارد فلا يوجب ذلك فسقه، [۱۱۵] ولازم هذا البيان التفصيل بين القاصر فتجوز شهادته، والمقصّر فلا تجوز إلّاأن يكون هناك إجماع.
قال السيّد الخوئي: «فإن تمّ الإجماع فهو، وإلّا ففي إطلاق الحكم (أي اشتراط الإيمان) إشكال؛ فإنّ غير المؤمن إذا كان مقصّراً فيما اختاره من المذهب فلا إشكال في أنّه فاسق أشدّ الفسق وتارك لأهمّ الواجبات الإلهيّة بغير عذر، فلا يكون خيراً ومرضيّاً وعادلًا كي تقبل شهادته... وأمّا إذا كان قاصراً كما إذا كان مستضعفاً فمقضى إطلاقات عدّة روايات [۱۱۶][۱۱۷] قبول شهادته». [۱۱۸] نعم، هو لم يفتِ بهذا التفصيل في المنهاج؛ ولعلّه رعاية للإجماع المتقدّم.
ثمّ إنّه قد يفصّل- بناءً على المشهور من اعتبار الإيمان في الشهادة- بين ما كانت الشهادة للمؤمن فيعتبر فيها ذلك، وبين ما كانت لغير المؤمن فلا يعتبر؛ استناداً إلى قاعدة الإلزام . [۱۱۹] ولكن ظاهر المشهور خلافه، بل صرّح به الإمام الخميني حيث قال: «الثالث: الإيمان، فلا تقبل شهادة غير المؤمن فضلًا عن غير المسلم مطلقاً، على مؤمن أو غيره أو لهما...». [۱۲۰]ولعلّ وجهه عدم اعتبار قاعدة الإلزام عنده أو عدم تطبيقه للقاعدة على المقام.
← قول السيد الخوئي ولعلّ العمدة ما ذكره السيّد الخوئي من أنّ « المرتكز في أذهان المتشرّعة الواصل ذلك إليهم يداً بيد عدم رضا الشارع بزعامة من لا عقل له أو لا إيمان أو لا عدالة ، بل لا يرضى بزعامة كلّ من له منقصة مسقطة له عن المكانة و الوقار ؛ لأنّ المرجعيّة في التقليد من أعظم المناصب الإلهيّة بعد الولاية، وكيف يرضى الشارع الحكيم أن يتصدّى لمثلها من لا قيمة له لدى العقلاء والشيعة المراجعين إليه؟... فإنّ المستفاد من مذاق الشرع الأنور عدم رضا الشارع بإمامة من هو كذلك في الجماعة ...
فالعقل والإيمان والعدالة معتبر في المقلَّد حدوثاً، كما أنّها معتبرة فيه بحسب البقاء ؛ لعين ما قدّمناه في اعتبارها حدوثاً»، ثمّ قال: «ولعلّ ما ذكرناه من الارتكاز المتشرّعي هو المراد ممّا وقع في كلام شيخنا الأنصاري قدس سره من الإجماع على اعتبار الإيمان و العقل والعدالة في المقلّد؛ إذ لا نحتمل قيام إجماعٍ تعبّدي بينهم على اشتراط تلك الامور». [۱۲۸]
← عدم اعتبار الإيمان في الراوي عدم اعتبار الإيمان و كفاية الوثاقة ، ذهب إليه عدّة من الفقهاء، منهم الشيخ الطوسي ، [۱۷۷] وغيره، [۱۷۸][۱۷۹] وفي مقباس الهداية - ضمن اختياره لهذا القول [۱۸۰]- قال: «تبعه (الشيخ) على ذلك أكثر الأواخر، بل لم يقل ب (القول) الأوّل منهم إلّا النادر »، [۱۸۱] بل قد صارت هذه المسألة أخيراً من المسلّمات في كلمات الاصوليّين، حيث إنّهم إنّما اختلفوا في كيفيّة الاستدلال بحجّية خبر الثقة ، واقتصروا على الإيراد على بعض الوجوه والبيانات في المسألة كبعض وجوه الإجماع، لا على أصل الحكم.
وكيف كان، فقد استدلّ لاعتبار الإيمان بوجوه مختلفة من الآيات والأخبار وغيرها، وقد اجيب عليها بما يطول الكلام بذكره، والغرض هنا الإشارة إلى أهمّ الأدلّة المتكفّلة لإثبات حجّية الخبر وكونها شاملة لخبر الثقة مطلقاً، كالإجماع و السيرة تاركين التفصيل إلى محلّه من علم الاصول. وهي لو تمّت دلالتها على حجّية خبر الثقة دلّت بالتالي على عدم اعتبار وصف الإيمان أيضاً. ومن الواضح أنّ السيرة العقلائية إذا تمّت فهي لا تأخذ قيد الإيمان في الراوي ، بل على هذا جري المتشرّعة في عصر النص ، حيث نجد بينهم الكثير من الرواة غير المؤمنين مع أنّهم كانوا يعتمدونهم عندما يكونون ثقاتاً وهكذا. وتفصيل الكلام في ذلك متروك إلى محلّه من علم الاصول.
هذه عمدة الموارد التي وقع البحث فيها عن اشتراط الإيمان وعدمه ذكرناها لكونها بمثابة القاعدة العامّة، وهناك موارد اخرى خاصّة قد حكم بعضهم باعتبار الإيمان فيها كعتق الرقبة في خصال كفارّة إفطار الصوم أو الظهار أو القتل ونحوها، ويحتاج استقصاء البحث في كلّ منها إلى مراجعة الأدلّة في تلك المواضع الخاصّة، نتركها إلى محالّها؛ حذراً من التكرار .