← الإيمان وهو- بالمعنى الأعمّ- التصديق بالشهادتين بالقلب و اللسان ، [۵][۶] وهو- كسابقه- أعمّ من الاستبصار؛ لشموله إيمان المخالف أيضاً.
وقد يطلق الإيمان ويراد به المعنى الأخصّ له أي الاعتقاد بمذهب الإمامية الاثنى عشرية، ومع ذلك فهو لا يرادف معنى الاستبصار، لاختصاص الاستبصار بمن ينتقل من مذهب من المذاهب الإسلامية إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام في حين يعمّ الإيمان كلّ من كان على هذا المذهب سواء كان من أتباع المذاهب الاخرى ثمّ اهتدى، أم نشأ منذ البداية على مذهبهم عليهم السلام.
← اختصاص أحكام الاستبصار بغير الكفار ما قد يستظهر من العلّامة الحلّي الذي خصّ أحكام الاستبصار بغير الكفّار، [۱۲] والدليل عليه قد يكون انسياق حيثيّة الخلاف من الدليل دون حيثيّة الكفر ، فلا تدخل الفرق المحكوم بكفرها في أحكام الاستبصار. [۱۳] فإن قيل: كيف يستثنى الناصب المحكوم بكفره مع أنّه منصوص عليه في أخبار الاستبصار؟! اجيب: إنّ المقصود بالناصب في هذه الروايات هو المخالف للحقّ فقط، وقد كثر استعماله في هذا المعنى حتى ورد: أنّ « الزيديّة هم النصّاب». [۱۴]ولا إشكال في أنّ هذا تأويل يخالف ظاهر الروايات المتقدّمة.
الاستبصار المتكرر [تعديل] لو استبصر شخص ثمّ خالف ثمّ استبصر فهل يجري في حقّه حكم الاستبصار؟ اختار بعضهم [۱۶][۱۷] عدم جريانه، واستدلّ له بوجوه:
منها: أنّه المستفاد من النصوص الشرعيّة والتي ورد في بعضها: أنّ «كلّ عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثمّ منّ اللَّه عليه وعرّفه الولاية ...»، [۱۸] فإنّ الظاهر من كلمة (ثمّ) اشتراط جريان أحكام الاستبصار بعدم مسبوقيّة المستبصر بالمنّة و معرفة الولاية، فلا تشمل المخالف الذي تجدّد خلافه ثمّ استبصر؛ لأنّه كان قد منّ اللَّه عليه من قبل ذلك بالمعرفة والولاية فأعرض عنها بسوء اختياره . [۱۹] ومنها: انصراف الأدلّة إلى المخالف الأصلي دون المسبوق بالاستبصار. [۲۰] ومنها: أنّ ذلك هو مقتضى الاقتصار على القدر المتيقّن فيما خالف القاعدة، فإنّ مقتضى القاعدة وجوب إعادة العبادات التي لم يأتِ المكلّف بها صحيحةً، فلا بدّ من الاقتصار على ما تيقّن خروجه منها من خلال أدلّة نفي الإعادة عن المستبصر. [۲۱] وفي مقابل ذلك اختار البعض جريان أحكام الاستبصار عليه أيضاً؛ لإطلاق الأدلّة، والانصراف المدّعى ليس بالدرجة التي يقاوم الإطلاق ويوجب رفع اليد عنه. [۲۲] وهناك من اختار [۲۳] طريق الاحتياط في المسألة، بإلزام المستبصر بإعادة ما قام به من أعمال وعدم جريان أحكام الاستبصار في حقّه.
ومنه يعرف حكم من كان على المذهب الحق ثمّ اختار المذهب المخالف ثمّ استبصر فعاد إلى المذهب الحقّ، فإنّ دعوى الانصراف هنا أوجه. [۲۴]
عمل الإمامي بمذهب المخالف [تعديل] لا ينبغي تعدية أحكام الاستبصار إلى الإمامي الذي عمل بمذهب المخالف جهلًا منه بالحكم. [۲۵] إلّا أنّ الشهيد تردّد في ذلك؛ لأنّ هذا الشخص من ناحية قد فرّط في عدم تعلّمه أحكامه، ومن ناحية اخرى ليس هناك ما يميّزه عن سائر المخالفين المشمولين للتخفيف بالاستبصار خصوصاً وأنّه غافل، و الغافل يمتنع تكليفه بما هو غافل عنه من أحكام، قال قدس سره: «ولو حجّ المحقُّ حجَّ غيرِه جاهلًا ففي الإجزاء تردّد، من التفريط ، و امتناع تكليف الغافل مع مساواة المخالف في الشبهة». [۲۶] واورد عليه:
أوّلًا: بأنّه قياس باطل ؛ لعدم تمكّن العقل من استكشاف علل الأحكام وليس في النصوص ما يشير إليها.
وثانياً: بأنّ إيجاب الإعادة بعد العلم و الالتفات لا يستلزم تكليف الغافل. [۲۷][۲۸]