←←أولوية الام من الأب بحضانة ولدها قال المحقّق الحلّي: «وأمّا الحضانة فالامّ أحقّ بالولد مدّة الرضاع ، وهي حولان، ذكراً كان أو انثى إذا كانت حرّة مسلمة ... فإذا فُصل [21] فالوالد أحقّ بالذكر، و الامّ أحقّ بالانثى حتى تبلغ سبع سنين، وقيل: تسعاً، وقيل: الامّ أحقّ بها ما لم تتزوّج، والأوّل أظهر، ثمّ يكون الأب أحقّ بها، ولو تزوّجت الامّ سقطت حضانتها عن الذكر والانثى، وكان الأب أحقّ بهما، ولو مات كانت الامّ أحقّ بهما من الوصي ». [۳۲] هذا بالنسبة للُامّ، وأمّا غيرها فجعل الشيخ الطوسي في الخلاف ملاك الأولوية بالحضانة الأولوية في الميراث ، حيث قال: « الاخت من الأب أولى بالحضانة من الاخت للُامّ... دليلنا: ما قدّمنا من أنّها أولى بالميراث... لقوله تعالى:
«وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ» [۳۳][۳۴]». [۳۵] وقال أيضاً: « الجدّات أولى بالولد من الأخوات ... دليلنا: ما ثبت من أنّ الامّ أولى، واسم الامّ يقع على الجدّة». [۳۶] وقال أيضاً: «امّ الأب أولى من الخالة بالولد». [۳۷] وقال: «إذا لم تكن امّ، وهناك امّ امّ، أو جدّة امّ امّ، وهناك أبٌ، فالأب أولى». [۳۸] وقال: «إذا كان مع الأب اخت من امّ أو خالة أسقطهما أي يقدّم عليهما». [۳۹] وقال: « العمّة والخالة إذا اجتمعتا تساويتا واقرع بينهما...». [۴۰]
←←حق الأولوية وهو علقة بين الإنسان وما يختص به دون علقة الملكية، ويعبّر عنه بحقّ الاختصاص أيضاً، وذلك أنّ اختصاص شيء بالإنسان قد يكون لكونه مالكاً لرقبة ذلك الشيء، فيجوز له التصرّف فيه بالحلال، و الاعتياض عنه بمال، ويحرم على غيره التصرّف فيه من دون إذنه، وهذه الأحكام و الآثار آثار للملكيّة.
ولكن قد تترتّب هذه الآثار أو بعضها، فيجوز للإنسان التصرّف في شيء، ويحرم على غيره التصرّف فيه، وكذا مزاحمته، كما قد يجوز الاعتياض عنه بمال، وليس في البين علقة ملكية، وهذا هو الذي يعبّر عنه بحقّ الأولويّة أو حقّ الاختصاص.
ويتحقّق ذلك في موارد:
منها: تحجير الأرض، فإنّه موجب لاختصاصه وأولويّته فيه بحيث ليس لأحد التصرّف فيه بإحياء ونحوه، ولا يجوز مزاحمته فيه. [۴۱][۴۲][۴۳][۴۴] ومنها: إحياء الأرض الموات، فإنّه على أحد القولين لا يوجب الملكية للرقبة وإنّما يوجب حقّ الاختصاص والأولوية برقبة الأرض وملك الانتفاع بها، كما هو ظاهر بعض الفقهاء. [۴۵] ومنها: السبق إلى الأمكنة المباحة كالمساجد والرباطات و الشوارع للانتفاع منها بجلوس أو صلاة ونحو ذلك بشرط أن لا يزاحم المارّة، فإنّ الأولوية ثابتة للسّابق إليها ما دام فيها وليس لغيره مزاحمته في الانتفاع منها بالمباح. [۴۶] ومنها: حيازة المباحات الأصلية كالوحوش والحشاش إذا لم يكن ممّا يملك؛ لخلوّها عن منفعة محلّلة، فإنّ ذلك وإن لم يوجب الملكية إلّاأنّه موجب لحقّ الأولوية والاختصاص عند بعض.
ومنها: زوال علقة الملكية عن الشيء لزوال النفع المحلّل عنه، كصيرورة الخلّ خمراً و فساد اللحم أو موت الدابّة الموجب لصيرورتها ميتة نجسة؛ إذ بذلك تزول الملكية بناء على اعتبار الماليّة في الملك، ولكن يبقى حقّ الأولوية والاختصاص به لصاحبها، وتجري عليه الأحكام المشار إليها.
قال العلّامة الحلّي: «تصحّ الوصيّة بما يحلّ الانتفاع به من النجاسات ، كالكلب المعلّم، و الزيت النجس؛ لإشعاله تحت السماء ، و الزبل ؛ للانتفاع بإشعاله و التسميد به، وجلد الميتة- إن سوّغنا الانتفاع به- والخمر المحترمة؛ لثبوت حقّ الاختصاص فيها، وانتقالها من يد إلى يدٍ بالإرث وغيره». [۴۷] وهذا بناءً على عدم اعتبار الملك في الوصية و كفاية حقّ الاختصاص.
وقال المحقّق النجفي في الاكتساب بما له حقّ الأولوية به: «ربما ظهر من خبر التحف . [۴۸].. عدم دخوله الدهن النجس في الملك- كما صرّح به بعض مشايخنا جازماً به، ويؤيّده عدم عدّه في الأموال عرفاً، مع أصالة عدم دخوله فيه بناءً على توقّفه على أسباب شرعية... نعم، قد يقال بأنّ له حقّ الاختصاص لمن سبق إليه؛ لتحقّق الظلم عرفاً بالمزاحمة له، بل لعلّ دفع العوض لرفع يد الاختصاص عنه لا بأس به؛ ضرورة عدم صدق التكسّب به؛ لعدم دفع العوض عنه». [۴۹] وقال الشيخ الأنصاري : «الظاهر ثبوت حقّ الاختصاص في هذه الامور الناشئ إمّا عن الحيازة، وإمّا عن كون أصلها مالًا للمالك، كما لو مات حيوان له، أو فسد لحم اشتراه للأكل على وجه خرج عن الماليّة. و الظاهر جواز المصالحة على هذا الحقّ بلا عوض بناءً على صحّة هذا الصلح ، بل ومع العوض بناءً على أنّه لا يعدّ ثمناً لنفس العين حتى يكون سحتاً بمقتضى الأخبار ». [۵۰] وقال أيضاً: «ثمّ اعلم أنّ عدم المنفعة المعتدّ بها يستند تارة إلى خسّة الشيء...
واخرى إلى قلّته كجزءٍ يسير من المال لا يبذل في مقابله مال كحبّة حنطة ، والفرق أنّ الأوّل لا يملك ولا يدخل تحت اليد ... بخلاف الثاني فإنّه يملك... ثمّ إنّ منع حقّ الاختصاص في القسم الأوّل مشكل مع عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحقّ به»، [۵۱] مع عَدّ أخذه قهراً ظلماً عرفاً». [۵۲] ولتفصيل الكلام بأكثر من ذلك يراجع مصطلح حَقّ.