الأرحام
وهي القرابة بالنسب.
تعريف الأرحام [تعديل]
← في اللغة
الأرحام جمع رَحِم، وهي القرابة، أصلُها الرحِمْ التي هي منبت
الولد ، ومنه قوله تعالى: «يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ»،
[۱] استعير للقرابة؛ لكونهم خارجين من رحم واحدة.
فالأرحام وذوو الأرحام هم
الأقارب ، والرحم يوصف به الواحد والجمع، ويطلق على كلّ من يجمع بينك وبينه
نسب .
[۲] [۳] [۴] [۵]
← في الإصطلاح
لا يخرج استعمال
الفقهاء للفظ الأرحام عن معناه اللغوي إلّا أنّ لهم فيه إطلاقين أحدهما أخصّ من الآخر:
←←الأول
في باب
الإرث ، فانّهم يطلقونه على الأقارب الذين لم يذكر لهم فرض ولم يسمّ لهم سهم في
كتاب اللَّه ، وإنّما
حكم بإرثهم إجمالًا كالأولاد
الذكور والإخوة والأعمام والأجداد وغيرهم من الداخلين فيه بعموم آية اولي الأرحام.
[۶] فيقال:
إنّهم يرثون بالقرابة في مقابل الذين يرثون بالفرض
كالأُمّ والأب والبنات
والأخوات .
[۷] [۸] [۹] وتفصيل ذلك في مصطلح (إرث).
←←الثاني
في غير المواريث من أبواب
الفقه كالهبة والوصيّة وغيرهما، وقد اختلفوا في المراد منه، فالمعروف- والذي عليه الأكثر بل في
المسالك أنّه موضع نصّ ووفاق
[۱۰]- أنّه مطلق القريب المعروف بالنسب وإن بعدت لحمته وجاز
نكاحه وارثاً كان أو غير وارث، والملاك في ذلك هو
الصدق العرفي.
[۱۱] [۱۲] [۱۳] [۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷]
ولا يكفي مطلق
العلم بالنسب كما يتّفق ذلك في
الهاشميّين ونحوهم ممّن يعرف نسبه مع بعده الآن مع انتفاء القرابة
عرفاً .
[۱۸]
واستدلّوا على ذلك
بالصدق العرفي ؛ لأنّه المرجع في كلّ مورد تجرّد عن الوضع الشرعي، وحيث لا نصّ في المقام فيحمل اللفظ على المعنى العرفي كما هو عادة
الشرع في ذلك.
وممّا يؤيّد ذلك من النصوص ما رواه الشيخ في الصحيح عن
أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: نسخت من كتابٍ بخطّ
أبي الحسن عليه السلام: رجل أوصى لقرابته بألف درهم وله قرابة من قبل
أبيه وامّه ما حدّ القرابة، يعطي من كان بينه وبينه قرابة أو لها حدّ تنتهي إليه، فرأيك فدتك نفسي؟ فكتب عليه السلام: «إن لم يسمِّ أعطاها قرابته».
[۱۹] [۲۰]
وهذا الجواب وإن كان لا يخلو من نوع
إجمال إلّا أنّ الظاهر أنّ المعنى فيه أنّه إن لم يسمِّ شخصاً بعينه ولا صنفاً بعينه يعطي من شملته القرابة عرفاً، فأحال إلى العرف، وذلك يؤيّد المعنى المشهور بل يدلّ عليه.
[۲۱] [۲۲] [۲۳]
وذهب الشيخ المفيد إلى أنّ قرابة الإنسان هم جميع ذوي نسبه الراجعين إلى آخر أب وامّ له في الإسلام،
[۲۴] وتبعه في ذلك الشيخ في
النهاية .
[۲۵]
ونقّحه بعض
الفقهاء بأنّ المراد الارتقاء بالقرابة إلى أبعد
جدّ وجدّة في
الإسلام وفروعهما ويحكم للجميع بالقرابة، ولا يرتقى إلى آباء
الشرك ،
[۲۶] فالجدّ البعيد ومن كان من فروعه وإن بعدت مرتبته بالنسبة إليه، معدود قرابة إن كان الجدّ مسلماً.
[۲۷] [۲۸] [۲۹]
واجيب عن هذا القول بأنّه لا دليل يدلّ عليه ولا شاهد يعضده،
[۳۰] [۳۱] كما اعترف بذلك الشيخ نفسه في
المبسوط .
[۳۲] والاستدلال له
[۳۳] [۳۴] بقوله عليه السلام: «قطع اللَّه أرحام الجاهلية»،
[۳۵] وقوله تعالى
لنوح عن
ابنه : «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ»
[۳۶] مردود بأنّ قطع رحم الجاهلية لا يدلّ على قطع القرابة مطلقاً مع أصناف الكفّار، وكذا قطع الأهليّة مع ابن نوح،
والعرف واللغة يشهدان بأنّ من بعد جدّاً كالأجداد البعيدة لا يدخل في القرابة وإن كان
مسلماً ، ومن قرب دخل فيها وإن كان
كافراً .
[۳۷] [۳۸] [۳۹]
ونقل عن
ابن الجنيد أنّ القرابة خصوص من تقرّب من جهة
الولد أو الوالدين، وقال: «ولا أختار أن يتجاوز بالتفرقة أي تفرقة المال الموصى به للقرابة ولد
الأب الرابع؛ لأنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتجاوز ذلك في تفرقة سهم ذوي القربى من
الخمس ».
[۴۰]
واجيب عنه: بأنّ فعل
النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالخمس ذلك لا يدلّ على نفي القرابة مطلقاً عمّا عدا ذلك، فإنّ ذلك معنى آخر للقربى بالنسبة إليه صلى الله عليه وآله وسلم للقطع بأنّ القرابة في حقّ غيره لا تقتصر على احدى بناته
وأولادها وبعلها الذي هو من شجرته.
[۴۱] [۴۲] [۴۳]
وأمّا
علماء أهل السنّة فمنهم من وافقنا، ومنهم من ذهب إلى أقوال اخرى كتخصيصه
بالمحرم أو بالوارث أو بغير ذلك،
[۴۴] [۴۵] [۴۶] وهي حقيقة بالإعراض عنها؛ لعدم مساعدة الوضع اللغوي ولا
العرف ولا الاستعمال في النصّ عليها، كما هو واضح.
ومزيد التفصيل في ذلك في باب
الهبة أو
الوصية في مسألة ما لو وهب أو أوصى لقرابته أو أرحامه ولم يعيّن، فراجع.
هذا، وقد تضاف إلى الأرحام كلمة (اولو) أو (ذوو)، فيقال: اولو الأرحام، وذوو الأرحام، وقد تأتي مفردة فيقال: ذو رحم مثلًا.
الألفاظ ذات الصلة [تعديل]
← الأهل
أهل الرجل في اللغة
عشيرته وذوو قرباه ، وأيضاً
زوجته وأخصّ الناس به.
[۴۷] [۴۸] [۴۹] وعلى المعنى الأوّل يكون مساوقاً للأرحام وعلى الثاني مبايناً؛ لأنّ الزوجة بعنوان كونها زوجة ليست من الأرحام.
وأمّا على المعنى الثالث فيكون بينهما
عموم وخصوص من وجه ، فإنّ أخصّ الناس به يشمل الزوجة وغيرها، رحماً كان أو غير رحم ممّن يكون من أتباعه وخاصّته
كخادمه ومملوكه مثلًا.
← العشيرة
ذكر للعشيرة في اللغة عدّة معان، فقيل: إنّ عشيرة الرجل هم بنو أبيه الأدنون، وقيل: هم القبيلة. والجمع عشائر وعشيرات.
[۵۰] [۵۱] [۵۲]
وقال
ابن شميل : «العشيرة العامّة مثل بني تميم وبني عمرو بن تميم، والعشيرُ القبيلة».
[۵۳]
وكيف كان فهي خاصّة بالقرابة من طرف
الأب دون طرف
الامّ ، فهي أخصّ من الأرحام من هذه الجهة.
هذا، وقد وقع الخلاف بين
الفقهاء في المراد من هذه الألفاظ وحدودها عند إطلاقها في أبواب الفقه، ومنشأ ذلك تعدّد معانيها واختلافها لغةً، والأكثر إرجاع ذلك إلى العرف كما عرفت في معنى أرحام، وستعرف في
الهبة والوقف
والوصية وما شابه ذلك.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۴۳۲-۴۳۵