← تفريغ الذمة وهو جعلها فارغة ممّا اشتغلت به، ويحصل بالأداء أو بالإبراء، وربّما عبّر عنه بعضهم [۷][۸] بوجوب الأداء.
و تفريغ الذمّة فرع اشتغالها بالتكليف أو المال المضمون للغير، دون براءة الذمّة فإنّها قد تكون مع عدم ثبوت شيء فيها من الأوّل، فيعبّر ببراءة الذمّة دون تفريغها، و الاشتغال يستلزم تفريغ الذمّة ووجوب الأداء وضعاً أو تكليفاً .
اشتغال الذمة بالامتثال [تعديل] وبيانه إجمالًا كما يلي:
أ- تقدّم أنّ الفقهاء يعبّرون عن تعلّق التكليف في عهدة المكلّف باشتغال الذمّة، فالتكليف من إيجاب أو تحريم هو سبب لاشتغال الذمّة بهذا المعنى، ويكون تفريغ الذمّة هنا بمعنى الامتثال و أداء المكلّف به.
كما يكون فراغها أحياناً بسقوط التكليف بأحد مسقطاته غير الامتثال كما بحثوه في علم الاصول .
وتفريغ الذمّة في التكاليف المؤقّتة بالوقت- كالصلاة و صوم شهر رمضان - يكون بالأداء في وقته، وإذا تخلّف ولم يأتِ بها داخل الوقت ، فيجب تفريغ ذمّته بالأداء خارج الوقت، ويسمّى بالقضاء ، وهذا تابع للدليل ، فإنّ وجوب القضاء في الواجبات المؤقّتة بحاجة إلى دليل، [۹][۱۰][۱۱] والتفصيل في محلّه.
ب- اختلف الفقهاء في صحّة التطوّع بالصلاة أو الصيام أو الحج أو النيابة فيها عن الغير لمن كانت ذمّته مشغولة بالواجب داخل الوقت أو خارجه، وهناك من فصّل بين التطوّع أو النيابة بالصوم والحج وبين التطوّع بالصلاة ، [۱۲][۱۳][۱۴] وتفصيله في محلّه.
ج- بحث الفقهاء أيضاً عن أحكام القضاء العامّة أو في خصوص الصلوات الفائتة، وأنّ الواجب قضاء ما فات كما فات، وعن حكم من اشتغلت ذمّته بالصلاة قضاءً بصلوات متعدّدة مترتّبة- كالظهرين و العشائين - أو غير مترتّبة و متماثلة أو غير متماثلة، وصور ذلك وصور الاشتباه و التردّد ، وحكم كلّ صورة ، وعن حكم من اشتغلت ذمّته بقضاء صوم يومين أو أيّام من شهر رمضان.
وعبّر بعضهم عن هذه المسألة باشتغال الذمّة بعملين أو أكثر، مشاركين في الصورة ومسانخين في الظاهر، وهو بحث مبسوط يطلب في محلّه.
د- وبحث الفقهاء أيضاً عن صحّة تفريغ الذمّة عمّا اشتغلت به من التكاليف عن طريق الاستنابة .
وتفصيل ذلك في محلّه.
ه- اشتغال الذمّة بالتكليف قد يكون معيّناً ، ويسمّى بالعلم التفصيلي بالتكليف، وقد يكون مردّداً بين أحد فعلين أو تكليفين، ويسمّى بالعلم الإجمالي بالتكليف، ويكون تفريغ الذمّة فيه بالاحتياط .
وقد احتلّ العلم الإجمالي باباً واسعاً في علم الاصول بحث فيه عن قوانينه ، ومدى منجّزيّته ، و كيفيّة انحلاله الحقيقي أو الحكمي، ومدى إمكان جريان الأصول المؤمّنة في أطرافه.
وغير ذلك من أبحاثه ممّا هو موكول إلى علم الاصول.
و- وهناك قاعدة يعبّر عنها الاصوليّون ب قاعدة الاشتغال أو قاعدة الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ويريدون بها أنّه كلّما تيقّن المكلّف بالتكليف وشكّ في أنّه قد أدّاه أم لا مع بقاء وقت الواجب وجب الإتيان به؛ لكي يحصل اليقين بفراغ الذمّة عمّا اشتغلت به يقيناً، ولا يجري فيه أصل البراءة العقلية أو الشرعية.
و مستندهم الرئيس في ذلك حكم العقل به، و إطباق العقلاء عليه؛ [۱۵] ولهذا أرسل الفقهاء والاصوليون هذه القاعدة إرسال المسلّمات. وتفصيل ذلك كلّه في محلّه من علم الاصول.