وجه المناسبة بين الإرث والولاء [تعديل] ووجه المناسبة بينه وبين النسب هو: أنّ المعتق- بالكسر- سبب لوجود المعتق- بالفتح- حكماً؛ لأنّه بالرقّ كالمفقود لنفسه الموجود لسيّده؛ لأنّه لا يستقلّ ولا يتصرّف ولا يملك لنفسه وإنّما لسيّده، فإذا أعتقه ملك كلّ ذلك فصار موجوداً لنفسه فالمعتق- بالكسر- صار سبباً لوجوده الحكمي، كما أنّ الأب سبب لوجود الابن حقيقة، فكان الولاء كالنسب مقتضياً للإرث. [۱۲] ولكنّه يفترق عنه بامور:
←←قول المحقق النجفي قال: «المنعم لا يرثه المعتق- بالفتح- بحال؛ للأصل وغيره، ولأنّ الولاء عليه للنعمة عليه وهي مفقودة منه بالنسبة إليه... فما عن ابني الجنيد وبابويه... واضح الضعف، بل الفساد»». نعم، لو دار الولاء بينهما توارثا؛ لوجود السبب، ومثاله: ما لو أسلم الكافر الأصلي فاشترى عبداً فأعتقه ثمّ ارتدّ ولحق بدار الكفر فسبي واشتراه عتيقه وأعتقه. [۳۶][۳۷]
← الفرق الثاني يتعلّق بالولاء ثلاثة أحكام: النكاح والعقل والميراث، ويتعلّق بالنسب زائداً على ذلك: العتق و الولاية و الإجبار على النكاح والشهادة، فالنسب يتعلّق به ما لا يتعلّق بالولاء، فيكون أقوى منه؛ فلأجل ذلك يجب أن يقدّم. [۳۸]
اشتراك جماعة في العتق [تعديل] إذا اشترك جماعة في العتق اشتركوا في الميراث، ذكوراً كانوا أم إناثاً أم ذكوراً وإناثاً، بمقدار شركتهم في الحصص، [۵۱][۵۲][۵۳][۵۴][۵۵][۵۶] بلا خلاف [۵۷][۵۸][۵۹] ولا إشكال؛ [۶۰] لأنّ السبب في الإرث هو العتق فيتبع الحصّة، ولا ينظر فيها إلى الذكورة و الأنوثة كالإرث بالنسب؛ لأنّ ذلك خارج بالنصّ والإجماع، وإلّا لكان مقتضى الشركة خلاف ذلك. [۶۱][۶۲][۶۳]
← الاستدلال بالروايات الشريفة وتدلّ عليه روايات معتبرة [۷۶]:
منها: مكاتبة محمّد بن عمر ، أنّه كتب إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : يسأله عن رجل مات وكان مولى لرجل وقد مات مولاه قبله وللمولى ابن وبنات، فسأله عن ميراث المولى؟ فقال: «هو للرجال دون النساء». [۷۷] ومنها: صحيحة محمّد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السلام على امرأة أعتقت رجلًا واشترطت ولاءه ولها ابن، فألحق ولاءه بعصبتها الذين يعقلون عنها دون ولدها». [۷۸] ومنها: صحيحة بريد العجلي - الطويلة- عن الباقر عليه السلام قال: «... وإن كانت الرقبة التي على أبيه تطوّعاً وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة؛ فإنّ ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميّت من الرجال...»، [۷۹] وغيرها من الأخبار الصحيحة الخالية عمّا يصلح للمعارضة. [۸۰]
← القول الأول يرث الولاء أولاد المنعم سواء أ كانوا ذكوراً أم إناثاً؛ لأنّ الولاء لحمة كلحمة النسب، ذهب إليه الشيخ الصدوق، [۸۶] واستحسنه المحقّق الحلّي . [۸۷]
← القول الثاني يرثه وارث المال مطلقاً، نقل هذا القول عن العماني ، وجعله مشهوراً متعالماً؛ [۸۸] لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «... الدية تقسّم على من أحرز الميراث»، [۸۹]
← القول الرابع يرثه أولاده مطلقاً إن كان المنعم رجلًا، بل يرثه جميع ذوي أنسابه على وتيرة النسب سوى المتقرّبين بالام، وإن كان امرأة يرثها عصبتها دون أولادها مطلقاً، ذهب إليه الشيخ في الخلاف وموضع من الاستبصار و ابن إدريس والشهيد، [۹۱][۹۲][۹۳][۹۴][۹۵]
← القول الخامس اشتراك أبوي المعتق مع الأولاد في الإرث بالولاء: المشهور [۹۶][۹۷][۹۸] أنّ أولاد المعتق لا يمنعون أبويه من الإرث بل يرثون على ترتيب الإرث بالنسب، بل لا خلاف إلّا من ابن الجنيد، فإنّه قدّم الولد على الأبوين والجدّ على الأخ . [۹۹] ولكن قوله شاذّ ضعيف؛ [۱۰۰] ومن هنا ادعي الإجماع على ترتيب الإرث بالولاء كالنسب. [۱۰۱] ويقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم، ويرث كلّ منهم نصيب من يتقرّب به كما تقدّم في الميراث بالقرابة، [۱۰۲] فلو خلّف أحدهم- مثلًا- ولداً والآخر عشرة كان الميراث بينهم نصفين. [۱۰۳] ومع فقد الأبوين والأولاد وإن نزلوا يكون الولاء للإخوة والأجداد من الأب دون الأخوات والجدّات والأجداد من الامّ، [۱۰۴][۱۰۵][۱۰۶][۱۰۷] ومع فقدهم فللأعمام دون الأخوال والعمّات والخالات، [۱۰۸][۱۰۹][۱۱۰] ولكن ذهب الشيخ الطوسي في بعض كتبه إلى أنّ الأخوات يرثن، واختاره المحقّق في الشرائع أيضاً؛ [۱۱۱][۱۱۲][۱۱۳] لأنّ الولاء لحمة كلحمة النسب. [۱۱۴] وفي الشرائع و التحرير ألحق بهنّ الجدّات والعمّات أيضاً. [۱۱۵][۱۱۶] ومع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فإن عدم وكان ذكراً ورثه أولاده الذكور وأبوه وأقاربه من الأب دون الامّ، [۱۱۷][۱۱۸][۱۱۹][۱۲۰] وإن كان انثى ورثتها العصبة. [۱۲۱][۱۲۲]
←←قول الشهيد الثاني قال: «الضابط: أنّه يرث الولاء معتق المورّث ولو بواسطة أو وسائط، لكن يقدّم المباشر، ثمّ أقاربه... ثمّ معتق المعتق، ثمّ لأقاربه... ومع عدم ذلك كلّه فلمعتق معتق المعتق، ثمّ لأقاربه وهكذا، فإن فقد الجميع انتقل الإرث إلى معتق أب المعتق، ثمّ معتق هذا المعتق، وهكذا كالأوّل». [۱۲۳]
← القول السادس اختصاص الإرث بالولاء بالمعتِق: المشهور [۱۲۴][۱۲۵][۱۲۶][۱۲۷] أنّه لا يرث العتيق مولاه، بل إذا لم يكن له قريب ولا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام؛ [۱۲۸][۱۲۹][۱۳۰][۱۳۱][۱۳۲] لأنّ الإرث يحتاج إلى سبب شرعي يستند إليه، ولم يثبت ذلك هنا شرعاً بل ثبت خلافه، حيث انحصر الولاء في النصوص بمن أعتق [۱۳۳][۱۳۴] كما في قول الصادقين عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الولاء لمن أعتق»، [۱۳۵][۱۳۶]و «إنّما الولاء لمن أعتق»، [۱۳۷][۱۳۸]
←←قول الشيخ الصدوق وخالف في ذلك الشيخ الصدوق [۱۳۹] وابن الجنيد [۱۴۰] فحكما بإرث العتيق مولاه إذا لم يخلف وارثاً غيره؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الولاء لحمة كلحمة النسب». [۱۴۱] وهذا القول ضعيف؛ [۱۴۲][۱۴۳] لأنّ الولاء على العتيق لأجل إنعام المولى بعتقه له، وهو مفقود من ناحية العتيق، فيكون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الولاء لحمة كلحمة النسب» خاصّاً بالمولى باعتبار إنعامه . [۱۴۴]
← القول السابع إرث الولاء وعدمه: المشهور عند الفقهاء [۱۴۵][۱۴۶][۱۴۷] أنّ الولاء لا يورث؛ [۱۴۸][۱۴۹][۱۵۰][۱۵۱][۱۵۲] لأنّ ذلك قد حصل للمولى بعتقه، [۱۵۳] فيكون من الحقوق الشخصيّة التي لا يتصوّر نقلها إلى الغير؛ ولهذا لم يختلفوا في أنّه لا يباع ولا يوهب ولا يشترط في بيع بالإجماع. [۱۵۴][۱۵۵][۱۵۶][۱۵۷] نعم، نسب إلى جماعة أنّه يورث، [۱۵۸][۱۵۹][۱۶۰][۱۶۱] وقد رجّحه بعضهم؛ [۱۶۲][۱۶۳][۱۶۴] لما رواه بريد العجلي عن الباقر عليه السلام: «فإنّ ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد الميّت من الرجال». [۱۶۵]
←←قول المحقق النجفي وذهب المحقّق النجفي إلى: أنّ الولاء غير قابل للانتقال، حيث قال: «ومن ذلك يعلم وجوب إرادة الانتقال كالميراث من الموروث في حسن بريد». [۱۶۶] وهو أعمّ من أنّه موروث أو يورث به فلا دلالة فيها عليه.
← القول الثامن جرّ الولاء: والمراد به انتقال الولاء من معتق إلى معتق آخر، [۱۶۷] كأن يكون ولدٌ أبوه عبدٌ وامّه معتقَة فهنا ولاء الولد لمعتق امّه، فلو عتق أبوه ينتقل ولاؤه إلى معتق أبيه، ويسمّى هذا ب ( جرّ الولاء ). [۱۶۸][۱۶۹] وهناك (جرّ الجرّ) [۱۷۰][۱۷۱][۱۷۲] وهو فيما إذا أعتق أوّلًا جدّ الولد ثمّ أعتق أبوه فينجرّ ولاؤه أوّلًا إلى جدّه ومنه إلى أبيه. ولا يتحقّق جرّ الولاء إلّا بعد توفّر الشروط التالية وهي:
←←الشرط الأول أن يكون الأولاد ولدوا أحراراً، فلو ولدوا أرقّاء من الطرفين ثمّ اعتقوا فولاؤهم لمن باشر عتقهم [۱۷۳][۱۷۴][۱۷۵][۱۷۶] إجماعاً؛ للأصل، [۱۷۷] ولأنّ إنعام من أعتق الولد أعظم من إنعام من أعتق بعض اصوله. [۱۷۸]
←←الشرط الثاني أن لا تكون الحرّية أصليّة، فلو كان أحد أبويه حرّاً فلا ولاء لأحد عليه؛ باعتبار لحوقه بأشرف الأبوين.
←←رواية أمير المؤمنين عليه السلام وأمّا حكمه فأجمع الفقهاء [۱۸۵][۱۸۶] على أنّه إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رقّ فالولد حرّ، وولاؤه لمولى الأمة الذي أعتقها، فإذا اعتق أبوه انجرّ الولاء من معتق امّه إلى معتق أبيه؛ [۱۸۷][۱۸۸][۱۸۹] لقول أمير المؤمنين عليه السلام: «يجرّ الأب الولاء إذا اعتق». [۱۹۰][۱۹۱][۱۹۲] فإن فقد فإلى ورثته الذكور ثمّ إلى عصبته، ثمّ إلى معتق معتق معتق أبيه وهكذا، فإن فقد الموالي وعصباتهم فلمولى عصبة موالي الأب، ثمّ إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي وعصباتهم ومواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن فإلى الإمام عليه السلام، ولا يرجع إلى مولى الامّ؛ [۱۹۳][۱۹۴][۱۹۵][۱۹۶][۱۹۷] لأنّه يحتاج إلى دليل وهو منتفٍ هنا، [۱۹۸] مضافاً إلى أنّ جرّ الولاء إنّما يكون من الأضعف إلى الأقوى، لا العكس. [۱۹۹][۲۰۰] لكن حكي عن ابن عبّاس الحكم بالرجوع إلى مولى الامّ؛ لأنّ مولى الأب كان بمنزلة المانع له، فإذا عدم فقد سلم ولاؤه عن المانع. [۲۰۱] وقد استوجهه صاحب الجواهر: «باعتبار صيرورته أقرب الناس إليه وكونه من مواليه لغة وعرفاً، وإنّما قدّم عليه مولى الأب؛ لأنّه أقرب منه». [۲۰۲]
←←قول السيد الخوئي ولو كان للمعتق- بالفتح- زوج ردّ عليه ولم يرثه الإمام، ولو كان له زوجة فردّ الزائد عن نصيبها مبنى على الخلاف المتقدّم في ميراث الزوجة، وقال السيد الخوئي : «كان الزائد على نصيبها للإمام». [۲۰۳] وإذا مات المولى عن ابنين ثمّ مات المعتق- بالفتح- بعد موت أحدهما اشترك الابن الحيّ وورثة الميّت الذكور؛ لأنّ إرثهم من أجل إرث الولاء. [۲۰۴]