الإمساك في اللغة [تعديل] مصدر أمسك، و هو يأتي على معانٍ :
منها : القبض ، يقال : أمسكته بيدي إمساكا، أي قبضته، وهو غالبا ما يكون في الإنسان باليد، و في الحيوان بالفم .و منها : الكفّ و الامتناع ، يقال : أمسكت عن الأمر، أي كففت عنه .و منها : الحبس ، يقال : أمسك الشيء، أي حبسه . و منه : أمسك اللّه الغيث ، أي حبسه و منع نزوله .و منها : البخل ، فيقال : رجل فيه إمساك، أي بخل، و رجل ممسك : أي بخيل . [۱][۲]
← إمساك الصيد و يستعمل في موردين :
الأول: اصطياد الصيد أو إبقاؤه في اليد بدلاً من إرساله، كما في باب تروك الإحرام و محرّماته، فقد اتّفق الفقهاء على أنّ إمساك صيد البر حرام إذا كان في حالة الإحرام، أو كان في داخل حدود الحرم ويجب إرساله، و إن لم يرسله ضمنه [۱۸][۱۹][۲۰][۲۱] .و كذا لو أمسك المحرم صيداً في الحلّ أو في الحرم و كان له طفل في الحلّ أو الحرم، فتلف الطفل بإمساكه، ضمن الطفل و لو مع مضاعفة الجزاء ؛ للتسبيب، فضلاً عن الاُمّ لو فرض تلفها بإمساكه الذي هو مباشرة .و كذا لو أمسك المحلّ صيداً في الحلّ و كان له طفل في الحرم، فتلف الطفل بإمساكه ؛ للتسبيب أيضاً ، بناءً على مساواة المحلّ للمحرم في الضمان به أيضاً لما كان في الحرم .
نعم ، لا يضمن الاُمّ لو تلفت ؛ لكونه محلاًّ .أمّا إذا فرض كونها في الحرم و تلفت بالإمساك، ضمنها أيضاً مع الطفل كالمحرم، و كذا لو أمسك المحلّ الاُمّ في الحرم فمات الطفل في الحلّ، ضمن الاُمّ لو فرض تلفها قطعاً [۲۲][۲۳][۲۴] . و أمّا الطفل ففي ضمانه وجهان : من كون الإتلاف بسبب في الحرم فصار كما لو رمى من الحرم، و من أنّ الإتلاف في الحلّ فلا يكون مضموناً [۲۵][۲۶] . و في خبر مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام، في رجل حلّ في الحرم رمى صيداً خارجاًمن الحرم فقتله، فقال : "عليه الجزاء ؛ لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم [۲۷] .”
الثاني :اصطياد الكلب المعلّم الصيد، فقد ذكر الفقهاء أنّ من شروط كون الكلب معلّماً هو أنّه إذا اُرسل اتّبع الصيد، و إذا أخذه أمسكه على صاحبه، و لا يأكل منه شيئا، فلو أخذ صيدا فأكل منه لا يؤكل عند المشهور ؛ لقوله تعالى: "فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ" [۲۸] ، إشارة إلى أنّ حدّ تعليم الكلب و ما هو في معناه هو الإمساك على صاحبه و ترك الأكل منه، و الكلب الذي يأكل إنّما أمسك على نفسه لا على صاحبه، فكان فعله مضافا إليه لا إلى المرسل، فلا يجوز أكله [۲۹][۳۰] .
← أحاديث المعصومين عليهم السلام في اصطياد الکلب صيدا منها : صحيحة رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب يقتل، فقال : "كل"، فقلت : إن أكل منه ؟ فقال :" إذا أكل منه فلم يمسك عليك، إنّما أمسك على نفسه [۳۱] .” و منها : صحيحة أحمد بن محمّد ، قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عمّا قتل الكلب و الفهد ، فقال : “ قال أبو جعفر عليه السلام : الكلب والفهد سواء، فإذا هو أخذه فأمسكه فمات وهو معه فكل ؛ فإنّه أمسك عليك، و إذا أمسكه و أكل منه فلا تأكل ؛ فإنّه أمسك على نفسه [۳۲] .” و منها : موثّق سماعة ، قال : سألته عمّا أمسك عليه الكلب المعلّم للصيد، و هو قول اللّه” : وَ مَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِح مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسمَ اللَّهِ عَلَيْهِ”، قال : “ لا بأس أن تأكلوا ممّا أمسك الكلب ممّا لم يأكل الكلب منه، فإذا أكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكل منه [۳۳] .” و تفصيل البحث فيه في مصطلح صيد .
←←أحاديث المعصومين عليهم السلام في إمساك في القتل منها : رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : “ قضى علي عليه السلام في رجلين أمسك أحدهما و قتل الآخر، قال : يقتل القاتل ، و يحبس الآخر حتى يموت غمّاً، كما حبسه حتى مات غمّاً [۵۰] ". و منها : خبر سماعة ، قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل شدّ على رجل ليقتله و الرجل فارٌّ منه، فاستقبله رجل آخر فأمسكه عليه حتى جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله ، و قضى على الآخر الذي أمسكه عليه أن يطرح في السجن أبداً حتى يموت فيه ؛ لأنّه أمسكه على الموت [۵۱] . و منها : ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه أمر به فضرب جنبه، وحبسه في السجن، و وقع على رأسه، يحبس عمره ، و يضرب كلّ سنة خمسين جلدة [۵۲][۵۳][۵۴] .و منها : ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : “ إنّ ثلاثة نفر رفعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام : واحد منهم أمسك رجلاً، و أقبل الآخر فقتله، و الآخر يراهم، فقضى في صاحب الرؤية أن تسمل عيناه، و في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه، و قضى في الذي قتل أن يقتل [۵۵] .” و تفصيله في مصطلح قصاص .
← الإمساك في الطلاق عدّ بعض الفقهاء الإمساك من صيغ الرجعة في الطلاق الرجعي، فتصحّ الرجعة بقوله : مسكتكِ أو أمسكتكِ ؛ لورودهما في قوله تعالى”: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ”، [۵۶] و قوله تعالى” : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” [۵۷] ، يعني الرجعة [۵۸][۵۹] و حينئذٍ لا تفتقر إلى نيّة الرجعة ؛ صراحة الألفاظ [۶۰][۶۱] . و قال بعض آخر : يفتقر إليها فيهما ؛ لاحتمالهما غيرها، كالإمساك باليد و في البيت و نحوه [۶۲] .