← استخدام الغير الاستخدام في اللغة اتّخاذ الخادم أو طلب الخدمة من الغير، يقال: استخدمت فلاناً أي سألته أن يخدمني، [۲۰][۲۱] وعليه فإن كانت الخدمة في مقدّمات العمل فهي استعانة، وإن كانت في نفس العمل فهي تولية .
الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل] يختلف حكم الاستعانة باختلاف الموارد، وكذا باختلاف المراد؛ إذ قد يراد منها الاستعانة باللَّه تعالى بمعنى طلب العون منه في امور الدين والدنيا ، وقد يراد منها الاستعانة بغير اللَّه تعالى:
← الاستعانة باللَّه ينبغي للإنسان أن يستعين باللَّه تعالى في جميع أموره؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا سألت فاسأل اللَّه، وإذا استعنت فاستعن باللَّه»، [۲۲] فإنّ فيه إرشاداً إلى التعلّق باللَّه في السؤال والاستعانة بحسب الحقيقة فإنّ الأسباب العادية سببيتها محدودة والأمور بيد اللَّه تعالى، [۲۳] وفي قوله تعالى: «وإِيَّاكَ نَستَعِين» [۲۴] تلقين للمؤمن أن يظهر حاجته وافتقاره إلى إعانة اللَّه تعالى في عباداته وسائر أعماله. [۲۵]
← الاستعانة بغير اللَّه لا بأس باستعانة الإنسان في مقاصده بغير اللَّه تعالى من المخلوقات أو الأفعال؛ [۲۶] فإنّ الضرورة قاضية بجوازها، والسيرة القطعيّة قائمة على العمل بها. [۲۷] ولا منافاة بين الاستعانة به تعالى والاستعانة بغيره؛ لرجوع ذلك إلى الاستعانة به تعالى؛ إذ لا معين في الحقيقة إلّا اللَّه سبحانه. [۲۸][۲۹][۳۰] هذا حكم الاستعانة في نفسها، ولكن قد يتغيّر حكمها بسبب طروّ عناوين أو ترتّب آثار اخرى عليها فتكون متعلّقاً لأحد الأحكام الخمسة، كما يتّضح ذلك من الموارد التالية:
←←الاستعانة بالغير في العبادات ۱- الاستعانة في الطهارة:
المعروف كراهة الاستعانة بالغير في الوضوء اختياراً في المقدّمات القريبة، كصبّ الماء في يد المتوضّئ؛ [۷۶][۷۷][۷۸][۷۹][۸۰][۸۱] للنهي عنه [۸۲] الظاهر في الكراهة أو المحمول عليها. [۸۳][۸۴] ففي رواية الحسن بن علي الوشاء قال:دخلت على الرضا عليه السلام وبين يديه ابريق يريد أن يتهيّأ منه للصلاة فدنوت منه لأصبّ عليه فأبى ذلك وقال: «مه يا حسن» فقلت له: لم تنهاني أن أصبّ على يدك، تكره أن اوجر؟ قال: «تؤجر أنت واوزر أنا» فقلت له: فكيف ذلك؟ فقال:«أما سمعت اللَّه يقول: «فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً» [۸۵] وها أنا ذا أتوضّأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد». [۸۶] وأمّا الاستعانة به في المقدّمات البعيدة- كإحضار الماء أو تسخينه ونحوهما- فلا بأس به. [۸۷][۸۸][۸۹] وأطلق بعض الفقهاء كراهة الاستعانة من دون تفصيل بين المقدّمات القريبة والبعيدة . [۹۰][۹۱][۹۲] ونفى بعضهم الكراهة مطلقاً بدعوى عدم الدليل عليها، بل الدليل قائم على العدم . [۹۳] وتوقف آخر. [۹۴][۹۵] ولو صبّ الغير الماء على أعضائه وكان المتوضّئ هو المباشر فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه لا يخلو عن إشكال؛ لاحتمال فوات المباشرة المعتبرة، واستظهر صحّة الوضوء؛ لأنّ المراد من المباشرة الواجبة هي ما يصحّ معها نسبة الفعل الواجب إلى المكلّف مستقلّاً وهي متحقّقة، وصبّ الماء لا ينافيه، [۹۶][۹۷] واحتاط بعضهم بتركها حتى في مثل الفرض المذكور. [۹۸] هذا كلّه مع القدرة على الوضوء بلا استعانة. وأمّا مع الضرورة والعجز عن الوضوء بدونها فإنّها تجوز بل تجب مع التمكّن منها، فلا ينتقل إلى التيمّم . [۹۹][۱۰۰][۱۰۱][۱۰۲][۱۰۳] وكذا الكلام في الغسل والتيمم. [۱۰۴][۱۰۵][۱۰۶][۱۰۷][۱۰۸] ۲-الاستعانة في الصلاة:
المعروف بين الفقهاء عدم جواز الاستعانة في القيام أو النهوض في الصلاة اختياراً، [۱۰۹][۱۱۰][۱۱۱] وخالف في ذلك جماعة فاختاروا الكراهة. [۱۱۲][۱۱۳][۱۱۴][۱۱۵] وتجب الاستعانة عند العجز اتّفاقاً . [۱۱۶][۱۱۷][۱۱۸] ۳-الاستعانة في الحجّ:
أمّا الاستعانة في أعمال الحجّ فإن كانت في مقدّمات العمل ولوازمه فلا إشكال فيها، وإن كانت في نفس العمل وكان مضطرّاً إليها عاجزاً عن العمل بدونها فتجوز أيضاً، بل تجب، كما إذا توقّف طوافه بنفسه على أن يحمله آخر فيطوف به. [۱۱۹] وإن لم يكن مضطرّاً إليها فلا يجوز أن يحمله آخر فيطوف به مع قدرته عليه بنفسه إذا كان ذلك مانعاً عن صدق انتساب العمل إليه وباختياره . [۱۲۰] نعم، يجوز له الاستعانة بالمركب بنحو يكون هو السائق له فيكون طوافاً وسعياً منه.