الإطعام (الراجح شرعا) لتصفح عناوين مشابهة، انظر الإطعام (توضيح) .
تارة يجري الحديث حول أسباب الإطعام الراجح شرعاً بنحو الوجوب أو الاستحباب . وأخرى حول أنواع هذا الإطعام وأحكامه وكيفيته ومقاديره، فالبحث يقع في عدة محاور:
←←إطعام ستّين مسكيناً وهي في موارد:
۱- كفّارة الصوم:
يجب إطعام ستّين مسكيناً في كفّارة الفطر في صوم رمضان والنذر المعيّن والاعتكاف الواجب، إذا كان مع العمد والاختيار . واختلف الفقهاء في رتبته تقديماً وتأخيراً، فقال الأكثر بالتخيير بين الأنواع الثلاثة: العتق والصيام والإطعام، [۴][۵][۶][۷][۸][۹][۱۰][۱۱][۱۲][۱۳] وزاد بعضهم: «وإن كان الأحوط الترتيب مع الإمكان». [۱۴][۱۵] ۲- كفّارة الظهار :
اتّفق الفقهاء على أنّه إذا ظاهر الرجل من امرأته بأن قال لها: (أنت عليَّ كظهر امّي) لزمته الكفّارة بالعود . ومن أنواعها الإطعام عند عدم استطاعته تحرير رقبةٍ أو صيام شهرين؛ لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكمْ تُوعَظُونَ بِهِ واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ• فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَستَطِعْ فَإِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِيناً ذَلِك لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ». [۱۶] فلا يجزي للمظاهر الصوم إلّا بعد العجز عن العتق، ولا يجزيه الإطعام إلّا بعد العجز عن الصوم. [۱۷][۱۸][۱۹] ۳- كفّارة قتل العمد:
ذهب المشهور إلى وجوب كفّارة الجمع في قتل العمد، أي عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً، [۲۰][۲۱][۲۲][۲۳][۲۴][۲۵] وادّعي عليه الإجماع ، ففي صحيحة عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمّداً هل له توبة ؟ فقال: «إن كان قتل لإيمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإنّ توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين، وأطعم ستّين مسكيناً توبة إلى اللَّه عزّوجلّ». [۲۶] ۴- كفّارة قتل الخطأ:
ذهب المشهور أيضاً إلى وجوب إطعام ستّين مسكيناً في قتل الخطأ بعد العجز عن العتق أو صيام شهرين متتابعين، [۲۷][۲۸][۲۹][۳۰] أخذاً بصحيحة ابن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «... إذا قتل خطأً أدّى ديته إلى أوليائه، ثمّ أعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً...». [۳۱]
←←إطعام عشرة مساكين وذلك في موارد:
۱- كفّارة اليمين :
اتّفق الفقهاء [۳۲] على وجوب إطعام عشرة مساكين في كفّارة حنث اليمين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام متواليات؛ [۳۳][۳۴][۳۵][۳۶][۳۷][۳۸] لقوله تعالى: «لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ». [۳۹] وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنّ كفارة النذر ككفارة اليمين، [۴۰][۴۱][۴۲][۴۳][۴۴][۴۵][۴۶][۴۷] ونسب إلى المشهور، [۴۸] فيما ذهب آخرون إلى أنّ كفارته ككفارة الإفطار في شهر رمضان. [۴۹][۵۰][۵۱][۵۲][۵۳][۵۴][۵۵] وقيل: هو الأشهر، [۵۶] بل المشهور. [۵۷] ويلحق باليمين الإيلاء ، فإنّ كفارته مثلها تماماً؛ [۵۸][۵۹][۶۰][۶۱] لأنّ الإيلاء يمين خاصّة، فتترتب عليها أحكام اليمين؛ عملًا بإطلاق الأدلّة. [۶۲] ۲- كفّارة الإفطار بعد الزوال في قضاء شهر رمضان:
صرّح الفقهاء بوجوب إطعام عشرة مساكين على نحو الترتيب بينه وبين صيام ثلاثة أيّام متواليات في الإفطار العمدي بعد الزوال في قضاء شهر رمضان. [۶۳][۶۴][۶۵][۶۶][۶۷][۶۸][۶۹]
←←إطعام مسكين واحد وذلك في ثلاثة موارد:
۱- كفّارة الفدية :
ذكر جماعة من الفقهاء أنّه يجب إطعام مسكين واحد في فداء الشيخ والشيخة عن الصوم، ومن استمرّ به المرض ونحوهم حيث يجب عليهم الفداء بمدّ من الطعام [۷۰][۷۱][۷۲][۷۳] وهو يكفي لإطعام شخص واحد.
۲- كفّارة الصيد :
ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه إذا قتل المحرم الصيد الذي ليس له مثل أو قيمة كالجراد والقمّل تصدّق بما شاء كحفنةٍ من طعامٍ للواحدة وحفنتين للإثنتين. [۷۴] وهذا ما يكفي لإطعام شخص واحد.
۳- كفارة من نذر صوم يوم فعجز عنه:
ذهب بعض الفقهاء إلى أنّ من نذر صوم يوم فعجز عنه كانت كفارته مدّاً من طعام، [۷۵] وهو ما يكفي لإطعام شخص واحد.
←←ما يجب مراعاته في إطعام الكفّارة ذكر الفقهاء للإطعام الواجب اموراً يجب على المطعم مراعاتها، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
أ- أن يُطعم العدد الذي عيّنه الشارع في كلّ كفّارة، فلا يجزي إطعام عدد أقلّ من المعتبر شرعاً، وإن كان بمقدار إطعام العدد المعتبر من حيث المقدار. [۷۶][۷۷][۷۸][۷۹] ب- أن يكون الطعام من أوسط ما يُطعم به أهله من برّ وشعير وتمر وزبيب وذرّة وغيرها، لكن لو أطعم ما يغلب على قوت البلد جاز وإن لم يكن من طعام أهله.
ويستحبّ أن يضمّ إليه إداماً كاللحم ونحوه. [۸۰][۸۱][۸۲][۸۳] ج- أن يكون مَن يُطعِمه مسكيناً ، [۸۴][۸۵] فلو أطعم غنيّاً لا يجزيه.
د- أن يكون مَن يُطعِمه مسلماً ، فلا يكفي إطعام الكافر ومن بحكمه من فرق المسلمين كالخوارج والنواصب والغلاة . [۸۶][۸۷][۸۸][۸۹] وقال بعض الفقهاء: يستحبّ الاقتصار على المؤمنين ، [۹۰][۹۱][۹۲] بل قيل: يشترط كونهم كذلك. [۹۳][۹۴][۹۵][۹۶][۹۷] وأمّا المؤمن الفاسق فإطعامه جائز ما لم يتجاهر بالفسق.
قال العلّامة الحلّي : «والأقرب جواز إطعام المؤمن الفاسق». [۹۸] وقال السيد الخميني : «ولا يشترط فيه العدالة ولا عدم الفسق. نعم، لا يعطى المتجاهر بالفسق الذي ألقى جلباب الحياء». [۹۹] ه- أن يكون الإطعام على نحو التمليك دون التوكيل ولا مجرّد الإباحة ، كما ذكره بعض الفقهاء ناسباً له إلى تسالم الأصحاب. [۱۰۰] واستدلّ له بأنّه الظاهر من النصوص ؛ لأنّ ظاهر الإعطاء هو تخصيص المعطى به، وهو مساوق للتمليك، ويعزّز ذلك بإطلاق لفظ الصدقة عليه في بعض الروايات ، والفقير مالكٌ للصدقة. [۱۰۱] نعم، يكفي التمليك، ولا يجب إطعامه بجعله يأكل ويطعم، كما لا يجب توكيله ليحتفظ به ليأكله، بل يمكنه بعد التمليك أن يتصرّف به ما يشاء، فالمراد من التمليك هو إعطاء المقدار الواجب في الإطعام؛ ليتصرّف فيه المستحقّ تصرّف الملّاك.
←←الإطعام في النفقة الاسرية ذكر الفقهاء أنّ من جملة الواجبات في النفقة الواجبة هو الإطعام، ويقصدون به دفع الطعام أو دفع قيمته لمن يجب الإنفاق عليه، كالزوجة والأولاد والأبوين. [۱۰۲][۱۰۳][۱۰۴][۱۰۵] وقد اختلفوا في المقدار الواجب منه، فمنهم من قدّره بمدٍّ من الطعام وقدره رطلان وربع. [۱۰۶] ومنهم من قدّره بمدّين على الموسر ومدّ ونصف على المتوسط ومدّ على |المعسر . [۱۰۷] ومنهم من لم يقدّره بشيء، بل اقتصر على سدّ الخلّة، [۱۰۸][۱۰۹][۱۱۰] أي رفع حاجة المنفق عليه، وقيل: إنّ هذا هو المشهور. [۱۱۱] وأمّا من حيث الجنس فالمعتبر هو غالب قوت البلد، كالبُرّ في العراق وخراسان، والارز في طبرستان، والتمر في الحجاز، والذرّة في اليمن، فإن لم يكن فما يليق بحال المنفق؛ [۱۱۲] لأنّه لا تكلّف نفس إلّا وسعها، ولقوله تعالى: «وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا». [۱۱۳] ويجب فيه أيضاً غالب إدام البلد جنساً وقدراً: كالزيت والسمن والشيرج والخلّ ، تبعاً لعادة أهل البلد، وتعيينه موكول إلى العرف . [۱۱۴][۱۱۵] وإن اختلفت العادة فيرجع إلى الأغلب، ومع التساوي فما يليق بحاله. [۱۱۶] نعم، يستحبّ التوسعة على العيال ، [۱۱۷][۱۱۸] وقد وردت بذلك عدّة روايات :
منها: ما رواه معمّر بن خلّاد عن أبي الحسن عليه السلام، قال: «ينبغي للرجل أن يوسّع على عياله؛ لئلّا يتمنّوا موته»، وتلا هذه الآية : «وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً»، [۱۱۹] قال: « الأسير عيال الرجل، ينبغي إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراءه في السعة عليهم». [۱۲۰] ومنها: ما رواه أبو حمزة عن عليّ ابن الحسين عليه السلام قال: «أرضاكم عند اللَّه أسبغكم على عياله». [۱۲۱]
←←الإطعام في نفقة المملوك ذكر الفقهاء أنّه تجب النفقة على ما يملكه الإنسان من رقيق صغيراً كان أو كبيراً، ذكراً أو انثى، منتفعاً به وغيره، بقدر ما يكفيه، وذلك في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه، فيجب عليه إطعامه بهذا اللحاظ. [۱۲۲][۱۲۳][۱۲۴][۱۲۵][۱۲۶][۱۲۷] هذا، وقد ذكروا أنّه يستحبّ لمن اشترى مملوكاً أن يطعمه شيئاً من الحلاوة؛ [۱۲۸] وذلك لما ورد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «وإذا اشتريت رأساً فغيّر اسمه وأطعمه شيئاً حلواً إذا ملكته». [۱۲۹]
←←الإطعام في نفقة الحيوان ذكر بعض الفقهاء أنّ من جملة النفقة الواجبة للحيوان الإطعام، لكن لا تقدير لنفقتها، وإنّما الواجب القيام بما تحتاج إليه بما يسدّ خلّتها.
نعم، يكفي في إطعامها تركها لترعى من خصب الأرض، فإن اجتزأت فهو، وإلّا علفها؛ [۱۳۰] وذلك لعدّة روايات :
منها: رواية السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: «للدابة على صاحبها ستّة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، ولا يتّخذ ظهرها مجالس يتحدّث عليها، ويبدأ بعلفها إذا نزل، ولا يسمها، ولا يضربها في وجهها فإنّها تسبّح، ويعرض عليها الماء إذا مرّ به». [۱۳۱]
← إطعام الأسير والمسجون صرّح كثير من الفقهاء بأنّه من كان في يده أسير وجب عليه أن يطعمه ويسقيه، وإن اريد قتله في الحال الذي يحتاج فيه إلى الطعام. [۱۳۲][۱۳۳][۱۳۴][۱۳۵][۱۳۶] وقد ادعي عليه الإجماع . [۱۳۷] ويستدلّ عليه ببعض النصوص :
منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الأسير يطعم وإن كان يقدّم للقتل». [۱۳۸] ومنها: ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عليهما السلام، قال: «قال عليّ عليه السلام: إطعام الأسير والإحسان إليه حقّ واجب وإن قتلته من الغد». [۱۳۹] لكن حملها المحقق النجفي على الندب . [۱۴۰] وفي حكم الأسير، المسجون، بل بطريق أولى، خصوصاً إذا كان محقون الدم كالمسلم والذميّ.
إنّما الكلام في أنّه يطعم من ماله أو من بيت مال المسلمين، قيل: السارق في المرّة الثالثة والمرأة المرتدّة يطعم من ماله إذا كان له مال، وإذا لم يكن له مال يجب إطعامه من بيت المال؛ [۱۴۱] وذلك لما ورد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «إنّ عليّاً عليه السلام كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين». [۱۴۲]
← إطعام أهل الميّت صرّح الفقهاء باستحباب إصلاح الطعام لأهل الميّت وبعثه به إليهم ثلاثة أيام؛ إعانة لهم وجبراً لقلوبهم ولاشتغالهم بالمصيبة ، وللإجماع المدّعى. [۱۴۷][۱۴۸][۱۴۹][۱۵۰][۱۵۱][۱۵۲][۱۵۳] ويدلّ عليه أيضاً ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «لمّا قُتل جعفر بن أبي طالب أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام أن تأتي أسماء بنت عميس هي ونساؤها، وتقيم عندها، وتصنع لها طعاماً ثلاثة أيام». [۱۵۴] ويبدو أنّ هذا الاستحباب يطال بالدرجة الاولى الجيران والأقرباء ؛ [۱۵۵] لرواية أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام عنه ثلاثة أيام». [۱۵۶] وأمّا إطعام أهل الميّت لغيرهم فصرّح العلّامة الحلّي بعدم استحبابه، حيث قال: «لا يستحبّ لأهل الميّت أن يصنعوا طعاماً ويجمعوا الناس عليه؛ لأنّهم مشغولون بمصابهم، ولأنّ في ذلك تشبيهاً بأهل الجاهلية»؛ [۱۵۷] وذلك لما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «الأكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية». [۱۵۸] بل قد أفتى جملة من الفقهاء بكراهة الأكل عند صاحب المصيبة. [۱۵۹][۱۶۰][۱۶۱][۱۶۲][۱۶۳][۱۶۴] نعم، لو دعت الحاجة إلى اتّخاذهم الطعام جاز، كما لو حضر ضيوف من خارج البلد واحتاجوا إلى المكث عند صاحب المصيبة لأداء التعزية . [۱۶۵] وكذا فيما إذا أوصى الميّت بذلك؛ لما روي: أنّه أوصى أبو جعفر عليه السلام بثمانمئة درهم لمأتمه، وكان يرى ذلك من السنّة؛ لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اتّخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شُغلوا». [۱۶۶] قال الشهيد في الذكرى : «نعم، لو أوصى الميّت بذلك نُفّذت وصيّته ؛ لأنّه نوع من أنواع البرّ ، يلحقه ثوابه بعد موته ، ولكن لو فوّض إلى غير أهله لكان أنسب؛ لاشتغالهم بمصابهم عن ذلك، كما دلّ عليه الخبر [۱۶۷]». [۱۶۸]
← الإطعام من الاضحيّة والهدي صرّح بعض الفقهاء باستحباب الإطعام من الهدي والاضحيّة ، فيستحبّ للمضحّي تقسيم اضحيّته ثلاثة أقسام: يتصدّق بثلث، ويأكل ثلثاً، ويطعم إخوانه المؤمنين ثلثاً. [۱۶۹][۱۷۰][۱۷۱] واستدلّ له بقوله سبحانه وتعالى: «فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ»، [۱۷۲] فإنّ القانع: هو الذي يسأل فيقنع بما يعطى، والمعترّ: هو الذي يعتريك- أي يمرّ بك- ولا يسألك. [۱۷۳][۱۷۴][۱۷۵] ويشهد للتقسيم الثلاثي رواية أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن لحوم الأضاحي، فقال: «كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدّقان بثلث على جيرانهم، وثلث على السُؤّال، وثلث يمسكانه لأهل البيت». [۱۷۶] وأمّا الهدي فإن كان كفّارة فيجب أن يتصدّق به على المساكين ، وإن كان هدي سياق أو هدي تمتّع فحكمه حكم الاضحيّة من حيث أصل التثليث، [۱۷۷] وإن كان لهم كلام في أنّه على الوجوب أو الندب . [۱۷۸][۱۷۹][۱۸۰][۱۸۱]
← إطعام المحاويج جاء في بعض الروايات اختيار إطعام المحاويج، وإن كان إطعام الموسر مستحبّاً أيضاً، فقد روى سدير الصيرفي ، قال: قال لي أبو عبد اللَّه عليه السلام: ما منعك أن تعتق كلّ يوم نسمة؟» قلت: لا يحتمل مالي ذلك، قال: «تطعم كلّ يوم مسلماً»، فقلت: موسراً أو معسراً؟ فقال: «إنّ الموسر قد يشتهي الطعام». [۱۸۹] من هنا يستحبّ إطعام الطعام للمساكين والفقراء والمحتاجين واليتامى ، خصوصاً الأقارب، وقد يجب وقت القحط والجوع والحاجة ؛ وذلك لقوله تعالى: «فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ• وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ• فَكُّ رَقَبَةٍ• أَوْ إِطعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسغَبَةٍ• يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ• أَوْ مِسكِيناً ذَا مَترَبَةٍ». [۱۹۰] ولرواية عبد اللَّه بن ميمون عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «... من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان». [۱۹۱] وكذا يستحبّ إطعام الغريب إذا كان ضيفاً أو محتاجاً للإطعام.
←←في الولادة ويطلق على الإطعام فيها ( الخرس أو الخرسة)، فإنّ الإطعام مستحبّ عند ولادة الولد. [۲۰۱][۲۰۲][۲۰۳] فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «إنّ من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج، والوليمة عند النفاس ، والوليمة عند الختان ، والوليمة عند شراء الدار...». [۲۰۴] وورد عن السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: الوليمة في أربع: العرس ، والخرس، وهو المولود يعقّ عنه ويطعم...». [۲۰۵]
←←في الختان ويطلق على الإطعام فيه (إعذار أو عذيرة أو عذير)، فإنّه يستحبّ الإطعام عند الختان. [۲۰۶][۲۰۷][۲۰۸][۲۰۹] ويدلّ عليه رواية السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال، «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: الوليمة في أربع: العرس... والإعذار ، وهو ختان الغلام...»، [۲۱۰] ومثلها غيرها. [۲۱۱][۲۱۲]
ما يشترط في الإطعام [تعديل] يشترط في الإطعام شروطٌ بعضها يرجع إلى مشروعيته ، وبعضها يرجع إلى صحّته ، وبعضها إلى قبوله ، وبعضها إلى وجوبه:
فلا يصحّ الإطعام من غير المالك أو المأذون له فيه؛ لحرمة التصرّف في مال الغير بدون إذنه ، وكذا لا يصحّ الإطعام من المحجور عليه في التصرّفات الماليّة، كالمجنون والصغير والسفيه ونحوهم؛ وذلك لارتفاع التكليف عن الصغير والمجنون، المقتضي لعدم توجّه الخطاب إليهما، [۲۳۹][۲۴۰][۲۴۱][۲۴۲][۲۴۳] ولقوله تعالى في السفيه: «وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفاً». [۲۴۴] كذلك يشترط في قبول أنواع الإطعام العبادية إسلام المكلّف وإيمانه ، [۲۴۵][۲۴۶][۲۴۷] ويدلّ على ذلك الأخبار الكثيرة المتضمّنة لبطلان عبادة الكافر وغير المؤمن، وليس هذا أمراً خاصّاً بالإطعام بل إنّه يجري في عبادات وطاعات غير المؤمن وغير المسلم.
ومن شروط صحّة الإطعام إذا كان عبادياً قصد الطاعة به للَّه عزّوجلّ؛ [۲۴۸][۲۴۹][۲۵۰][۲۵۱][۲۵۲] لعموم الأدلّة على اعتبارها في العبادات. [۲۵۳] وكذا قد يجب قصد العنوان الواجب في الإطعام كالزكاة والصدقة أو الكفارة ، كما أنّه قد يجب تعيين ما تعلّق به الأمر فيما إذا تعدّد الإطعام من نوع واحد، كما إذا تعدّدت الكفّارة. [۲۵۴][۲۵۵][۲۵۶][۲۵۷][۲۵۸] وإذا كان الإطعام كفّارة وجب فيه ما تقدّم اعتباره من إطعام عدد معيّن أو بترتيب معيّن أو نوع طعام خاصّ أو خصوصيّة في المنفق عليه، إلى غير ذلك ممّا تقدّم ويأتي في هذا البحث.
والإطعام الواجب حاله حال سائر الواجبات مشروط بالقدرة ، سواء كان كفارة أو نفقة ، فلو عجز عن الإطعام سقط الوجوب، وقد يستقرّ ذلك في ذمّته إلى وقت القدرة عليه، [۲۵۹][۲۶۰][۲۶۱][۲۶۲] كما في الإطعام الواجب للكفّارة.