أشهرالحج

---

الأشهر وهو العدد المعروف من الأيّام التي تقع بين هلالين ؛ و الحجّ بمعنى القصد . وأشهر الحجّ: هي الأشهر التي يصحّ فيها الحجّ، و المراد بالحجّ قصد بيت اللَّه الحرام لأداء مناسك مخصوصة وهي إجمالًا : شوّال ، وذو القعدة، وذو الحجّة، وهذا المقدار لا إشكال ولا خلاف فيه.


أشهر الحج في اللغة [تعديل]

---

أشهر: جمع شهر ، وهو العدد المعروف من الأيّام التي تقع بين هلالين ؛ سمّي بذلك لاشتهاره بالقمر أو باعتبار كونه جزء من اثني عشر جزءً من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة . ^{[۱] [۲] [۳]} و الحجّ بمعنى القصد . ^{[۴] [۵] [۶]}

أشهر الحج‏ في الاصطلاح [تعديل]

---

وأشهر الحجّ عند الفقهاء هي: الأشهر التي يصحّ فيها الحجّ، و المراد بالحجّ عندهم: قصد بيت اللَّه الحرام لأداء مناسك مخصوصة متعلّقة بزمان مخصوص، فهذه الأشهر ظرف زمانٍ لهذا الفعل الخاص . ^{[۷] [۸] [۹]}

← تحديد أشهر الحج
ذهب الفقهاء إلى أنّ أشهر الحجّ إجمالًا هي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجّة، وهذا المقدار لا إشكال ولا خلاف فيه.
إنّما الخلاف في أنّ شهر ذي الحجّة كلّه من أشهر الحجّ أو قسم منه؟ فيه أقوال:
الأوّل: أنّه كلّه من أشهر الحجّ. ذهب إليه أكثر الفقهاء، ^{[۱۰] [۱۱] [۱۲] [۱۳] [۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] [۱۸] [۱۹] [۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴]} واختاره المتأخّرون كافّة . ^{[۲۵] [۲۶]}
وذلك لقوله تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ»، ^[۲۷] فإنّ أقلّ الجمع ثلاثة، ولا تصدق ثلاثة أشهر حقيقةً إلّامع كمال شهر ذي الحجّة.

← الأخبار به مستفيضة

←←قول الإمام الباقر والصادق عليهما السلام
منها: ما رواه زرارة عن الإمام الباقر عليه السلام قال: ««الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ» شوّال وذو القعدة وذو الحجّة، ليس لأحد أن يحجّ فيما سواهنّ». ^[۲۸] ومثله صحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام، ^{[۲۹] [۳۰] [۳۱]}
ولأنّه يصحّ أن يقع في باقي ذي الحجّة شي‏ء من أفعال الحجّ كالطواف و السعي و ذبح الهدي ، وهو يدلّ على أنّ ذا الحجّة كلّه من أشهر الحجّ. ^{[۳۲] [۳۳] [۳۴] [۳۵]}

←←قول الشيخ الطوسي في المبسوط
أنّ ذا الحجّة من أوّله إلى قبل طلوع الفجر من يوم النحر من أشهر الحجّ.
ذهب إليه الشيخ الطوسي في المبسوط و الخلاف ، وابنا حمزة و سعيد في الوسيلة و الجامع . ^{[۳۶] [۳۷] [۳۸] [۳۹]}

←←قول ابن إدريس الحلي
أنّه من أوّله إلى طلوع الشمس من يوم النحر. وهو قول ابن إدريس الحلّي في موضع من كتابه ، ^[۴۰] لكنّه اختار في موضع آخر القول الأوّل. ^[۴۱]

←←قول السيد المرتضى
أنّه من أوّله إلى تمام العشرة من ذي الحجّة. ذهب إليه السيّد المرتضى و سلّار ، ^{[۴۲] [۴۳] [۴۴]} وهو المنقول عن ابن أبي عقيل ^[۴۵] أيضاً.

←←قول الشيخ الطوسي في الاقتصاد
أنّه إلى التاسع من ذي الحجّة.
وهو اختيار الشيخ الطوسي في الاقتصاد و الجمل ، ^{[۴۶] [۴۷]} وغيره أيضاً. ^{[۴۸] [۴۹] [۵۰]}

←←قول أبي الصلاح الحلبي
أنّه إلى الثامن من ذي الحجّة.
وهو قول أبي الصلاح الحلبي . ^[۵۱]
هذا، وقد ذكر غير واحد من الفقهاء أنّ هذا النزاع لفظي لا ثمرة عمليّة فيه إلّافي نحو النذر وأخويه؛ وذلك لأنّه إن كان ا لمراد من أشهر الحجّ الأشهر التي يصحّ إيقاع أعمال الحجّ فيها فإنّ ذا الحجّة كلّه من أشهر الحجّ؛ لأنّه لا خلاف في أنّ بعض الأعمال يجوز إيقاعها في جميع أيّام ذي الحجّة كطواف النساء والسعي ونحوهما، وهذا يرجع إلى القول الأوّل، وإن كان المراد منها ما يصحّ إنشاء الإحرام فيها فلا خلاف- أيضاً- في أنّه لا يصحّ إلّا في شوّال وذي القعدة والعشر الاول من ذي الحجّة، وهذا يرجع إلى باقي الأقوال، على خلاف فيه من حيث الاختلاف في وقت إدراك الوقوفين على ما تقرّر في محلّه ، فالنزاع في هذه المسألة يرجع إلى تفسير هذا اللفظ في الآية ، وإلّا فالمراد واضح على المستوى الفقهي . ^{[۵۲] [۵۳] [۵۴] [۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸] [۵۹] [۶۰] [۶۱] [۶۲] [۶۳]}

الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل]

---

ثمّة أحكام تتصل بأشهر الحج، وهي- إجمالًا- كالتالي :

← إيقاع الحج وعمرة التمتع فيها
صرّح غير واحد من الفقهاء بأنّ الإحرام بالحجّ على اختلاف أنواعه لا يصحّ إلّا في أشهر الحجّ، وكذا الإحرام بالعمرة المتمتّع بها، وأمّا الإحرام بالعمرة المفردة فيصحّ في جميع أيّام السنة ، أيّ وقت شاء، ^{[۶۴] [۶۵] [۶۶] [۶۷] [۶۸] [۶۹] [۷۰] [۷۱] [۷۲] [۷۳] [۷۴] [۷۵]} بل هو ممّا لا خلاف فيه بينهم، بل الإجماع بقسميه عليه. ^[۷۶]
ويدلّ عليه قوله تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ»، ^[۷۷] فإنّ تقديره وقت الحجّ، وإذا كان هذا الزمان وقتاً للحجّ لم يجز تقديمه عليه، كما لا يجوز تأخيره عنه. ^{[۷۸] [۷۹] [۸۰] [۸۱]}
و الروايات بذلك مستفيضة ، وقد تقدّم خبر زرارة بالنسبة إلى الحجّ، وأمّا العمرة المتمتّع بها فممّا تدلّ عليه صحيحة عمر ابن يزيد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام حيث جاء فيها: «ليس تكون متعة إلّافي أشهر الحجّ». ^[۸۲]

← إيقاع الإحرام خارجها
لو أحرم في غير هذه الأشهر فلا خلاف في عدم الانعقاد بهما؛ لما تقدّم من اشتراط وقوع الإحرام بهما في هذه الأشهر، ولا فرق في ذلك بين وقوع جميع أفعال الإحرام في غير أشهر الحجّ أو بعضها. ^{[۸۳] [۸۴] [۸۵] [۸۶] [۸۷] [۸۸] [۸۹] [۹۰]}
إنّما الكلام في صيرورة هذا الإحرام لغواً لا أثر له أو انقلابه إلى إحرام العمرة المفردة.
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:

←←قول الشيخ الطوسي
الأول: انعقاد إحرامه للعمرة المفردة. ^{[۹۱] [۹۲] [۹۳] [۹۴] [۹۵] [۹۶]}
قال الشيخ الطوسي : «فإن أحرم في غيرها انعقد إحرامه بالعمرة». ^{[۹۷] [۹۸]}

←←قول السيد المرتضى
الثاني: عدم انعقاد إحرامه مطلقاً و صيرورته لغواً. ذهب إلى هذا القول السيّد المرتضى و سلّار ، و جماعة اخرى ممّن تأخّر عن العلّامة الحلّي . ^{[۹۹] [۱۰۰] [۱۰۱] [۱۰۲] [۱۰۳]}
قال السيّد المرتضى: «وممّا انفردت الإماميّة به: القول بأنّ من أحرم بالحجّ في غير أشهر الحجّ... لم ينعقد إحرامه...». ^[۱۰۴]
وقال سلّار- بعد ذكر أشهر الحجّ-: «فمن عقد الإحرام بالحجّ فيهنّ، وإلّا كان لغواً». ^[۱۰۵]
وقال السيّد الخوئي - بعد مناقشة أدلّة من قال بانعقاده عمرة مفردة-: «فالحكم على ما يقتضيه القاعدة من البطلان من الأصل ؛ لأنّ ما وقع لم يقصد وما قصد لم‏ يقع. نعم، لا بأس بذلك رجاء ً ، ويأتي بطواف النساء »، ^[۱۰۶] أي لا بأس بجعل الإحرام إحراماً للعمرة المفردة رجاءً للمطلوبيّة ، ويأتي بطواف النساء؛ لأنّ العمرة المفردة تحتاج إليه.
و تفصيله في محلّه .

← الإحرام بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ
إذا أحرم بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ ودخل مكّة جاز أن ينوي بها عمرة التمتّع، كما صرّح به غير واحد ، ^{[۱۰۷] [۱۰۸] [۱۰۹] [۱۱۰] [۱۱۱] [۱۱۲] [۱۱۳] [۱۱۴] [۱۱۵] [۱۱۶]} بل ادّعي عدم الخلاف فيه، ^[۱۱۷] بل الإجماع عليه. ^[۱۱۸]
وذهب بعض إلى أنّه يلزمه الدم . ^{[۱۱۹] [۱۲۰] [۱۲۱]}

←←قول الشيخ الطوسي
وقال الشيخ الطوسي: «و الأفضل له أن يقيم حتى يحجَّ، ويجعلها متعة ». ^[۱۲۲]
وقيّده بعضهم بما إذا لم تكن المفردة متعيّنة عليه بنذر وشبهه. ^[۱۲۳]

←←قول ابن البراج
خلافاً لابن البرّاج حيث قال: «من اعتمر عمرة- غير متمتّع بها إلى الحجّ- في شهور الحجّ، ثمّ أقام بمكّة إلى أن أدرك يوم التروية، كان عليه أن يحرم بالحجّ ويخرج إلى منى ، ويفعل ما يفعله الحاج ّ ، ويصير بعد ذلك متمتّعاً... ومن دخل مكّة بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز له أن يقضيها ويخرج إلى أيّ موضع أراد، ما لم يدركه يوم التروية»؛ ^[۱۲۴] نظراً إلى رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء، إلّاأن يدركه خروج الناس يوم التروية». ^[۱۲۵]

←←قول الإمام الصادق عليه السلام
وفي بعض الروايات الحكم بكون العمرة متعة مثل: صحيحة يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن المعتمر في أشهر الحج قال: «هي متعة». ^[۱۲۶]
وفي بعض النصوص أنّ على المعتمر وجوب الحج إن أدرك هلال ذي الحجة ^[۱۲۷] مثل ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتى يحجّ مع الناس». ^[۱۲۸]

←←قول المحقق النجفي
وناقش فيه المحقّق النجفي بأنّه قول نادرٌ ، و المتّجه حمل الرواية على ضرب من الكراهة . ^[۱۲۹]

←←قول السيد الطباطبائي
وقال السيّد الطباطبائي : وحملها الأصحاب على الاستحباب ؛ جمعاً بين الروايات- إلى أن قال-: «فقوله في غاية القوّة لولا الشذوذ و الندرة ». ^[۱۳۰]

← إجارة من لا يتمكن من التلبس بالإحرام في أشهر الحج
إذا استأجر أجيراً ليحجّ عنه بنفسه، فإمّا أن يعيّن الزمان أو لا، فإن عيّنه وجب أن يكون الأجير على صفة يمكنه معها التلبّس بالإحرام في أشهر الحجّ، فإن لم يمكنه ذلك- إمّا لضيق الوقت أو لمرض أو لغيرذلك- بطل العقد ؛ لأنّه عقد على ما لا يصحّ، بناءً على ما تقدّم من اشتراط وقوع إحرام الحجّ في أشهره، وكذا إذا كان الأجير حين العقد ممّن يصحّ منه الحجّ فأخّر حتى فات الوقت، فيبطل العقد؛ لأنّ الوقت الذي عيّنه قد فات، بلا فرق فيه بين ما كان تأخيره لعذر أو لغير عذر. ^{[۱۳۱] [۱۳۲] [۱۳۳] [۱۳۴]}

← نذر الإحرام في غير أشهر الحج
لا يصحّ نذر الإحرام للحجّ أو لعمرة التمتّع في غير أشهر الحجّ؛ لما تقدّم من عدم مشروعيّته و اشتراط وقوع إحرامهما في هذه الأشهر. وكذا ما يشبه النذر من العهد و اليمين . ^{[۱۳۵] [۱۳۶] [۱۳۷] [۱۳۸] [۱۳۹] [۱۴۰]}

المراجع [تعديل]

---