احتلام المرأة [تعديل] المشهور بين الفقهاء [۱۶][۱۷] أنّ المرأة تحتلم كالرجل، وأنّ ما ينزل منها حال الشهوة من الماء يكون منيّاً كما ينزله الرجل، وأنّ عليها الغسل كما على الرجل . إلّا أنّه ذهب الصدوق إلى القول بعدم الغسل في احتلام المرأة ، حيث قال في المقنع: «إن احتلمت المرأة فأنزلت فليس عليها غسل». [۱۸] ومال إليه الفيض الكاشاني بقوله:«الأولى أن يحمل ما ورد في إثبات الغسل لهنّ في احتلامهنّ على الاستحباب ». [۱۹] وقال الشهيد الصدر : «المني بالمعنى المعروف في الرجل غير موجود في المرأة، فإذا أنزلت ماءً من دون شهوة فليس عليها غسل، وإذا أنزلت ماءً بشهوة احتاطت بالغسل وضمَّت إليه الوضوء إذا كانت محدثة بالأصغر ». [۲۰] وليس البحث من جهة صدق مفهوم الاحتلام في حقّ المرأة؛ إذ لا إشكال في تحقّق المعنى اللغوي للاحتلام وهو رؤية اللّذة في النوم بحقّها أيضاً، وإنّما البحث في تحقّق الاحتلام بالمعنى الشائع فقهيّاً والذي تترتّب عليه الآثار الشرعيّة ، والاختلاف في جهتين:
الاولى: في تحقّق الاحتلام بمعنى الإنزال في حقّها الموجب لتحقّق الجنابة ووجوب الغسل وتحقّق البلوغ.
الجهة الثانية: في صدق المني على الماء الذي ينزل منها ليكون نجساً كمني الرجل.
ومنشأ البحث في الأوّل اختلاف الروايات، كما أنّ منشأ البحث في الثاني التشكيك في صدق اسم المني على الماء الخارج منها. وتفصيل ذلك في محلّه.
←←أقوال العلماء تقدّم أنّ الاحتلام في الوقت المحتمل للبلوغ- وهو في الذّكر بعد العشر وفي الانثى تسع سنين- يكون علامة للبلوغ ، وأنّ ما ينفصل بصفة المني قبل ذلك لا عبرة به، فإذا ادّعى صبيّ البلوغ بالاحتلام وكان في وقت يمكن في حقّه ذلك فقد اختلف الأصحاب فيه: فمنهم من قال بأنّه يصدّق من غير بيّنة [۶۱] ولا يمين؛ [۶۲][۶۳][۶۴] لأنّه من الامور التي لا تعرف إلّا من قبله فلا يمكن إقامة البيّنة عليه، ولأنّ التصديق مع اليمين مستلزم للدّور ؛ إذ صحّة اليمين مشروطة بكون الحالف بالغاً وثبوت البلوغ هاهنا يتوقّف على اليمين.
ومنهم من قال بعدم تصديقه بلا بيّنة ولا يمين سواء كان في مقام المخاصمة والمعارضة أو لا. [۶۵] قال السيد اليزدي : «يشكل سماع قوله في غير مقام الدّعوى والمرافعة فضلًا عنه، فيشكل ترتّب آثار البلوغ عليه ممّا له أو عليه بأن يحكم بصحّة معاملاته ودفع ماله إليه وهكذا.
ومجرّد كون الاحتلام ممّا لا يعلم إلّا من قبله لا يكفي في ترتّب الآثار المشروطة بالبلوغ.
وثانياً: نمنع جواز الحكم بلا يمين في مقام الدّعوى بمجرّد عدم إمكان اليمين، بل مقتضى القاعدة إيقاف الدّعوى.
وثالثاً: نمنع لزوم الدّور إذا قلنا بالحاجة إلى اليمين ؛ إذ على فرض القول بسماع إقراره لكونه ممّا لا يعلم إلّا من قبله لا تتوقّف اليمين على البلوغ بل على الدليل الدالّ على سماع إقراره... وهو قاعدة قبول قول من ادّعى ما لا يعلم إلّا من قبله عند احتمال صدقه». [۶۶] ومنهم من قال بعدم تصديقه في مقام المرافعة والإنكار وتصديقه في غير هذا المقام. [۶۷] هذا بالنسبة للصبي . وأمّا الصبيّة فقد ذكر المحقّق النجفي في الجواهر أنّه صرّح غير واحد بأنّ الصبيّة مثله أيضاً في قبول دعوى الاحتلام. [۶۸] هذا في دعوى الصبي البلوغ بالاحتلام، وأمّا ثبوته بغير الدّعوى، فقد صرّح الشهيد الثاني [۶۹] والمحقّق القمّي [۷۰] بأنّ البلوغ بالاحتلام يثبت بالبيّنة والشّياع . وذكر صاحب المناهل أنّ ثبوته بالشياع إنّما هو فيما كان مفيداً للعلم حسب. [۷۱]