الإسلام والإيمان [تعديل] قال اللَّه سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُهْتَدُونَ »، [۱] فإنّ من عرف اللَّه تعالى وصدّق به وبما أوجب عليه ولم يخلط ذلك بظلم فهو المحكوم بالاهتداء، وله الأمن من اللَّه بحصول الثواب والأمان من العقاب . [۲] ولا يختصّ الأمن الناتج عن هداية الإسلام والإيمان، بالأمن من العذاب الاخروي، بل يشمل الأمن و السكينة في الدنيا؛ فإنّ الإيمان يمنح صاحبه طمأنينة لا تهتزّ حتى في العواصف الشديدة. وفيما يرى الكثير من الناس بعض الامور فقداناً لأمنهم يظلّ المؤمن ببركة الإيمان شاعراً بالأمن في روحه وأعماقه، قال سبحانه وتعالى: «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ». [۳] وهذا ما يحصل عليه الإنسان بدرجة أعلى عندما يبلغ مرحلة الرضا التام بالقضاء الإلهي و التسليم لوحدانية اللَّه تعالى في الفعل و التأثير .
القوانين النظامية وأنظمة العقوبات [تعديل] ومن الاسس التي يقوم عليها الأمن في الإسلام وجود القوانين الناظمة للحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها للناس؛ لهذا وضع الإسلام نظاماً شاملًا مستوعباً يشرع من القضايا الفردية وينتهي بالقضايا السياسية العامّة. فوضع الدساتير والقوانين و توجيه الناس للالتزام بها ووضع الثواب والعقاب على التعاطي الإيجابي والسلبي معها على المستويين الدنيوي والاخروي. وذلك كلّه يساعد على تنظيم حياة البشر واستقرار أمنهم العام.
فوجود القانون من أهمّ عناصر الأمن، وذلك أنّ الإنسان قد جبل في طبعه وكيانه على شهوات وميولٍ مختلفة، من حبّ الذات وحبّ المال والجاه والحرّية المطلقة في كلّ ما يريده ويهواه، وكثيراً مّا يستلزم ذلك كلّه التزاحم و التضارب في الأفكار والأهواء، ويستعقب الجدال و الصراع ، فلا محالة تكون هناك حاجة ماسّة إلى قوانين ومقرّرات، وإلى قوّة منفّذة لها مانعة من التعدّي و الكفاح . [۱۱][۱۲] وهذه الأحكام والقوانين تستوحى وتستمدّ في جميع مجالاتها من القانون الإلهي، وليس لأحد من الولاة في تصويب القوانين الاستبداد برأيه، بل جميع ما يجري في الحكومة وشؤونها ولوازمها لابدّ وأن يكون على طبق القانون الإلهي حتى الإطاعة لولاة الأمر . [۱۳] ومن أهمّ القوانين التي وضعتها الشريعة الإسلامية القوانين الجزائية و الجنائية التي وضعت فيها عقوبات تواجه الجريمة بكلّ أنواعها وتحقّق الأمن في الحياة الإنسانية.
تشريع الجهاد والدفاع [تعديل] لا يستهدف الجهاد في الإسلام ما تستهدفه الحروب في المجتمعات الجاهليّة، من تسلّط و احتلال وغيره، بل يستهدف رفع الفتنة و تحرير الناس من عبوديّة ما سوى اللَّه، وكسب رضا اللَّه، وإقامة العدل وتحقّق الأمن ودفع كيد المعتدين وردّ ظلمهم والحدّ من نزعة التسلّط العدوانية عند الإنسان. [۱۴] قال اللَّه تعالى: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَاتَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ». [۱۵] وقال سبحانه: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَوَاتٌ وَ مَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً». [۱۶] وهذا معناه أنّ تشريع القتال إنّما هو لحفظ المجتمع الديني من شرّ أعداء الدين وفتنهم، المهتمّين بإطفاء نور اللَّه، فلولا ذلك لانهدمت المعابد الدينية و المشاعر الإلهية، ونسخت العبادات و المناسك . [۱۷] من هنا شرّع الإسلام وجوب إعداد القوّة لترهيب العدوّ؛ لأنّ ذلك يحقّق توازن القوّة والرعب فيحول دون اعتداء المعتدين ويحقّق الأمن في بلاد المسلمين. وهذا الأمر لا يختصّ بالجهاد، بل يشمل الدفاع الشخصي أيضاً، حيث أجازه الإسلام على تفصيل يراجع في محلّه.