موجب حد القذف
في بيان الموجب
لحدّ القذف وهو الرمي
بالزناء أو
اللواط ، وكذا لو قال: يا منكوحاً في دُبُره بأى لغة اتفق، إذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل؛ ولا يحد مع جهالته فائدتها؛ وكذا لو قال لمن أقر ببنوته: لست ولدى؛ ولو قال: زنى بك أبوك، فالقذف لأبيه؛ أو زنت بك أمك فالقذف لأمه؛ ولو قال: يابن الزانيين فالقذف لهما؛ ويثبت
الحد إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا؛ ولو قال للمسلم: يابن الزانية وأمه كافرة، فالأشبه: التعزير، وفي
النهاية يحد؛ ولو قال: يا زوج الزانية فالحد لها؛ ولو قال: يا أبا الزانية، أو يا أخا الزانية فالحد للمنسوبة إلى الزنا دون المواجه؛ ولو قال: زنيت بفلانة، فللمواجه حد، وفي ثبوته للمرأة تردد؛ والتعريض يوجب
التعزير ؛ وكذا لو قال لامرأته لم أجدك عذراء؛ ولو قال لغيره ما يوجب أذى، كالخسيس والوضيع، وكذا لو قال يا فاسق ويا
شارب الخمر ما لم يكن متظاهرا؛ ويثبت
القذف بالإقرار مرتين من
المكلف الحر المختار أو بشهادة عدلين؛ ويشترط في القاذف
البلوغ والعقل ؛ فالصبى لا يحد بالقذف ويعزر، وكذا المجنون.
الألفاظ الدالة على القذف [تعديل]
في بيان الموجب للحدّ وهو الرمي
بالزناء أو
اللواط بمثل قوله: زنيت بالفتح أو: لطت، أو: أنت زان، أو: لائط، وشبهه من الألفاظ الدالّة على
القذف صريحاً.
وكذا لو قال: يا منكوحاً في دُبُره أو: زنى بك فلان، وشبهه من الألفاظ الظاهرة فيه عرفاً، على إشكال فيها؛ لمجامعة الظهور الاحتمال الذي يدرأ به
الحدود .
لكن ظاهرهم الاتّفاق على الحدّ في العبارة الأُولى منها، وبه صرّح في
المسالك [۱] وغيره
[۲] [۳].
وبالحدّ فيها صرّح بعض المعتبرة: «كان
عليّ (علیهالسّلام) يقول: إذا قال الرجل للرجل: يا معفوج
[۴]، يا منكوحاً في دبره، فإنّ عليه الحدّ حدّ القاذف»
[۵] [۶] [۷].
وقصور
السند مجبور بالعمل،
وبابن محبوب المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه.
فلا إشكال في الحدّ بها، وإنّما الإشكال فيما عداها إن لم يكن ثبوته به إجماعاً.
معرفة القاذف بموضع اللفظ بأي لغة [تعديل]
وأيضاً يعتبر في القاذف معرفته بموضع اللفظ بأيّ لغةٍ اتّفق وإن لم يعرف المواجه معناه إذا كانت مفيدة للقذف في عرف القائل أي عرف لغته التي يتلفّظ بها.
ولا حدّ مع جهالة قائلها بمدلوله اتّفاقاً؛
للأصل ، وعدم صدق القذف حينئذٍ قطعاً. فإن عرف أنّها تفيد فائدةً يكرهها المواجه عُزِّر، وإلاّ فلا.
نفي الولد [تعديل]
وكذا لو قال لمن أقرّ ببنوّته أو حكم
الشرع بلحوقه به: لستَ ولدي أو قال لغيره: لستَ لأبيك، فيُحَدّ لُامّه، بلا خلاف، بل ظاهر
الأصحاب الإجماع عليه كما في المسالك
[۸]؛ وهو
الحجّة الدافعة للإشكال المتقدم إليه الإشارة، الجاري هنا أيضاً؛ بناءً على عدم صراحة الألفاظ المزبورة في القذف باحتمال الإكراه في
وطء الأُمّ أو الشبهة.
مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة:
← الاستدلال بالروايات
ففي القويّ
بالسكوني وصاحبه: «من أقرّ بولد ثم نفاه جُلِد الحدّ وأُلزم الولد»
[۹] [۱۰] [۱۱] [۱۲] [۱۳].
وفي
الخبر : الرجل ينتفي من ولده وقد أقرّ به، فقال: «إن كان الولد من حرّة جُلد خمسين سوطاً، وإن كان من أمة فلا شيء عليه»
[۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] [۱۸] فتأمّل.
وفي آخر: «إنّ عليّاً (علیهالسّلام) كان يعزِّر في الهجاء، ولا يجلد الحدّ إلاّ في الفرية المصرّحة، بأن يقول: يا زاني، أو: يا ابن الزانية، أو: لست لأبيك»
[۱۹] [۲۰] ونحوه آخر
[۲۱] [۲۲] [۲۳].
قيل: وفي
الحسن مثلهما
[۲۴]. ولم أقف عليه (والمراد به هو حسن
عبد الله بن سنان المصرَّح به في عبارة القائل.)
[۲۵] [۲۶].
وظاهرها كما ترى كون: «لست لأبيك» من الألفاظ الصريحة، وبه صرّح في المسالك، فقال: هذه الصيغة عندنا من الألفاظ الصريحة لغةً وعرفاً، فيثبت بها الحدّ لُامّة
[۲۷].
واستشكله بعض الأجلّة لما عرفته، قال: إلاّ أن يقال: قد صار عرفاً صريحاً في الرمي به، وهو حسن، إلاّ أنّه لا ينفع عذراً لما في المسالك من دعوى الصراحة لغةً
[۲۸].
مطالبة الحد للمقذوف دون المواجه [تعديل]
ولو قال: زنى بك أبوك أي ولدت من الزناء أو: يا ابن الزاني فالقذف لأبيه خاصّة أو قال: زنت بك أُمّك، فالقذف لُامّه كذلك، فيُحَدّ
للأب أو
الأُمّ دون المواجه؛ لأنّه قذفٌ لهما حقيقةً دونه؛ لأنّه لم ينسب إليه فعلاً. لكن يعزّر له كما سيأتي؛ لتأذّيه به.
ولو قال: يا ابن الزانيين، فالقذف لهما دون المواجه؛ لما عرفته، ولا خلاف في شيء من ذلك ولا إشكال، وفي
النصوص دلالة عليه:
ففي
الصحيح : «وإن قال لابنه وأُمّه حيّة: يا ابن الزانية، ولم ينتف من ولدها، جُلِد الحدّ لها، ولم يفرّق بينهما» الخبر
[۲۹] [۳۰] [۳۱]، فتدبر.
شرائط المقذوف والمواجه [تعديل]
وإنّما يثبت الحدّ عليه لهما إذا كانا مسلمَين عاقلَين، حرَّين، محصَنَين، فلا يحدّ مع عدم الشرائط أو أحدها فيهما وإن كان المواجه متّصفاً بها، بل يعزّر لهما.
← المواجه الكافر أو العبد
كما أنّه لو اتّصفا بها يحدّ لهما ولو كان المواجه كافراً أو عبداً.. وبالجملة: فاقد الشرائط ولو بعضاً؛ لأنّهما المقذوف دونه، فيتبع كلاًّ منهم حكمه.
← أم المواجه كافرة
ولو قال للمسلم: يا ابن الزانية مثلاً وأُمّه كافرة، فالأشبه: أنّ عليه
التعزير وفاقاً
للحلّي [۳۲] وعامّة المتأخّرين؛ للأصل، وانتفاء التكافؤ للقاذف أو علوّ المقذوف المشترط في ثبوت الحدّ، فإنّ المقذوف هنا الامّ، وهي غير مكافئة.
وقال
الشيخ في
النهاية والقاضي : إنّه يُحَدّ كاملاً
[۳۳] [۳۴]؛ لحرمة الولد، وللخبر عن
مولانا الصادق (علیهالسّلام) : عن اليهوديّة والنصرانيّة تحت
المسلم فيُقذَف ابنها، قال: «يُضرَب القاذف؛ لأنّ المسلم قد حصنها»
[۳۵] [۳۶] [۳۷] [۳۸].
ويضعف بعدم كفاية
حرمة الولد، وضعف الخبر سنداً، فإنّ فيه بنان ابن محمّد المجهول، ودلالةً:
تارةً: بأنّ قذف الابن أعمّ من نسبة الزناء إلى الأُمّ؛ مع أنّ القذف بذلك ليس قذفاً لابنها، بل لها.
وأُخرى: بأنّ ضرب القاذف أعمّ من الحدّ، فيحتمل التعزير، ونحن نقول به.
← الفحص في المسألة
وفي هذين الوجهين نظر؛ لمنافاة الأول قوله: «إنّ المسلم قد حصنها».
والثاني موجّه على النسخة المتقدّمة والمرويّة في
التهذيب ، ولكن في
الكافي بدل «يضرب القاذف»: «يضرب حدّا».
فإذاً الجواب عنه بضعف السند بمن مرّ كما في سنده في التهذيب، أو بمعلّى بن محمّد كما في سنده في الكافي.
ومنه يظهر ما في
المختلف من أنّه لا بأس بالعمل بهذه الرواية، فإنّها واضحة
الطريق [۳۹].
ولو سلّم وضوح الطريق، فالخبر غير مكافئ لما مرّ، من حيث اعتضاده بعمل الأكثر، وحصول
الشبهة من جهة الخلاف الدارئة.
ولكن يعضد الخبر ما عن
الإسكافي من أنّه مرويّ عن
مولانا الباقر (علیهالسّلام) ، وأنّ
الطبري روى: أنّ الأمر لم يزل على ذلك إلى أن أشار
عبد الله بن عمر (على
عمر بن عبد العزيز ) بأن لا يُحَدّ مسلم في
كافر ، فترك ذلك
[۴۰].
الحد للمنسوبة إلى الزناء دون المواجه [تعديل]
ولو قال: يا زوج الزانية، فالحدّ لها خاصّة وكذا لو قال: يا أبا الزانية، أو: يا أخا الزانية فإنّ الحدّ للمنسوبة إلى
الزناء دون المواجه بالخطاب.
ولو عطف: يا أبا الزانية وما بعده، على: يا زوج الزانية، وأسقط قوله: فالحدّ لها، مكتفياً للجميع بقوله: فالحدّ للمنسوبة كما فعله غيره كان أخصر، بل وأحسن، فإنّ ما ذكره ربما يوهم خصوصيّة في الشرطيّة الأُولى دون ما بعدها، أو بالعكس، حيث فصلت إحداهما عن الأُخرى، مع اتّحاد حكمهما، وانتفاء الخصوصيّة قطعاً، وكون دليلهما واحداً.
الحد للمواجه وللمنسوب تردد [تعديل]
ولو قال: زنيتَ بفلانة، فللمواجه حدٌّ قطعاً؛ لقذفه بالزناء صريحاً.
وفي ثبوته للمرأة المنسوب إليها زناه تردّد ينشأ:
من احتمال
الإكراه بالنسبة إليها، ولا يتحقّق الحدّ مع الاحتمال، ولظاهر الصحيح الوارد في نظير البحث: في رجل قال لامرأته: يا زانية أنا زنيت بك، قال: «عليه حدّ واحد لقذفه إيّاها، وأمّا قوله: أنا زنيت بك، فلا حدّ عليه فيه، إلاّ أن يشهد على نفسه أربع مرّات بالزناء عند
الإمام »
[۴۱] [۴۲] [۴۳] [۴۴].
فإنّه يعطي بظاهره أنّ قوله: زنيت بك، ليس قذفاً؛ حيث نفى الحدّ فيه أصلاً، ومنه
حدّ القذف ، فتأمّل جدّاً.
ومن أنّ الزناء فعل واحد، فإن كذب فيه بالنسبة إلى أحدهما كذب بالنسبة إلى الآخر. ووهنه واضح.
ولعدم الاعتداد بشبهة الإكراه في
الشرع ، ولذا يجب الحدّ إجماعاً على من قال: يا منكوحاً في دبره، ونحوه. وفيه منع، وإثباته بالمجمع عليه
قياس .
ولتطرّق الاحتمال بالنسبة إلى كل منهما، فينبغي اندراء الحد عنه بالكلّية. وفيه: أنّ المكرَه على الزناء ليس زانياً.
وإلى الاحتمال الأول ذهب الحلّي، ومال إليه في
التحرير [۴۵] [۴۶]. وإلى الثاني
الشيخان [۴۷] [۴۸] [۴۹] وجماعة
[۵۰] [۵۱] [۵۲] [۵۳] [۵۴]، وفي
الغنية وعن
الخلاف [۵۵] [۵۶] الإجماع عليه. ولولاه لكان الأول أقوى؛ للشبهة الدارئة.
التعزير بالتعريض بالقذف [تعديل]
والتعريض بالقذف كقوله لمن ينازعه ويعاديه: لست بزان ولا لائط ولا أُمّي زانية، وقوله: يا حلال ابن الحلال، ونحو ذلك يوجب
التعزير بلا خلاف؛ للصحيح: عن رجل سبّ رجلاً بغير قذف فعرّض به، هل يحدّ؟ قال: «لا، عليه تعزير»
[۵۷] [۵۸] [۵۹] [۶۰]، ولما فيه من الإيذاء المحرّم الموجب له كما يأتي.
وكذا يعزّر لو قال لامرأته: لم أجدك عذراء قاصداً به وهنها، كما صرّح به الحلّي
[۶۱]، لا مطلقاً، كما هو ظاهر العبارة وغيرها
[۶۲] [۶۳] [۶۴] [۶۵]، ويمكن حملها على الأول، كما هو الغالب في هذا القول جدّاً.
والحكم بالتعزير هنا في الجملة أو مطلقاً هو المشهور بين الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في
المختلف [۶۶]؛ لظاهر
الموثّق أو الصحيح: في رجل قال لامرأته: لم أجدك عذراء، قال: «يضرب» قلت: فإنّه عاد، قال: «يضرب، فإنّه يوشك أن ينتهي»
[۶۷] [۶۸].
والضرب فيه وإن لم يكن صريحاً في التعزير، بل أعمّ منه ومن الحدّ، لكنّه مع ظهوره فيه محمول عليه؛ للأصل، وصريح الصحيح الآتي، المترجّح على مثله، المثبت للحدّ بما يأتي.
← اعتبار الحد في المسألة
خلافاً للعماني، فأوجب الحدّ
[۶۹]؛ للصحيح: «إذا قال الرجل لامرأته: لم أجدك عذراء، وليست له بيّنة قال: يجلد الحدّ ويخلّى بينه وبينها»
[۷۰] [۷۱].
ويحتمل الحدّ فيه التعزير، أو اختصاصه بما إذا قصد بقوله المذكور الرمي بالزناء صريحاً ولو بقرينة الحال، وينبّه عليه قوله (علیهالسّلام): «وليست له بيّنة».
ومنه يظهر عدم إمكان الجمع بينه وبين الموثّق المتقدّم بحمل الضرب فيه على الحدّ؛ لكونه أعمّ منه، مضافاً إلى عدم إمكانه من وجه آخر، وهو اعتضاد ما ذكرناه من الجمع
بالأصل ،
والشهرة ، وصريح بعض المعتبرة بوجود المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه في سنده فلا يضرّ ما فيه من الجهالة: في رجل قال لامرأته بعد ما دخل بها: لم أجدك عذراء، قال: «لا حدّ عليه»
[۷۲] [۷۳] [۷۴].
وظاهر الصحيح: في رجل قال لامرأته: لم تأتني عذراء، قال: «ليس عليه شيء؛ لأنّ العذرة تذهب بغير
جماع »
[۷۵] [۷۶] [۷۷] [۷۸] بناءً على أنّ الظاهر أنّ المراد من الشيء المنفيّ فيه إنّما هو خصوص الحدّ، لا التعزير، وإلاّ لشذّ وما ارتبط التعليل؛ فإنّ مقتضاه عدم القذف الصريح الذي هو مناط للحدّ، لا عدم الأذى الموجب للتعزير؛ لحصوله عادةً وإن احتمل الذهاب بغير جماع بل وتعيّن.
وعن الإسكافي الموافقة له فيما لو قال ذلك عند مَرد
[۷۹] [۸۰] وسباب، والمخالفة له في غيره
[۸۱]. وهو ضعيف.
التعزير بما يوجب الأذى [تعديل]
وبالجملة: فالظاهر ثبوت التعزير لو قال لها ذلك، أو قال لغيره مواجهاً أو غائباً ما يوجب أذى له، كالخسيس والوضيع والحقير، وكذا لو قال له: يا فاسق أو: يا خائن أو: يا
شارب الخمر ونحو ذلك ممّا يوجب الأذى، بلا خلاف، بل عليه
الإجماع في الغنية
[۸۲]؛ للنصوص المستفيضة عموماً وخصوصاً في بعض الأمثلة:
← روايات الباب
كالخبر: عن رجل قال لآخر: يا فاسق، فقال: «لا حدّ عليه ويعزّر»
[۸۳] [۸۴] [۸۵].
وفي آخر: «إذا قال الرجل: أنت خبيث وأنت
خنزير ، فليس فيه حدّ، ولكن فيه موعظة وبعض
العقوبة »
[۸۶] [۸۷] [۸۸].
وفي ثالث: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في رجل دعا آخر: ابن المجنون، فقال له الآخر: أنت ابن المجنون، فأمر الأول أن يجلد صاحبه عشرين جلدة، وقال له: اعلم أنّه مستعقب مثلها عشرين، فلمّا جلده أعطى المجلود السوط فجلده نكالاً ينكل بهما»
[۸۹] [۹۰] [۹۱] [۹۲].
وفي رابع: شكا رجل إلى أمير المؤمنين (علیهالسّلام) مَن قال له: احتلمت بأُمّك، فقال (علیهالسّلام): «سنوجعه ضرباً وجيعاً حتى لا يؤذي
المسلمين ، فضربه» الخبر
[۹۳] [۹۴]. ويستفاد منه الحكم عموماً أيضاً.
وفي خبرين: أنّه (علیهالسّلام) كان يعزّر في الهجاء
[۹۵] [۹۶] [۹۷] [۹۸] [۹۹].
المتظاهر بمعصية الله تعالى [تعديل]
فلا إشكال في الحكم مطلقاً ما لم يكن المؤذي متظاهراً بمعصية الله تعالى، ولو تظاهر فلا تعزير؛ لاستحقاقه الاستخفاف، بل كان المؤذي مثاباً بذلك مأجوراً، بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع في الغنية
[۱۰۰]؛ لأنّه من
النهي عن المنكر .
وقد ورد أنّ من تمام
العبادة الوقوع في أهل الريب
[۱۰۱].
وعن
مولانا الصادق (علیهالسّلام) : «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة»
[۱۰۲] [۱۰۳].
وعنه (علیهالسّلام) قال: «قال
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) : إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم، والقول فيهم، وباهتوهم لئلاّ يطمعوا في الفساد في
الإسلام ، ويحذرهم الناس، ولا تعلّموا من بدعهم، يكتب الله تعالى لكم بذلك
الحسنات ، ويرفع لكم به الدرجات في
الآخرة »
[۱۰۴] [۱۰۵] إلى غير ذلك
[۱۰۶].
ولا تصحّ مواجهته بما يكون نسبته إليه كذباً؛ لحرمته، وإمكان الوقيعة فيه من دونه.
وهل يشترط مع ذلك جعله على طريق النهي عن المنكر فيشترط بشروطه، أم يجوز الاستخفاف به مطلقاً؟
ظاهر إطلاق
النصّ والفتوى : الثاني، والأول
أحوط .
ثبوت القذف والتعزير بالإقرار والشهادة [تعديل]
ويثبت القذف وكلّ ما فيه التعزير
بالإقرار مرّتين من المكلّف الحرّ المختار، وبشهادة عدلين بلا خلاف ولا إشكال؛ للعموم.
وإنّما الإشكال في عدم ثبوته بالمرّة من الإقرار كما هو ظاهر العبارة، مع أنّ عموم «
إقرار العقلاء » يقتضي الثبوت بها، ولكن ظاهر
الأصحاب خلافه، وكأنّه إجماعيٌّ وإن أشعر عبارة
الماتن في
الشرائع [۱۰۷] بنوع تردّد له فيه، بل بوجود مخالف أيضاً، ولكن لم نقف عليه.
شرائط القاذف [تعديل]
ويشترط في القاذف الذي يحدّ كاملاً
البلوغ ،
والعقل والاختيار ،
والقصد ، بلا خلاف، بل عليه الإجماع في
التحرير [۱۰۸] وغيره
[۱۰۹]؛ وهو
الحجّة ، مضافاً إلى الأصل، والخبر في الأول: عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل، هل يجلد؟ قال: «لا؛ وذلك لو أنّ رجلاً قذف الغلام لم يحدّ»
[۱۱۰] [۱۱۱] [۱۱۲] [۱۱۳].
والصحيح الآتي وغيره في الثاني.
← تعزير الصبي والمجنون دون الحد
فالصبيّ لا يحدّ بالقذف ولو كان المقذوف كاملاً، بل يعزّر.
وكذا المجنون لا يُحَدّ بقذفه أحداً ولو كان كاملاً، بل يعزّر.. وينبغي تقييد التعزير فيه بكونه ممّن يرجى منه الكفّ به؛ لئلاّ يلغو.
ومنه يظهر وجه أنّه ينبغي تقييده في الصبي بكونه مميّزاً، وإلاّ فتعزيره قبيح عقلاً، فكذا شرعاً.
ووجه
التعزير فيهما مع القيد حسم مادّة الفساد، وهو الأصل في شرعيّة
الحدود والتعزيرات ، وإلاّ فلم أجد نصّاً بتعزيرهما هنا.
ووجه اشتراط القصد والاختيار هنا واضح، كما في سائر المواضع.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۳۱-۴۳.