إعادة صلاة المتيمم - ویکی فقه 


إعادة صلاة المتيمم


لا يعيد ما صلى بتيممه، ولو تعمد الجنابة لم يجزئ التيمم ما لم يخف التلف؛ فإن خشى فتيمم وصلى ففي الإعادة تردد، أشبهه أنه لا يعيد؛ وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم الجمعة ، تيمم وصلى وفي الإعادة قولان، الأجود الإعادة.


التيمم مع ضيق الوقت في السفر [تعديل]

لا يعيد ما صلّى بتيممه الصحيح شرعا في السفر مع ظن ضيق الوقت مطلقا إجماعاً. وفي الحضر كذلك على الأشهر الأظهر، بل عليه إجماع العلماء كافة عدا طاوس كما عن الخلاف والمعتبر والمنتهى [۱] [۲] [۳]، للأصل ، وإطلاق الصحاح المستفيضة، منها: عن الرجل إذا أجنب ولم يجد الماء، قال: «يتيمم بالصعيد فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة » [۴] [۵] [۶]. ومنها: «لا يعيد، إنّ ربّ الماء ربّ الصعيد ، قد فعل أحد الطهورين» [۷] [۸] [۹]. خلافا للمرتضى في شرح الرسالة فيه إذا تيمم لفقد الماء [۱۰]، ومستنده غير واضح، عدا ما ربما يستدل له بالخبرين المبيحين للتيمم لمن في الزحام يوم الجمعة قال: «يتيمم ويصلّى معهم ويعيد إذا انصرف» [۱۱] [۱۲].
وهما مع أخصيّتهما من المدّعى قاصران عن المكافأة لما تقدم. هذا مع أنّ المحكي عن الخلاف الإجماع على عدم الفرق بين المسافر والحاضر في عدم الإعادة مطلقا [۱۳]. وكذا لا إعادة مع التيمم في سعة الوقت مطلقا إن جوّزناه في الجملة أو مطلقا على الأشهر الأظهر، لعين ما تقدّم، مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة، المتقدمة في مسألة اعتبار الضيق أو كفاية السعة، الناصة على عدم الإعادة بوجدان الماء في الوقت. خلافا للعماني والإسكافي فأوجبا الإعادة [۱۴]، للصحيح المتقدم مع الجواب عنه ثمّة، فلا وجه للإعادة.

التيمم لمتعمد الجنابة مع عدم خوف التلف أو الضرر [تعديل]

ولو تعمد الجنابة لم يجز التيمم ما لم يخف التلف أو الضرر إجماعا، لتمكّنه من استعمال الماء بالضرورة. ومع خوف شي‌ء منهما جاز وصحّ على الأصح الأشهر، للأصل، والعمومات، وإطلاق خصوص المعتبرة، منها الصحاح المستفيضة، منها: في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح، قال: «لا يغتسل ويتيمم» [۱۵] [۱۶] ونحوها ما سيأتي. خلافا للشيخين، فأوجبا عليه الطهارة بالماء وإن أصابه ما أصابه [۱۷] [۱۸] [۱۹]، لأخبار قاصرة الأسانيد [۲۰] ضعيفة التكافؤ لما مرّ، مخالفة للأصول القطعية من الكتاب والسنّة والدلالة العقلية، مضادة للإجماع على جواز الجنابة حينئذ، وللنصوص الدالة عليه كالصحيحين: عن الرجل يكون معه أهله في السفر لا يجد الماء أيأتي أهله؟ قال: «ما أحبّ أن يفعل إلّا أن يخاف على نفسه» قال قلت: يطلب بذلك اللذة أو يكون شبقا إلى النساء، قال: «إنّ الشبق يخاف على نفسه» قال، قلت: طلب بذلك اللذة، قال: «هو حلال » قلت: فإنه يروى عن‌ النبي (صلی‌الله‌علیه‌و‌آله‌وسلّم) أن أباذر سأله عن هذا فقال: «ائت أهلك تؤجر» فقال: يا رسول الله آتيهم وأوجر؟! فقال رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌و‌آله‌وسلّم): «كما أنت إذا أتيت الحرام أزرت وكذلك إذا أتيت الحلال أجرت» فقال الصادق (علیه‌السّلام) : «ألا ترى أنه إذا خاف على نفسه فأتى الحلال أجر» [۲۱] [۲۲]. وبالجملة: لا يرتاب في بطلان هذا القول ذو مسكة.

التيمم لمتعمد الجنابة مع خوف التلف أو الضرر [تعديل]

ثمَّ على المختار فإن خشي فتيمّم وصلّى ففي وجوب الإعادة كما عن النهاية والمبسوط والاستبصار والتهذيب والمهذّب والإصباح وروض الجنان وفيه عدم وجوب الإعادة. رواه فيهما مرسلا [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷] [۲۸] [۲۹]، تردّد ناش من عموم الأدلة النافية لها من الأصل والصحاح المستفيضة المتقدمة في المسألة السابقة، ومن خصوص الخبرين، أحدهما الصحيح : «عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف إن اغتسل، فقال: يتيمم ويصلّي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة » [۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳]. أشبهه وهو الأشهر أنه لا يجب أن يعيد لقصور الخبرين مع إرسال الثاني عن المكافأة لما مرّ، لكثرة العدد، والاعتضاد بالأصل والشهرة فيه دونهما، مع أنه لا إشعار فيهما بالتعمد بل ظاهران في الاحتلام ، فحملهما على الاستحباب متعيّن، والتخصيص لما مرّ غير ممكن.

تيمم المحدث في الجامع ومنعه الزحام من الطهارة المائية [تعديل]

وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام من الطهارة المائية يوم الجمعة تيمّم وصلّى الجمعة أو الظهر إذا ضاق وقتها، بلا خلاف في‌ الظاهر، بل حكي صريحا [۳۴]، لصدق عدم التمكن منها بذلك، بناء على ضيق وقت الجمعة، واستلزام تحصيلها فواته، وللمعتبرين، أحدهما الموثق : عن رجل يكون وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس، قال: «يتيمّم ويصلّي معهم ويعيد إذا انصرف» [۳۵] [۳۶].

إعادة الصلاة مع الطهارة [تعديل]

وفي لزوم الإعادة للصلاة مع الطهارة قولان ناشئان من الخبرين، ومن الأصل ، والعمومات، وتعليل عدم الإعادة في بعض الصحاح المتقدمة بأنّ ربّ الماء ربّ الصعيد، وأنه فعل أحد الطهورين، مضافا إلى عموم البدلية المستفاد من كثير من المعتبرة. وهو الأظهر، وفاقا للمعتبر [۳۷]، لقوة هذه الأدلة، وقصور الخبرين عن إفادة التخصيص، بناء على قصور سندهما عن المكافأة لها من وجوه عديدة، وظهور ورودهما في الصلاة مع العامة المنبئ عن عدم صحة الجمعة معهم بل لزوم الظهر ووقتها متسع، فليس في تحصيل الطهارة المائية عذر يتوصل به إلى الانتقال إلى الترابية ، والأمر بها مع الصلاة فيهما لعلّه للتقية والاتقاء على الشيعة ، وهو غير ملازم لصحة التيمم والصلاة معهم بالضرورة. فالأمر بالإعادة مبني على عدم صحة التيمم، لفقد شرطه المعتبر فيها، لا للزوم الإعادة معها. ومن هنا يظهر وجه تخصيص العبارة بصلاة الجمعة أو الظهر مع ضيق وقتها، إذ لولاهما لما صحّ التيمم والصلاة، فالإعادة إن فعلهما ولو بوجه شرعي لازمة.

المراجع [تعديل]

۱. الخلاف، ج۱، ص۱۴۲.    
۲. المعتبر، ج۱، ص۳۹۵.    
۳. المنتهى، ج۱، ص۱۵۱.   
۴. الفقيه، ج۱، ص۱۰۴، ح۲۱۳.    
۵. المحاسن، ج۱، ص۳۷۲، ح۱۳۲.
۶. الوسائل، ج۳، ص۳۶۶، أبواب التيمم ب ۱۴، ح ۱.    
۷. التهذيب، ج۱، ص۱۹۷، ح۵۷۱.    
۸. الاستبصار، ج۱، ص۱۶۱، ح۵۵۷.   
۹. الوسائل، ج۳، ص۳۷۰، أبواب التيمم ب ۱۴، ح ۱۵.    
۱۰. المعتبر، ج۱، ص۳۶۵.    
۱۱. التهذيب، ج۱، ص۱۸۵، ح۵۳۴.    
۱۲. الوسائل، ج۳، ص۳۷۱، أبواب التيمم ب ۱۵، ح ۱.    
۱۳. الخلاف، ج۱، ص۱۴۲.    
۱۴. الذكرى، ج۱، ص۱۱۰.    
۱۵. التهذيب، ج۱، ص۱۸۵، ح۵۳۱.    
۱۶. الوسائل، ج۳، ص۳۴۸، أبواب التيمم ب ۵، ح ۸.    
۱۷. المقنعة، ج۱، ص۶۰.    
۱۸. الخلاف، ج۱، ص۱۵۶.    
۱۹. النهاية، ج۱، ص۴۶.    
۲۰. الوسائل، ج۳، ص۳۷۳، أبواب التيمم ب ۱۷.    
۲۱. الكافي، ج۵، ص۴۹۵، ح۳.    
۲۲. الوسائل، ج۲۰، ص۱۰۹، أبواب مقدمات النكاح ب ۵۰، ح ۱.    
۲۳. النهاية، ج۱، ص۴۶.    
۲۴. المبسوط، ج۱، ص۳۰.   
۲۵. الاستبصار، ج۱، ص۱۶۲.    
۲۶. التهذيب، ج۱، ص۱۹۶.    
۲۷. المهذّب، ج۱، ص۴۸.    
۲۸. اللثام، ج۱، ص۱۴۹.    
۲۹. روض الجنان، ج۱، ص۱۳۰.
۳۰. الفقيه، ج۱، ص۱۰۹، ح۲۲۴.    
۳۱. التهذيب، ج۱، ص۱۹۶، ح۵۶۷.    
۳۲. الاستبصار، ج۱، ص۱۶۱، ح۵۵۹.    
۳۳. الوسائل، ج۳، ص۳۷۲، أبواب التيمم ب ۱۶، ح ۱.    
۳۴. الحدائق، ج۴، ص۲۶۹.    
۳۵. التهذيب، ج۱، ص۱۸۵، ح۵۳۴.    
۳۶. الوسائل، ج۳، ص۳۷۱، أبواب التيمم ب ۱۵، ح ۱.    
۳۷. المعتبر، ج۱، ص۳۹۹.    


المصدر [تعديل]

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۲، ص۴۶-۴۹.   


تصنيفات هذه المقالة : الطهارة | التيمم | أحكام التيمم





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار