← صيد المحرم الإوز أو قتله من المعلوم فقهيّاً أنّ المحرّم على المحرم إنّما هو صيد البرّ، دون صيد البحر ؛ [۳۶] لقوله سبحانه وتعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ». [۳۷] و الكلام هنا في أنّ البطّ أو الإوزّ الذي يعيش في البرّ والبحر معاً، هل هو من صيد البرّ ليحرم صيدُه على المحرم، أم لا؟
و الميزان في كون ما يعيش فيهما من صيد البرّ أو البحر، هو: أن يبيض في الماء ويُفرخ فيه.
قال المحقّق الحلّي: « الصيد قسمان: فالأوّل: ما لا يتعلّق به كفّارة ، كصيد البحر، وهو ما يبيض ويُفرخ في الماء...». [۳۸] وقال العلّامة الحلّي: «أجمع أهل العلم كافّة على أنّ صيد البحر مباح للمحرم اصطياده و أكله و بيعه و شراؤه ، إذا ثبت هذا فإنّ صيد البحر هو ما يعيش في الماء ويبيض ويفرخ فيه كالسمك ... فإن كان ممّا يعيش في البرّ والبحر معاً اعتبر بالبيض و الفرخ ... وأمّا طير الماء كالبطّ ونحوه، فإنّه صيد البرّ في قول عامّة أهل العلم، وفيه الجزاء ؛ لأنّه يبيض ويفرخ في البرّ، فكان من صيده كسائر طيوره. وعن عطاء أنّه قال: حيث يكون أكثر فهو صيده. وليس بجيّد؛ لما تقدّم، وإقامته في البحر؛ لطلب الرزق و المعيشة منه كالصيّاد». [۳۹] والتفصيل في محلّه.
← كفارة صيد المحرم الإوز لم يرد في النصوص تقدير في جزاء صيد الإوزّ والبطّ بالخصوص، إلّاأنّ بعض الفقهاء خصّه بالذكر وحكم بلزوم فداء شاة بصيده.
قال الشيخ الطوسي : «البطّ والإوزّ والكركي يجب فيه شاة، وهو الأحوط ، وإن قلنا فيه القيمة - لأنّه لا نصّ فيه- كان جائزاً ». [۴۰] وقال ابن حمزة : «و الشاة تلزم بصيد الظبي ... وصيد الكركي على رواية، وصيد البطّ والإوزّ». [۴۱] وظاهر إطلاق كلام الشيخ الصدوق -: «وإن قتلت طيراً وأنت محرم في غير الحرم فعليك دم شاة، وليس عليك قيمته» [۴۲]- أيضاً ذلك.
وأورد المحقّق الحلّي على ما ذكره الشيخ الطوسي بأنّ هذا الحكم- بعد عدم ورود النصّ به- تحكّم، قال: «وكلّ ما لا تقدير لفديته ففي قتله قيمته، وكذا القول في البيوض، وقيل:
في البطّة والإوزّة والكركي شاة. وهو تحكّم». [۴۳] واجيب عنه بأنّ خصوص الإوزّة وإن كان لا تقدير فيها، إلّاأنّ إطلاق رواية عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- أنّه قال في محرم ذبح طيراً: «إنّ عليه دم شاة يهريقه...» [۴۴]- يشمله. و ظاهر العلّامة الحلّي في كتبه قبوله. [۴۵][۴۶][۴۷][۴۸] وقال المحدّث البحراني: «وبه يندفع عن الشيخ ما أورده عليه المحقّق، إلّاأنّ تخصيصه بهذه الثلاثة البطّة والإوزّة والكركي لا يظهر له وجهٌ، ولعلّ التحكّم باعتبار ذلك». [۴۹]
← حلية لحم الإوز والبط الإوزّ والبطّ من طيور الماء، ولا نصّ فيهما بالنسبة لحلّية لحمهما وعدمه، فلابدّ من ملاحظة ما يعتبر في الطير المجهول الحكم من صفات .
قال المحقّق الحلّي: «يعتبر في طير الماء ما يعتبر في الطير المجهول، من غلبة الدفيف أو مساواته للصفيف، أو حصول أحد الامور الثلاثة: القانصة أو الحوصلة أو الصيصية ، فيؤكل مع هذه العلامات وإن كان يأكل السمك »، [۵۰] ومثله ذكر العلّامة الحلّي. [۵۱] نعم، صرّح بحلّيته بعض الفقهاء، كابن سعيد، حيث قال: «ويؤكل من الطير الدجاج والعصفور والبطّ والإوزّ والحمام، وكلّ ما دَفّ أو غلب دفيفه صفيفه». [۵۲] واستدلّ الشهيد الثاني له- مضافاً إلى إطلاق نصوص الطير المشتملة على هذا الملاك - بخصوص رواية نجيّة ابن الحارث، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن طير الماء، ما يأكل السمك منه يحلّ؟ قال: «لا بأس به، كُله»، [۵۳] ثمّ قال: «و المراد بطير الماء نحو البطّ والإوزّ...». [۵۴] والتفصيل في محلّه.