الحلف في القضاء - ویکی فقه 


الحلف في القضاء


لا يستحلف أحد إلاّ بالله ولو كان الحالف كافراً ، لكن إن رأى الحاكم إحلاف الذمي بما يقتضيه دينه أردع جاز.


الحلف بالله [تعديل]

واعلم أنّه لا يستحلف أحد إلاّ بالله تعالى وأسمائه الخاصّة به ولو كان الحالف كافراً كما في النصوص المستفيضة المتقدمة جملة منها، وغيرها من الإجماعات المستفيضة في كتاب الأيمان والنذور .

← الاستدلال بالروايات
بقي منها ما دلّ على عموم الحكم للكافر بالخصوص، وهي أيضاً مستفيضة، ففي الصحيح : «لا يحلف اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي بغير الله تعالى، إنّ الله تعالى يقول «وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ» [۱]» [۲] [۳] [۴] [۵].
وفيه: عن أهل الملل كيف يستحلفون؟ فقال: «لا تحلّفوهم إلاّ بالله تعالى» [۶] [۷] [۸] [۹].
وفي الموثق كالصحيح: هل يصلح لأحد أن يحلف أحداً من اليهود‌ والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ فقال: «لا يصلح لأحد أن يحلف إلاّ بالله تعالى» [۱۰] [۱۱] [۱۲] [۱۳]. إلى غير ذلك من النصوص ، وظاهرها كالفتاوى الاكتفاء في الحلف بلفظ الجلالة مطلقاً.

إحلاف المجوسي [تعديل]

خلافاً للمبسوط [۱۴] في المجوسي، فلم يجوّز في إحلافه الاقتصار على لفظ الجلالة، نظراً إلى اعتقاده أنّ النور إله، فيحتمل إرادته إيّاه من الإله المعرّف، فلا يكون حالفاً بالله تعالى، وأوجب لذلك أن يضم إليه ما يزيل الاحتمال. كخالق النور والظلمة إماطة لتأويله.
وهو مع كونه اجتهاداً في مقابلة النص المعتبر شاذّ، كما صرح به بعض الأصحاب [۱۵]، ولكن أفتى به الشهيد في الدروس [۱۶]، ومال إليه فخر الدين محتجاً بأنّه يجب الجزم بأنّه حلف، ولا يحصل الجزم بذلك [۱۷].
وهو أحوط، وإن كان في تعيينه نظر؛ لضعف الحجة بأنّ الجزم المعتبر هو العلم بكونه قد أقسم بالله تعالى الذي هو المأمور به شرعاً، أمّا مطابقة قصده للفظه فليس بشرط في صحة اليمين .
قيل: ومن ثم كانت النيّة نيّة المحلف إذا كان محقاً لا الحالف، وهو دليل على عدم اعتبار مطابقة القصد للّفظ [۱۸].

عدم جواز الإحلاف بغير أسماء الله [تعديل]

ومقتضى النصوص المتقدمة والإجماعات المنقولة أنّه لا يجوز‌ الإحلاف بغير أسمائه سبحانه، كالكتب المنزلة، والرسل المعظمة، والأماكن المشرفة، مضافاً إلى خصوص المعتبرة، ففي الصحيحين: «إنّ لله عزّ وجلّ أن يقسم من خلقه بما يشاء، وليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به» [۱۹] [۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳].
وقيل بالكراهة [۲۴].
وعلى التقديرين فلا اعتداد به في إثبات الحق مطلقاً، عملاً بإطلاق الأدلة المتقدمة.

إحلاف الذمي باقتضاء دينه [تعديل]

ولكن ذكر الماتن وقبله الشيخ في النهاية وجماعة [۲۵] [۲۶] [۲۷] [۲۸] أنّه إن رأى الحاكم إحلاف الذميّ بل مطلق الكافر كما قيل [۲۹] بما يقتضيه دينه كونه أردع وأكثر منعاً له عن الباطل إلى الحق من الحلف بالله عزّ وجلّ جاز له إحلافه به، عملاً برواية السكوني : «أنّ أمير المؤمنين (علیه‌السّلام) استحلف يهوديّاً بالتوراة التي أُنزلت على موسى (علیه‌السّلام) » [۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳].

← اختصاص الحكم بالإمام
وهو كما ترى؛ لقصورها عن المقاومة لما مضى من وجوه شتى، مع ضعفها في نفسها على المشهور بين أصحابنا [۳۴] [۳۵] [۳۶]، وكونها قضية في واقعة لا عموم فيها، ولذا خصها الشيخ في التهذيب [۳۷] بالإمام (علیه‌السّلام) كما هو‌ موردها، مع احتمال كون الحلف بالتوراة فيها مع ضميمة الحلف بالله تعالى للتأكيد والتشديد ونحوهما.
وأيّدها الشيخ في الاستبصار [۳۸] بالصحيحين في أحدهما: عن الأحكام، فقال: «في كل دين ما يستحلفون» [۳۹] [۴۰] [۴۱] كما في نسخة، أو «يستحلّون» كما في أُخرى.
وفي الثاني: «قضى عليّ (علیه‌السّلام) فيمن استحلف أهل الكتاب يمين صبرٍ: أن يستحلف بكتابه وملّته» [۴۲] [۴۳] [۴۴].
وفيهما نظر: لجواز أن يكون المراد بالأوّل أنّه يمضى عليهم حكمه إذا حلفوا عند حاكمهم، كما أنّه يجرى عليهم أحكام عقودهم، ويلزم عليهم ما ألزموا به أنفسهم.
واحتمال رجوع الضمير في الثاني إلى الموصول، أو كون ذلك بعد ضمّ اليمين بالله تعالى.
وبالجملة: القول الأوّل أظهر، ولكن الجمع بينهما أحوط .

المراجع [تعديل]

۱. المائدة/السورة۵، الآية۴۹.    
۲. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۴۵۱، ح۴.   
۳. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۸، ح۱۰۱۳.   
۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۳۹، ح۱۳۱.   
۵. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۶۵-۲۶۶، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۱.   
۶. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۴۵۰-۴۵۱، ح۱.   
۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹، ح۱۰۱۶.   
۸. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۴۰، ح۱۳۴.   
۹. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۶۶، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۳.   
۱۰. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۴۵۱، ح۲.   
۱۱. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹، ح۱۰۱۵.   
۱۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۳۹، ح۱۳۳.   
۱۳. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۷، ص۲۶۷، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۵.   
۱۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۸، ص۲۰۵.   
۱۵. الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۲۶۵.   
۱۶. الشهيد الأول، محمد بن جمال الدين، الدروس الشرعية في فقه الإمامية، ج۲، ص۹۶.   
۱۷. فخر المحققين، محمد بن الحسن، إيضاح الفوائد، ج۴، ص۳۳۵.   
۱۸. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام، ج۱۳، ص۴۷۳.   
۱۹. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص۳۷۶، ح۴۳۲۳.   
۲۰. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۵۹، كتاب الأيمان ب۳۰، ح۱.   
۲۱. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۴۴۹، ح۱.   
۲۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۷، ح۱۰۰۹.   
۲۳. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۵۹-۲۶۰، كتاب الأيمان ب۳۰، ح۳.   
۲۴. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام، ج۱۳، ص۴۷۳.   
۲۵. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه و الفتاوي، ص۳۴۷.   
۲۶. القاضي ابن البراج، عبد العزيز، المهذب، ج۲، ص۵۸۹.   
۲۷. الطوسي، ابن حمزة، الوسيلة، ص۲۲۸.   
۲۸. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج۳، ص۹۵.   
۲۹. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام، ج۱۳، ص۴۷۳.   
۳۰. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۴۵۱، ح۳.   
۳۱. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹، ح۱۰۱۹.   
۳۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ۴، ص۴۰، ح۱۳۵.   
۳۳. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۶۶، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۴.   
۳۴. الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۲۶۵.   
۳۵. المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول، ج۲۴، ص۳۳۵.   
۳۶. السبزواري، محمد باقر، كفاية الأحكام، ج۲، ص۷۰۰.   
۳۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹.   
۳۸. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۴۰.   
۳۹. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹، ح۱۰۱۷.   
۴۰. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۴۰، ح۱۳۶.   
۴۱. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۶۷، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۷.   
۴۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۲۷۹، ح۱۰۱۸.   
۴۳. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۴۰، ح۱۳۷.   
۴۴. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۳، ص۲۶۷، كتاب الأيمان ب۳۲، ح۸.   


المصدر [تعديل]

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۱۰۲-۱۰۶.   







أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار