الارتداد (مايقع به الارتداد) - ویکی فقه 


الارتداد (مايقع به الارتداد)


لتصفح عناوين مشابهة، انظر الارتداد (توضيح) .
الظاهر من عبارة بعض الفقهاء أنّه لا يكفي في تحقّق الارتداد مجرّد الاعتقاد الباطني بالكفر من دون إظهاره بفعل أو قول أو غير ذلك، حيث أخذوا الإظهار قيداً في تعريف الارتداد.
قال أبو الصلاح الحلبي : «الردّة إظهار شعار الكفر بعد الإيمان بما يكون معه منكر نبوّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو بشي‏ء من معلوم دينه كالصلاة...». [۱]وقال الكيدري : «الارتداد هو أن يظهر الكفر باللَّه تعالى وبرسوله، أو الجحد بما يعمّ فرضه، والعلم به من دينه بعد إظهار التصديق (به‏)». [۲]
بل صرّح السيد الگلبايگاني بأنّ الملاك في الحكم بالارتداد والكفر هو إظهار الردّة وإتيان كلمة الكفر عياناً أو بمثبت شرعي، وأمّا إتيانها خفاءً والعلم بذلك بطريق الوحي فلم يعتبر ذلك سبباً للحكم بالكفر والارتداد. [۳] وهذا ظاهر ابن زهرة في الغنية ، [۴]
وقد يستظهر من بعض العبارات تحقّق الارتداد واقعاً بمجرّد النيّة وإن كان ترتّب الآثار متوقفاً على الإظهار.قال الشهيد الثاني : الارتداد هو الكفر بعد الإسلام والكفر يكون بنيّة وهو العزم على الكفر ولو في وقت مترقّب. وفي حكمه التردّد فيه. [۵]وهو اختيار المحقّق النجفي حيث قال:«ويتحقّق(الارتداد) بالبيّنة عليه ولو في وقت مترقّب...» [۶] بناءً على غلط النسخة من قراءة النيّة بدلًا عن البيّنة، كما احتمله السيد الگلبايگاني . [۷]
وتردّد بعض المعاصرين في الحكم، أي الخروج عن الإسلام وصدق الارتداد بنيّة الخروج عنه أو الدخول في بعض فرق الكفر مع عدم تكلّمه أو عمله بشي‏ء يظهر ما في قلبه خصوصاً مع إظهار الشهادتين فإنّ الموضوع للارتداد في الروايات جحود النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وتكذيبه والكفر بما انزل على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والتنصّر واختيار الشرك والخروج عن الإسلام، وفي صدق ذلك على مجرّد النيّة والقصد تأمّل. ومثله تردّده في رفع اليد عن إسلامه وعدمه، أو في حقّانيّة معتقداته التي كان عليها من غير أن يظهر ذلك بقول أو عمل. [۸]وأيّاً ما كان لا بدّ في ترتّب الآثار من الإظهار، وهو قد يكون بقول وقد يكون بفعل أو ترك:


الارتداد بالقول [تعديل]

الارتداد يقع بالقول الدالّ صريحاً على جحد ما علم ثبوته من الدين ضرورة، أو على اعتقاد ما يحرم اعتقاده من الدين بالضرورة، كنفي الصانع أو الرسل أو تكذيب الرسول أو المعاد أو غير ذلك. [۹] [۱۰] [۱۱]ولا فرق في القول بين أن يكون عناداً أو استهزاءً أو اعتقاداً، [۱۲] [۱۳] ولذا حكم بعض الفقهاء بانفساخ العقد فيما لو كرهت الزوجة زوجها وأرادت انفساخ العقد فارتدّت بقول يترتّب عليه ذلك وإن لم يزل اعتقادها، وهو من الحيل المحرّمة التي لا يجوز التوصل به. [۱۴] [۱۵]
نعم، يعتبر في الحكم بارتداد المستهزئ عدم إمكان حمل كلامه على المزاح والهزل، [۱۶] بل ذكر بعض المتأخّرين أنّ الاستهزاء إذا لم يبلغ حدّ إنكار ضروري الدين لم يحكم بارتداده. [۱۷]ونوقش في ذلك بأنّ إظهار الكفر من دون زوال اعتقاد الإسلام غير موجب للارتداد شرعاً، فلا يظهر صحّة هذه الحيلة على وجه ينفسخ بها النكاح . [۱۸] [۱۹]واجيب عنه بإمكان فرضها بالارتداد القولي. [۲۰]

الارتداد بالفعل [تعديل]

ممّا يتحقّق به الارتداد كلّ فعل دالّ صريحاً على الاستهزاء بالدين والاستهانة به ورفع اليد عنه، كإلقاء المصحف في القاذورات وتمزيقه واستهدافه ووطئه، وتلويث الكعبة أو أحد الضرائح المقدّسة بالقاذورات، أو السجود للصنم وعبادة الشمس ونحوها، وإن لم يقل بربوبيّتهما. [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵]
بل الظاهر من عباراتهم- كما هو صريح بعض- أنّ كلّ فعل دالّ على قصد إهانة الشرع وعدم الاعتداد بحرمته- سواء كان معتقداً له أو لا- يتحقّق به الارتداد، بل وإن كان مجرّد هزل ومزاح، كما هو صريح الأردبيلي؛ لعدم الاعتداد بشأنه. [۲۶]وكذا صرّح كاشف الغطاء بالتعميم إلى كلّ فعل يقتضي الاستخفاف بالإسلام. حيث قال: «وكذا (يوجب الارتداد) فعل جميع ما يقتضي الاستخفاف بالإسلام». [۲۷]واستدلّ له المحقّق النجفي [۲۸] بخبر الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام وهو: أنّ رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فشهد أنّه رآهما يصلّيان للصنم، فقال له: «ويحك لعلّه بعض من تشبّه عليك، فأرسل رجلًا فنظر إليهما وهما يصلّيان إلى الصنم فأتى بهما، فقال لهما: ارجعا، فأبيا فخدّ لهما في الأرض خدّاً فأجّج ناراً وطرحهما فيه». [۲۹]ويظهر من بعض الفقهاء عدم تحقّق الارتداد شرعاً ما لم يدلّ الفعل أو القول على ما في الضمير.
قال الفيض الكاشاني في مسألة احتيال الزوجة الكارهة لزوجها بالارتداد حتى ينفسخ العقد وتبين منه: «لي فيه نظر؛ لأنّ الارتداد إنّما يكون بفسخ الاعتقاد، ولا يتأتّى ذلك بمثل هذه الأغراض، وإنّما يحكم بالكفر بالقول أو الفعل؛ لدلالتهما على الضمير، وإلّا فهما بمجرّدهما فسق لا كفر». [۳۰]
وقال المحدّث البحراني في المقام المذكور: «لا يخلو (الحكم بصحّة هذه الحيلة) من اشكال؛ فإنّ مقتضى هذا الكلام أنّ إظهار الارتداد لم يقع عن تغيّر في الاعتقاد للإسلام واعتقاد الكفر، والكفر الموجب للفسخ إنّما مناطه الاعتقاد لا مجرّد الاظهار، ومجرّد الإظهار إنّما يوجب الفسق لا الكفر». [۳۱]وهل يتحقّق الارتداد بالكتابة كما لو ألّف كتاباً أو مقالة تتضمّن كفراً؟لم يتعرّض لذلك إلّا بعض المتأخّرين، فاستظهر السيّد الگلبايگاني أنّه لا فرق في الحكم بين الفعل والكتابة، بل هي من‏ أنواعه. [۳۲]
وقال السيّد السبزواري : «لو كتب ما يوجب الارتداد وكان ظاهراً في ذلك وجامعاً لما مرّ من الشرائط يجري عليه الحدّ ... للإطلاق، والعموم، وعدم الفرق بين اللفظ والكتابة في ذلك بعد كونها جامعة للشرائط». [۳۳]

الارتداد بالترك [تعديل]

المعروف أنّ من ترك الصلاة أو شرطاً مجمعاً عليه- كالوضوء - مستحلّاً له يكون مرتدّاً يجب قتله إن كان قد ولد مسلماً وإلّا استتيب، فإن امتنع قتل؛ [۳۴] [۳۵] [۳۶] [۳۷] [۳۸] وذلك لأنّ الصلاة ممّا علم ثبوتها من دين الإسلام ضرورة، فيكون إنكارها من المسلم ارتداداً، [۳۹] بل الحكم كذلك لو تركها مستخفّاً بها. [۴۰]وكذا من ترك الزكاة والحجّ أو الصوم؛ لأنّه جحد ما يعلم من الدين ضرورة. [۴۱]
نعم لو ترك الصلاة- أو غيرها من الواجبات الضرورية- معتقداً لوجوبها لم يكفر. نعم، في الصلاة صرّح بعضهم بأنّه يستحقّ القتل بعد ترك ثلاثة صلوات والتعزير فيهنّ من باب أنّ أصحاب الكبائر إذا اقيم عليهم العقوبة ثلاثاً قتلوا في الرابعة أو في الثالثة على اختلاف فيه. [۴۲] [۴۳] [۴۴] [۴۵]

ما الحق بالارتداد الفعلي [تعديل]

قد عدّ بعض الفقهاء السحر والإباق من الأفعال المحقّقة للارتداد، فينبغي التعرّض لهما إجمالًا فيما يلي:

← حكم الساحر
المعروف أنّ من عمل بالسحر مستحلّاً له يكون مرتدّاً فيقتل، [۴۶] [۴۷] وأمّا لو لم يكن مستحلّاً لذلك فقد صرّح الشيخ بأنّه لم يكفر ولم يجب قتله، ثمّ قال بعد ذلك:«وقال قوم يقتل الساحر، ولم يذكروا هل هو كافر أم لا، وهو الموجود في أخبارنا». [۴۸]وظاهر عبارة الشهيد حيث قال:«ويقتل مستحلّه» [۴۹] أنّه لا يقتل إذا لم يكن مستحلّاً له.
ويظهر من المحقّق الأردبيلي أنّه يقتل ولكن لا لأجل ارتداده، [۵۰] بل للنصوص الواردة في المقام. [۵۱]وفيه: «سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن الساحر؟ فقال: إذا جاء رجلان عدلان فشهدا بذلك فقد حلّ دمه». [۵۲]وهو: عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «الساحر يضرب بالسيف ضربة واحدة على رأسه». واختاره السيد الطباطبائي والمحقّق النجفي، مستشهداً بإطلاق النصّ والفتوى في عدم الفرق بين المستحلّ وغيره في الحكم بالقتل. [۵۳] [۵۴]

← حكم الإباق
اعتبر بعض الفقهاء أنّ الإباق بمنزلة الارتداد، وقد صرّح به الشيخ الصدوق [۵۵] وابن سعيد ؛ [۵۶] مستنداً في ذلك إلى صحيحة أبي عبيدة ، [۵۷]وفيه: عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ العبد إذا أبق من مواليه ثمّ سرق لم يقطع وهو آبق؛ لأنّه بمنزلة المرتدّ عن الإسلام، ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الإسلام.وموثّق عمّار الساباطي عن الصادق عليه السلام.وفيه: قال: سألته عن رجل أذن لغلامه في امرأة حرّة فتزوّجها، ثمّ إنّ العبد أبق من مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد؟ فقال: «ليس لها على مولى العبد نفقة، وقد بانت عصمتها منه؛ لأنّ إباق العبد طلاق امرأته، وهو بمنزلة المرتدّ عن الإسلام. إلّا أنّ المشهور لم يعملوا بالروايتين حيث لم يحكموا بترتّب أحكام المرتدّ على الآبق. [۵۸] [۵۹] [۶۰] [۶۱]
ولعلّ المراد بالحديث خصوص إباق العبيد المأخوذين عادة بالأسر من الكفّار والذمّيين، فيكون إباقهم بمعنى رجوعهم إلى بلاد الكفر، فيكون أمارة وقرينة على ارتدادهم عن الإسلام أو خروجهم عن ذمّة الإسلام، وقد يؤيّده ما عبّر الشيخ عن الإباق باللحوق بدار الحرب. [۶۲]

المراجع [تعديل]

۱. الكافي في الفقه، ج۱، ص۳۱۱.
۲. إصباح الشيعة، ج۱، ص۱۹۱.
۳. نتائج الأفكار، ج۱، ص۱۸۶.   
۴. الغنية، ج۱، ص۳۸۰.   
۵. الروضة، ج۹، ص۳۳۳- ۳۳۴.   
۶. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۶۰۰.    
۷. هامش الدرّ المنضود، ج۳، ص۳۲۵.
۸. اسس الحدود والتعزيرات، ج۱، ص۴۰۹- ۴۱۰.
۹. مجمع الفائدة، ج۱۳، ص۳۱۴.    
۱۰. كشف اللثام، ج۱۰، ص۶۵۸.    
۱۱. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۶۰۱.    
۱۲. القواعد، ج۳، ص۵۷۳.    
۱۳. الروضة، ج۹، ص۳۳۴.   
۱۴. المسالك، ج۹، ص۲۰۴.    
۱۵. جواهر الكلام، ج۳۲، ص۲۰۳.    
۱۶. الروضة، ج۹، ص۳۳۴.   
۱۷. مجمع المسائل (فارسي، الگلبايگاني)، ج۲، ص۲۱۴.   
۱۸. المفاتيح، ج۳، ص۳۳۴.
۱۹. الحدائق، ج۲۵، ص۳۷۹.    
۲۰. جواهر الكلام، ج۳۲، ص۲۰۳.    
۲۱. القواعد، ج۳، ص۵۷۳.    
۲۲. الدروس، ج۲، ص۵۱.    
۲۳. الروضة، ج۹، ص۳۳۵.   
۲۴. كشف اللثام، ج۱۰، ص۶۵۸.    
۲۵. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۶۰۰.    
۲۶. مجمع الفائدة، ج۱۳، ص۳۱۳- ۳۱۴.    
۲۷. كشف الغطاء، ج۴، ص۴۱۸.
۲۸. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۶۰۰.    
۲۹. الوسائل، ج۲۸، ص۳۳۹، ب ۹ من حدّ المرتد، ح ۱.   
۳۰. المفاتيح، ج۳، ص۳۳۴- ۳۳۵.
۳۱. الحدائق، ج۲۵، ص۳۷۹.    
۳۲. الدرّ المنضود، ج۳، ص۳۲۴.
۳۳. مهذّب الأحكام، ج۲۸، ص۱۴۲.
۳۴. الخلاف، ج۵، ص۳۵۹، م ۹.    
۳۵. الشرائع، ج۱، ص۱۲۲.
۳۶. الجامع للشرائع، ج۱، ص۸۹.    
۳۷. القواعد، ج۱، ص۳۰۹- ۳۱۰.    
۳۸. المسالك، ج۱، ص۳۰۴.    
۳۹. المدارك، ج۴، ص۳۰۸.    
۴۰. مستند الشيعة، ج۷، ص۲۶۵.    
۴۱. كشف الغطاء، ج۴، ص۴۱۸.
۴۲. الشرائع، ج۱، ص۱۲۲.
۴۳. المنتهى، ج۷، ص۱۲۴.
۴۴. مفتاح الكرامة، ج۳، ص۳۸۴- ۳۸۵.
۴۵. جواهر الكلام، ج۱۳، ص۱۳۱- ۱۳۳.    
۴۶. جواهر الكلام، ج۲۲، ص۸۶.    
۴۷. مباني تكملة المنهاج، ج۱، ص۲۶۶.   
۴۸. المبسوط، ج۷، ص۲۶۰.   
۴۹. الدروس، ج۳، ص۱۶۴.    
۵۰. مجمع الفائدة، ج۱۳، ص۱۷۵.    
۵۱. الوسائل، ج۲۸، ص۳۶۷، ب ۳ من بقيّة الحدود، ح ۱.   
۵۲. الوسائل، ج۲۸، ص ۳۶۶، ب ۱، ح ۳.   
۵۳. الرياض، ج۱۳، ص۵۳۹.    
۵۴. جواهر الكلام، ج۴۱، ص۴۴۳.    
۵۵. المقنع، ج۱، ص۴۴۹.    
۵۶. الجامع للشرائع، ج۱، ص۴۴۹.    
۵۷. الوسائل، ج۲۸، ص۳۰۳، ب ۳۲ من حدّ السرقة، ح ۱.   
۵۸. الوسائل، ج۲۲، ص۱۷۲- ۱۷۳، ب ۳۵ من أقسام الطلاق، ح ۱.   
۵۹. الحدائق، ج۲۴، ص۴۱- ۴۲.    
۶۰. المسالك، ج۷، ص۴۰۰.    
۶۱. نهاية المرام، ج۱، ص۱۹۹.    
۶۲. المبسوط، ج۶، ص۱۷۳.   


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۳۶۷-۳۷۲.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار