الترتيب والموالاة في الوضوء
وهو أن (يبدأ بالوجه، ثمَّ باليمنى، ثمَّ باليسرى، ثمَّ بالرأس، ثمَّ بالرّجلين) بلا خلاف في شيء من ذلك فتوىً وروايةً.
الترتيب [تعديل]
(والسادس : الترتيب) بالكتاب والسنّة و
الإجماع ، وهو أن (يبدأ بالوجه، ثمَّ باليمنى، ثمَّ باليسرى، ثمَّ بالرأس، ثمَّ بالرّجلين) بلا خلاف في شيء من ذلك فتوىً وروايةً.
ففي الصحيح : «تابع بين الوضوء كما قال اللّه عزّوجل، ابدأ بالوجه، ثمَّ باليدين، ثمَّ بمسح الرأس والرّجلين، ولا تقدّمنّ شيئاً بين يدي شيء تخالف ما أمرت به، فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه وأعد على الذراع، وإن مسحت الرّجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرّجل ثمَّ أعد على الرّجل، ابدأ بما بدأ
اللّه عزّوجل به».
[۱] [۲] [۳] [۴] [۵]
وفي آخر : في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين، قال : «يغسل اليمين ويعيد اليسار»
[۶] [۷] [۸] وبضمّه مع الأول يتم المطلوب وفي الموثّق تمامه.
[۹] [۱۰] [۱۱] [۱۲]
← قصد الترتيب
ويكفي قصده مع عدمه حسّاً بوقوع الوضوء في المطر، وينوي الأول فالأول، وعليه يحمل الخبر الصحيح المجوّز له فيه،
[۱۳] [۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] وإلّا فهو غير باق على ظاهره إجماعاً.
← الترتيب بين الرجلين
وفي وجوب الترتيب بين الرّجلين بتقديم اليمنى على اليسرى أقوال، ثالثها : نعم مع انفرادهما (بأن يمسح اليمين أو اليسار فقط .منه رحمه الله. ) ولا مع العدم، (أي عدم
الانفراد بأن يمسحهما معاً .منه رحمه الله. ) كما في
الذكرى عن بعض،
[۱۸] واختاره جمع من متأخري المتأخرين
[۱۹] [۲۰] للمروي في
الاحتجاج : «يمسح عليهما جميعاً معاً، فإن بدأ بإحداهما قبل الأخرى فلا يبدأ إلّا باليمين».
[۲۱] [۲۲] ولا حجّة فيه لقصور السند، ولا جابر.
وقيل بالوجوب مطلقاً، كما اختاره الشهيدان في
اللمعة وشرحها،
[۲۳] وعن الصدوقين و
الإسكافي وسلّار،
[۲۴] [۲۵] [۲۶] وهو مختار جمع ممّن تقدم، ومنهم الشيخ في ظاهر الخلاف مدّعيا عليه الإجماع.
[۲۷] للأصل، والصحيح أو الحسن : «امسح على القدمين وابدأ بالشق الأيمن».
[۲۸] [۲۹] ومروي
النجاشي مسنداً في رجاله عن مولانا
أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول : «إذا توضّأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده».
[۳۰] [۳۱] وهو عامّ. وما روي عن مولانا
رسول اللّه صلي الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا توضأ بدأ بميامنه.
[۳۲] [۳۳] والوضوء البياني مع قوله صلي الله عليه وآله وسلم : «هذا وضوء لا يقبل اللّه تعالى الصلاة إلّا به».
[۳۴] [۳۵]
وحمل هذه الأخبار على
الاستحباب ـ كما عن
المعتبر والمنتهى والتذكرة و
النفلية [۳۶] [۳۷] [۳۸] [۳۹] ـ وجهه غير واضح، سوى الأصل، (أي
أصالة براءة الذمة. منه رحمه الله. ) و
إطلاق الآية وغيرها. وهما غير صالحين؛ له لما فيها من معتبر السند المؤيد بالأصل والباقي، (أي باقي الأخبار. منه رحمه الله. ) فيقيّد الجميع بها. (و) المشهور أنه (لا ترتيب فيهما) بل عن الحلّي في بعض فتاويه نفي الخلاف عنه،
[۴۰] فإن تمَّ إجماعاً وإلّا فالوجوب مطلقاً قوي، لضعف مستند العدم بما تقدّم، و
الاحتياط لا يترك.
الموالاة [تعديل]
(والسابع : الموالاة) بالنص والإجماع، والمراد بالوجوب هنا معناه الشرعي لا الشرطي خاصة كما ربما يتوهم من أدلتها لا لها، (أي الوجوب الشرعي ليس من جهة أدلة وجوب الموالاة. منه رحمه الله. ) بل لعموم الناهي عن
إبطال الأعمال. (وهي أن يكمل) المتوضئ طهارته (قبل) حصول (الجفاف) في العضو السابق على اللاحق، وإن لم يتتابعا حقيقةً أو عرفاً، كما هنا وفي اللمعة وشرحها،
[۴۱] وعن الجمل والعقود و
المراسم والغنية و
الوسيلة والسرائر والشرائع والذكرى و
الدروس والبيان والألفية
[۴۲] [۴۳] [۴۴] [۴۵] [۴۶] [۴۷] [۴۸] [۴۹] [۵۰] [۵۱] [۵۲] وظاهر الكامل، وهو المشهور بين الأصحاب.
للأصل، وإطلاق الآية والنصوص، وإطلاق الصحيح فيمن توضأ فبدأ بالشمال قبل اليمين إنه : «يغسل اليمين ويعيد اليسار»
[۵۳] [۵۴] [۵۵] الشامل للعامد. وعن المقنعة والنهاية والتهذيب و
المبسوط والخلاف و
الاقتصار وأحكام الراوندي والمعتبر وكتب العلّامة
[۵۶] [۵۷] [۵۸] [۵۹] [۶۰] [۶۱] [۶۲] [۶۳] [۶۴] [۶۵] [۶۶] : المتابعة الحقيقية حتى يجب أن يعقّب كلّ عضو بالسابق عليه عند كماله من دون مهلة، للاحتياط. والوضوء البياني مع قوله عليه السلام : «هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلّا به». والفورية المستفادة من الآية إمّا من
الأمر فيها أو الفاء المفيدة للتعقيب بلا مهلة أو
الإجماع . والحسن : «أتبع وضوءك بعضه بعضاً».
[۶۷] [۶۸] والخبر فيمن نسي الذراع والرأس إنه : «يعيد الوضوء، إنّ الوضوء يتبع بعضه بعضاً».
[۶۹] [۷۰] [۷۱]
← الرد على الرواية الأول
والأول معارض بالأصل، إمّا بنفسه، لجريانه في المقام ولو كان عبادة، بناءً على عدم شرطيتها فيها، بل هي واجبة خارجية لا يبطل الوضوء بفواتها، كما هو ظاهر أكثر أصحاب هذا القول، حيث جعلوا الشرط خصوص عدم الجفاف، وأبطلوا الوضوء به لا بفواتها، من حيث عدم تعلقه حينئذ بالعبادة مطلقاً بل بالتكليف الخارجي، ولا فرق حينئذ بينها وبين غيرها. أو به بمعونة ما دلّ على عدم
البطلان إلّا بالجفاف من الأخبار لو قيل باشتراطها في الصحة لا وجوبها على حدة، كما عن المبسوط.
[۷۲]
← الرد على الرواية الثاني
والثاني معارض بهما، (أي الأصل وما دلًّ على عدم البطلان. منه رحمه الله. ) مضافاً إلى عدم
انطباقه (من حيث دلالته على الشرطية وعدم القبول الا بها. منه رحمه الله. ) على قول الأكثر من أصحاب هذا القول.
← الرد على الرواية الثالث
والثالث مردود بعدم
إفادة الأمر الفورية على الأظهر الأشهر، والشك في إفادة الفاء المزبور لها للاختلاف فيها، ومنع الإجماع في مثل المقام. وعلى تقدير
تسليم الفورية فالثابت منها إنما هو بالنظر إلى نفس الوضوء ومجموعه لا أبعاض أفعاله وأجزائه (ولو سلّم فمفادها الفورية بالنسبة إلى غسل الوجه
بالإضافة إلى إرادة القيام إلى الصلاة، ولا قائل بها، وصرفها إلى غسل اليدين وما بعده خاصة ممّا كاد أن يقطع بفساده).
و
الاتباع المأمور به في الخبرين مراد به الترتيب ظاهراً على ما يشهد به سياقهما، ومع التنزل
فالاحتمال كاف في عدم الدلالة.
← المعتبر في الجفاف
وهل يعتبر في الجفاف ـ على القول به ـ جفاف جميع ما سبق؟ كما هو الأشهر الأظهر، وعن المعتبر والمنتهى والتذكرة و
نهاية الإحكام والبيان وظاهر
الخلاف والنهاية والكامل والكافي لأبي الصلاح
[۷۳] [۷۴] [۷۵] [۷۶] [۷۷] [۷۸] [۷۹] [۸۰] [۸۱] لاستصحاب بقاء الصحة، والاتفاق فتوىً وروايةً على جواز أخذ البلل من الوجه للمسح إن لم يبق على اليدين، وظاهر النصوص الناطقة بالبطلان بجفاف الوضوء الظاهر في جفاف الجميع خاصة، منها الموثق : «إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك فأعد على وضوئك، فإنّ الوضوء لا يتبعّض»
[۸۲] [۸۳] [۸۴] [۸۵] [۸۶] والمفهوم منه عدم لزوم
الإعادة مع عدم يبس الوضوء بمجموعه، وهو حجة على الأصح.
أو جفاف البعض مطلقاً؟ كما عن الإسكافي،
[۸۷] ليقرب من
الموالاة الحقيقية، ولعموم جفاف الوضوء الوارد في الأخبار الشامل لجفاف البعض مطلقاً، ولا يخفى ضعفه. أو الأقرب ؟ كما عن
الناصريات والمراسم و
السرائر و
الإرشاد والمهذّب،
[۸۸] [۸۹] [۹۰] [۹۱] [۹۲] بناء على تفسير الموالاة بذلك، فإنها إتباع الأعضاء بعضها بعضا، فالجفاف وعدمه إنما يعتبران في العضوين المتصلين. وهو مع ضعفه بما تقدم لا دليل عليه. وفي الصحيح : قلت : ربما توضأت ونفد الماء، فدعوت الجارية فأبطأت عليّ بالماء فيجفّ وضوئي، فقال : «أعده».
[۹۳] [۹۴] [۹۵] [۹۶] والمستفاد منه ومن الموثق السابق بطلان
الوضوء بالجفاف مع التأخير خاصة لا مطلقاً، فإطلاق القول ببطلانه به غير وجيه، بل مقتضى
استصحاب بقاء الصحة صحته لو جفّ بدونه.
← رواية الإمام أبوالحسن الرضا عليه السلام
وبالجملة
الأصل مع فقد ما يدل على البطلان حينئذ ـ
لاختصاص الخبرين بحال الضرورة الخاصة ـ دليل الصحة لو جفّ مع الموالاة لشدة حرارة ومثلها، بحيث لولاها واعتدل الهواء لما جفّ وتمَّ الوضوء. ويظهر من الذكرى ـ كما سيأتي ـ كونه وفاقاً بين الأصحاب،
[۹۷] مضافاً إلى الرضوي، وفيه : «فإن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمّه، ثمَّ اُوتيت بالماء، فأتمّ وضوءك إذا كان ما غسلته رطباً، فإن كان قد جفّ فأعد الوضوء، وإن جفّ بعض وضوئك قبل أن تتمّ الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي، جفّ وضوؤك أو لم يجف».
[۹۸] [۹۹]
وبمضمونه أفتى الصدوقان في الرسالة و
المقنع .
[۱۰۰] [۱۰۱] وينبغي حمله ـ ككلام الصدوقين ـ على الجفاف لنحو شدّة الحرّ لا على
اعتدال الهواء؛ لعدم تبادر غير ما ذكر منهما. ويؤيده ظاهر خبر حريز عن
مولانا الصادق عليه السلام كما عن مدينة العلم،
[۱۰۲] وعن
التهذيب وغيره الوقف على
حريز قال : فإن جفّ الأول قبل أن أغسل الذي يليه، قال : «جفّ أو لم يجف اغسل ما بقي»
[۱۰۳] [۱۰۴] [۱۰۵] [۱۰۶] إلّا أن الظاهر حمله على
التقية كما يشهد به تتمته. (حيث جعل الوضوء مثل غسل في عدم اعتبار الموالاة وجواز التعويق إلى العصر. منه رحمه الله. )
← الحس والتقدير في الجفاف
والأصح
اعتبار الجفاف حسّاً لا تقديراً، فلو لم يحصل لعارض في مدّة مديدة لو فرض فقده لحصل قبلها ولو بكثير صحّ الوضوء، وفاقاً للشهيدين.
[۱۰۷] [۱۰۸] وتقييد الأصحاب الجفاف بالهواء المعتدل ليخرج طرف
الإفراط في الحرارة كما ذكرنا، لا لإخراج ما فرضناه، صرّح به شيخنا في الذكرى،
[۱۰۹] وكلامه هذا كما ترى ظاهر فيما قدّمناه من عدم البطلان بالجفاف في غير الضرورة الخاصة الناشئة عن التأخير.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل، ج۱، ص۱۴۶- ۱۵۳.