←←الجهة الاولى فيما ذكره الشيخ الأنصاري من اعتبار أهليّة القابل للقبول حين الإيجاب.
←←الجهة الثانية في اعتبار اتّصاف الموجب بالأهليّة حين صدور القبول من القابل.
←←الجهة الثالثة في اعتبار استمرار أهليّة الموجب من حين الإيجاب إلى حين صدور القبول بحيث لا تتوسّط بينهما حالة عدم الأهليّة له.
أمّا الجهة الاولى والثالثة فهما ممّا لا دليل عليهما؛ لأنّ عنواني المعاهدة والمعاقدة المعتبرين في العقود إنّما يتوقّفان على أهليّة القابل للقبول حين القبول خاصّة، ولا يتوقّفان على أهليّته له حين الإيجاب، وكذا توسّط حالة عدم الأهليّة بين حالتي الأهليّة في حين الإيجاب والقبول لا يضرّ بصدق المعاقدة والمعاهدة.
وأمّا الجهة الثانية فالظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في اعتبار بقاء الموجب على أهليّته حين صدور القبول من الطرف الآخر، باعتبار أنّ ارتفاع أهليّته يستلزم سقوط التزامه وزواله، وبه لا يتحقّق عنوان المعاهدة والمعاقدة، فإنّ تحقّقه يتوقّف على انضمام أحد الالتزامين بالآخر، فإذا فرض ارتفاع التزام الطرف الأوّل- بالموت أو الجنون أو الإغماء- نتيجة عدم أهليّته له حين صدور الالتزام من الآخر لم يكن لالتزام الآخر أثر بالمرّة». [۳۵]
الإغماء بعد العقد [تعديل] ذكر بعض الفقهاء أنّه إذا اغمي عليه بعد تمامية العقد، فإن كان من العقود اللازمة- كالبيع والنكاح والإجارة ونحوها- فلا يشترط في بقاء أثرها استمرار الإفاقة وعدم الإغماء من أحد المتعاقدين، فإذا تمّت شرائط صحّة العقد حين وقوعه فقد تمّ وترتّبت عليه آثاره وإن اغمي على أحد المتعاقدين بعده. [۳۶][۳۷][۳۸] وإن كان العقد من العقود الجائزة الإذنية - أي العقود التي تكون عبارة عن مجرّد إذن أحدهما للآخر في أمر من الامور كالوكالة والعارية والوديعة وغيرها- فليس التزام من أحدهما بالوفاء والبقاء عند المعاوضة والمبادلة في البين، وقوامها بالإذن فقط، فإذا فسخ وارتفع الإذن فلا يبقى شيء في البين، فعلى هذا فلو مات أحدهما أو اغمي عليه يبطل العقد. [۳۹][۴۰][۴۱][۴۲][۴۳]
← قول الشهيد الثاني قال الشهيد الثاني في الوديعة: «لا خلاف في كون الوديعة من العقود الجائزة، فتبطل بما يبطل به من فسخها وخروج كلّ منهما عن أهلية التكليف بموت أو جنون أو إغماء». [۴۴] وفي الوكالة: «هذا (بطلان الوكالة بالموت والجنون والإغماء) موضع وفاق؛ ولأنّه من أحكام العقود الجائزة، ولا فرق عندنا بين طول زمان الإغماء وقصره». [۴۵] وقال في عقد المضاربة : «لمّا كان هذا العقد من العقود الجائزة بطل بما يبطل به من موت كلّ منهما وجنونه وإغمائه». [۴۶] وقد نوقش في ذلك من قبل جملة من الفقهاء. [۴۷][۴۸][۴۹] وأمّا إذا كان العقد جائزاً من طرف ولازماً من طرف آخر- كالرهن الذي هو جائز من قبل المرتهن ولازم من طرف الراهن، والهبة اللازمة من طرف المتّهب الجائزة من طرف الواهب في غير المعوّضة ولغير ذي الرحم- فلو نطق بالعقد ثمّ جنّ أو اغمي عليه أو مات قبل القبض ، فقد اختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال:
فذهب بعض إلى عدم كون القبض شرطاً في العقد، فالعقد لازم بالإيجاب والقبول، ولا يضرّ الجنون والإغماء؛ [۵۰][۵۱][۵۲] لأنّ الرهن قد ثبتت صحّته، وإبطاله يحتاج إلى شرع وليس في الشرع ما يدلّ عليه. [۵۳] وذهب آخرون إلى اشتراط القبض، ولكن قالوا بأنّ القبض شرط في الصحّة، فلو اغمي عليه قبل القبض لا يصحّ؛ [۵۴][۵۵] لأنّ القبض جزء السبب فهو بدون إذن الراهن غير مستحقّ؛ إذ لم تحصل الرهانة إلى الآن فهو ظلم وعدوان . [۵۶] واختار ثالث بأنّ اشتراط القبض شرط في لزوم العقد، فلو اغمي عليه قبل القبض فالعقد صحيح ولكنّه غير لازم كبيع الخيار . [۵۷][۵۸][۵۹][۶۰] وهكذا الكلام في الهبة، فذهب بعض إلى أنّ القبض شرط في اللزوم، فلو مات أو جنّ أو اغمي عليه صحّت الهبة؛ لأنّه عقد يقتضي التمليك ، فلا يشترط في صحّته القبض كغيره من العقود. [۶۱][۶۲][۶۳][۶۴][۶۵] وذهب آخرون إلى أنّ القبض شرط في صحّته، فلو مات الواهب أو جنّ أو اغمي عليه لم تصحّ الهبة ويبطل؛ [۶۶][۶۷][۶۸][۶۹][۷۰][۷۱] لأنّه ركن لها. [۷۲] وأمّا الصرف والسلم فقد أفتى الفقهاء بأنّ القبض شرط فيهما، ولولا القبض لما صحّ عقده، فلو مات البائع أو المشتري أو اغمي عليه قبل القبض بطل العقد. [۷۳][۷۴][۷۵][۷۶]
الإغماء بعد الشركة [تعديل] ذكر جملة من الفقهاء أنّ الشركة من العقود الجائزة، [۷۷][۷۸][۷۹][۸۰][۸۱] ورتّب بعضهم على ذلك فسخها بإغماء كلّ من الشريكين أو أحد الشركاء. [۸۲][۸۳] والمراد من بطلان الشركة وفسخها هو بطلان الإذن في التصرّف ، لا بطلان أصل الشركة؛ وذلك لأنّ الشركة في معنى الوكالة ، بل هي وكالة في التحقيق، وحينئذٍ فتنفسخ بإغماء كلّ من الشريكين أو أحد الشركاء؛ لبطلان الوكالة.
← قول المحقق النجفي وقال المحقق النجفي عطفاً على كلام المحقّق المزبور: «والإغماء وغيرهما ممّا تبطل به العقود الجائزة»، ثمّ قال: «بخلاف أصل الشركة فإنّها لا تبطل بشيء من ذلك. نعم، ينتقل أمر القسمة إلى الوارث أو الولي أو غيرهما». [۸۵][۸۶]
الإغماء بعد الوصيّة [تعديل] ويبحث فيه تارةً عن إغماء الموصي واخرى عن إغماء الوصي.
أمّا إغماء الموصي فقد ذكر جملة من الفقهاء أنّه إذا أوصى حال إغمائه لا تصحّ وصيته، أمّا لو أوصى ثمّ جنّ أو اغمي عليه لم تبطل وصيّته [۸۹][۹۰][۹۱][۹۲] وإن استمرّ إلى الموت. [۹۳]
← قول السيد الخوئي قال السيد الخوئي : «لا تصحّ وصيّة المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثمّ جنّ أو سكر أو اغمي عليه لم تبطل وصيّته». [۹۴][۹۵][۹۶][۹۷] واستدلّ له:
۱- بالأصل . [۹۸] ۲- وبظهور صحيح أبي ولّاد عن الإمام الصادق عليه السلام في وصيّة القاتل لنفسه: «إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثاً في نفسه من جراحة أو قتل اجيزت وصيّته في ثلثه» [۹۹] باعتبار ظهوره في صحّة الوصيّة مع تعقّبها بالفعل المانع من التصرّف، فكذلك غيره من الموانع. [۱۰۰] ۳- وبأنّ اعتبار العقل إنّما هو حال إنشاء الوصيّة ولا يعتبر استمراره ، [۱۰۱][۱۰۲][۱۰۳] وقد نسب ذلك إلى الأصحاب. [۱۰۴] وأمّا إغماء الوصي فقد وقع الخلاف في أنّ الصفات المعتبرة في الوصي من البلوغ والعقل والحرية ، هل هي معتبرة حال الوصية، أو حين وفاة الموصي، أو من حين الوصيّة إلى حين الوفاة، أو إلى حين نفوذ الوصيّة وانتهائها، أو من حين الوفاة إلى حين الانتهاء [۱۰۵]؟
وتفصيل ذلك موكول إلى مصطلح (وصيّة).
وما نحن بصدده الآن هو عروض الإغماء للوصي بعد تماميّة الوصيّة وصيرورته وصيّاً.
← قول المحقق النجفي قال المحقق النجفي : «إنّما البحث في انفساخ الوصيّة بعروض ذلك بعد الوفاة فلا تعود حينئذٍ، وعدمه- وإن كان لا تصرّف له حينئذٍ، بل أقصاه قيام الحاكم - مثلًا- مقامه، فإذا زال العارض عادت ولايته ، كالأب الذي اعتراه الجنون ثمّ زال، فإنّه لا تنقطع بذلك ولايته على ولده الصغير- احتمالان، بل الثاني منهما لايخلو من قوّة».
ثمّ نَسَب إلى بعضهم المفروغيّة من بطلان الوصاية بذلك. [۱۰۶]