إضافة الإجارة إلى المستقبل
إضافة الإجارة إلى المستقبل: [تعديل]
المشهور [۱] بين
الفقهاء [۲] صحّة إضافة
الإجارة إلى المستقبل من غير فرق بين كون الإجارة على
عين أو
ثابتة في الذمة كأن يقول
المؤجر وهو في شهر رجب : ( آجرتك هذه الدار في شهر رمضان بدرهم ) . بل عليه دعوى
الإجماع من
القاضي [۳]
و
العلاّمة حيث قال : « لو آجره شهر رجب وهما في المحرم صحّ عند علمائنا أجمع ، سواء كانت
الإجارة واردة على
الأعيان . . . أو كانت
الإجارة واردة على
الذمّة . . . سواء كانت
العين التي وردت الإجارة عليها
غير مشغولة بعقد إجارة سابقة أو مشغولة بعقد إجارة ، إمّا للمستأجر أو لغيره »
[۴].
ومستندهم :
عموم أدلّة الإجارة وعدم المانع ؛ لأنّه لا يشترط في صحة الإجارة تسليم
المعقود عليه في حال
الإجارة ولا كون
المنفعة متصلة به ، وإنّما يلزم
التسليم في أوّل المدة التي انعقدت الإجارة عليها ، والمفروض إمكان ذلك
[۵] .
لكن ذهب
الشيخ [۶] و
الكيدري [۷] إلى أنّ الإضافة صحيحة فيما يثبت في
الذمة لا فيما كانت واردة على
الأعيان ، الحاقاً للمسألة بالسلم ، فانّه يجوز فيما يثبت في
الذمة فقط .
قال
الشيخ بما محصلّه : إذا ثبت أنّه يجوز
العقد على غير
العقار معيّناً وفي الذمّة فإن استأجر شيئاً منها معيّناً وكان ممّا قدّر بالزمان كان الحكم فيه كالعقار ، وأمّا إذاكان العمل في نفسه معلوماً وشرط تأخيره كان باطلاً ؛ لأنّ العقد وقع على معيّن وشرط التأخير في
التسليم لا يجوز . . . وأمّا إذا كانت في الذمّة . . . فإنّه يجوز أن يكون
حالاًّ و
مؤجّلاً ؛ لأنّ ما ثبت بالصفة فإنّه يجوز حالاّ ومؤجّلاً مثل
السلم و
الثمن في الذمّة [۸] .
بينما أطلق
الحلبي المنع من
الإجارة لمدّة قبل دخول ابتدائها ، قال : « لا تجوز الإجارة لمدة قبل دخول ابتدائها لافتقار صحتها إلى التسليم »
[۹] . وكذا ابن حمزة
[۱۰] . ونسبه في السرائر إلى بعض أصحابنا
[۱۱] وإن استبعد في موضع آخر كونه قولاً لأصحابنا
[۱۲] .
واستدلّ عليه بأحد أمرين :
الأوّل : منافاة الإنفصال للقدرة على التسليم
[۱۳] ، حيث إنّ المعتبر
القدرة الفعلية ؛ لأنّ مقتضى الأصل مقارنة الشرط لمشروطه ، ولذا لو لم يكن قادراً على تسليم المبيع فعلاً مع قدرته عليه بعد زمان معتدّ به لما صحّ البيع منه فعلاً .
ويرد عليه : أنّه لا تتوقّف الصحّة على التسليم مطلقاً ، بل المعتبر منه التسليم
وقت الاستحقاق [۱۴] ؛ لأنّ وجه إعتبار القدرة رفع
الغرر ، وما يقدر على تسليمه في ظرفه لا غرر فيه . ولا يقاس بالبيع ، فإنّ المملوك فيه غير محدود بالزمان ، فلا بدّ فيه من القدرة على تسليمه بعد العقد
[۱۵] .
الثاني : أنّه يلزم من الإضافة إلى المستقبل التعليق في العقد أو التفكيك بين
المنشأ و
الإنشاء [۱۶] ؛ إذ لو علّق الإنشاء على مجيء الزمان المستقبل كان من التعليق في الإنشاء المبطل ، وإن كان الإنشاء فعليّاً والمنشأ في المستقبل لزم التفكيك بين الإنشاء والمنشأ .
وفيه : أنّ المنشأ هو
الملكية ، وهي
حاليّة و
فعلية ، إلاّ أنّ المنفعة المملوكة بالعقد استقبالية
[۱۷] .
فالزمان
قيد للمملوك ، نظراً إلى أنّ المنفعة في كلّ زمان غيرها في الزمان الآخر فتتكثّر بتكثّر الزمان ، فيكون التمليك والتملّك فعلياً ، وإن كان المملوك استقباليّاً فلا تعليق ولا تفكيك بين المنشأ والإنشاء . هذا بخلاف العين في البيع فإنّها لا تتكثّر بالزمان ، فلابدّ أن يكون الزمان فيه قيداً للملكية والتملّك ، فيرجع إلى التعليق .
فظهر من ذلك كلّه أنّه لا محذور في إضافة الإجارة إلى المستقبل ، وربّما تشهد له
النصوص الواردة في
المتعة الدالّة على
الصحة مع اشتراط الإنفصال . منها : رواية
عيسى بن سليمان عن
بكار بن كردم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليهالسلام : الرجل يلقى المرأة فيقول لها : زوّجيني نفسك شهراً ولا يسمّي الشهر بعينه ثمّ يمضي فيلقاها بعد سنين ، قال : فقال : « له شهره إن كان سمّاه ، وإن لم يكن سمّاه فلا سبيل له عليها »
[۱۸]
، وهي مع كثرتها
منجبرة أو
معتضدة بالشهرة ثمّة
[۱۹]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية - موسسة دائرة المعارف الفقه الاسلامي