إضافة الإجارة إلى المستقبل - ویکی فقه 


إضافة الإجارة إلى المستقبل




إضافة الإجارة إلى المستقبل: [تعديل]



المشهور [۱] بين الفقهاء [۲] صحّة إضافة الإجارة إلى المستقبل من غير فرق بين كون الإجارة على عين أو ثابتة في الذمة كأن يقول المؤجر وهو في شهر رجب : ( آجرتك هذه الدار في شهر رمضان بدرهم ) . بل عليه دعوى الإجماع من القاضي [۳]
و العلاّمة حيث قال : « لو آجره شهر رجب وهما في المحرم صحّ عند علمائنا أجمع ، سواء كانت الإجارة واردة على الأعيان . . . أو كانت الإجارة واردة على الذمّة . . . سواء كانت العين التي وردت الإجارة عليها غير مشغولة بعقد إجارة سابقة أو مشغولة بعقد إجارة ، إمّا للمستأجر أو لغيره » [۴].

ومستندهم : عموم أدلّة الإجارة وعدم المانع ؛ لأنّه لا يشترط في صحة الإجارة تسليم المعقود عليه في حال الإجارة ولا كون المنفعة متصلة به ، وإنّما يلزم التسليم في أوّل المدة التي انعقدت الإجارة عليها ، والمفروض إمكان ذلك [۵] .

لكن ذهب الشيخ [۶] و الكيدري [۷] إلى أنّ الإضافة صحيحة فيما يثبت في الذمة لا فيما كانت واردة على الأعيان ، الحاقاً للمسألة بالسلم ، فانّه يجوز فيما يثبت في الذمة فقط .

قال الشيخ بما محصلّه : إذا ثبت أنّه يجوز العقد على غير العقار معيّناً وفي الذمّة فإن استأجر شيئاً منها معيّناً وكان ممّا قدّر بالزمان كان الحكم فيه كالعقار ، وأمّا إذاكان العمل في نفسه معلوماً وشرط تأخيره كان باطلاً ؛ لأنّ العقد وقع على معيّن وشرط التأخير في التسليم لا يجوز . . . وأمّا إذا كانت في الذمّة . . . فإنّه يجوز أن يكون حالاًّ و مؤجّلاً ؛ لأنّ ما ثبت بالصفة فإنّه يجوز حالاّ ومؤجّلاً مثل السلم و الثمن في الذمّة [۸] .

بينما أطلق الحلبي المنع من الإجارة لمدّة قبل دخول ابتدائها ، قال : « لا تجوز الإجارة لمدة قبل دخول ابتدائها لافتقار صحتها إلى التسليم » [۹] . وكذا ابن حمزة [۱۰] . ونسبه في السرائر إلى بعض أصحابنا [۱۱] وإن استبعد في موضع آخر كونه قولاً لأصحابنا [۱۲] .

واستدلّ عليه بأحد أمرين :

الأوّل : منافاة الإنفصال للقدرة على التسليم [۱۳] ، حيث إنّ المعتبر القدرة الفعلية ؛ لأنّ مقتضى الأصل مقارنة الشرط لمشروطه ، ولذا لو لم يكن قادراً على تسليم المبيع فعلاً مع قدرته عليه بعد زمان معتدّ به لما صحّ البيع منه فعلاً .

ويرد عليه : أنّه لا تتوقّف الصحّة على التسليم مطلقاً ، بل المعتبر منه التسليم وقت الاستحقاق [۱۴] ؛ لأنّ وجه إعتبار القدرة رفع الغرر ، وما يقدر على تسليمه في ظرفه لا غرر فيه . ولا يقاس بالبيع ، فإنّ المملوك فيه غير محدود بالزمان ، فلا بدّ فيه من القدرة على تسليمه بعد العقد
[۱۵] .

الثاني : أنّه يلزم من الإضافة إلى المستقبل التعليق في العقد أو التفكيك بين المنشأ و الإنشاء [۱۶] ؛ إذ لو علّق الإنشاء على مجيء الزمان المستقبل كان من التعليق في الإنشاء المبطل ، وإن كان الإنشاء فعليّاً والمنشأ في المستقبل لزم التفكيك بين الإنشاء والمنشأ .

وفيه : أنّ المنشأ هو الملكية ، وهي حاليّة و فعلية ، إلاّ أنّ المنفعة المملوكة بالعقد استقبالية [۱۷] .

فالزمان قيد للمملوك ، نظراً إلى أنّ المنفعة في كلّ زمان غيرها في الزمان الآخر فتتكثّر بتكثّر الزمان ، فيكون التمليك والتملّك فعلياً ، وإن كان المملوك استقباليّاً فلا تعليق ولا تفكيك بين المنشأ والإنشاء . هذا بخلاف العين في البيع فإنّها لا تتكثّر بالزمان ، فلابدّ أن يكون الزمان فيه قيداً للملكية والتملّك ، فيرجع إلى التعليق .

فظهر من ذلك كلّه أنّه لا محذور في إضافة الإجارة إلى المستقبل ، وربّما تشهد له النصوص الواردة في المتعة الدالّة على الصحة مع اشتراط الإنفصال . منها : رواية عيسى بن سليمان عن بكار بن كردم قال : قلت لأبي عبد اللّه‏ عليه‏السلام : الرجل يلقى المرأة فيقول لها : زوّجيني نفسك شهراً ولا يسمّي الشهر بعينه ثمّ يمضي فيلقاها بعد سنين ، قال : فقال : « له شهره إن كان سمّاه ، وإن لم يكن سمّاه فلا سبيل له عليها »
[۱۸]
، وهي مع كثرتها منجبرة أو معتضدة بالشهرة ثمّة [۱۹]



المراجع [تعديل]

۱. الرياض ۹ : ۲۱۱   
۲. السرائر ۲ : ۴۶۱ . الشرائع ۲ : ۱۸۳ . المختلف ۶ : ۱۰۳ ـ ۱۰۴ . جامع المقاصد ۷ : ۱۳۵ . المسالك ۵ : ۱۹۴ . المفاتيح ۳ : ۱۰۷ ـ ۱۰۸ . الحدائق ۲۱ : ۵۸۱ . جواهر الكلام ۲۷ : ۲۷۳ . العروة الوثقى ۵ : ۶۰ ، م ۱۹   
۳. المهذب ۱ : ۴۷۶   
۴. التذكرة ۲ : ۲۹۷ ( حجرية )   
۵. الغنية : ۲۸۶ . المهذب ۱ : ۴۷۶   
۶. الخلاف ۳ : ۴۹۶ ، م ۱۳    
۷. اصباح الشيعة : ۲۷۹ .
۸. المبسوط ۳ : ۲۳۰ ، ۲۳۱ ـ ۲۳۲    
۹. مستند العروة ( الإجارة ) : ۲۲۱ .
۱۰. الكافي في الفقه : ۳۴۹ .
۱۱. الوسيلة : ۲۶۷   
۱۲. السرائر ۲ : ۴۶۱    
۱۳. السرائر ۲ : ۴۵۸    
۱۴. الكافي في الفقه : ۳۴۹ .
۱۵. المهذّب ۱ : ۴۷۶ . الغنية : ۲۸۶   
۱۶. انظر : بحوث في الفقه ( الإجارة ) : ۱۶۰ .
۱۷. التنقيح الرائع ۲ : ۲۶۹ ، قال : « إنّ العقود كلّها إنشاءات علل الأحكام ، والعلل تقتضي الإتصال » .
۱۸. الوسائل ۲۱ : ۷۲ ، ب ۳۵ من المتعة ، ح ۱   
۱۹. الرياض ۹ : ۲۱۱   


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية - موسسة دائرة المعارف الفقه الاسلامي   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار