نفي الدية عن العاقلة - ویکی فقه 


نفي الدية عن العاقلة


لا تعقل العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا ولا جناية للإنسان بالجناية على نفسه، ولا يعقل المولى عبدا كان أو مدبرا أو أم ولد على الأظهر. لا تعقل العاقلة بهيمة ولا إتلاف مال، ويختص ضمانها بالجناية على الآدمي حسب.


العمد وشبه العمد والخطأ المحض [تعديل]

لا تعقل العاقلة عمداً محضاً ولا شبيهاً به ، وإنما تعقل الخطأ المحض ولا إقراراً ، ولا صلحاً يعني إذا أقرّ الجاني بالقتل خطأً مع عدم ثبوته إلاّ بإقراره لم يثبت بذلك شي‌ء على العاقلة.
وكذا لو اصطلح القاتل والأولياء في العمد مطلقاً، والخطأ مع عدم ثبوته على الدية لا يلزم العاقلة منها شي‌ء، بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده؛ لأصالة البراءة ؛ واختصاص المخرج عنها من النص والفتوى بدية الخطأ المحض الثابت بنحو من البيّنة .
مضافاً إلى النصوص المستفيضة: «لا يعقل العاقلة عمداً، ولا عبداً، ولا صلحاً، ولا اعترافاً» [۱] [۲].

جناية الإنسان على نفسه [تعديل]

وكذا لا تعقل جناية الإنسان على نفسه مطلقا، بل يكون دمه هدراً، بلا خلاف فيه ظاهراً، بل قيل: إنّه كذلك عندنا وضمّن العاقلة الأوزاعي وأحمد وإسحاق [۳]. وهو ظاهر في إجماعنا عليه، وهو الحجة ؛ مضافاً إلى بعض ما مرّ إليه الإشارة.

جناية العبد [تعديل]

ولا يعقل المولى عبداً بمعنى أنّ العبد لو قتل إنساناً خطأً أو جنى عليه كذلك لا يعقل المولى جنايته، بل يتعلق برقبته، كما سلف بيانه في كتاب القصاص في الشرط الأوّل من شرائطه، وقد ذكرنا ثمّة عدم الخلاف فيه، كما هو ظاهر جماعة ومنهم الصيمري والفاضل المقداد [۴] [۵] هنا، حيث أرجعا قول الماتن الآتي: على الأظهر، إلى المستولدة خاصّة، بل صرّح الثاني بالإجماع عليه، فإنّه قال: وجه الأظهرية كونها رقّاً، والإجماع منعقد على أنّ المولى لا يعقل عبداً، وهو عامّ في أمّ الولد وغيرها.
أقول: ويدلُّ عليه مضافاً إليه النصوص المتقدمة ثمّة، لكن في النهاية : وإذا قتل عبد حرّا خطأً فأعتقه مولاه جاز عتقه، وكان على مولاه دية المقتول؛ لأنّه عاقلته [۶].
ويفهم منه الخلاف في المسألة، وأظهر منه عبارة الغنية ، حيث قال: وعاقلة الرقيق مالكه [۷].
ويمكن الاستناد لهما بمفهوم التعليل في الصحيح المتقدم في عاقلة الذمّي أنّه الإمام لأنّه يؤدّي إليه الجزية كما يؤدّي العبد إلى سيّده الضريبة.
لكنّه لا يعارض النصوص المتقدّمة ثمّة، المعتضدة مع الصراحة والكثرة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل إجماع في‌ الحقيقة؛ لشذوذ قولهما.
مع احتمال إرادتهما كون المولى عاقلته لو جنى بعد العتق لا قبله، كما احتمله الحلّي في عبارة النهاية [۸]، وهو وإن بعد في عبارة الغنية، لكن يؤيّده أنّه لم يذكر عاقلة المعتَق بالكلّية، وهو بعيد غايته لو لم يكن هو مراداً بتلك العبارة.
ويحتمل إرادتهما مطلق الضمان ، كما حمل الفاضل في المختلف عليه عبارة النهاية، فقال: والشيخ عنى بالعاقلة هنا الضامن لا المعنى المتعارف [۹].
أقول: ولا ريب في صحة عقل المولى لعبده بهذا المعنى؛ لما مضى ثمّة من أنّ على المولى في جناية عبده إمّا دفعه إلى وليّ المجني عليه، أو فكّه بقيمته، وأيّا ما كان ثبت الضمان عليه.
والفرق بينه وبين العقل بالمعنى المتعارف استلزامه ضمان تمام الدية ولو زادت عن قيمة العبد، بخلاف الضمان فإنّ متعلّقه ليس إلاّ دفع العبد مع الزيادة، أو فكّه بالقيمة من غير زيادة.

← تساوي الحكم في الرق والمدبر والمكاتب وأم الولد
وكيف كان لا فرق على المختار بين كون العبد قنّاً أي رقّاً محضاً أو مدبّراً أو مكاتباً أو أُمّ ولد على الأظهر الأشهر.
خلافاً للشيخ في أحد قوليه والقاضي [۱۰] [۱۱]، فيعقلها مولاها؛ للخبر المتقدم مع تمام التحقيق في المسألة في آخر النظر الأوّل من الأنظار الأربعة‌ من كتاب الديات، من أراده فليراجعه ثمّة.

جناية البهيمة على الإنسان [تعديل]

لا تعقل العاقلة للإنسان جناية بهيمة له على إنسان، وإن كان جنايتها مضمونة عليه على تقدير تفريطه في حفظها.

إتلاف مال أحد [تعديل]

وكذا لا تعقل إتلاف ذلك الإنسان مال أحد، بل هو مضمون عليه ويختصّ ضمانها أي العاقلة بالجناية ممّن تعقل عنه على الآدمي فحسب بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده؛ للأصل، مع اختصاص ما دلّ على ضمان العاقلة من الفتوى والرواية بجناية الآدمي على مثله خطأً، لا مطلقا.

المراجع [تعديل]

۱. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۹، ص۳۹۴، ابواب العاقلة ب۳.   
۲. النوري الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج۱۸، ص۴۱۵، ابواب العاقلة ب۳.   
۳. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۵۲۹.   
۴. الصيمري البحراني، الشيخ مفلح، غاية المرام في شرح شرائع الإسلام، ج۴، ص۴۸۷.   
۵. السّيورى الحلّى، الفاضل مقداد، التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، ج۴، ص۵۴۰.   
۶. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه والفتاوي، ص۷۵۳.   
۷. الحلبي، ابن زهرة، غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع (الجوامع الفقهية)، ص۴۱۳.   
۸. ابن ادريس الحلي، محمد بن منصور، السرائر، ج۳، ص۳۵۸.   
۹. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‌، ج۹، ص۳۳۲.   
۱۰. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه والفتاوي، ص۷۵۱.   
۱۱. القاضي ابن البراج، عبد العزيز، المهذب، ج۲، ص۴۸۸.   


المصدر [تعديل]

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۵۸۶-۵۹۰.   


تصنيفات هذه المقالة : الدية | العاقلة





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار