ماء البئر - ویکی فقه 


ماء البئر


و (في نجاسة) ماء (البئر) هي مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالباً، ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً (بالملاقاة) للنجاسة من دون تغيير.


الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل]

(قولان) مشهوران (أظهرهما) عند المصنّف تبعا للمشهور بين القدماء، بل المجمع عليه بينهم، كما عن الانتصار والغنية والسرائر [۱] [۲] [۳] والمصريّات للمصنف، لكن في الأخيرين عدم الخلاف (التنجيس)، لورود الأمر بالنزح في وقوع كثير من النجاسات فيها، وهو فرع كونه للوجوب وثبوت التلازم بينه وبين النجاسة. وهما هنا في محل المنع، مضافا إلى وروده فيما ليس بنجس إجماعاً. وللصحاح وغيرها، أقواها الصحيح : عن البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب والهرّة فقال : «يجزئك أن تنزح منها دلاء، فإن ذلك يطهّرها إنشاء اللّه». [۴] [۵] [۶]
ويتلوه في القوة الآخر : عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر القطرات من بول أو دم، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها، ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها؟ فوقّع عليه السلام بخطّه في كتابي : «ينزح منها دلاء». [۷] [۸] [۹] [۱۰] وغيرهما ضعيف الدلالة جدّاً.
وهما وإن قويت الدلالة فيهما إلّا أنّ الاكتفاء بنزح الدلاء المطلق للمذكورات فيها مع اختلاف تقاديرها إجماعاً يوهن التمسك بهما. مع كون الثانية ـ مضافا إلى أنها مكاتبة ـ غير صريحة الدلالة، بل ولا ظاهرة، من حيث وقوع لفظ التطهير في كلام الراوي. والتقرير حجة مع عدم احتمال مانع من الردّ، وهو في المقام ثابت، لاحتمال كون الوجه فيه التقية، بناءً على كون النجاسة مذهبا لأكثر العامة، [۱۱] [۱۲] [۱۳] ويشهد له كونها مكاتبة. ومع ذلك فهما معارضتان بالأصل ، والعمومات عموما في كل شيء، وخصوصاً في الماء، واختلاف الأخبار في مقادير نزح النجاسات جداً. وعموم ما دلّ على عدم نجاسة الكرّ بالملاقاة منطوقاً أو فحوى قطعياً، لكنه في الجملة.

← الاستدلال بالروايات
والصحاح المستفيضة وغيرها :
منها الصحيحان : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر». [۱۴] [۱۵] [۱۶] وزيد في أحدهما : «ريحه أو طعمه، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لأنّ له مادة» [۱۷] [۱۸] وفيهما وجوه من الدلالة. ومنها الصحيح : عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين، أيصلح الوضوء منها؟ قال : «لا بأس». [۱۹] [۲۰] [۲۱] [۲۲]
ومنها الصحيح : «لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة بما وقع في البئر، إلّا أن ينتن، فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة». [۲۳] [۲۴] [۲۵]وفي معناه غيره من المعتبرة. [۲۶]والمناقشات فيما ذكر ضعيفة جدا لا يلتفت إليها.

قول القدماء وأكثر المتأخرين [تعديل]

فإذا الأظهر القول بالطهارة مطلقاً، وفاقاً لجماعة من القدماء، [۲۷] [۲۸] [۲۹] وأكثر المتأخرين. [۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴] [۳۵] [۳۶]
وفي قول : التفصيل بين ما بلغ كراً فالثاني، وما لم يبلغ فالأول للخبر : «إذا كان ماء في الركيّ كرا لم ينجّسه شيء» [۳۷] [۳۸] [۳۹] [۴۰]والركية البئر، وجمعها ركيّ وركايا [۴۱] وفي معناه الرضوي، [۴۲] [۴۳] مضافاً إلى عموم ما دلّ على اعتبار الكرية في عدم نجاسة الماء. وهو ضعيف لقصور الجميع عن المقاومة لما تقدّم، مضافاً إلى ضعف الأوّلين وعدم عموم في الثالث.
وعلى الثاني فهل النزح الوارد في الأخبار لمحض الملاقاة على الاستحباب أو الوجوب؟
الأقرب : الأول، وفاقا للأكثر ولما تقدّم من الاختلاف في مقادير النزح.
ونسب إلى التهذيب : الثاني، [۴۴] وهو خيرة المنتهى . [۴۵] وهو ضعيف. 

منزوحات البئر [تعديل]

منزوحات البئر ، (وينزح) وجوبا أو استحبابا (لموت البعير) وهو من الإبل بمنزلة الإنسان يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير (و) كذا (للثور) وقيل : هو الذكر من البقر،  [۴۶] [۴۷] والأولى اعتبار إطلاق اسمه عرفاً مع ذلك، فلا يلحق به الصغير منه للشك فيه (و) كذا ( لانصباب الخمر) فيها (ماؤها أجمع).

عدم نجاسة ماء البئر بالبالوعة [تعديل]

(ولا ينجس لبئر بالبالوعة) التي ترمي بها المياه النجسة مطلقاً (وإن تقاربتا) بلا خلاف للأصل، وللخبرين المنجبرين، ففي أحدهما : في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة [45]    وأقل وأكثر، يتوضأ منها؟ قال : «ليس يكره من قرب ولا بعد، يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء». [۴۸] [۴۹] [۵۰] [۵۱] [۵۲]
(ما لم تتصل نجاستها بها)، ومعه فينجس مطلقا على الأشهر، أو مع التغير على الأظهر.

← اعتبار العلم أو الاكتفاء بالظن
وفي اعتبار العلم أو الاكتفاء بالظن في حصول الأمرين قولان، أقواهما الأول، وأحوطهما الثاني، وعلى ذلك ينزّل ما في الحسن المضمر من تنجّسها بقرب البالوعة إليها بأقل من ثلاثة أذرع أو أربعة. [۵۳] [۵۴] [۵۵] [۵۶] (لكن يستحب تباعدهما قدر خمسة أذرع إن كانت الأرض صلبة) مطلقاً (أو كانت) رخوة مع كون (البئر فوقها) قراراً. (وإلا) بأن تكون الأرض رخوة وقرارهما متساويا أو قرار البالوعة أعلى (فسبع) أذرع على الأشهر جمعا بين الخبرين المطلقين في كلا الأمرين. [۵۷] [۵۸] [۵۹] [۶۰]
وفي رواية : «إن كان الكنيف فوق النظيفة ـ أي كان في جهة الشمال منها ـ فلا أقلّ من اثني عشر ذراعاً، وإن كان تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهبّ الشمال فسبعة أذرع». [۶۱] [۶۲]وبها أفتى الإسكافي ، [۶۳](وفيه : قال ابن الجنيد  : إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعه فليكن بينهما اثنا عشر ذراعاً، وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبعة أذرع. ) إلّا أنّ في تطبيق مذهبه المنقول عنه عليها نوع غموض وإن استدل بها عليه.
وفي رواية في قرب الإسناد   : «إن كان بينهما عشرة أذرع وكانت البئر التي يستقون منها ممّا يلي الوادي فلا بأس». [۶۴] [۶۵]
واختلاف التقادير في هذه الأخبار قرينة الاستحباب، مضافاً إلى الأصل ، وضعف الأسانيد، و الاتفاق   المنقول، وخصوص ما تقدّم من قوله : «ليس يكره من قرب ولا بعد». والثاني غير مانع من الفتوى به على ما تقرّر من جواز المسامحة في أدلة السنن . ولا ينافيه نفي الكراهة في الأخير عن صورة انتفى فيها التقادير إلّا على القول بأن ترك المستحب مكروه، وهو خلاف التحقيق.

المراجع [تعديل]

۱. الانتصار، ج۱، ص۸۹.    
۲. الغنية (الجوامع الفقهية)، ج۱، ص۴۷.     
۳. السرائر، ج۱، ص۶۹.    
۴. التهذيب، ج۱، ص۲۳۷، ح ۶۸۶.    
۵. الاستبصار، ج۱، ص۳۷، ح ۱۰۱.    
۶. الوسائل، ج۱، ص۱۸۲- ۱۸۳، أبواب الماء المطلق ، ب ۱۷، ح ۲.    
۷. الكافي، ج۳، ص۵، ح ۱.    
۸. التهذيب، ج۱، ص ۲۴۴ ، ح ۷۰۵.    
۹. الاستبصار، ج۱، ص۴۴، ح۱۲۴.     
۱۰. الوسائل، ج۱، ص۱۷۶، أبواب الماء المطلق، ب ۱۴، ح ۲۱.    
۱۱. المحلي، ج۱، ص۱۴۳- ۱۴۴.     
۱۲. مالك، ج۱، ص۱۴۷.
۱۳. المغني، ج۱، ص۶۶.
۱۴. الكافي، ج۳، ص۵، ح ۲.    
۱۵. التهذيب، ج۱، ص۴۰۹، ح ۱۲۸۷.    
۱۶. الوسائل، ج۱، ص۱۷۰، أبواب الماء لمطلق، ب۱۴، ح ۱.    
۱۷. الاستبصار، ج۱، ص۳۳، ح۸۷.     
۱۸. الوسائل، ج۱، ص۱۷۲، أبواب الماء المطلق، ب ۱۴، ح ۶.    
۱۹. التهذيب، ج۱، ص۲۴۶، ح ۷۰۹.    
۲۰. الاستبصار، ج۱، ص۴۲، ح ۱۱۸.    
۲۱. قرب الإسناد، ج۱، ص۸۴.    
۲۲. الوسائل، ج۱، ص۱۷۲، أبواب الماء المطلق، ب ۱۴، ح ۸.    
۲۳. التهذيب، ج۱، ص۲۴۶، ح ۷۰۹.    
۲۴. الاستبصار، ج۱، ص۳۰، ح ۸۰.     
۲۵. الوسائل، ج۱، ص۱۷۳، أبواب الماء المطلق، ب ۱۴، ح ۱۰.    
۲۶. الوسائل، ج۱، ص۱۷۰، أبواب الماء المطلق، ب ۱۴.    
۲۷. المختلف، ج۱، ص۱۸۷.    
۲۸. المدارك، ج۱، ص۵۴.    
۲۹. التهذيب، ج۱، ص۲۳۲.    
۳۰. المختلف، ج۱، ص۱۸۷.    
۳۱. التحرير، ج۱، ص۴۶ .    
۳۲. نهايةً الإحكام، ج۱، ص۲۳۵.    
۳۳. الإيضاح، ج۱، ص۱۷.    
۳۴. التنقيح، ج۱، ص۴۴.
۳۵. جامع المقاصد، ج۱، ص۱۳۷.     
۳۶. المدراك، ج۱، ص۵۵.     
۳۷. الكافي، ج۳، ص۲، ح ۴.    
۳۸. التهذيب، ج۱، ص۴۰۸، ح۱۲۸۲.    
۳۹. الاستبصار، ج۱، ص۳۳، ح ۸۸.    
۴۰. الوسائل، ج۱، ص۱۶۰، أبواب الماء المطلق، ب۹ ، ح ۸.    
۴۱. الصحاح، ج۶، ص۲۳۶۱.    
۴۲. فقه الرضا عليه السلام، ج۱، ص۹۱.     
۴۳. المستدرك، ج۱، ص۲۰۱، أبواب الماء المطلق، ب ۱۳، ح ۳.    
۴۴. التهذيب، ج۱، ص۲۳۲.    
۴۵. المنتهي، ج۱، ص۱۰.     
۴۶. القاموس المحيط، ج۱، ص۳۷۴.    
۴۷. مجمع البحرين، ج۱، ص۲۱۹.    
۴۸. الكافي، ج۳، ص۸، ح ۴.    
۴۹. الفقيه، ج۱، ص۱۸، ح ۲۳ .    
۵۰. التهذيب، ج۱، ص۴۱۱، ح ۱۲۹۴.    
۵۱. الاستبصار، ج۱، ص۴۶، ح ۱۲۹.     
۵۲. الوسائل، ج۱، ص۲۰۰، أبواب الماء المطلق، ب ۲۴، ح۷.    
۵۳. الكافي، ج۳، ص۷، ح ۲.    
۵۴. التهذيب، ج۱، ص۴۱۰، ح ۱۲۹۳.    
۵۵. الاستبصار، ج۱، ص۴۶، ح ۱۲۸.    
۵۶. الوسائل، ج۱، ص۱۹۷، أبواب الماء المطلق، ب ۲۴ ، ح ۱.    
۵۷. الكافي، ج۳، ص۸، ح ۳.    
۵۸. التهذيب، ج۱، ص۴۱۰، ح ۱۲۹۱.    
۵۹. الاستبصار، ج۱، ص۴۵- ۴۶، ح ۱۲۷.     
۶۰. الوسائل، ج۱، ص۱۹۸- ۹۹، أبواب الماء المطلق، ب ۲۴،  ح۲.    
۶۱. التهذيب، ج۱، ص۴۱۰، ح ۱۲۹۲.    
۶۲. الوسائل، ج۱، ص۲۰۰، أبواب الماء المطلق، ب ۲۴ ، ح ۶.    
۶۳. المختلف، ج۱، ص۲۴۷.    
۶۴. قرب الإسناد، ج۱، ص۳۲، ح ۱۰۳.     
۶۵. الوسائل، ج۱، ص۲۰۰، أبواب الماء المطلق، ب ۲۴ ، ح ۸.    


المصدر [تعديل]

رياض المسائل ، ج۱، ص۲۹- ۵۶.   
 




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار