ضربات الكفين في التيمم
وفي عدد الضربات
للتيمم أقوال، أجودها
للوضوء ضربة،
وللغسل اثنتان.
القول بضرب واحد [تعديل]
وفي عدد الضربات في بدل كلّ من
الوضوء والغسل هل هو واحد فيهما، كما عن
العماني والإسكافي والمفيد في العزّية
والمرتضى في الجمل وشرح الرسالة وظاهر
الناصرية حكاه عن شرح الرسالة في المعتبر
[۱] [۲] [۳]، والصدوق في ظاهر
المقنع والهداية
[۴] [۵]، وهو ظاهر
الكليني لاقتصاره بذكر أخبار المرّة
والقاضي [۶] [۷]، وصريح المعتبر والذكرى والمدارك
[۸] [۹] [۱۰]، ونسبه في
السرائر إلى قوم من أصحابنا
[۱۱]، وإليه مال جدّي وخالي المجلسيان
[۱۲] [۱۳] (رحمهماالله) وذهب إليه كثير من المتأخرين ومتأخريهم
[۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] وحكته العامة عن
علي (علیهالسّلام) وعمّار وابن عباس وجمع من التابعين
[۱۸]. أو متعدّد فيهما، كما عن أركان
المفيد ووالد الصدوق
[۱۹]، والمحكي من عبارته اعتبار الثلاث مرة للوجه ومرة لليمنى وأخرى لليسرى.أو التفصيل، فالأوّل في الأوّل والثاني في الثاني، كما ذهب إليه الأكثر.
القول بضربة للوضوء و ضربتان للغسل [تعديل]
وأجود الأقوال الأخير للوضوء ضربة وللغسل ضربتان جمعا بين النصوص المستفيضة الظاهرة في إطلاق المرّة لورودها في بيان
العبادة ، والظاهرة في إطلاق المرّتين. ولا شاهد له إلّا ما يتوهم من
الصحيح : «هو ضرب واحد للوضوء، والغسل من
الجنابة تضرب بيديك مرتين ثمَّ تنفضهما نفضة للوجه ومرّة لليدين» الخبر
[۲۰] [۲۱] [۲۲]. بناء على كون الواو للاستيناف المقتضي جعل ما بعدها مبتدأ وجملة «تضرب» خبرا له. وهو مع مخالفته الظاهر لا دليل عليه بعد احتماله العطف المقتضي للتسوية بين الوضوء والغسل المنافية لما ذكروه. مضافا إلى رجحانه بملاحظة الموثق: عن
التيمم من الوضوء ومن الجنابة ومن
الحيض للنساء سواء؟ فقال: «نعم»
[۲۳] [۲۴] [۲۵].
ونحوه الرضوي: «وصفة التيمم للوضوء والجنابة وسائر أبواب
الغسل واحد، وهو أن تضرب بيديك على الأرض ضربة واحدة تمسح بهما وجهك موضع
السجود من مقام الشعر إلى طرف الأنف، ثمَّ تضرب بهما أخرى فتمسح بها اليمنى إلى حدّ الزند، وروى من أصول الأصابع تمسح باليسرى اليمنى وباليمنى اليسرى»
[۲۶] [۲۷]. وحمله على
التقية بناء على مصيرهم إلى التسوية
[۲۸] [۲۹] غير ممكن، لاشتماله على الجبهة والكفين، فيبعد في الموثق أيضا.
فحينئذ لا دليل على التفصيل، بل هو قائم على خلافه. نعم: ادعى عليه الإجماع في
الأمالي فقال: من دين
الإمامية الإقرار بأن من لم يجد الماء إلى قوله: ضرب على الأرض ضربة للوضوء ويمسح بها وجهه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى، وإلى الأسفل أولى، ثمَّ يمسح ظهر يده اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع، ثمَّ يمسح اليسرى كذلك، ويضرب بدل غسل الجنابة ضربتين ضربة يمسح بها وجهه واخرى ظهر كفيه قد نقلنا عبارة الأمالي من نسخته المطبوعة عندنا، وهي تخالف ما نقله الشارح من وجوه
[۳۰]. انتهى.
وهو ظاهر
التبيان ومجمع البيان [۳۱] [۳۲]. فيصلح هذه الإجماعات المنقولة وجها للجمع. ولكن كلام الأخيرين ليس نصّا في دعوى
الإجماع ، سيّما مع نقلهما القول بالضربتين من قوم من أصحابنا. والأوّل وإن كان أظهر منهما دلالة عليهما، إلّا أن ظاهره دعوى الإجماع على كون الضربة الاولى في الجنابة للوجه الظاهر في المجموع، مضافا إلى تخصيصه الجبهة بالوضوء خاصة فيوهن لذلك. وبعد تسليمه فهو كسابقيه موهون بمصير معظم الأصحاب ومنهم هو في كتابيه ووالده وشيخه الكليني وغيرهم كما عرفت إلى خلافه.
تقوية القول بوحدة الضرب مطلقا [تعديل]
ولقد كتبنا رسالة مبسوطة في تزييف هذا القول وتعيين الأول، لظواهر الأخبار البيانية المسلّم دلالتها عند المشهور على المرة ولو في الجملة، ولذا استدلوا بها للاكتفاء بها في الوضوء خاصة، وصحاحها واردة في بيان التيمم بدلا من الجنابة، ومعه لا يصح الحمل على الوضوء، منهما الصحيح في بيان وصف
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) التيمم لعمّار: «أفلا صنعت كذا» ثمَّ أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد، ثمَّ مسح جبينيه بأصابعه، وكفّيه إحداهما بالأخرى، ثمَّ لم يعد ذلك
[۳۳] [۳۴]. وفي التتمة إشعار بل ظهور بكون المبيّن الملحوظ بيانه اتحاد الضرب أو تعدده، وظاهره كونها من كلام
الإمام (علیهالسّلام) ، فنقله (علیهالسّلام) عدم
الإعادة في نقل بيان العبادة ظاهر في عدم لزومها.
وقريب منه الموثق
لزرارة عنه (علیهالسّلام): عن التيمم، فضرب بيديه
الأرض ثمَّ رفعهما فنفضهما، ثمَّ مسح على جبهته وكفّيه مرّة واحدة
[۳۵] [۳۶] [۳۷] ونحوه خبر آخر
[۳۸] [۳۹] [۴۰]. وحمل المرة على
المسح خاصة دون الضربة بعيد، إذ ليس تعدّده محل توهّم أو مناقشة من عامة أو خاصة، فنقله خال عن الفائدة بالمرّة. بل الظاهر رجوعها إلى الضربة، لفائدة بيان تخطئة ما عليه أكثر العامة من نفي الضربة الواحدة. فاندفع ما يورد على هذه الأخبار من الإجمال المنافي للاستدلال، لاحتمال ورودها بيانا لكيفية المسح وأنه ليس يجب على جميع الأعضاء كما توهّمه عمّار بل على المواضع الخاصة، لا لبيان العدد. لمخالفته الظاهر، مع عدم قبول ذلك الصحيح المتقدم كالخبرين بعده.
مضافا إلى أنّ
الراوي له وللموثق كغيره زرارة الذي هو أفقه من أكثر رواه أصحابنا، وهو أجلّ شأنا عن سؤاله عن نفس الكيفية لأجل توهّمه ما توهّمه عمّار، بل الظاهر سؤاله عن عدد الضربات التي صارت مطرحا بين
العامة والخاصة، ولذا أجابه (علیهالسّلام) في
الحديث المتقدم بما يتعلق به. ولعلّه الظاهر من سؤال غيرهم من الرواة، حيث رأوا العامة اتفقوا على تعدد الضربات مطلقا، فسألوا أئمتهم (صلواتاللهعليهم) استكشافا لذلك، فأجابوهم: بما ظاهره الوحدة مطلقا. وبما ذكرنا ظهر وضوح دلالتها عليها. ويؤيده اشتهار نقل ذلك بين العامة عن
علي (علیهالسّلام) وابن عباس وعمّار الموافقين
للشيعة في أغلب الأحكام، ويؤيد النقل مصير أكثرهم إلى الخلاف واعتبارهم الضربتين مطلقا.
ومن هنا ينقدح الجواب عمّا دلّ على اعتبارهما كذلك من الصحاح، منها: عن التيمم، فقال: «مرّتين مرّتين للوجه واليدين»
[۴۱] [۴۲] [۴۳]. نعم: ربما لا يجري ذلك في بعضها، كالصحيح: «التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين»
[۴۴] [۴۵] [۴۶] لمصير العامة إلى الذراعين
[۴۷]. لكن عن
الحنابلة اعتبار الكفين
[۴۸]، فيحتمل التقية فيه عن مذهبهم، ويتقوّى بمعاصرتهم لمولانا
الرضا (علیهالسّلام) المروي عنه هذا الخبر. ويؤيد الحمل المزبور تضمن بعضها المسح على الوجه والذراعين، كالخبر: «تضرب بكفّيك على الأرض مرّتين، ثمَّ تنفضهما وتمسح بهما وجهك وذراعيك»
[۴۹] [۵۰] [۵۱]. نعم: ربما يأبى هذا الخبر الحمل المزبور من حيث تضمنه الأمر بالنفض الذي يأبى عنه العامة كما في
المنتهى [۵۲].
ونحوه في الإباء من هذا الوجه الصحيح: «تضرب بيديك مرّتين ثمَّ تنفضهما نفضة للوجه ومرّة لليدين»
[۵۳] [۵۴] [۵۵]. ونحوهما الرضوي المتقدم في الإباء عنه، لكن من وجه آخر، وهو اشتماله على الجبهة والزندين المخالف لهم. لكن الأوّل قاصر
السند . والثاني ضعيف الدلالة على اعتبار المرّتين، للوجه مرّة وأخرى لليدين. بل ظاهره تعاقب الضربتين ثمَّ المسح بهما على الوجه واليدين على التعاقب مع تخلل النفضة.
والثالث موهون بمصير
الصدوق المعتبر له إلى
إطلاق الوحدة تارة، وإلى التفصيل اخرى، وأبيه إلى المرتين أو الثلاث كالمفيد إلى الأوّل. والسند في حجيته عملهم به المنتفي هنا، فلا عبرة به. مضافا إلى ما فيه أيضا بعد ما ذكرناه ممّا يشعر بالمرة مطلقا وهو: «وأروي: إذا أردت التيمم اضرب كفيك على الأرض ضربة واحدة..»
[۵۶]. هذا،
والاحتياط بالجمع بين التيمم بضربة واخرى بضربتين لا يترك مطلقا، سيّما في البدل عن
الغسل ، لأنّ المسألة من المتشابهات، وإن كان الاكتفاء بالمرّة مطلقا أقوى.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۲، ص۳۶-۴۲.