خصال الكفارة في بيان خصال الكفّارة وأحكامها، وهي كثيرة، إلاّ أنّ المهم الذي يجب التعرض لذكره في المقام هو الخصال الأربع المشهورة العتق ، والإطعام ، والكسوة ، والصيام .
حكم العجز عن العتق [تعديل] من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثمّ تمكّن من العتق لم يلزمه العود مطلقا وإن كان أفضل على الأشهر الأقوى؛ للصحيح المروي في التهذيب بسندين صحيحين، أكثر رواة أحدهما المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه، وفيه: «وإن صام وأصاب مالاً فليمض الذي ابتدأ فيه»[۱۲۱][۱۲۲][۱۲۳][۱۲۴][۱۲۵][۱۲۶].
خلافاً للإسكافي [۱۲۷] فيما إذا لم يتجاوز النصف، فأوجب العتق؛ للمرسل كالصحيح: في رجل صام شهراً من كفّارة الظهار ، ثمّ وجد نسمة، قال: «يعتقها، ولا يعتدّ بالصوم»[۱۲۸][۱۲۹][۱۳۰].
ولقصوره عن المقاومة لما مرّ سنداً وعدداً واشتهاراً حمله الأصحاب على الاستحباب ، ولا ريب فيه، مع اعتضاده في جانب نفي الوجوب بصدق الفاقد عند الشروع، وسقوط الأعلى، وتحقّق البدليّة، فيستصحب.
وهو وإن أمكن فيه المعارضة باستصحاب شغل الذمّة، إلاّ أنّ اعتضاد الأوّل بالشهرة يقتضي المصير إليه البتّة.
ومنه يظهر الوجه في انسحاب الحكم إلى الأخذ في الإطعام للعجز عن الصيام القادر عليه بعد ذلك؛ مضافاً إلى عدم الخلاف فيه، وفقد المعارض للأصل من جهة النص ، وإن خلا عنه من أصله.
ثم إنّه يتحقق الشروع بصوم جزء من اليوم في الصوم ولو لحظةً، وبتسليم مدّ أو أخذ في أكل الطعام في الإطعام؛ لإطلاق الدليل.
← الاستدلال بالروايات للموثق في الأوّل: عن رجل ظاهر من امرأته، فلم يجد ما يعتق، ولا ما يتصدّق، ولا يقوى على الصيام؟ قال: «يصوم ثمانية عشر يوماً»[۱۴۲][۱۴۳].
وللخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الثاني أيضاً: عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين، فلم يقدر على الصيام، ولم يقدر على العتق، ولم يقدر على الصدقة ، قال: «فليصم ثمانية عشر يوماً عن كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام»[۱۴۴][۱۴۵][۱۴۶] على إشكال فيه دون الأوّل؛ لخلوصه عن المعارض دون هذا؛ لما يأتي.
← الخلاف في المسألة خلافاً للمفيد والإسكافي[۱۴۷][۱۴۸] في الأوّل، فلم يجعلا له بعد الخصال بدلاً؛ تمسّكاً بالأصل. ويندفع بما مرّ.
وللصدوقين [۱۴۹][۱۵۰] فيه أيضاً، فجعلا البدل التصدّق بما يطيق. ولا شاهد لهما سوى التمسك بما يأتي من النص أو القاعدة، ولكن الأوّل قياس ، والثاني حسن لولا ما مرّ من الموثّقة المعتضدة بالشهرة.
ولهما ولجماعة من المتأخّرين[۱۵۱][۱۵۲][۱۵۳][۱۵۴][۱۵۵] في الثاني، فجعلوا البدل هو التصدّق بما يطيق؛ للصحيحين: في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّداً يوماً واحداً من غير عذرٍ، قال: «يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستّين مسكيناً، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق»[۱۵۶][۱۵۷][۱۵۸][۱۵۹][۱۶۰][۱۶۱].
وهو ظاهر الكليني ؛ لاقتصاره بنقل أحدهما، والتهذيبين[۱۶۲][۱۶۳]؛ للفتوى بهما صريحاً، مع ذكره رواية الثمانية عشر بلفظة «روي» في الاستبصار ، ولفظة «قيل» في التهذيب ، المشعرتين بالتمريض.
ولا يخلو عن قوة؛ لذلك، ولموافقة قاعدة عدم سقوط الميسور بالمعسور في الجملة، بملاحظة أنّ الواجب عليه أحد الأُمور الثلاثة التي منها التصدّق والإطعام، فإذا اختاره ولم يمكنه التمام اجتزأ بالممكن منه؛ للقاعدة.
وللدروس تبعاً للفاضل في المختلف [۱۶۴][۱۶۵] فيه أيضاً، فخيّرا بين الأمرين؛ جمعاً، والتفاتاً إلى ثبوت التخيير بين نوعيهما في المبدل فكذا في البدل.
وللثاني في قوله الآخر مطلقاً، فأوجب الإتيان بالممكن من الصوم والصدقة إن تجاوز الثمانية عشر؛ لعموم: «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»[۱۶۶] حتى لو أمكن الشهران متفرّقين وجب مقدّماً على الثمانية عشر[۱۶۷].
وهو حسن فيما عدا مورد ما مرّ من النص المعتبر، وهو النذر الذي هو القسم الثالث، ومنه يظهر دفع الحكم الأوّل فيه، والرواية المتقدمة بالثمانية عشر مشعرة بحكم السياق صدراً وذيلاً باختصاص الحكم بصيامها بصورة العجز عن الخصال الثلاث التي هي في الكفّارة خاصّة، فهذا القسم خارج عن موردها البتّة، فيذبّ عن هذا الحكم فيه.
كما يذبّ عن الحكمين الأخيرين فيه وفي صوم رمضان وفي كفّارة الظهار؛ لعدم الدليل عليهما فيها، مع تصريح بعض المعتبرة المعتضدة بالشهرة، كما مرّت إليه الإشارة بنفي الثالث في الثالث، وإن عورض بالموثق؛ لضعفه بما مرّ.
وعن أوّلهما فيما عداها أيضاً؛ لما مرّ، ويرتضى ثانيهما فيه؛ للمعتبر الذي مرّ في بحث الظهار، النافي له فيها من دون معارض له هنا.
مضافاً إلى الاتفاق عليه في الظاهر، والموثق في كفّارة اليمين: قلت: فإن عجز عن ذلك؟ قال: «فليستغفر الله عزّ وجلّ، ولا يعود»[۱۶۸][۱۶۹][۱۷۰][۱۷۱].
والمعتبرة منه مرّة واحدة بالنيّة عن الكفّارة، مضافاً إلى اللفظ الدالّ على الندم على ما فعل، والعزم على عدم العود إن كان عن ذنب .
← التتابع في الثمانية عشر ثمّ في وجوب التتابع في الثمانية عشر حيث قلنا بوجوبه قولان، والأحوط ذلك؛ لخبر: «الميسور لا يسقط بالمعسور»[۱۷۶] وإن كان النص الدال عليه مطلقاً.
وهل المراد بالأيّام التي يتصدّق عنها بمدٍّ بعد العجز عن الصيام ثمانية عشر هي أو الستّون؟ وجهان، والأحوط الثاني، وإن كان الأصل يقتضي الأوّل.