اللقطة في غير الحرم
وان وجده في غير الحرم يعرف حولا؛ ثم الملتقط
بالخيار بين التملك
والصدقة و ابقائها أمانة؛ ولو تصدق بها فكره المالك ضمن الملتقط.
التعريف حولا واحدا [تعديل]
وإن وجده في غير الحرم وكان زائداً عمّا دون
الدرهم يعرّفه حولاً واحداً، بلا خلاف فيه في الجملة، والنصوص به مع ذلك مستفيضة.
ففي
الصحيح : «يعرّفها سنة، فإن جاء لها طالب، وإلاّ فهي كسبيل ماله»
[۱] [۲] [۳].
← الاستدلال بالروايات
وفيه: «لا ترفعوها، فإن ابتليت بها فعرّفها سنةً، فإن جاء طالبها، وإلاّ فاجعلها في عرض مالك، يجري عليها ما يجري على مالك، إلاّ أن يجيء طالب»
[۴] [۵] [۶].
وفيه: «يعرّفها سنةً، فإن لم يُعرَف حفظها في عرض ماله حتّى يجيء طالبها فيعطيها إيّاه، وإن مات أوصى بها، وهو لها ضامن»
[۷] [۸] [۹] فتأمّل.
وفي
المرسل كالصحيح: «تعرّف سنة قليلاً كان أو كثيراً، وما كان دون الدرهم فلا يعرّف»
[۱۰] [۱۱] [۱۲] [۱۳]. إلى غير ذلك من
النصوص الكثيرة.
نية التملك [تعديل]
وإطلاقها كالعبارة ونحوها من عبائر الجماعة يقتضي عدم الفرق في وجوب التعريف بين صورتي نيّة التملّك بعده وعدمها. وهو أقوى وفاقاً لأكثر أصحابنا؛ لذلك؛ ولأنّه مال الغير حصل في يده، فيجب عليه دفعه إلى مالكه، والتعريف وسيلة إلى علمه به، فيجب من باب المقدّمة؛ ولما في تركه من الكتمان المفوّت للحقّ على مستحقّه.
خلافاً
للمبسوط [۱۴]، فخصّه بالصورة الأُولى، محتجّاً بأنّ التعريف إنّما وجب لتحقّق شرط التملّك، فإذا لم يقصده لم يجب ويكون مالاً مجهول المالك.
وفيه مع مخالفته لما مرّ نظر؛ لمنع حصر سبب وجوب التعريف فيما ذكر، بل السبب الأقوى فيه هو ما مرّ من وجوب إيصال المال إلى مالكه بأيّ وجه اتّفق. ويفرّق بينه وبين المال المجهول المالك بأنّه لم يقدّر له طريق إلى التوصّل إلى مالكه، بخلاف محلّ الفرض فقد جعل
الشارع التعريف طريقاً إليه، كما عرفت من
إطلاق النصّ.
الخيار بعد التعريف تمام الحول [تعديل]
ثم إنّ الملتقط بعد التعريف تمام الحول
بالخيار بين التملّك مع
الضمان كما في بعض الصحاح المتقدّمة، وغيره من المعتبرة.
ففي الخبر: «ينبغي أن يعرّفها سنة في مجمع، فإن جاء طالبها دفعها إليه، وإلاّ كانت في ماله، فإن مات كانت ميراثاً لولده ولمن ورثه، فإن لم يجيء لها طالب كانت في أموالهم، هي لهم، وإن جاء طالبها بعد دفعوها إليه»
[۱۵] [۱۶] [۱۷] [۱۸].
وفي آخر: «خيّره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها، وبين أن تغرمها إذا كنت أكلتها»
[۱۹] [۲۰].
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة المعتضدة بفحوى الضمان مع
الصدقة ، وبالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، كما يشعر به كلام
صاحب الكفاية [۲۱] حيث نسبه إلى الأصحاب كافّةً. فاحتماله عدم الضمان وكونه على جهة
الاستحباب لا وجه له.
الصدقة باللقطة [تعديل]
والصدقة بها عن مالكها، كما في النصوص المستفيضة، ففي الخبر القريب من الصحيح بفضالة وأبان المجمع على تصحيح ما يصح عنهما كما حكاه بعض أصحابنا
[۲۲] [۲۳]: عن
اللقطة ، فقال: «يعرّفها سنة، فإن جاء صاحبها دفعها إليه، وإلاّ حبسها حولاً، فإن لم يجيء صاحبها ومن يطلبها تصدّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ما تصدّق بها إن شاء اغترمها الذي كانت عنده وكان الأجر له، وإن كره ذلك احتسبها والأجر له»
[۲۴] [۲۵] [۲۶].
وفي آخر: عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص، إلى أن قال (علیهالسّلام): «وإلاّ كانت في يده بمنزلة اللقطة يصيبها، فيعرّفها حولاً، فإن أصاب صاحبها ردّها عليه، وإلاّ تصدّق بها، فإن جاء صاحبها بعد ذلك خيّره بين
الأجر والغرم، فإن اختار الأجر فله الأجر، وإن اختار
الغرم غرم له وكان الأجر له»
[۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰].
إبقاء اللقطة أمانة [تعديل]
وإبقائها
أمانةً موضوعاً في حرز أمثاله
كالوديعة ، فلا يضمنها إلاّ مع التعدي أو التفريط؛ لأنّه حينئذٍ محسن إلى المالك يحفظ ماله وحراسته له، فلا يتعلّق به ضمان؛ لانتفاء السبيل عن المحسنين.
وهذا لم يرد به نصّ كأصل
التخيير بينه وبين أحد الأوّلين؛ لظهور النصوص الواردة فيهما في تعيّن أحدهما لا التخيير مطلقاً، إلاّ أنّه قيل: يفهم
الإجماع عليه من
التذكرة [۳۱] [۳۲]. فإن تمّ، وإلاّ كان مشكلاً؛ لوقوع الخلاف في توقّف التملك على
النيّة أو حصوله قهراً، وعليه لا معنى للإبقاء أمانةً، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
ضمان الملتقط [تعديل]
ويستفاد من المستفيضة أنّه لو تصدّق الملتقط بها بعد الحول فكره المالك ذلك ضمن الملتقط ولا خلاف فيه ظاهراً، ونفاه في
المسالك [۳۳] صريحاً. وجعله في
المختلف إجماعاً
[۳۴].
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۴، ص۱۷۶-۱۷۹.