← قول السيد السبزواري قال: «لا يشترط في الأمان أن يكون مسبوقاً بالسؤال، فيصحّ ولو كان ابتداءً وبلا سؤال؛ لإطلاق الأدلّة الشامل لكلّ منهما، وما وقع في بعض الأخبار من سؤال الأمان لا يصلح للتقييد؛ لكونه من الغالب ». [۸] ويؤيّد ذلك أيضاً بقيام السيرة قبل الإسلام على الأمان من دون مطالبته، وقد أقرّت الشريعة عقد الأمان ولم تؤسّسه، فيكون الإقرار شاملًا لحال عدم المطالبة أيضاً.
← قول العلامة الحلي قال: «إنّما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة، فلو اقتضت المصلحة ترك الأمان وأن لا يجابوا إليه لم يفعل؛ لأنّه مصلحة في بعض الأحوال و مكيدة من مكائد القتال في المبارزة ، فإذا لم تكن مصلحة لم يجز فعله، وسواء في ذلك عقد الأمان لمشرك واحد أو جماعة كثيرة، فإنّه جائز مع المصلحة إجماعاً ». [۱۵] وصرّح بعضهم بالاكتفاء بمجرّد عدم المفسدة؛ [۱۶][۱۷][۱۸][۱۹] لأنّه أوفق بإطلاق الأدلّة الشامل لذلك. [۲۰]
← قول المحقق الكركي قال: «قد يقال: قد سبق اشتراط المصلحة في صحّته، وهو يقتضي انتفاء المفسدة. وجوابه: أنّ وجود المصلحة لا ينفي وجود المفسدة من وجه آخر، فيمكن أن يقال: لو كان في العقد مصلحة ومفسدة عمل بالأرجح، فأيّهما كان الآخر مضمحلّاً في جنبه أو كان كالمضمحل عمل به.
ولا ريب أنّ هذا الحكم وأمثاله إنّما هو بالنسبة إلى نائب الإمام، أمّا الإمام عليه السلام فإنّ مرجع الأحكام إليه من غير اعتراض عليه ولا حكم». [۲۱] وبناءً عليه، فلو أمّن جاسوساً أو من فيه مضرّة لم ينعقد؛ [۲۲][۲۳] للأصل و العموم . [۲۴]
الحرب والقتال [تعديل] قد يقال بأنّ الحرب من شروط الأمان، فلو اعطي الأمان دون وجود حرب بين الطرفين لم يكن له معنى.ويمكن أن يستدلّ على ذلك بأنّ الآية القرآنية المتقدّمة المستدلّ بها على الأمان واقعة في سياق آيات مطلع سورة براءة، فيشكّل هذا السياق مانعاً عن انعقاد إطلاق في الآية لغير حال الحرب التي تعلنها الآيات السابقة واللاحقة.
أمّا الروايات فكثيرة، منها: ما ورد في سياق الحروب، ولا يحرز انعقاد إطلاق في غيرها ولو لمركوزية كون الأمان من شؤون الحرب وحالات القتال، و القدر المتيقّن من حالات فعل المعصوم هي ما وقع في حال وقوع حرب بين الطرفين.
وقد يقال: إنّ الأمان عقد أو إيقاع عقلائي وليس تأسيساً من قبل الشارع ، فتكون الآيات والروايات إرشاداً لهذا التباني العقلائي و العرفي الواقع قبل الإسلام بين العرب أنفسهم، وفي هذه الحال يكفي في صحّة الأمان أن لا يكون هناك عقد أو إيقاع سابق يفيد نتيجة الأمان، كما لو وقعت هدنة و اتّفاق بين الدولتين أو صلح و موادعة تسمح للطرفين و رعاياهما بالتنقّل، فإنّه لا معنى للأمان الفردي في هذا المورد و الصادر من آحاد المسلمين ، فالشرط في الأمان أن يكون بحيث يمنح للمستأمن أماناً لا أن يكون بحيث لا يقدّم له شيئاً جديداً.
هذا، ولعلّ المستوحى من كلمات الفقهاء أنّ الأمان من شؤون مجريات الحرب.