استتابة
هو طلب التوبة والرجوع والندم.
الاستتابة في اللغة [تعديل]
الاستتابة لغة طلب
التوبة ، يقال: استتبت فلاناً أي عرضت عليه التوبة ممّا اقترف، والتوبة هي
الرجوع و
الندم على ما فرط منه، واستتابه: سأله أن يتوب
[۱] [۲] [۳].
الاستتابة في الاصطلاح [تعديل]
واستعمل الفقهاء الاستتابة في نفس المعنى اللغوي.
الحکم التکليفي [تعديل]
يجب على من ارتكب
ذنباً أن يتوب منه إلى اللّه سبحانه، كما أنّه يجب على الآخرين أن يستتيبوه ويأمروه بالتوبة
[۴]؛ وذلك لما دلّ على وجوب
الأمر بالمعروف و
النهي عن المنكر ، ثمّ إنّ الفقهاء حكموا بالاستتابة قبل إقامة حدّ القتل في بعض الموارد، وظاهر ذلك أنّ هذا الحكم حكم لزومي بحيث لا يجوز للحاكم الشرعي ـ وهو المستتيب ـ المبادرة إلى إقامة حدّ القتل عليه قبل الاستتابة، بل يجب عليه طلب التوبة من الفاعل قبل
القتل ، فإذا تاب فقد يسقط عنه القتل أحياناً كما في مورد
المرتدّ الملي، وقد نصّ
الشيخ الطوسي على
الوجوب مدّعياً عليه
الإجماع [۵]، وكذا
المحقّق النجفي في مورد
المرتدّ الملّي نافياً عنه الإشكال و
الخلاف بين الفقهاء
[۶].
← الاستدلال على وجوب الاستتابة قبل القتل
واستدلّ على وجوب الاستتابة قبل القتل وعدم جواز
المبادرة إليه قبلها بوجهين:
الأوّل: أنّ الأمر بالاستتابة الوارد في النصوص ظاهر في وجوب الاستتابة قبل القتل، كما ورد في الخبر
الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام: في المرتد يستتاب « فإن تاب وإلاّ قتل »
[۷] [۸]،
الثاني: أنّ مقتضى لزوم
الاحتياط في
الدماء فيما يرتفع القتل بالتوبة وجوب الاستتابة قبل القتل
[۹]، وفي قبال ذلك ذهب
أبو حنيفة و
الشافعي في أحد قوليه في مورد الارتداد إلى
الاستحباب وعدم
الوجوب [۱۰] [۱۱]؛ تمسّكاً بإطلاق قول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « من بدّل دينه فاقتلوه »
[۱۲]، ويرد عليه: أنّ الإطلاق المذكور تقيّده النصوص المتضمّنة للأمر بالاستتابة الظاهر في الوجوب، فلا يجوز القتل قبل الاستتابة، وإنّما يجوز إن لم يتب
[۱۳].
الإلزام بالاستتابة أو القتل [تعديل]
ورد الحكم بالاستتابة أو القتل في كلمات الفقهاء في موردين:
← الارتداد
المرتدّ إذا كان
ملّياً وجبت استتابته، فإن تاب وإلاّ قتل بلا خلاف بين الفقهاء في ذلك
[۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] وأمّا إذا كان
فطريّاً فيقتل من غير استتابة
[۱۸] [۱۹]، نعم، يستثنى من ذلك
شارب الخمر مستحلاًّ له فذهب جملة من الفقهاء إلى وجوب استتابته كالملّي
[۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵]، ولعلّه للشبهة في حين ذهب بعض منهم إلى عدم وجوب الاستتابة
[۲۶] [۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰]، هذا في
الرجل ، وأمّا
المرأة فإن ارتدّت استتيبت ولم تقتل أبداً، بل تخلّد في
السجن ويضيّق عليها في
الطعام و
الشراب حتى تتوب
[۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴]، ثمّ إنّه وقع الكلام في أنّ
الزنديق [۳۵] الذي ارتدّ عن غير فطرة هل تقبل توبته كي يستتاب كسائر المرتدّين عن غير فطرة أو لا ؟ في ذلك أقوال:
الأوّل: أنّ توبته لا تقبل، وهو مختار
الشيخ الطوسي في
الخلاف ناسباً له إلى ما رواه الأصحاب من أنّه لا تقبل توبته
[۳۶]؛ لأنّه دين مكتوم، وإلى إجماعهم على هذه الرواية
[۳۷]، واستدلّ عليه أيضاً بأنّه لا سبيل للعلم بحصول التوبة من الزنديق الذي يكون مذهبه وعادته إظهار
الإسلام مع اعتقاده في
الباطن خلاف ما يظهره
[۳۸] [۳۹]،
الثاني: أنّ توبته تقبل فيستتاب، وهو مختار بعض الفقهاء
[۴۰] [۴۱]، واستدلّ لذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله
لاُسامة لمّا قتل
الأعرابي الذي أظهر الإسلام ـ بعد عدم قبول توبته ـ: « هلاّ شققت عن قلبه ؟»
[۴۲] [۴۳]،
الثالث: التفصيل في المسألة، فإن كانت
القرائن شاهدة على حصول التوبة منه فتقبل توبته، وإلاّ فلا تقبل؛ لأنّ مجرّد إظهار التوبة غير كافٍ لقبول التوبة منه
[۴۴].
← ترك الصلاة
الظاهر من كلام الشيخ الطوسي في
المبسوط أنّ من ترك
الصلاة ثلاث مرّات لعصيان لا
جحود و
استحلال يستتاب، فإن تاب سقط عنه القتل، حيث قال: اُمر تارك الصلاة بأن يصلّيها قضاءً، فإن لم يفعل عزّر، فإن انتهى وصلّى برئت
ذمّته ، فإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث مرّات قتل في الرابعة... ولا يقتل حتى يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل »
[۴۵]، واعترض عليه بأنّ النصوص لا دلالة فيها على الاستتابة
[۴۶]، كما أنّ ما دلّ على القتل في الثالثة أو الرابعة مخصوص
بالحدود دون
التعزيرات .
المراجع [تعديل]
المصادر [تعديل]
الموسوعة الفقهية ج۱۱، ص۳۴.