استتابة - ویکی فقه 


استتابة



هو طلب التوبة والرجوع والندم.


الاستتابة في اللغة [تعديل]

الاستتابة لغة طلب التوبة ، يقال: استتبت فلاناً أي عرضت عليه التوبة ممّا اقترف، والتوبة هي الرجوع و الندم على ما فرط منه، واستتابه: سأله أن يتوب [۱] [۲] [۳].

الاستتابة في الاصطلاح [تعديل]

واستعمل الفقهاء الاستتابة في نفس المعنى اللغوي.

الحکم التکليفي [تعديل]

يجب على من ارتكب ذنباً أن يتوب منه إلى اللّه‏ سبحانه، كما أنّه يجب على الآخرين أن يستتيبوه ويأمروه بالتوبة [۴]؛ وذلك لما دلّ على وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ثمّ إنّ الفقهاء حكموا بالاستتابة قبل إقامة حدّ القتل في بعض الموارد، وظاهر ذلك أنّ هذا الحكم حكم لزومي بحيث لا يجوز للحاكم الشرعي ـ وهو المستتيب ـ المبادرة إلى إقامة حدّ القتل عليه قبل الاستتابة، بل يجب عليه طلب التوبة من الفاعل قبل القتل ، فإذا تاب فقد يسقط عنه القتل أحياناً كما في مورد المرتدّ الملي، وقد نصّ الشيخ الطوسي على الوجوب مدّعياً عليه الإجماع [۵]، وكذا المحقّق النجفي في مورد المرتدّ الملّي نافياً عنه الإشكال و الخلاف بين الفقهاء [۶].

← الاستدلال على وجوب الاستتابة قبل القتل
واستدلّ على وجوب الاستتابة قبل القتل وعدم جواز المبادرة إليه قبلها بوجهين:
الأوّل: أنّ الأمر بالاستتابة الوارد في النصوص ظاهر في وجوب الاستتابة قبل القتل، كما ورد في الخبر الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبدالله‏ عليهماالسلام: في المرتد يستتاب « فإن تاب وإلاّ قتل » [۷] [۸]،
الثاني: أنّ مقتضى لزوم الاحتياط في الدماء فيما يرتفع القتل بالتوبة وجوب الاستتابة قبل القتل [۹]، وفي قبال ذلك ذهب أبو حنيفة و الشافعي في أحد قوليه في مورد الارتداد إلى الاستحباب وعدم الوجوب [۱۰] [۱۱]؛ تمسّكاً بإطلاق قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله ‏وسلم: « من بدّل دينه فاقتلوه » [۱۲]، ويرد عليه: أنّ الإطلاق المذكور تقيّده النصوص المتضمّنة للأمر بالاستتابة الظاهر في الوجوب، فلا يجوز القتل قبل الاستتابة، وإنّما يجوز إن لم يتب [۱۳].

الإلزام بالاستتابة أو القتل [تعديل]

ورد الحكم بالاستتابة أو القتل في كلمات الفقهاء في موردين:

← الارتداد
المرتدّ إذا كان ملّياً وجبت استتابته، فإن تاب وإلاّ قتل بلا خلاف بين الفقهاء في ذلك [۱۴] [۱۵] [۱۶] [۱۷] وأمّا إذا كان فطريّاً فيقتل من غير استتابة [۱۸] [۱۹]، نعم، يستثنى من ذلك شارب الخمر مستحلاًّ له فذهب جملة من الفقهاء إلى وجوب استتابته كالملّي [۲۰] [۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵]، ولعلّه للشبهة في حين ذهب بعض منهم إلى عدم وجوب الاستتابة [۲۶] [۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰]، هذا في الرجل ، وأمّا المرأة فإن ارتدّت استتيبت ولم تقتل أبداً، بل تخلّد في السجن ويضيّق عليها في الطعام و الشراب حتى تتوب [۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴]، ثمّ إنّه وقع الكلام في أنّ الزنديق [۳۵] الذي ارتدّ عن غير فطرة هل تقبل توبته كي يستتاب كسائر المرتدّين عن غير فطرة أو لا ؟ في ذلك أقوال:
الأوّل: أنّ توبته لا تقبل، وهو مختار الشيخ الطوسي في الخلاف ناسباً له إلى ما رواه الأصحاب من أنّه لا تقبل توبته [۳۶]؛ لأنّه دين مكتوم، وإلى إجماعهم على هذه الرواية [۳۷]، واستدلّ عليه أيضاً بأنّه لا سبيل للعلم بحصول التوبة من الزنديق الذي يكون مذهبه وعادته إظهار الإسلام مع اعتقاده في الباطن خلاف ما يظهره [۳۸] [۳۹]،
الثاني: أنّ توبته تقبل فيستتاب، وهو مختار بعض الفقهاء [۴۰] [۴۱]، واستدلّ لذلك بما روي عن النبي صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله ‏وسلم من قوله لاُسامة لمّا قتل الأعرابي الذي أظهر الإسلام ـ بعد عدم قبول توبته ـ: « هلاّ شققت عن قلبه ؟» [۴۲] [۴۳]،
الثالث: التفصيل في المسألة، فإن كانت القرائن شاهدة على حصول التوبة منه فتقبل توبته، وإلاّ فلا تقبل؛ لأنّ مجرّد إظهار التوبة غير كافٍ لقبول التوبة منه [۴۴].

← ترك الصلاة
الظاهر من كلام الشيخ الطوسي في المبسوط أنّ من ترك الصلاة ثلاث مرّات لعصيان لا جحود و استحلال يستتاب، فإن تاب سقط عنه القتل، حيث قال: اُمر تارك الصلاة بأن يصلّيها قضاءً، فإن لم يفعل عزّر، فإن انتهى وصلّى برئت ذمّته ، فإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث مرّات قتل في الرابعة... ولا يقتل حتى يستتاب، فإن تاب وإلاّ قتل » [۴۵]، واعترض عليه بأنّ النصوص لا دلالة فيها على الاستتابة [۴۶]، كما أنّ ما دلّ على القتل في الثالثة أو الرابعة مخصوص بالحدود دون التعزيرات .


المراجع [تعديل]

۱. الصحاح ۱: ۹۲.   
۲. لسان العرب ۱: ۲۳۳.   
۳. المصباح المنير: ۷۸.
۴. تحرير الوسيلة ۱: ۴۷۰، م ۵.   
۵. الخلاف ۵: ۳۵۵، ۳۵۶، م ۵.   
۶. جواهر الكلام ۴۱: ۶۱۳.   
۷. الوسائل ۲۸: ۳۳۲، ب ۴ من حدّ المرتدّ، ح ۶.   
۸. الخلاف ۵: ۳۵۶، م ۵.   
۹. جواهر الكلام ۴۱: ۶۱۳.   
۱۰. المبسوط ( السرخسي ) ۱۰: ۹۹.
۱۱. المجموع ۱۹: ۲۲۹.
۱۲. المستدرك ۱۸: ۱۶۳، ب ۱ من حدّ المرتدّ، ح ۲.   
۱۳. جواهر الكلام ۴۱: ۶۱۳.   
۱۴. الجامع للشرائع: ۲۴۰.   
۱۵. القواعد ۳: ۳۴۶.   
۱۶. جواهر الكلام ۴۱: ۶۱۲ ـ ۶۱۳.   
۱۷. تحرير الوسيلة ۲: ۳۶۷، م ۱.   
۱۸. الجامع للشرائع: ۲۴۰.   
۱۹. القواعد ۳: ۳۴۵.   
۲۰. المقنعة: ۷۹۹.   
۲۱. النهاية: ۷۱۱.   
۲۲. الجامع للشرائع: ۵۵۸.   
۲۳. المختلف ۹: ۱۹۱.   
۲۴. المسالك ۱۴: ۴۶۹.   
۲۵. كشف اللثام ۱۰: ۵۶۱.   
۲۶. السرائر ۳: ۴۷۶.   
۲۷. كشف الرموز ۲: ۵۷۰.   
۲۸. القواعد ۳: ۵۵۲    .
۲۹. اللمعة۱: ۲۴۶.   
۳۰. التنقيح الرائع ۴: ۳۷۱.
۳۱. الجامع للشرائع : ۲۴۰.   
۳۲. القواعد ۳: ۳۴۵.   
۳۳. جواهر الكلام ۴۱: ۶۱۱.   
۳۴. تحرير الوسيلة ۲: ۳۶۷، م ۱.   
۳۵. الزنديق: من يظهر الإسلام ويبطن الكفر، الخلاف ۵: ۳۵۲، م ۲.   
۳۶. الكافي ۷: ۲۵۷، ح ۶.   
۳۷. الخلاف ۵: ۳۵۲ ـ ۳۵۳، م ۲.   
۳۸. الخلاف ۵: ۳۵۳، م ۲.   
۳۹. جواهر الكلام ۴۱: ۶۳۱.   
۴۰. الجامع للشرائع: ۵۶۸.   
۴۱. القواعد ۳: ۵۷۶.   
۴۲. كشف اللثام ۱۰: ۶۶۸.   
۴۳. البحار ۲۱: ۶۵.   
۴۴. جواهر الكلام ۴۱: ۶۳۲.   
۴۵. المبسوط ۱: ۱۲۹.   
۴۶. جواهر الكلام ۱۳: ۱۳۳ ـ ۱۳۴.   


المصادر [تعديل]

الموسوعة الفقهية ج۱۱، ص۳۴.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار