إرشاد الجاهل
إرشاد
الجاهل اي هدايته في امور
العقيدة والاحكام الشرعية أو الموضوعات و
التصديقات الخارجية.
تعريف إرشاد الجاهل [تعديل]
إرشاد الجاهل وهو الذي يكون في اصول الدين والعقيدة والمعارف
الإلهية و
الأحكام الشرعية والذي يعبّر عنه غالباً
بالتبليغ أو
التعليم ، وتارة يكون في الموضوعات الخارجية والذي يعبّر عنه في لغة الفقهاء
بالإعلام .
← الإرشاد في اصول الدين وأحكام التشريع
لا ريب في وجوب إرشاد الناس إلى المعارف الإلهية وتعليمهم المقدار الواجب من اصول العقيدة والمسائل الشرعية في الجملة، وقد أكّدت على ذلك
الشريعة المقدسة
كتاباً و
سنّة .
←←اولاً الكتاب
فقوله تعالى: «وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»
[۱] . وقوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»
[۲] [۳] .
←←ثانياً السنّة
فقد وردت روايات كثيرة في طلب
العلم وتعليمه وبذله:
منها: ما رواه الكليني عن طلحة بن زيد عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قرأت في كتاب
علي عليه السلام أنّ اللَّه لم يأخذ على الجهّال عهداً بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهّال؛ لأنّ العلم كان قبل الجهل»
[۴] .
ومنها: ما رواه عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: «زكاة العلم أن تعلّمه عباد اللَّه»
[۵] .
ومنها: ما رواه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
«إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون»
[۶] .
ومنها: ما رواه عن أبي جعفر الأحول عنه عليه السلام أيضاً قال: «لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقّهوا...»
[۷] .
←←قول الفقهاء بوجوب تعليم الاحكام
وقد صرّح
الفقهاء بوجوب تعليم الأحكام الكلية في مواضع ومناسبات عديدة:
قال
الشيخ الأنصاري بالنسبة إلى تعليم الجاهل بالحكم: «نعم، وجب ذلك فيما إذا كان الجهل بالحكم، لكنّه من حيث وجوب تبليغ التكاليف ليستمرّ
التكليف إلى آخر الأبد بتبليغ الشاهد الغائب، فالعالم في الحقيقة مبلّغ عن اللَّه ليتمّ
الحجة على الجاهل ويتحقّق فيه قابلية الإطاعة والمعصية»
[۸] .
وقال
المحقّق العراقي في تعليقته على العروة في مسألة إعلام
المقلِّد بتبدّل فتوى المجتهد: «يجب عليه الناقل إعلامه ثانياً بتبدّل رأيه من باب وجوب إرشاد الجاهل في الأحكام
الكلية كما هو الظاهر من آيتي السؤال والنفر المتقدّمتان، وغيرهما، وربّما يدّعى إجماعهم عليه أيضاً»
[۹] .
وقال
السيد الخوئي في مصباح الفقاهة:
«أمّا الأحكام الكلية الإلهية فلا ريب في وجوب
إعلام الجاهل بها؛ لوجوب تبليغ الأحكام الشرعية على الناس جيلًا بعد جيل إلى يوم القيامة، وقد دلّت عليه آية النفر والروايات الواردة في بذل العلم وتعليمه وتعلّمه»
[۱۰] [۱۱] .
وقال في التنقيح في مسألة ردع
المتخلّي إلى القبلة: «وأمّا لو كان
المكلّف جاهلًا بالحكم ولم يكن جهله رافعاً للحرمة الواقعية- كما في موارد الغفلة والنسيان- فيجب إرشاده من باب وجوب البيان وتبليغ الأحكام الشرعية وحفظها عن الانطماس والاندراس»
[۱۲] .
هذا مضافاً إلى ما ذكره الفقهاء من أنّ تعليم الأحكام من الواجبات التي يحرم أخذ الاجرة عليها عند بحثهم في حكم أخذ الاجرة على الواجبات.
قال
الشهيد الأوّل : «ومن الواجب الذي يحرم أخذ الاجرة عليه تعليم الواجب (عيناً أو كفاية) من
القرآن العزيز والفقه والإرشاد إلى المعارف الإلهية بطريق التنبيه»
[۱۳] .
وقال
الشهيد الثاني : «ومن المكاسب المحرمة الاجرة على تعليم الواجب من التكليف، سواء وجب عيناً كالفاتحة والسورة وأحكام
العبادات العينية، أم كفاية كالتفقّه في الدين وما يتوقّف عليه من المقدّمات علماً وعملًا، وتعليم المكلّفين صيغ العقود والإيقاعات ونحو ذلك»
[۱۴] .
وقال
السيد اليزدي : «لا يجوز الإجارة لإتيان الواجبات... وكتعليم القدر الواجب من اصول الدين وفروعه والقدر الواجب من تعليم القرآن كالحمد وسورة منه...
ويجوز الإجارة لتعليم الفقه والحديث والعلوم الأدبية وتعليم القرآن ما عدا المقدار الواجب ونحو ذلك»
[۱۵] .
وقال
السيد الخميني : «وممّا يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال والحرام فلا يجوز أخذهاالاجرة عليه»
[۱۶] .ومن كلّ ذلك يظهر وجوب
التفقّه في الدين وتعليم الجاهلين اصول وفروع الدين
وجوبا كفائياً كما هو واضح، كما أنّ ظاهرها أيضاً عدم وجوب تعليم ما دون الواجب من المكروهات والمستحبات وما شابهها.
← الإرشاد في موضوعات الأحكام
في وجوب إرشاد
الجاهل في موضوعات الأحكام وعدمه قولان:
←←القول الأوّل الوجوب
وهو ما صرّح به العلّامة في أجوبة المسائل المهنّائية حيث سأله السيد المهنّا عمّن رأى غيره قد أخلّ بشيء من وضوئه أو غسله، وعمّن رأى غيره يتوضّأ بماء
نجس أو
يغسل به أو يصلّي في ثوب نجس، هل يجب عليه أن يعرفه بذلك أم لا؟ فأجاب بأنّه يجب الإعلام؛ لأنّه من باب الأمر
بالمعروف [۱۷] [۱۸] .
ونسب صاحب المعالم احتمال هذا القول إلى بعض الأصحاب حيث قال:
«قال بعض الأصحاب: لو وجد عدلان في ثوب الغير أو مائه نجاسة أمكن وجوب الإخبار؛ لوجوب تجنّب النجاسة وهو متوقّف على الإخبار المذكور فيجب، والعدم؛ لأنّ وجوب التجنّب مع
العلم لا بدونه لاستحالة
تكليف الغافل.
قال: وأبعد منه ما لو كان عدلًا واحداً، وأبعد منهما ما لو كان فاسقاً. ثمّ قال: ولا ريب أنّ الإخبار أولى»
[۱۹] .
ونسبه في الحدائق إلى بعض الفضلاء قال: «وجدتُ منسوباً إلى بعض الفضلاء مسألة مذيلة بالجواب بما هذه صورته:
←←مسألة وجوابها في القول الاول
لو رأى المأموم في أثناء الصلاة في ثوب الإمام نجاسة غير معفوّ عنها فهل يجوز له الاقتداء في تلك الحال أم لا؟
وهل يجب عليه إعلامه أم لا؟...
الجواب: الأولى عدم الائتمام، ويجب الإعلام، ويجب الانفراد...»
[۲۰] .
لكن نوقش في هذا القول بأنّ الأصل عدم وجوب الإعلام، وأنّ أدلّة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مختصة بما إذا كان صدور الفعل من الفاعل منكراً، وفي المقام ليس كذلك؛ لأنّا قد فرضنا جهل الفاعل بالواقع فلا تشمله الأدلّة؛ لعدم توجّه الخطاب للجاهل والناسي، فلا منكر بالنسبة إليهما ولا معروف
[۲۱] .
هذا مضافاً إلى أنّ المفهوم من الروايات أنّه لا يجب الإعلام بمثل ذلك كما يأتي ذكر بعضها في القول الثاني.
ولعلّه لذلك قال العلّامة نفسه في النهاية:
«الأقرب أنّه لا يجب إعلام المصلّي الجاهل بنجاسة ثوبه»
[۲۲] .
←←القول الثاني عدم الوجوب
وهو ما صرّح به جملة من الفقهاء
[۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷] [۲۸] ؛ لعدم قيام الدليل على وجوب الإعلام في أمثال المقام، حيث لا تنطبق عليه كبرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تشمله أدلّتهما لجهل المباشر وعدم صدور الفعل منه منكراً، ولا وجوب تعليم الأحكام الشرعية وإرشاد الجاهلين؛ لأنّه عالم
بالحكم ، وإنّما جهل مورده أو اعتقد طهارته أو حلّيته، ومعه لا يمكن الحكم بوجوب إعلامه.
هذا مضافاً إلى النصوص الدالّة على عدم وجوب الإعلام، بل قد يظهر منها كراهة الإعلام في بعض الموارد فضلًا عن الجواز فكيف بالوجوب:
منها: ما رواه محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دماً وهو يصلّي، قال:
«لا يؤذنه حتى ينصرف»
[۲۹] .
ومنها: ما رواه عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «اغتسل أبي من
الجنابة فقيل له: قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء، فقال له: ما كان عليك لو سكتّ، ثمّ مسح تلك اللمعة بيده»
[۳۰] .
ومنها: ما رواه عبد اللَّه بن بكير قال:
سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجل
أعار رجلًا ثوباً فصلّى فيه وهو لا يصلّي فيه؟ قال:
«لا يُعلمه...»
[۳۱] .
←←تصريح العلماء في الوجوب أو عدمه
وقد صرّح
السيد الخوئي بعدم الفرق في عدم وجوب الإعلام بين ما إذا كان الحكم الواقعي ممّا لا يترتّب عليه أثر بالإضافة إلى المباشر الجاهل، بأن كان ذكرياً مشروطاً بالعلم كما لو رأى أحداً يصلّي بالثوب المتنجس جاهلًا بنجاسته، وبين ما إذا كان للحكم الواقعي أثر يترتّب عليه في نفسه من حيث صحة العمل وبطلانه ومحبوبيته ومبغوضيته وإن كان المباشر معذوراً ظاهراً لجهله كشرب
الخمر أو النجس أو أكل
الميتة ونحوها، فإنّ شرب الخمر مثلًا: مبغوض عند اللَّه واقعاً وإن كان شاربها معذوراً لجهله.
نعم، يحرم التسبيب في الثاني دون وجوب الإعلام
[۳۲] .
بل ذكر قدس سره أيضاً إمكان الحكم بحرمة الإعلام فيما إذا لزم منه إلقاء الجاهل في
العسر والحرج أو كان موجباً لإيذائه
[۳۳] .
هذا، وقد فرّق
السيد الحكيم بين المأكول والمشروب وبين غيرهما، فأوجب فيهما الإعلام دون غيرهما؛ لصحيح معاوية بن وهب (الوارد في
بيع الزيت المتنجّس) عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «... تبيعه وتبيّنه لمن اشتراه ليستصبح به»
[۳۴] [۳۵] من جهة أنّ
الاستصباح ليس محبوباً ومأموراً به، ولا ممّا يترتّب على التنبيه والإعلام، فلا بدّ أن تكون العلّة هي ترك الأكل.
ويتعدّى من الزيت إلى مطلق المأكول والمشروب بقرينة التعليل المحمول على الارتكاز العرفي، فإنّ مقتضاه عدم الفرق بين الزيت وغيره.
نعم، يشكل التعدّي عن المأكول والمشروب إلى غيرهما من
المحرّمات ؛ لعدم مساعدة الارتكاز
العرفي عليه، فالاقتصار عليهما متعيّن
[۳۶] .
ثمّ إنّ بعض
الفقهاء استثنى من عدم وجوب الإعلام الامور المهمة التي يعلم من الشارع الاهتمام بها وعدم رضاه بصدورها ولو من غير المكلّفين، وذلك كما في النفوس والأعراض والأموال الخطيرة، كما لو أراد شخص قتل شخصٍ باعتقاد أنّه سبع أو كافر مهدور الدم وعلمنا أنّه مؤمن محرّم القتل، أو أراد شخص تزويج امرأة وعلمنا أنّها اخته، أو أراد إتلاف مال كثير باعتقاد أنّه مال
الحربي وعلمنا أنّه مال المؤمن لا يجوز إتلافه، ففي هذه الموارد وأمثالها يجب الإعلام من باب حفظ الدماء والأعراض والأموال.
وعدّ بعضهم من هذا القبيل منع
الصبي عن
اللواط و
الزنا وشرب
المسكرات وما شابه ذلك من الموارد التي نعلم باهتمام الشارع بها وعدم رضاه بوقوعها في الخارج بوجه.
وهذا وإن لم يتعرّض له بعض الفقهاء إلّا أنّ الظاهر أنّ ذلك من الواضحات التي يحكم بها العقل قبل الشرع وتفرضها روح الشريعة و
الدين .
هذه صورة إجمالية عن الإرشاد في الموضوعات. وتفصيل ذلك في مصطلح (إعلام).
[۳۷] [۳۸] [۳۹] [۴۰] [۴۱]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۱۰۵-۱۱۰