← العربي والفرق بين الأعرابي والعربي: أنّ الأعرابي هو البدوي وإن كان فارسياً أو تركياً ، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدويّاً، فبينهما عموم من وجه. [۱۷]
← البدوي مفرد بدو، وهم سكّان البادية- أي الصحراء - وأهلها، والبدوي هو المقيم في البادية ومسكنه المضارب والخيام ، ولا يستقرّ في موضع معيّن، والبدو سكّان البادية سواء كانوا من العرب أم من غيرهم. [۱۸][۱۹][۲۰]
الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل] لا فرق في الإسلام بين الأفراد من حيث خصوصية مسكنهم وأنّهم يعيشون بهذه الطريقة أو تلك، فالقروي والبلدي والحضري والمدني والبدوي والأعرابي كلّهم واحد في الحقوق والواجبات .
لكن نظراً لاختلاف طبيعة الحياة من جهة بين الناس كنمط حياة المدينة ونمط حياة القرية، تترتب عليهم أحكام تتناسب مع ذلك.
وكذلك قد يكون في بعض الناس من خلال طبيعة حياتهم طبائع خاصّة تترتب عليها أحكام شرعية .
ولعلّ من ذلك الأعرابي فإنّ بعض الأحكام الثابتة في حقه ترجع إلى نمط عيشه وسكنه وحياته كما فيما يتصل بقصر صلاته ، وكذا صلاة الجمعة والعيدين عليه إذا لم يستوطن، أو فيما يخصّ المرأة المعتدّة الأعرابية من حيث مسألة الخروج من المنزل وعدمه.
والبعض الآخر من الأحكام الواردة في حقّ الأعرابي ترجع إلى الطبائع التي عليها غالب الأعراب عادةً، فإنّ المعروف عنهم أنّهم لا يعرفون الدين ولا الأحكام الشرعية ويفتقدون مظاهر المدنيّة والعلاقات الاجتماعية.
من هنا ورد كراهة إمامة الأعرابي معلّلًا ذلك بأنّه مجافٍ للوضوء والصلاة، [۲۵] وورد نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الناس عن زجر ذاك الأعرابي الذي بال في المسجد ، [۲۶] بل لذلك ورد في بعض النصوص أنّ من لم يتفقه فهو أعرابي، [۲۷] فبعض الأحكام ترجع إلى هذه الخصوصيات فيهم.
وهذا الذي قلناه في فهم أحكام الأعرابي لعلّه كان سبباً في اختلاف الفقهاء كما قلنا سابقاً في تعريفه تبعاً لما يفهم من هذه التشريعات المتعلّقة به.
وعلى أيّة حال، فقد ذكر الفقهاء للأعرابي أحكاماً نشير إلى أهمّها فيما يلي، ونترك تفاصيل ذلك إلى مصطلح (أهل البادية) لا سيما فيما رتب فيه الفقهاء في استعمالاتهم الأحكام على عنوان البدوي أو البدو أو أهل البادية:
← تقصيره في الصلاة من شرائط تقصير الصلاة أن لا يكون المصلّي ممّن بيته معه كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا مسكن لهم معيّناً، بل يدورون في البراري وينزلون في محلّ العشب والكلاء ومواضع القطر واجتماع الماء ؛ لعدم صدق المسافر عليهم. [۴۱][۴۲][۴۳][۴۴][۴۵][۴۶] نعم، لو سافروا لمقصد آخر من حجّ أو زيارة أو نحوهما قصّروا، [۴۷] لكن السيد الخوئي فصّل بين ما إذا كان بيته معه في هذه الحركة أيضاً فيبقى حينئذٍ على التمام، وبين ما لو أبقى بيته من خيم وفسطاط وأمتعة ونحوها وخرج بنفسه لمقصده كسائر المسافرين فيجب القصر. [۴۸] واستشكل بعض الفقهاء فيما لو سافر أحدهم لاختيار منزل أو لطلب محلّ القطر أو العشب وكان مسافة واحتاط بالجمع بين القصر والتمام في هذه الصورة. [۴۹] وللمسألة تفريعات مذكورة في محلّها.
← استحقاق الأعرابي من الغنيمة المراد من الأعراب في هذه المسألة أهل البادية الذين أظهروا الإسلام دون أن يفهموا معانيه ومقاصده، وصولحوا على ترك المهاجرة والمجيء إلى دار الإسلام بترك النصيب . [۶۴][۶۵][۶۶][۶۷][۶۸] وقد اختلف الفقهاء في أنّه هل يستحقّ من الغنيمة نصيباً كسائر المقاتلين أو لا؟
ذهب المشهور [۶۹][۷۰] منهم إلى عدم الاستحقاق ، [۷۱][۷۲][۷۳] بل قيل: لم ينقل فيه خلاف [۷۴] إلّامن ابن إدريس الحلّي. [۷۵] قال الشيخ الطوسي : «فأمّا الأعراب فليس لهم من الغنيمة شيء، ويجوز للإمام أن يرضخ ( الرضخ : هو أن يعطى المرضوخ له شيئاً من الغنيمة ولايسهم لهم سهماً كاملًا، ولا تقدير للرضخ، بل هو موكول إلى نظر الإمام، فإن رأى التسوية سوّى، وإن رأى التفضيل فضّل.) [۷۶] لهم أو يعطيهم من سهم ابن السبيل من الصدقة ؛ لأنّ الاسم يتناولهم». [۷۷] وقد استدلّ [۷۸][۷۹][۸۰] عليه بما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه صالح الأعراب عن ترك المهاجرة والمجيء إلى دار الإسلام، بأن يساعدوا المسلمين إذا استنفربهم العدوّ وليقاتلوا ولا نصيب لهم من الغنيمة. [۸۱] وبرواية طويلة لعبد الكريم الهاشمي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «... أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا، على أنّه إن دهمهم من عدوّه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم، وليس لهم في القسمة نصيب»، [۸۲] في المقابل ذهب بعض الفقهاء إلى الاستحقاق، كابن إدريس حيث قال: «قال بعض أصحابنا: إنّه ليس للأعراب من الغنيمة شيء وإن قاتلوا مع المهاجرين. وهذه رواية شاذّة مخالفة لُاصول مذهب أصحابنا... لأنّه لاخلاف بين المسلمين أنّ كلّ من قاتل من المسلمين فإنّه من جملة المقاتلة، وأنّ الغنيمة للمقاتلة وسهمه ثابت في ذلك، فلا يخرج من هذا الإجماع إلّابإجماع مثله، أو دليل مكافٍ له، ولا يرجع فيه إلى أخبار آحاد لا توجب علماً ولا عملًا ». [۸۳] ونوقش فيه بأنّه مع الصلح على ذلك يسقط الاستحقاق. [۸۴][۸۵] وتردّد بعضهم في المسألة. [۸۶][۸۷][۸۸][۸۹][۹۰]
← صلاة الأعرابي ليس للأعرابي صلاة مختلفة عن غيره لكن الفقهاء ذكروا في الصلوات المندوبة صلاةً سمّيت بصلاة الأعرابي ، أي سمّيت باسم السائل الذي سأل، وإلّا فهي صلاة مندوبة لجميع المسلمين .
ورغم تداول ذكر هذه الصلاة في الصلوات المندوبة في كتب الفقهاء إلّا أنّه ذكر بعض الفقهاء عدم ثبوتها من طرق الشيعة ، [۱۲۰][۱۲۱] بل احتاط الشيخ النجفي وقال: « الأحوط ترك هذه الصلاة». [۱۲۲] وأصل هذه الصلاة يرجع إلى الرواية التي ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب مصباح المتهجّد وهي كالتالي:
روي عن زيد بن ثابت قال: أتى رجل من الأعراب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: بأبي أنت وامّي يا رسول اللَّه! إنّا نكون في هذه البادية بعيداً من المدينة ، ولا نقدر أن نأتيك في كلّ جمعة ، فدلّني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا مضيت إلى أهلي خبّرتهم به، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كان ارتفاع النهار ، فصلّ ركعتين ، تقرأ في أوّل ركعةٍ الحمد مرّة، وقُل أعوذُ بربّ الفلق سبع مرّات، وتقرأ في الثانية الحمد مرّة، وقُل أعوذُ برب الناس سبع مرّات، فإذا سلّمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرّات، ثمّ قم، فصلّ ثمان ركعات بتسليمتين، واقرأ في كلّ ركعة منها الحمد مرّة، وإذا جاء نصر اللَّه والفتح مرّة، وقُل هو اللَّه أحد خمساً وعشرين مرّة. فإذا فرغت من صلاتك فقل: سبحان اللَّه ربّ العرش الكريم، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العلي العظيم، سبعين مرّة. فوالذي اصطفاني بالنبوّة ، ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلّي هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول إلّا أنا ضامن له الجنة ، ولا يقوم من مقامه حتى يُغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما». [۱۲۳] وهذه الرواية مرسلة حيث لم يذكر لها الشيخ الطوسي سنداً ، ولعلّ الفقهاء أدرجوا مضمونها في الصلوات المندوبة، عملًا بقاعدة التسامح في أدلّة السنن .