شروط الرضاع
و إنّما يحرم
الرضاع بشروط، و شروطه أربعة: الأول: كون
اللبن عن
نكاح ، الثاني: الكميّة، الثالث: أن يكون في الحولين، الرابع: أن يكون اللبن لفحل واحد.
كون اللبن عن نكاح [تعديل]
أن يكون اللبن عن
نكاح أي
وطء صحيح إجماعاً وإن كان شبهة، كما هو المشهور؛ للعمومات،
[۱] و إلحاقها بالعقد في
النسب . و تردّد فيه
الحلّي ؛
[۲] و لعلّه للأصل، و منع العموم في الرضاع المطلق في
الآية [۳] و الأخبار،
[۴] المنصرف إلى غير الشبهة؛ لندرتها، و اختصاص الملحق لها بالنسب من الإجماع بغير محلّ الخلاف، و لا نصّ عامّاً يدلّ عليه. مضافاً إلى ما سيأتي من أدلّتهم لنفي النشر عن لبن
الزناء من مفهوم الصحيح و غيره،
[۵] و مال إليه بعض المتأخّرين؛
[۶] [۷] لذلك. و لا يبعد جعل الشهرة العظيمة كاشتراكها مع المنكوحة بالمناكحة الصحيحة في أغلب الأحكام الشرعيّة قرينةً لإدخالها في إطلاق الأدلّة.
و يمكن نقض أدلّته بمثلها في جانب الحرمة، بمعارضة
أصالة الإباحة بأصالة الحرمة السابقة على المناكحة. و منع العموم فيما دلّ على إباحة نكاح النسوة؛ لانصرافه إلى غير الشبهة؛ لندرتها. و بعد التعارض يرجع إلى الترجيح، و لا ريب أنّه من جهة الشهرة مع
أصالة الحرمة ، و بعد تسليم التساوي الموجب للتساقط تحتاج الإباحة إلى دلالة، فتأمّل جدّاً. و سيأتي الجواب عن الصحيح و غيره.
[۸]و كيف كان، فالعمل على المشهور إن أمكن ، و إلاّ فيحتاط بالطلاق و نحوه. و على تقدير الأشهر، يختصّ النشر بمن اختصّت به، فلا نشر في الآخر؛ لإلحاقه بالزناء الغير الناشر.
← اعتبار صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد
و يعتبر مع صحّة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد بالنكاح المزبور، فلو درّ اللبن من الخالية منهما لم يعتبر و إن كانت منكوحة نكاحاً صحيحاً؛ للأصل، و عدم شمول أدلّة النشر لمثله، مع دعوى
الإجماع صريحاً
[۹] [۱۰] [۱۱] و عدم الخلاف فيه ظاهراً. و خصوص الموثّق: عن
امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت جارية و غلاماً بذلك اللبن، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاعة؟ قال: «لا».
[۱۲] [۱۳] [۱۴]و منه يظهر وجه عدم اعتبار الدرّ من دون نكاح، فإنّه بطريق أولى.
← عدم نشر الحرمة بالزناء
أو معه ولكن كان من زناء فإنّه لم ينشر حرمة، مع دعوى الإجماع هنا أيضاً،
[۱۵] بل لعلّه ظاهر. و ربما استدلّ له بالصحيح: عن لبن
الفحل ، قال: «ما أرضعت امرأتك من لبنك و لبن ولدك وَلَدَ امرأة أُخرى فهو حرام».
[۱۶] [۱۷] [۱۸] [۱۹]و فيه نظر؛ لاحتمال الورود مورد الغالب، مع عدم اشتراط كون المرضعة زوجة لصاحب اللبن، بل يكفي كونها مملوكة أو موطوءة شبهة أو متعة، مع عدم صدق: «امرأتك» المتبادر منها الزوجة الدائمة على المذكورات. فالعمدة هو الإجماع.
← اشتراط الولادة في النشر
و في اشتراط الولادة، أم الاكتفاء بالحمل، قولان، أصحّهما و أشهرهما كما قيل
[۲۰] ـ : الأوّل، وفاقاً للتحرير و
التذكرة و
النهاية و حكي عن
السرائر و الخلاف و الغنية مدّعين الإجماع عليه؛
[۲۱] [۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷] و هو
الحجّة ، مع
الأصل ، و فقد المخصِّص؛ لعدم انصراف
الإطلاق إليه؛ للندرة، و خصوص الموثّق المتقدّم. و نحوه الخبر: عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة، فأرضعت ذكراناً و أُناثاً، أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع؟ فقال: «لا».
[۲۸] [۲۹]خلافاً للقواعد و المسالك و ظاهر الروضة و المحكيّ عن المصنّف و موضع من
المبسوط فالثاني؛
[۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴] للعموم، و هو ضعيف.
← اشتراط البقاء على الحبالة
و لا يشترط البقاء على
الحبالة ، فلو طلّقها أو مات عنها و هي حامل أو مرضع، فأرضعت ولداً رضعةً ناشرةً للحرمة، نَشَرَ الحرمة كما لو كانت في حبالته، و إن تزوّجت بغيره مطلقاً، حملت منه أم لا، بقي اللبن بحاله أم زاد بعد
انقطاع ؛ للعموم، مع دعوى الإجماع عليه.
إلاّ أن تلد منه و ترضع بلبنها المستمرّ إلى الولادة، فلا تنشر الحرمة في حقّ من خرجت من حبالته، و في
التذكرة : الإجماع عليه من الكلّ.
[۳۵]
و كذا لو حبلت منه و انقطع اللبن انقطاعاً بيّناً، ثم يعود من وقت يمكن أن يكون للثاني، فلا ينشر حرمةً في الأول، كما نُسِبَ إلى
الأصحاب .
[۳۶] [۳۷] و في نشره لها في الثاني الخلاف المتقدّم، و الأصحّ: العدم، كما تقدّم.
← اعتبار حياة المرضعة
و يعتبر في النشر حياة المرضعة وفاقاً، كما يظهر من التذكرة
[۳۸] و الصيمري، فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل النصب ميتةً لم ينشر حرمة و إن تناوله إطلاق العبارة و صَدَق عليه اسم الرضاع؛ حملاً له كإطلاق الأدلّة على الأفراد المعهودة المتعارفة و هو إرضاع الحيّة و دلالةِ الأدلّة اللفظيّة على
الإرضاع بالاختيار، كقوله سبحانه (وَ أُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ)
[۳۹] مع أصالة الإباحة.
كمية الإنبات في الرضاع [تعديل]
•
كمية الإنبات في الرضاع ، لا يكفى في
التحريم بالرضاع مسمى
الارتضاع بل لزم أن يكون مما ينبت اللحم و يشد العظم، بأن يكون يوما و ليلة، أو عشر رضعات متواليات.
← قيود الرضعات
•
قيود الرضعات ، و يعتبر في الرضعات العدديّة و الزمانيّة قيود ثلاثة: كمال الرضعة، و امتصاصها من الثدي، أي حتى في إنبات اللحم و اشتداد العظم، و أن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة.
يكون الرضاع في الحولين [تعديل]
أن يكون الرضاع الناشر مطلقاً بتمامه في الحولين اللذين ابتداؤهما من انفصال تمام الولد إلى الجزء الأخير من الشهر الرابع و العشرين، إن ابتدأ في أول
الهلال ، و إلاّ يحسب الثلاثة و العشرون هلاليّة، و يتمّ المنكسر من الشهر الخامس و العشرين، كما في سائر الآجال.
و يكفي في حصول الشرط تمام الجزء الأخير من الرضاع بتمام مثله من الحولين، فالمراد: عدم وقوع شيء من الرضاع بعد تمامهما، و اعتباره مقطوع به في كلام الأصحاب، مدّعى عليه الإجماع كما يأتي؛ للنصوص:
← الاستدلال بالرواية الأولى
منها الخبر: «لإرضاع بعد فطام» قال: قلت: و ما
الفطام ؟ قال: «الحولين اللذين قال الله عزّ وجلّ».
[۴۰] [۴۱] [۴۲] [۴۳] [۴۴]
و ضعفه بسهل على الأشهر سهل، بل صحيح على الأظهر عند بعض،
[۴۵] و مع ذلك بالإجماع معتضد.
و يستفاد منه حصول التحريم بالرضاع في الحولين مطلقاً و لو فطم قبلهما، و عدمه به بعدهما مطلقاً و لو لم يفطم؛ لتفسيره الفطام الذي لم ينشر معه
الرضاع بمضيّ الحولين، فلا عبرة بما عداه إن حصل، كما لا عبرة بالرضاع بعده و لو لم يحصل الفطام اللغوي؛ لحصول الشرعي، الذي هو المعيار.
و الأمران مقطوع بهما في كلامهم بل عن الشهيد
الإجماع على الثاني
[۴۶] عدا العماني في الأول؛
[۴۷] لإطلاقه عدم الرضاع بعد الفطام، الشامل لمثل هذا الفطام؛ تبعاً للأخبار: كالحسن: «لإرضاع بعد فطام».
[۴۸] [۴۹]
← الاستدلال بالرواية الثانية
و الخبر المصحّح في كلام بعض
[۵۰]: «الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم».
[۵۱] [۵۲] [۵۳]
و هو ضعيف؛ لحمل إطلاقهما على الخبر المتقدّم المفسّر لهما، فيحمل: «قبل أن يفطم» في الرواية الثانية على كونه تأكيداً لقبل الحولين، مفسّراً له، و لا مانع من حمل كلامه عليه، فلا خلاف.
و
الإسكافي في الثاني،
[۵۴] فصرّح بالنشر بالرضاع بعدهما بلا فطام يفصلهما؛ لإطلاق مفهوم نحو
الحسن المتقدّم.
← الاستدلال بالرواية الثالثة
و خصوص الموثّق: «الرضاع بعد الحولين قبل أن يفطم يحرّم».
[۵۵] [۵۶] [۵۷] [۵۸]
وضعف الأول ظاهر بعد ما تقدّم. و الموثّق غير مكافئ له بوجه، مع حمله في كلام
شيخ الطائفة على
التقية ،
[۵۹] مع احتماله لمحامل غير بعيدة منافية للدلالة، كتخصيص الحولين بولد المرضعة و الفطام بالمرتضع، أي الرضاع بعد حولي ولد المرضعة قبل أن يفطم المرتضع و يتمّ حولاه ينشر الحرمة، كما عليه مشهور الطائفة، و سيأتي إليه الإشارة.
[۶۰]
و هو أي الرضاع قبل الحولين يراعى في المرتضع بمعنى: وقوعه قبل حولية، إجماعاً كما في القواعد و المسالك،
[۶۱] [۶۲] و عن جماعة عن
الخلاف و
الغنية ؛
[۶۳] [۶۴] للنصوص المتقدّمة.
دون ولد المرضعة فينشر الحرمة و لو وقع الرضاع قبل حولي المرتضع بعد حولية على الأصحّ الأشهر، وفاقاً للحلّي و الفاضلين و الشهيدين،
[۶۵] [۶۶] [۶۷] [۶۸] [۶۹] و كثير من المتأخّرين،
[۷۰] [۷۱] [۷۲] بل عليه الإجماع عن بعض.
[۷۳] لعموم الأدلّة على نشر الرضاع للحرمة من
الكتاب و
السنّة ، الشاملة لمثل المسألة، المؤيّدة بأصالة بقاء الحرمة السابقة على المناكحة، و لا قاطع مخرج عنها من الأدلّة؛ للشكّ في دخول مثلها في النصوص المتقدّمة لو لم يدّع عدمه للتبادر و
السياق كما وقع في كلام جماعة.
[۷۴] [۷۵]
و على تقدير تسليم الظهور بالعموم لو كان فهو غير كافٍ في تخصيص عموم الأدلّة القطعيّة؛ إذ المناط فيه قوة الدلالة، بل قطعيّتها، كما يشعر بها كلام جماعة، و هي في النصوص منتفية بالضرورة، فتخصيصها به جرأة عظيمة.
← الاستدلال بالرواية الرابعة
نعم، في الموثّق الموقوف إلى ابن بكير: سأله ابن فضّال في
المسجد ، فقال: ما تقولون في
امرأة أرضعت غلاماً سنتين، ثم أرضعت صبيّة لها أقلّ من سنتين حتى تمّت السنتان، أيفسد ذلك بينهما؟ فقال لا يفسد ذلك بينهما؛ لأنّه لإرضاع بعد فطام، و إنّما قال
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) : «لإرضاع بعد فطام» أي أنّه إذا تمّ للغلام سنتان أو
الجارية فقد خرج من حدّ اللبن، و لا يفسد بينه و بين مَن شرب من لبنه.
[۷۶] [۷۷] [۷۸]
و هو و إن كان نصّاً، إلاّ أنّ مرجعه إلى اجتهاد ابن بكير المردود بما قدّمناه، و معارضتِه بتفسير
الكليني و
الصدوق : «لا رضاع بعد فطام» بما يوافق المشهور،
[۷۹] [۸۰] و ترجيحهما على مثله ظاهر.
فظهر ضعف اعتباره في ولد المرضعة أيضاً، كما عن جماعة، منهم:
ابن زهرة .
[۸۱] و دعواه
الإجماع عليه بمصير معظم
الأصحاب على خلافه موهونة، مع معارضتها بحكاية الإجماع على خلافه، المتقدّمة، المعتضدة بالشهرة.
اللبن لفحل واحد [تعديل]
أن يكون اللبن الناشر لفحل واحد. و لاعتبار هذا الشرط وجهان:
أحدهما و هو المناسب للمقام و سائر الشروط المتقدّمة: اعتباره لثبوت
أصل التحريم بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن، و لا خلاف فيه بيننا، بل عليه الإجماع منّا في
التذكرة ؛
[۸۲] و عليه دلّت الموثّقة
[۸۳] في رضاع اليوم و الليلة.
فلو ارتضع من امرأة بعض العدد من لبن
فحل ، و منها بعينها تمامه من لبن فحل آخر بعد تزويجها منه و مفارقتها الأول، لم ينشر حرمة أصلاً، فتحلّ له المرضعة و صاحبا اللبن إن كان أُنثى. و يفرض المثال لو استقلّ الولد بالمأكول أو اللبن المَوجُور في فيه و لو منها على ما تقدّم في المدّة المتخلّلة بين الرضاعين، بحيث لا يفصل بينهما برضاع أجنبيّة. و لا قَدْحَ بمثله في حصول التحريم بالرضعات كما مرّ.
و الثاني و هو المقصود من العبارة و المتداول في كلام
الطائفة ، الذي صار محلّ النزاع و المشاجرة بين
الخاصّة و
العامّة : اعتباره لحرمة أحد المرتضعين على الآخر، بعد حصولها لأحدهما مع المرضعة و صاحب لبنه.
← الرضيعتان بلبن فحل واحد
فيحرم الصبيّان أحدهما على الآخر كحرمتهما على المرضعة و الفحل إذا كانا يرتضعان بلبن فحل واحد بلا كلام و لو اختلف المرضعتان.
و لا يحرم أحدهما على الآخر على الأشهر الأظهر، بل عليه
الإجماع في التذكرة و عن الحلّي
[۸۴] [۸۵] و ظاهر غيرهما
[۸۶] [۸۷] لو رضع كلّ واحد من لبن فحل غير فحل الآخر و إن اتّحدت المرضعة فيكفي الاخوة من جهة الأُبوّة، و لا يكفي من جهة الأُمومة.
←←الاستدلال بالروايات
للمعتبرة، كالصحيح: عن الرجل يرضع من امرأة و هو غلام، أيحلّ له أن يتزوّج أُختها لأُمّها من الرضاعة؟ فقال: «إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحلّ، و إن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس».
[۸۸] [۸۹] [۹۰] [۹۱]
و الموثّق: عن غلام رضع من امرأة، أيحلّ له أن يتزوّج أُختها لأبيها من الرضاعة؟ فقال: «لا، قد رضعا جميعاً من لبن فحل واحد» قال: قلت : فيتزوّج أُختها لأُمّها من الرضاعة؟ قال: «لا بأس بذلك، إنّ أُختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام، فاختلف الفحلان، فلا بأس».
[۹۲] [۹۳] [۹۴] [۹۵]
و هما مع اعتبار سندهما يستلزمان المدّعى و صريحان فيه، و مع ذلك معتضدان بالشهرة العظيمة و الإجماعات المنقولة و المخالفة للعامّة، كما يظهر من
الحلّي و
المسالك و
التذكرة ،
[۹۶] [۹۷] [۹۸] و بما دلّ
[۹۹] على اعتبار اتّحاد الفحل بالمعنى الأول؛ أي اعتباره لثبوت أصل التحريم بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن بناءً على دلالته على عدم حصول البنوّة من جهة الأُمومة خاصّة، فعدم حصول الاخوّة من جهتها بطريق أولى. و لا بُعدَ في جعله دليلاً، كما يوجد في كلام جماعة. و نحوه ما دلّ على عدم اعتبار ما خلا عن
نكاح .
و بالصحيح بل هو دليل آخر برأسه على الصحيح: عن قول
الله عزّ و جلّ «وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً»
[۱۰۰] فقال: «إنّ الله تعالى خلق
آدم من الماء العذب، و خلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع سبب و نسب، ثم زوّجها إيّاه، فجرى بسبب ذلك بينهما صِهر، و ذلك قول الله عزّ و جلّ: «نَسَباً وَ صِهْراً» فالنسب يا أخا بني عجل ما كان بسبب الرجال، و الصهر ما كان من سبب النساء» قال: قلت له: أرأيت قول
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) : «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟» فسِّر لي ذلك، فقال: «كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلها وَلَد امرأة أُخرى من
جارية أو
غلام فذلك الرضاع الذي قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم)، و كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحداً بعد واحد من جارية أو غلام، فإنّ ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، و إنّما هو من سبب ناحية الصهر رضاعٌ و لا يحرّم شيئاً، و ليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرّم».
[۱۰۱] [۱۰۲]
←←بيان الدليل
و هو كما ترى ظاهرٌ في المختار، بناءً على كون الظاهر كون «واحداً بعد واحد» مفعولاً لـ «أرضعت» و «من غلام أو جارية»، بياناً لهما، و لا يحتمل الحاليّة عن الفحلين؛ لأمرين:
أحدهما: أنّه لا يستفاد منه حينئذٍ شيء زائد عمّا استفيد قبله، فيكون تأكيداً، و ما ذكرناه تأسيس، فهو أولى.
و ثانيهما: استلزام ذلك إمّا تقدير المفعول، و هو خلاف الأصل، أو جعله مدخول
الجار ، و هو خلاف الظاهر، أو جعله زائداً، و هو كالأول، فتعيّن ما ذكرناه.
و لا ينافيه وقوعه تفسيراً للرضاع المحرّم؛ بناءً على تصريحه بعدم النشر مع تعدّد الفحل، الظاهر في عدمه مطلقاً، حتى بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن؛ لاحتمال كونه تفسيراً للرضاع المحرّم كلّياً تحريماً عامّاً، حتى لأحد الرضيعين على الآخر، لا
أصل التحريم و لو كان جزئياً حتى ينافي ذلك.
فيكون المراد : أنّ الرضاع الذي قال رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أي الذي يحرم تحريم النسب من الجانبين مطلقاً، حتى بين المرتضعين هو الرضاع الذي يتّحد مع الفحل، و أمّا إذا تعدّد فلا يحرم ذلك التحريم العام، و إن حرم الجزئي بين الرضيع و المرضع و صاحب اللبن بقدر ما وجد فيه من علّة التحريم، أعني: ما يستفاد من الصدر و الذيل، و هو الشباهة بالنسب، الناشئة من جهة الفحل خاصّة دون المرضعة؛ لبعدها عنها، و قربها من الشباهة بالمصاهرة.
ثم على تقدير تسليم ما ذكر من الاحتمال، فهو يدلّ على المختار أيضاً؛ بفحوى الخطاب الذي تقدّمت إليه الإشارة، و عموم التعليل في الذيل لما ذكر لما نحن فيه؛ لصدق كون الاخوّة إنّما هي من ناحية
المصاهرة لا النسبيّة، التي جُعلت مناطاً لنشر
الرضاع للحرمة.
و بهذه الأدلّة يخصَّص عموم
الكتاب و
السنّة إن كان دلالتها على الشمول لمثل المقام واضحة.
فخلاف الطبرسي
[۱۰۳] ضعيف، وليس عليه دلالة في الخبر: قال مولانا
الرضا (علیهالسّلام) : «ما يقول أصحابك في الرضاع؟» قال: قلت: كانوا يقولون: اللبن للفحل، حتى جاءتهم
الرواية عنك: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فرجعوا إلى قولك، قال: فقال لي: «و ذلك أنّ
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) سألني عنها، فقال: اشرح لي: اللبن للفحل، و أنا أكره الكلام، فقال لي: كما أنت حتى أسألك عنها، ما قلتَ في رجل كانت له أُمّهات أولاد شتّى، فأرضعت واحدة منهن بلبنها غلاماً غريباً، أليس كلّ شيء من ولد ذلك الرجل من أُمّهات الأولاد الشتّى محرّم على ذلك الغلام؟» قال: «قلت: بلى» فقال لي أبو الحسن (علیهالسّلام) «ما بال الرضاع يحرّم من قبل الفحل و لا يحرّم من قبل الأُمّهات؟! و إنّما حرّم الله تعالى من قبل الأُمّهات و إن كان لبن الفحل أيضاً يحرّم».
[۱۰۴] [۱۰۵] [۱۰۶] [۱۰۷]
إذا هو مع قصور سنده بجهالة
الراوي لا يستفاد منه سوى تحريم أولاد المرضعة نسباً على المرتضع، و ليس من محلّ البحث في شيء، و على تقدير كونه منه فحمله على
التقيّة كما صرّح به جماعة
[۱۰۸] [۱۰۹] متعيّن.
فالعجب كلّ العجب ممّن جعل الحمل منعكساً، فحمل ما تقدّم على التقيّة.
[۱۱۰] و لو
احتيط كان أجود.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۱۲۸-۱۵۲.
رده:الرضاع