ثبوت السرقة - ویکی فقه 


ثبوت السرقة


يثبت الموجب بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين، ولو أقر مرة عزر ولم يقطع. ويشترط في المقر بالسرقة: التكليف ، والحرية ، والاختيار ؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع؛ نعم لو رد السرقة بعينها قطع؛ وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر.


الموجب للقطع [تعديل]

يثبت الموجب للقطع بالإقرار به مرّتين، أو بشهادة عدلين بلا خلاف ولا إشكال؛ للعمومات، وخصوص ما يأتي من بعض الروايات.

الإقرار مرة [تعديل]

ولو أقرّ به مرّة واحدة اغرم الذي أقرّ به بلا خلاف، ولكن لم يقطع كما قطع به الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في بعض العبائر [۱]، بل فيه عن الخلاف التصريح بالإجماع [۲]؛ وهو الحجّة .

← الاستدلال بالروايات
مضافاً إلى المعتبرين ولو بالشهرة، المرويّ أحدهما هنا في الكافي والتهذيب : «لا يقطع السارق حتى يقرّ بالسرقة، مرّتين، فان رجع ضمن السرقة ، ولم يقطع إذا لم يكن شهود» [۳] [۴] [۵] [۶] [۷].
ونحوه الثاني المرويّ في التهذيب في باب حدّ الزناء [۸] [۹] [۱۰]، وهو أوضح من الأول سنداً؛ إذ ليس فيه إلاّ عليّ بن السندي ، وقد قيل بحسنه [۱۱] [۱۲] [۱۳]
، بخلافه؛ لتضمّنه عليّ بن حديد الضعيف، [۱۴]والإرسال بعده، لكنّه لجميل ابن درّاج المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه.

← القول بالقطع
خلافاً للمحكيّ عن المقنع ، فيقطع [۱۵] [۱۶]؛ للعموم، وإطلاق ما دلّ على‌ القطع بالسرقة من النصوص ، وخصوص الصحيح: «إن أقرّ الرجل الحرّ على نفسه بالسرقة مرّة واحدة عند الإمام قطع» [۱۷] [۱۸] [۱۹]. ونحوه آخر يأتي ذكره، مع ضعف المعارض بما مرّ.

← الفحص في معنى القطع
وهو حسن لولا ما مرّ من الجابر، وبه يترجّح على المقابل، فيخصّ به العموم، وكذا الإطلاق يقيّد به، والصحيحان يصرفان به عن ظاهرهما:
باحتمال أن يكون معنى القطع فيهما: قطعه عن الإقرار ثانياً، كما روي: أنّ سارقاً أقرّ عند مولانا أمير المؤمنين (علیه‌السّلام) ، فانتهره، فأقرّ ثانياً، فقال: أقررت مرّتين، فقطعه [۲۰] [۲۱]؛ وهو حجّة أُخرى على المختار، وبالجابر المتقدّم يجبر ما فيه من الضعف أو الإرسال.
أو يكون متعلّق الظرف بالسرقة، فيكون مطلقاً في عدد الإقرار، بل مجملاً، كما صرّح به شيخ الطائفة . قيل: ويقر به إمكان توهّم المخاطب أو بعض الحاضرين في المجلس أنّه لا قطع ما لم يتكرّر السرقة [۲۲].
ولكن الإنصاف بُعد هذين الحملين، ولعلّه لذا لم يُجب الشيخ عنهما في الكتابين إلاّ بالحمل على التقيّة ، قال: لموافقتها لمذهب بعض العامّة .

← اعتبار الإقرار مرتين
وربما يشير إليه الموثّق كالصحيح بفضالة، عن أبان ، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنهما، عن مولانا الصادق (علیه‌السّلام) ، أنّه قال: «كنت عند‌ عيسى بن موسى، فأُتي بسارق وعنده رجل من آل عمر، فأقبل يسألني، فقلت: ما تقول في السارق إذا أقرّ على نفسه أنّه سرق؟ قال: يقطع، قلت: فما تقولون في الزاني إذا أقرّ على نفسه أربع مرّات؟ قال: نرجمه، قلت: وما يمنعكم (من السارق) إذا أقرّ على نفسه مرّتين أن تقطعوه، فيكون بمنزلة الزاني؟!» [۲۳] [۲۴] [۲۵].
وهو أيضاً ظاهرٌ في اعتبار الإقرار مرّتين هنا، من حيث جعل السارق بمنزلة الزاني؛ بناءً على أنّ الزناء لمّا كان بين اثنين يشترط فيه الأربعة، كما ورد في بعض الأخبار في البيّنة [۲۶]، فيكون لكلّ منهما إقراران، ففي السرقة أيضاً لا بُدّ من إقرارين.
ولعلّ هذا إلزام عليهم بما يعتقدونه من الاستحسانات.
قيل: مع أنّه موافقٌ للعلّة الواقعيّة [۲۷].
هذا، مع ظهور الدلالة فيه عليه من وجه آخر، وهو: أنّ صدره ظاهرٌ في قطعهم السارق بالإقرار ولو مرّة، فقوله (علیه‌السّلام) في ذيله: «وما يمنعكم (من السارق) إذا أقرّ» إلى آخره. إن حُمِلَ على ظاهره من عدم قطعهم بالإقرار مرّتين نافي ذيله صدره، فينبغي أن يحمل على أنّ المراد: ما يمنعكم أن تشترطوا في القطع بالإقرار وقوعه مرّتين، بمناسبته لاعتبار تعدّده أربعاً في الزناء.
هذا، ولو سلّم خلوصهما عن جميع ذلك، فهما شاذّان لا عامل بهما‌ حتى الصدوق لظهورهما في اشتراط وقوع الإقرار مرّة عند الإمام في الاكتفاء بها، وأنّه ليس مطلقاً، ولم يقل به الصدوق لاكتفائه بها مطلقاً، فتأمّل جدّاً.
نعم، في المختلف [۲۸] احتمل العمل بهما، والفرق بين الإقرار عند الإمام فمرّة، وعند غيره فمرّتين، بوجهٍ لا يصلح له سنداً. هذا، مع أنّ الاحتمال ليس بقول.
وكذا قول المقنع بما مرّ ليس بمتحقّق وإن حكي عنه في المختلف وغيره، فقد قال بعض الأفاضل بعد نقل حكايته عنه: لم أره فيما عندي من نسخه [۲۹].
وعلى هذا يتقوّى الإجماع الظاهر والمدّعى، ويتعيّن القول الذي اخترناه قطعاً، مضافاً إلى تأيّده زيادة على ما مضى بالاستقراء ؛ لاتّفاق الفتاوى على اعتبار المرّتين في جميع الحدود ما عدا الزناء، مع بناء الحدود على التخفيف، ودرئها بالشبهة الحاصلة في المسألة من الاختلاف المتقدّم إليه الإشارة، ولا أقلّ منها.

شروط المقر [تعديل]

شروط المقر بالسرقة ، ويشترط في المقر بالسرقة: التكليف ، والحرية [۳۰] [۳۱] [۳۲] [۳۳] [۳۴]، والاختيار ؛ ولو أقر بالضرب لم يقطع [۳۵] [۳۶] [۳۷]؛ نعم لو رد السرقة بعينها قطع [۳۸] وجماعة ممّن تبعه [۳۹] [۴۰] [۴۱] [۴۲] [۴۳] [۴۴] [۴۵]؛ وقيل: لا يقطع [۴۶]، لتطرق الاحتمال وهو أشبه؛ ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر [۴۷] [۴۸] [۴۹] [۵۰] [۵۱] [۵۲] [۵۳] [۵۴] [۵۵].

المراجع [تعديل]

۱. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۴۲۷.   
۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف، ج۵، ص۴۴۳.   
۳. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۲۱۹، ح۲.   
۴. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ج۴، ص۴۳، ح۱۴۵.   
۵. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۲۹، ح۵۱۵.   
۶. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۲۵۰، ح۹۴۸.   
۷. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۴۹، أبواب حدّ السرقة ب۳، ح۱.   
۸. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۸، ح۲۱.   
۹. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۲۰۴، ح۷۶۲.   
۱۰. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۵۱، أبواب حدّ السرقة ب۳، ح۶.   
۱۱. المجلسى، محمد باقر، ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج۱۶، ص۱۹.   
۱۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، ج۲، ص۱۸۵.   
۱۳. الوحيد البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال، ص۲۳۳.
۱۴. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، خلاصة الاقوال، ص۳۶۷.   
۱۵. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‌، ج۹، ص۲۱۰.   
۱۶. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، المقنع، ص۱۵۱.   
۱۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۲۶، ح۵۰۴.   
۱۸. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۲۵۰، ح۹۴۹.   
۱۹. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۵۰، أبواب حدّ السرقة ب۳، ح۳.   
۲۰. القاضي المغربي، أبو حنيفة، دعائم الاسلام، ج۲، ص۴۷۴، ح۱۷۰۱.   
۲۱. النوري الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، ج۱۸، ص۱۲۲، أبواب حدّ السرقة ب۳، ح۱.   
۲۲. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۴۲۷.   
۲۳. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۲۶-۱۲۷، ح۵۰۵.   
۲۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۲۵۰، ح۹۵۰.   
۲۵. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۵۰، أبواب حدّ السرقة ب۳، ح۴.   
۲۶. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۹۴، أبواب حدّ الزناء ب۱۲.   
۲۷. المجلسى، محمد باقر، ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج۱۶، ص۲۵۲.   
۲۸. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‌، ج۹، ص۲۱۰.   
۲۹. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۴۲۷.   
۳۰. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف، ج۵، ص۴۵۳.   
۳۱. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ج۴، ص۷۰، ح۵۱۲۹.   
۳۲. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۱۲، ح۴۴۰.   
۳۳. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۴، ص۲۴۳، ح۹۲۰.   
۳۴. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۳۰۵، أبواب حدّ السرقة ب۳۵، ح۱.   
۳۵. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۲۶۱، ح۶.   
۳۶. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۴۸-۱۴۹، ح۵۹۲.   
۳۷. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۶۱، أبواب حدّ السرقة ب۷، ح۲.   
۳۸. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، النهاية في مجرد الفقه و الفتاوي، ص۷۱۸.   
۳۹. الحلي، يحيى بن سعيد، الجامع‌ للشرائع، ص۵۶۱.   
۴۰. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‌، ج۹، ص۲۰۹.   
۴۱. الشهيد الأول، محمد بن جمال الدين، غاية المراد في شرح نكت الإرشاد، ج۴، ص۲۶۲.   
۴۲. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۲۲۳، ح۹.   
۴۳. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۰۶، ح۴۱۱.   
۴۴. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، علل الشرائع، ج۲، ص۵۳۵، ح۱.   
۴۵. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۶۰-۲۶۱، أبواب حدّ السرقة ب۷، ح۱.   
۴۶. ابن ادريس الحلي، محمد بن منصور، السرائر، ج۳، ص۴۹۰.   
۴۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۸، ص۴۰.   
۴۸. ابن ادريس الحلي، محمد بن منصور، السرائر، ج۳، ص۴۹۱.   
۴۹. المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام، ج۴، ص۹۵۵.   
۵۰. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، قواعد الأحكام، ج۳، ص۵۶۵.   
۵۱. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، ج۲، ص۱۸۴.   
۵۲. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، ج۹، ص۲۷۸-۲۷۹.   
۵۳. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۷، ص۲۲۰، ح۴.   
۵۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱۰، ص۱۲۳، ح۴۹۲.   
۵۵. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۸، ص۲۶، أبواب مقدّمات الحدود ب۱۲، ح۱.   


المصدر [تعديل]

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۱۲۰-۱۳۰.   


تصنيفات هذه المقالة : الحدود والتعزيرات | حد السرقة





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار