البينة في دعوى الحدود
ولا تسمع
الدعوى في
الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها
يمين على المنكر.
الحدود المجردة عن البينة [تعديل]
واعلم أنّ من شرط سماع
الدعوى أن يكون المدّعى مستحقاً لموجبها فلا تسمع الدعوى في
الحدود مجردة عن البيّنة، ولا تتوجه بها يمين على المنكر بلا خلاف يعرف فيه في الجملة، وبه صرّح في الكفاية
[۱].
← الاستدلال بالروايات
والنصوص به مع ذلك مستفيضة، منها:
المرسل كالصحيح
بابن أبي عمير المروي في
التهذيب في كتاب الحدود في أواسط باب حدّ الفرية منه، وفي
الكافي في الكتاب المزبور أيضاً، لكن بسند فيه سهل وضعفه سهل، بل قيل:
ثقة [۲] وإرسال، وهو مجبور بابن أبي نصر المرسِل له، مضافاً إلى انجبار الأمرين كالإرسال السابق إن أوجب الضعف بالعمل، وفيه: «اتي
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) برجل، فقال: هذا قذفني، ولم تكن له بيّنة، فقال: يا أمير المؤمنين، استحلفه، فقال: لا يمين في حدّ»
[۳] [۴] [۵] الخبر.
وفي خبر آخر: «لا يستحلف صاحب الحدّ»
[۶] [۷].
وفي ثالث مروي في التهذيب في أواخر باب الزيادات من هذا الكتاب: «أنّ رجلاً استعدى
عليّاً (علیهالسّلام) على رجل، فقال: إنّه افترى عليّ، فقال للرجل: فعلت ما فعلت؟ فقال: لا، فقال (علیهالسّلام) للمستعدي: ألك بيّنة؟ قال: فقال: ما لي بيّنة، فأحلفه لي، فقال (علیهالسّلام): ما عليه يمين»
[۸] [۹] هذا.
درء الحدود بالشبهات [تعديل]
مضافاً إلى
الأصل ، واختصاص ما دلّ من
النص والفتوى على أنّ اليمين على من أنكر بالمنكر لما عدا الحدّ من الحقوق المالية، ونحوها مما يستحقها المدّعى لا الله تعالى.
مع أنّه سبحانه لم يأذن في الدعوى، بل ظاهره الأمر بالستر والإخفاء، والكف عن تتبع معايب الناس وكشفها، وقد ورد تحريم
الغيبة [۱۰] واتفق عليه أيضاً، وحدّ المدّعى عند عدم الشهود، والأمر بدرء الحدود بالشبهات كما في المرسل المروي في
الفقيه ، قال: قال
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) : «ادرأوا الحدود بالشبهات، ولا
شفاعة ، ولا
كفالة ، ولا يمين في حدّ»
[۱۱] [۱۲].
هذا إذا كانت الحدود حقّا محضاً لله تعالى كحدّ
الزنا وشرب الخمر ونحوهما.
الحدود المشترك بين الحق والخلق [تعديل]
ولو اشتركت بينه تعالى وبين الآدمي كحدّ
القذف ففي سماع الدعوى بها من المقذوف قولان، أحدهما وهو الذي اختاره الشيخ في
المبسوط [۱۳]: أنّها تسمع ترجيحاً لجانب حق الآدمي وهو المقذوف، وفرع على قوله بأنّه لو ادّعى عليه بأنّه زنى لزمه الإجابة عن دعواه ويستحلف على ذلك، فإن حلف سقطت الدعوى ولزم القاذف الحدّ، وإن لم يحلف ردّت
اليمين على القاذف فيحلف ويثبت الزنا في حقه بالنسبة إلى سقوط حدّ القذف، ولا يحكم عليه بحدّ الزنا؛ لأنّ ذلك حق الله تعالى محض.
واستشكله
الماتن في
الشرائع والفاضل في
القواعد [۱۴] [۱۵]؛ لعموم قوله (علیهالسّلام): «لا يمين في حدّ» ويعضده خصوص ما مرّ من النصوص، ولا ضعف فيه بإرسال ولا غيره كما عرفته، هذا.
مضافاً إلى عموم ما دلّ على حدّ المفتري من
الكتاب والسنّة ، وثبوته قبل حلفه بالردّ بهما وبالإجماع، وسقوطه بحلف القاذف بعد ردّ اليمين إليه غير معلوم، فيستصحب، فعدم السماع هنا أيضاً أظهر، وفاقاً للأكثر، بل عامّة من وقفت على كلامه ممّن تأخّر، عدا
الشهيد في
الدروس ، فقد استحسن قول الشيخ من حيث تعلقه بحق الآدمي، وحمل نفي اليمين في الخبر على ما إذا لم يتعلّق بحقه
[۱۶].
وفيه نظر يظهر وجهه ممّا مرّ.
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۱۱۹-۱۲۱.