الإتقان - ویکی فقه 


الإتقان


الإتقان وزان إفعال- من أتقن، معناه الاصلاح، [۱] وقيل: الإحكام [۲] [۳] [۴] .والفرق بينهما أنّ الإتقان يعرض الشي‏ء بعد وجوده، والإحكام إيجاده محكماً [۵] .


رأي اهل اللغة في معنى الاتقان [تعديل]

قال: أبو هلال: «أصله من التِّقْن: وهو الترنوق الذي يكون في المسيل أو البئر ، وهو الطين المختلط بالحمأة يؤخذ فيصلح به التأسيس وغيره فيسدّ خلله ويصلحه فيقال: أتقنه إذا طلاه بالتِّقْن، ثمّ استعمل فيما يصحّ معرفته فيقال: أتقنتُ كذا أي عرفته صحيحاً، كأنّه لم يدع فيه خِلّة» [۶] .
لكن ابن فارس قال: «تقن، التاء والقاف والنون أصلان. أحدهما: إحكام الشي‏ء، والثاني: الطين والحمأة.
فالقول الأوّل أتقنتُ الشي‏ء أحكمتُه، ورجل تقِن: حاذق...
وأمّا الحمأة والطين فيقال: تقنوا أرضهم إذا أصلحوها بذلك، وذلك من التِّقن» [۷] .
وعن أبي منصور أنّه قال: «الأصل في التِّقن ابن تِقْن- وهو اسم رجل كان جيِّد الرمي يضرب به المثل- ثمّ قيل لكلِّ حاذق بالأشياء: تِقْن، ومنه يقال: أتقن فلان عمله إذا أحكمه» [۸] .
ولا يوجد لدى الفقهاء اصطلاح خاص بلفظ إتقان، فإنّهم استعملوه بما له من معنى في اللغة.

الحكم الإجمالي ومواطن البحث [تعديل]

إتقان العامل لعمله أمر ممدوح للعقل، مطلوب للشرع، بل قد نُدب إليه في بعض الروايات: منها: رواية ابن القدّاح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديث- قال: «لمّا مات إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم رأى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في قبره خللًا فسوّاه بيده ثمّ قال: إذا عمِل أحدُكم عملًا فليتقن...» [۹].
ورواية عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث: «انّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم نزل حتى لحد سعد بن معاذ وسوّى اللبن عليه... فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه وسوّى قبره قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي لأعلم أنّه سيُبلى، ويصل إليه البلاء، ولكن اللَّه يُحبُّ عبداً إذا عمل عملًا أحكمه»
[۱۰].
لكنّا لم نعثر في كتب الفقهاء على من تعرّض لحكم كلّي الاتقان وإن ذكروا أحكاماً تتعلّق باتقان بعض الأفعال، وهي عدّة:
۱- إتقان القراءة:
لا يصح ائتمام المتقن للقراءة بغير المتقن لها، سواء كان عدم اتقانه للحنٍ أو جهل بمخارج الحروف أو آفة في اللسان كالألثغ (هو الذي يتحوّل لسانه من السين إلى الثاء.) [۱۱] ، و الأليغ (هو من لا يبين الكلام أو هو الذي يرجع كلامه ولسانه إلى الياء.) [۱۲] ، و التمتام (هو الذي يتردد في التاء.) [۱۳] ، و الفافاء (هو الذي يتردد في الفاء اذا تكلّم. ) [۱۴] وغيرهم، وبه صرّح معظم فقهائنا [۱۵]
[۱۶] [۱۷] [۱۸]
وذهب بعض منهم إلى الجواز [۱۹] .
كما يجب على اللاحن والمبدّل لحرف بغيره مع العجز عن إصلاح لسانه الائتمام بالمتقن عند بعض الفقهاء [۲۰]

[۲۱] ، وتردّد فيه آخرون [۲۲].
ويشمل العجز عن الاصلاح ضيق وقت الصلاة عن التعلّم [۲۳].
ولو تشاحّ الأئمّة أو المأمومين في إمامةالجماعة قدِّم الأقرأ ، وفُسِّر بالأجود أداءً وإتقاناً للقراءة ومعرفة بمحاسنها المدوّنة في علمها [۲۴] [۲۵] [۲۶] .
(انظر: صلاة الجماعة)
۲- إتقان المعيشة:
وردت بعض الروايات الآمرة ببعض الأفعال مثل خصف النعل
[۲۷]
وطيّ الثوب بعد الخلع [۲۸]

، وخياطته إذا انفتق ورفعه إذا بلي [۲۹]

، وبموجبها أفتى بعض الفقهاء، وذكروا أنّه من إتقان المعيشة [۳۰] .
۳- إتقان العلوم:
لا بدّ للمجتهد أن يتقن العلوم التي يتوقّف عليها الاجتهاد كعلم الاصول، وبذا صرّح جميع فقهائنا [۳۱] [۳۲] .
لكنّ لزوم إتقانها ليس شرعياً، بل عقلي؛ لأنّه من باب المقدّمة؛ لعدم الوقوع في حرمة الافتاء بغير علم [۳۳]

[۳۴].
(انظر: اجتهاد)
اتّكاء

أوّلًا- التعريف: [تعديل]

اتّكاء- وزان افتعال- من اتّكأ، والتاء مبدلة من واو، وأصله من الوكاء [۳۵] .
واستعمل‏ الاتّكاء بمعنيين [۳۶] :
۱- القعود مع تمايل معتمداً على أحد الجانبين.
۲- الجلوس متمكّناً. قال ابن منظور:
«المتّكئ في العربية كلّ من استوى قاعداً
على وطاء متمكّناً» [۳۷] .
وفي التنزيل: «وَ سُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ» [۳۸]

أي يجلسون، وفيه أيضاً «وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً» [۳۹] أي مجلساً يجلسن عليه. قال ابن الأثير: «والعامّة لا تعرف المتكئ إلّا من مال في قعوده معتمداً على أحد شقّيه» [۴۰] .
وقد أضاف الفيومي قائلًا: «يقال: اتّكا إذا أسند ظهره أو جنبه إلى شي‏ء معتمداً عليه، وكلّ من اعتمد على شي‏ء فقد اتّكأ عليه» [۴۱] .
وقد استعمله الفقهاء بنفس المعنى اللغوي.


ثانياً- الألفاظ ذات الصلة: [تعديل]

۱- الاستناد:
وهو الاتّكاء بالظهر لا غير [۴۲] . وهو أخصّ مطلقاً من الاتّكاء.
۲- الاعتماد:
ويأتي بمعنى الاتّكاء، قال الفيومي: «اعتمدت على الشي‏ء اتّكأت» [۴۳] إلّا أنّ الاعتماد يكون في الأعيان و الأذهان ، بخلاف الاتكاء فإنّه لا يكون إلّا في الأعيان، ولذلك لا يقال:
اتّكأت على رأيه ويقال: اعتمدت.

← ثالثاً- الحكم الإجمالي ومواطن البحث:
يختلف حكم الاتّكاء بحسب المورد:
۱- لو اضطرّ المصلّي إلى الاعتماد والاستناد وجب وقدّم على القعود

[۴۴].
(انظر: صلاة)
۲- يستحبّ الاتّكاء على ضرائح الأئمّة عليهم السلام عند زيارتهم، ولا يُعدّ ذلك إخلالًا في التأدّب معهم [۴۵] ، ويستحبّ للإمام في الجمعة الاعتماد على عصا أو قوس [۴۶] . ويستحبّ أيضاً الاعتماد على الرجل اليسرى حال التخلّي
[۴۷]
[۴۸] .
(انظر: زيارة، صلاة، تخلّي)
۳- ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة الاتّكاء على الحرير.
قال الشيخ الطوسي : «لبس الحرير محرّم على جميع الأحوال على الرجال...
فأمّا فرشه والتدثّر به والاتّكاء عليه فهو أيضاً محرّم؛ لعموم تناول النهي له»
[۴۹].
وقال ابن‏ حمزة : «وما يحرم عليه لبسه يحرم فرشه والتدثّر به والاتّكاء عليه وإسباله ستراً»
[۵۰]

[۵۱] . لكن مشهور الفقهاء على جوازه [۵۲] [۵۳] [۵۴] . (انظر: حرير)
وقد يحرم الاتّكاء بسبب طروّ عنوان ثانوي ، نحو حرمة الاستناد إلى حائط الشريك إذا منع منه. وقال بعض الفقهاء بعدم الحرمة حتى مع المنع؛ لعدم صدق التصرّف عليه [۵۵] ، وكذا الاتّكاء على المغصوب. (انظر: غصب)
۴- يكره الاتّكاء و الاحتباء مقابل الكعبة [۵۶] . (انظر: كعبة)
وكذا يكره الاتّكاء في الحمّام؛ لأنّه يذيب شحم الكليتين » [۵۷] . (انظر: حمّام)
۵- يكره الأكل متّكئاً [۵۸] ، قال الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن وهب :
«ما أكل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم متّكئاً منذ بعثه اللَّه إلى أن قبضه تواضعاً لله عزّ وجلّ...» [۵۹] . (انظر: أكل)
۶- عدم جواز الاتّكاء والاستناد عند القيام في الصلاة إلى عصاً أو حائل حال الاختيار عند المشهور وجوزه بعض على كراهية [۶۰] [۶۱] [۶۲] . (انظر: صلاة)
۷- يكره الاتّكاء على القبر كالجلوس عليه [۶۳]


المراجع [تعديل]

۱. معجم الفروق اللغوية: ۱۴.
۲. العين ۵: ۱۲۹.
۳. تهذيب اللغة ۹: ۶۰.
۴. الصحاح ۵: ۲۰۸۶.
۵. معجم الفروق اللغوية: ۱۴.
۶. معجم الفروق اللغوية: ۱۴.
۷. معجم مقاييس اللغة ۱: ۳۵۰- ۳۵۱.
۸. لسان العرب ۲: ۴۰.
۹. الوسائل ۳: ۲۲۹، ب ۶۰ من الدفن ح ۱.    
۱۰. الوسائل ۳: ۲۳۰، ب ۶۰ من الدفن، ح ۲.   
۱۱. العين ۴: ۴۰۱.
۱۲. تاج العروس ۶: ۲۹.
۱۳. الصحاح ۵: ۱۸۷۸.
۱۴. الصحاح ۱: ۶۲.
۱۵. الشرائع ۱: ۱۲۴.
۱۶. القواعد ۱: ۳۱۳.   
۱۷. جواهر الكلام ۱۳: ۳۴۱.   
۱۸. المدارك ۴: ۳۵۴.   
۱۹. المبسوط ۱: ۱۵۳.    
۲۰. التحرير ۱: ۳۲۰.   
۲۱. الذخيرة: ۳۹۰.
۲۲. المدارك ۴: ۳۵۵.   
۲۳. المعتبر ۲: ۱۶۹.   
۲۴. الروضة ۱: ۳۹۰.
۲۵. الذخيرة: ۳۹۱.
۲۶. مجمع الفائدة ۳: ۲۵۳.
۲۷. الوسائل ۵: ۵۳، ب ۲۹ من أحكام الملابس، ح ۴- ۶   
۲۸. الوسائل ۵: ۱۰۷، ب ۶۶ من أحكام الملابس.   
۲۹. الوسائل ۵: ۵۳- ۵۴، ب ۲۹ من أحكام الملابس، ح ۴- ۶.    
۳۰. التحفة السنيّة: ۳۱۵، ۳۳۸ (مخطوط).
۳۱. القواعد ۳: ۴۲۳.
۳۲. التنقيح في شرح العروة (الاجتهاد والتقليد): ۲۴- ۲۷.
۳۳. التنقيح في شرح العروة (الاجتهاد والتقليد): ۹۴.
۳۴. الأولى القضاء (الگلبايگاني) ۱: ۲۵.   
۳۵. النهاية (ابن الاثير) ۱: ۱۹۳.
۳۶. المصباح المنير: ۷۶، ۶۷۱.
۳۷. لسان العرب ۱۵: ۳۸۱.
۳۸. الزخرف: ۳۴.    
۳۹. يوسف: ۳۱.   
۴۰. النهاية (ابن الأثير) ۱: ۱۹۳.
۴۱. المصباح المنير: ۶۷۱.
۴۲. الكلّيات: ۳۸- ۳۹.
۴۳. المصباح المنير: ۴۲۸.
۴۴. جواهر الكلام ۹: ۲۵۰- ۲۵۱.   
۴۵. الحدائق ۱۷: ۴۲۱.   
۴۶. جواهر الكلام ۱۱: ۳۳۱.   
۴۷. الحدائق ۲: ۶۸.   
۴۸. كشف الغطاء ۲: ۱۵۳.
۴۹. المبسوط ۱: ۱۶۸.   
۵۰. الوسيلة: ۳۶۷.   
۵۱. جواهر الكلام ۸: ۱۲۷.
۵۲. الشرائع ۴: ۱۲۹.
۵۳. المسالك ۱۴: ۱۸۶.
۵۴. القواعد ۱: ۲۵۶.
۵۵. مجمع الفائدة ۹: ۳۶۲- ۳۶۳.
۵۶. كشف الغطاء ۳: ۸۵.
۵۷. الدروس ۱: ۱۲۹.
۵۸. جواهر الكلام ۳۶: ۴۵۷- ۴۵۸.
۵۹. الوسائل ۲۴: ۲۴۹، ب ۶ من آداب المائدة، ح ۱.
۶۰. انظر: الكافي في الفقه: ۱۲۵.
۶۱. جواهر الكلام ۹: ۲۴۸.
۶۲. مستند الشيعة ۵: ۴۰- ۴۱.
۶۳. جواهر الكلام ۴: ۳۵۱. العروة ۲: ۱۲۹.


المصدر [تعديل]

الموسوعة الفقهية - موسسه دائرة معارف الفقه الاسلامي   





أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار