الأسير (مصيره)
لتصفح عناوين مشابه انظر
الأسير (توضيح) .
يختلف حكم
الأسير باختلاف نوع الأسر من حيث كونه في
الحرب مع الكفّار أو البغاة أو غير ذلك، ومن حيث كونه مقاتلًا أو غير مقاتل، أو امرأة أو طفلًا، ومن حيث كون الحرب قائمة أو منتهية، فلابدّ من
التعرّض لكلّ قسم من هذه الأقسام ثمّ بيان حكمه وصفته.
الأسير في الحرب مع الكفّار [تعديل]
وهو إمّا يكون
كافراً أصليّ اً أو
مرتدّاً ، وإليك توضيحه:
← الكافر الأصلي
والبحث فيه يقع مرّة في الذكور
البالغين ، واخرى في النساء والأطفال، وثالثة في الشيوخ وأهل
الصوامع والرهبان ، ورابعة في العبيد المعتقين الملتحقين بدار الحرب:
←←الذكور البالغون
وحكمهم القتل إن كانوا قد اسروا والحرب قائمة بلا خلاف معتدّ به بين الفقهاء.
[۱] [۲] [۳] [۴] [۵] [۶] [۷] [۸] [۹] [۱۰] [۱۱] [۱۲] [۱۳]
واستدلّوا له بالكتاب
والسنّة :
أمّا الكتاب فبقوله تعالى: «فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ».
[۱۴]
وأمّا السنّة فبخبر
طلحة بن زيد ، قال:سمعت
أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «كان أبي يقول: إنّ للحرب حكمين: إذا كانت الحرب قائمة ولم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها، فكلّ أسير أخذ في تلك الحال فإنّ
الإمام فيه
بالخيار ، إن شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم، وتركه يتشحّط في دمه حتى يموت...».
[۱۵]وفي مقابل ذلك ذهب
أبو الصلاح الحلبي [۱۶] إلى التخيير بين
القتل والفداء، بينما ذهب
الإسكافي إلى التخيير بين
الاسترقاق والفداء والمنّ عليهم،نقل حكاية الشهرة عنه في
جواهر الكلام ،
[۱۷] ومقتضاه عدم القتل.إلّاأنّ هذا الحكم مقيّد بعدم
إسلامهم ، فإذا أسلموا سقط عنهم القتل بلا خلاف فيه، بل ادّعي
الإجماع عليه، وسيأتي تفصيل الكلام فيه في إسلام الأسير.هذا كلّه قبل أن تضع الحرب أوزارها، وأمّا بعدها فالمشهور
[۱۸] [۱۹] [۲۰] [۲۱] أنّ الإمام بالخيار بين المنّ والفداء والاسترقاق،
[۲۲] [۲۳] [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷] [۲۸] [۲۹] [۳۰] [۳۱] بل ادّعي عليه الإجماع؛
[۳۲] [۳۳]حيث نفى الخلاف عنه.
[۳۴] [۳۵] لخبر طلحة بن زيد أيضاً، قال:سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول:«كان أبي يقول: إنّ للحرب حكمين...والحكم الآخر: إذا وضعت الحرب أوزارها واثخن أهلها، فكلّ أسير اخذ على تلك الحال فكان في أيديهم فالإمام فيه بالخيار، إن شاء منّ عليهم فأرسلهم، وإن شاء
فاداهم أنفسهم، وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيداً».
[۳۶]وفي مقابل القول المشهور نجد وجهتي نظر:فمن جهة خالف
ابن البرّاج حيث أضاف القتل إلى الخصال الثلاث.
[۳۷]
واورد عليه بأنّه لا دليل عليه، بل ظاهر الأدلّة خلافه.
[۳۸] ولعلّه يرى أنّ التنزل من القتل إلى هذه الخصال لمجرّد التجويز وإلّا فالأصل هو القتل، ورخّص في غيره في بعض الحالات.
ومن جهة ثانية فصّل
الشيخ الطوسي [۳۹] وجماعة من الفقهاء
[۴۰] [۴۱] [۴۲] [۴۳] [۴۴] [۴۵] [۴۶] بين الكتابي
والوثني ، فجعل الخصال الثلاث للكتابي وخصّ الوثني بالمنّ أو الفداء؛ لأنّه ممّن لا يقرّ على دينه حتى يسترقّ.واورد على هذا التفصيل بأنّ الوثنيّة ليست مانعة من استرقاقه، ولو كانت مانعة لمنعت من استرقاق النساء، مع أنّ استرقاقهنّ ممّا لا خلاف في مشروعيّته، بل ادّعي عليه الإجماع.
[۴۷]
←←النساء والأطفال
لا خلاف
[۴۸] [۴۹] [۵۰] في
امتلاك الإناث وكذا الذكور غير البالغين
[۵۱] [۵۲] من الكفّار الأصليّين الحربيّين غير المعتصمين بذمّة أو عهد أو أمان،
[۵۳] بل ادّعي على ذلك الإجماع.
[۵۴] [۵۵]ولا فرق في ذلك بين تأسيرهم والحرب قائمة أو بعد انقضائها؛
[۵۶] [۵۷] [۵۸] لما ورد عن
حفص بن غياث - في حديث- أنّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن النساء، كيف سقطت
الجزية عنهنّ ورفعت عنهنّ؟ قال: فقال:«لأنّ
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلّاأن يقاتلن، فإن قاتلت أيضاً فأمسك عنها ما أمكنك، ولم تخف خللًا...».
[۵۹] [۶۰] [۶۱]ويعتبر في التملّك صدق السبي والقهر؛ لأصالة عدم التملّك، فلا يكفي مجرّد النظر ولا وضع اليد، ولا غير ذلك ممّا لا يصدق عليه السبي.
[۶۲] [۶۳]نعم، لا يعتبر
استمرار الاستيلاء والقهر، فلو هرب الأسير يبقى على الملكيّة، فهو نظير
العبد الآبق بعد الحيازة.وأمّا نيّة التملّك بعد الاستيلاء فقد صرّح
المحقّق النجفي بعدم
اعتبارها ،
[۶۴] خلافاً لكاشف الغطاء الذي أكّد اعتبارها.
[۶۵]هذا كلّه فيمن يعلم انوثيّته وطفوليّته، أمّا من اشتبه الأمر فيه، فإن كان
الاشتباه في الانوثيّة- كما لو كان
الخنثى مشكلًا أو ممسوحاً- فقد ألحقه بعضهم بالنساء في الاسترقاق،
[۶۶] [۶۷] [۶۸] حيث قال: «والظاهر جريان حكم النساء فيهم». فلا يجوز قتله؛ لأنّ الشبهة دارئة للقتل، بل يلوح من
الجواهر الإجماع عليه.
[۶۹]
وإن كان الاشتباه في الطفوليّة فلا خلاف
[۷۰] [۷۱] في أنّه يمتحن بلوغه بالطرق المذكورة في بحث البلوغ،
[۷۲] [۷۳] [۷۴] [۷۵] فإن ثبت الحق بالرجال وإلّا فبالأطفال؛ للأصل،
[۷۶] ولما ورد من أنّ
سعد بن معاذ حكم في
بني قريظة بذلك، وأجازه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
[۷۷] [۷۸]
وقد يساهم الأسير نفسه في الحكم عليه بالبلوغ وترتيب الآثار تارةً، فيما يساهم في رفع الحكم من هذه الناحية تارة اخرى:
فإذا أقرّ بالاحتلام الموجب للحكم عليه بالبلوغ فقد اختلف الفقهاء فيه بين قائل بالقبول
[۷۹] إذا كان
الاحتلام ممكناً في حقّه؛ لعموم ما دلّ على قبوله في غير هذا المورد،
[۸۰] وبين قائل بعدم القبول،
[۸۱] وبين متأمّل فيه من هذه الناحية.
[۸۲]أمّا لو ادّعى- في المقابل-
استعجال إنبات
الشعر الذي هو من علائم البلوغ باستعمال
الدواء ، فقد صرّح
الشهيد الأوّل بقبوله من دون يمين،
[۸۳] كما هو الأصحّ عند
المحقّق الكركي ،
[۸۴] واستقربه
الشهيد الثاني ،
[۸۵] ونفى عنه البأس
السيّد الطباطبائي في
الرياض ؛
[۸۶] وذلك
للاحتياط في الدماء،
[۸۷] ولأنّ الشبهة تدرأ القتل،
[۸۸]وللنبوي المعروف: «ادرءوا الحدودبالشبهات».
[۸۹] إلّاأنّ هناك من قيّد قبوله بوجود قرينة على تصديقه.
[۹۰]
أمّا العلّامة الحلّي فقد فصّل في بعض كتبه بين ما كان
الإنبات عين البلوغ فلا يقبل مدّعاه، وبين ما كان كاشفاً عنه، وهو الأظهر عنده، فيقبل مع اليمين ويحكم بصغره، ولكنّه استبعد
استحلافه لصغره.
[۹۱]لكنّه تردّد في كتاب
القواعد ،
[۹۲] وتبعه في تردّده هذا المحقّق النجفي.
[۹۳]
←←الشيوخ والرهبان وأصحاب الصوامع
أمّا الشيوخ فلهم عدّة حالات:
الاولى: الذين لا رأي لهم بحيث يقدّمونه في المجال العسكري ونحوه، ولا قدرة لهم على قتال، فالمعروف عدم جواز قتلهم،
[۹۴] [۹۵] [۹۶] [۹۷] [۹۸] ويظهر من العلّامة الحلّي بل صريح السيّد الطباطبائي في الرياض دعوى الإجماع عليه.
[۹۹] [۱۰۰] [۱۰۱]ويدلّ عليه- مضافاً إلى أنّه لا يتضرّر به المسلمون» - الأخبار الواردة في هذا المجال:
منها: ما روي عن
الإمام الصادق عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «... ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً ولا امرأة».
[۱۰۲]
ومنها: ما رواه
الجمهور عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «... لا تقتلوا شيخاً فانياً».
[۱۰۳] [۱۰۴] [۱۰۵] [۱۰۶]ورغم عدم تقييد الروايات بعدم كونهم ممّن له رأي في قتال إلّاأنّ الفقهاء قيّدوه بهذا القيد واستدلّوا بها عليه، ولعلّه
استظهاراً منهم بأنّ الملاك في
النهي هو عدم استلزامهم خطراً على المسلمين، بخلاف من له رأي في القتال.ويظهر من
الشيخ الطوسي في
الخلاف جواز قتله وإن كان فانياً ولم يكن له رأي في قتال، فضلًا عن الحالات الثلاث الآتية؛ مستدلّاً بعموم الأدلّة،
[۱۰۷] كقوله سبحانه وتعالى: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم».
[۱۰۸]
وأمّا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم»،
[۱۰۹]والشرخ: الشباب أوأوّل الشباب.
[۱۱۰] [۱۱۱] فلعلّ الفقهاء لم يأخذوا بهذا الحديث لعدم وروده في المصادر الشيعية مسنداً، إضافة إلى ضعف السند
بسمرة بن جندب الذي لم يوثق.
[۱۱۲]الحالة الثانية: الشيوخ القادرون على القتال ولهم رأي فيه، وفي هذه الحالة يجوز قتلهم
[۱۱۳] إجماعاً؛
[۱۱۴] [۱۱۵] [۱۱۶] لعموم الأدلّة التي لا تخصّصها الأخبار المطلقة الناهية عن قتل الشيخ، والتي لابدّ من تنزيلها على غير فرض
القدرة على القتال أو وجود رأي له،
[۱۱۷] ولو بمعونة
الإجماع المذكور.
[۱۱۸]
الحالة الثالثة: الشيوخ الذين لهم رأي دون القدرة على القتال، وهم أيضاً يجوز قتلهم
[۱۱۹] [۱۲۰] [۱۲۱] [۱۲۲] بلا خلاف،
[۱۲۳] بل ادّعي عليه الإجماع؛
[۱۲۴] لأنّ
دريد بن الصمّة قتل يوم
حنين ، وكان له مئة وخمسون سنة، وكان له معرفة بالحرب، وكان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرّفهم كيفيّة القتال، فقتله المسلمون ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
[۱۲۵] [۱۲۶] [۱۲۷] [۱۲۸] [۱۲۹]
الحالة الرابعة: الشيوخ القادرون على قتال ولا رأي لهم، وهم أيضاً يجوز قتلهم؛
[۱۳۰] [۱۳۱] [۱۳۲] [۱۳۳] للعمومات المتقدّمة.
[۱۳۴]وأمّا الرهبان وأهل الصوامع فنجد عند الفقهاء فيهم تعدّداً في الرأي؛ فقد ألحقهم الأكثر بالشيوخ، فلا يقتلون إذا لم يكن لهم رأي ولا قدرة على قتال.
[۱۳۵] [۱۳۶] [۱۳۷]في حين أصرّ الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف
[۱۳۸] على قتلهم كما أصرّ على قتل الشيوخ من قبل؛ مستدلّاً بعموم الأدلّة، كقوله تعالى: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ».
[۱۳۹]وذهب ابن الجنيد إلى أنّه لا يقتل راهب في
صومعة أو حيث قد حبس نفسه فيه، إلّا أن يكون قد قتل مسلماً، أو كان قتّالًا يخاف من تركه النكاية بالمسلمين.
[۱۴۰] [۱۴۱] حيث قال: «ذهب إليه قوم من أصحابنا».والنكاية: الهزيمة والغلبة.
[۱۴۲]ويدلّ على الجواز أنّه ليس في بقائه ضرر على المسلمين، فهو كالشيخ الفاني الذي لا رأي له في قتال.واورد عليه بأنّ
المقايسة في غير محلّها؛
[۱۴۳] لقدرته على القتال.
وأمّا المُقعد
والأعمى فقد صرّح العلّامة الحلّي بلحوقهما بالشيخ الفاني؛ لأنّهما ليسا من أهل القتال،
[۱۴۴] [۱۴۵] [۱۴۶] وإن كان ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يكونا ذا رأي في قتال، ولم تكن ضرورة لقتلهما، كما لو تترّس الأعداء بهما، وإلّا جاز قتلهما.
[۱۴۷]وكذا لا يجوز قتل
المجانين [۱۴۸] [۱۴۹] [۱۵۰] [۱۵۱] [۱۵۲] بلا خلاف؛
[۱۵۳] [۱۵۴] لما ورد عن طلحة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «جرت السنّة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه، ولا من المغلوب عليه عقله»،
[۱۵۵] بناءً على أنّ من لا جزية عليه لا يقتل».ولعلّ من الأدلّة على الحكم المذكور الإجماع عليه، كما احتمل ذلك
المقدّس الأردبيلي .
[۱۵۶]
وأمّا المريض فإن لم ييأس من برئه فيجوز قتله؛ لأنّه حينئذٍ بمنزلة الجريح الذي يجهز عليه،
[۱۵۷] [۱۵۸] [۱۵۹] وتشمله عمومات الأدلّة،
[۱۶۰] كقوله تعالى: «فَاقتُلُوا المُشرِكِينَ حَيثُ وَجَدتُمُوهُم»،
[۱۶۱] وإن يئس من برئه فقد صرّح العلّامة بعدم جواز قتله.
[۱۶۲] [۱۶۳]واورد عليه بأنّ عموم الأخبار تشمله؛ لأنّه شرّ الدواب، وفي قتله تطهير للأرض منه.
[۱۶۴]
←←العبد المعتَق الملتحق بدار الحرب
لو أعتق مسلم عبداً ذمّياً فلحق بدار الحرب وأسره المسلمون، قيل: يجوز استرقاقه؛ لعموم الأدلّة الدالّة على
استرقاق الأسير الكافر،
[۱۶۵] [۱۶۶] [۱۶۷] [۱۶۸] [۱۶۹] [۱۷۰] ولا يمنع الولاء الذي كان بينهما بسبب
الإعتاق ؛ لسقوطه بمجرّد
الالتحاق بدار الكفر.
[۱۷۱] حيث اعتبره قويّاً.
وقيل: لا يجوز؛ لتعلّق ولاء المسلم به وبقائه على حاله.
[۱۷۲] [۱۷۳]وأمّا لو كان المعتِق ذمّياً فالحكم هو الاسترقاق إجماعاً؛
[۱۷۴] [۱۷۵] [۱۷۶] لعموم الأدلّة،
[۱۷۷] ولأنّ ولاء الذمّي لا ينفع؛ لأنّ سيّده- أي الذمّي نفسه- لو التحق بدار الحرب جاز استرقاقه، فمن الأولى أن يكون عبده كذلك.
[۱۷۸] [۱۷۹]
← الكافر المرتدّ
إلى جانب
الكافر الأصلي ، هناك الكافر المرتدّ الذي كان مسلماً ورجع عن
الإسلام ، فإذا اسر هذا المرتدّ في الحرب ضدّ المسلمين فقد قال الشيخ الطوسي فيه: «إذا قوتل أهل الردّة فمن وقع منهم في الأسر، فإن كان عن فطرة الإسلام قتلناه على كلّ حال، وإن لم يكن كذلك استتبناه... فإن تاب وإلّا قتلناه».
[۱۸۰]نعم، قال بعد ذلك: «فالإمام مخيّر فيه بين القتل والمنّ والفداء والاسترقاق، فإن قال له: إن أسلمت وإلّا قتلتك، فأسلم حكم بإسلامه».
[۱۸۱]ولابدّ أن يكون مراده من الأسير في كلامه الثاني المرتدّ الملّي دون الفطري؛ لأنّ الفطري لا يحكم عليه بغير القتل، كما اعترف هو في كلامه الأوّل.ولم يتعرّض الفقهاء- غير
الشيخ الطوسي - لحكم الأسير المرتدّ بما هو أسير، وإنّما تعرّضوا لأحكام المرتدّ الجارية فيه وفي غيره على حدٍّ سواء، ممّا يدلّ على أنّهم لا يرون له حكماً خاصاً.
الأسير بالإغارة على بلاد الكفّار [تعديل]
ذكر غير واحد من الفقهاء
[۱۸۲] [۱۸۳] [۱۸۴] أنّ من مصاديق الأسير،
الكافر الحربي من بلاد الحرب إذا اخذ بنحو السلب والنهب وغيرها من ضروب
الاستيلاء من دون حرب، فيصير ملكاً لآخذه إذا كان بقصد الاسترقاق.
[۱۸۵]
← الأسير في حرب البغاة
البغي : هو التعدّي والعدول عن الحقّ،
[۱۸۶] وفي عرف المتشرّعة: الخروج عن طاعة
الإمام العادل عليه السلام.
[۱۸۷] [۱۸۸]ولأسرى البغاة أحكام متعدّدة نحاول التعرّض لها تحت العناوين التالية:
←←من لهم فئة
وهم الذين يجدون من يلجؤون إليهم ويرجعون إليهم، بحيث لو هزموا في الحرب فرّوا ثمّ تجمّعوا عند فئتهم، من قبيل
معاوية وأصحابه في حرب
صفّين ،
[۱۸۹] [۱۹۰] [۱۹۱] [۱۹۲] وهنا ذهب الفقهاء
[۱۹۳] [۱۹۴] [۱۹۵] [۱۹۶] [۱۹۷] [۱۹۸] [۱۹۹] [۲۰۰] [۲۰۱] [۲۰۲] [۲۰۳] [۲۰۴] [۲۰۵] إلى جواز
الإجهاز على جريحهم واتّباع مدبرهم وقتل أسيرهم، وقد ادّعي عليه الإجماع.
[۲۰۶] [۲۰۷] [۲۰۸] [۲۰۹]
ويدلّ عليه خبر
حفص بن غياث ، قال:سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الطائفتين من المؤمنين إحداهما باغية، والاخرى عادلة، فهزمت العادلةُ الباغيةَ، قال: «... فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإنّ أسيرهم يقتل، ومدبرهم يتبع، وجريحهم يجاز عليه».
[۲۱۰]ولا فرق في ذلك بين كون الفئة التي يرجعون إليها حاضرة أو غائبة، قريبة أو بعيدة.
[۲۱۱]وضعف الأخبار في هذا المجال لو كان فهو منجبر بعمل الأصحاب.
[۲۱۲]لكنّ
السيّد الخوئي يؤكّد ضعف الرواية هنا وهو ممّن لا يقول بجبر الخبر الضعيف بعمل الأصحاب؛ لهذا يُرجع البتّ في أمرهم إلى نظر الإمام.
[۲۱۳]
←←من ليس لهم فئة
وهم مثل
الخوارج [۲۱۴] [۲۱۵] وأصحاب
الجمل ،
[۲۱۶] [۲۱۷] [۲۱۸] والغرض من محاربة هؤلاء تفريق كلمتهم، فلا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، كما هو المشهور بين الفقهاء،
[۲۱۹] بل ادّعي الإجماع عليه،
[۲۲۰] بل لا يجوز قتلهم حتى ولو قتل أهل البغي من أسرى المسلمين؛ لأنّهم لا يقتلون بجناية غيرهم.
[۲۲۱] [۲۲۲]وخالف في ذلك السيّد الخوئي أيضاً حيث اعتبر أنّ المستند لهذا الحكم إمّا مثل خبر حفص بن غياث المتقدّم، وهو ضعيف السند، أو معتبرة
أبي حمزة الثمالي الواردة في بيان سيرة
الإمام علي عليه السلام مع أهل
البصرة ، حيث نزّلها على أنّها حكم في واقعة، ولذلك خلص إلى أنّه لو تمّ إجماع فهو، وإلّا فالمرجع هو نظر
الحاكم .
[۲۲۳]
←←نساء أهل البغي وذراريهم
لا يجوز سبي ذراري البغاة وإن ولدوا بعد البغي، ولا تملك نساؤهم على المشهور،
[۲۲۴] [۲۲۵] [۲۲۶] [۲۲۷] [۲۲۸] [۲۲۹] [۲۳۰] [۲۳۱] [۲۳۲] [۲۳۳] [۲۳۴] بل ادّعي عليه الإجماع.
[۲۳۵] [۲۳۶] [۲۳۷]وهل يجوز حبسهم؟ ذكر ابن الجنيد
[۲۳۸] والشيخ الطوسي في كتاب
المبسوط [۲۳۹] أنّهم يحبسون؛ كسراً لقلوب البغاة وفلّاً لجمعهم.
بينما خالف في ذلك جماعة منهم الشيخ الطوسي نفسه في الخلاف والعلّامة الحلّي في
المختلف وغيرهما؛
[۲۴۰] [۲۴۱] [۲۴۲] [۲۴۳] لعدم
الدليل عليه»، حيث لم يقم نصّ معتبر على ما ذكر، بل قد يعارض قانون «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»،
[۲۴۴] كما أنّهم ليسوا من أهل
الجهاد ، فلا يطلب منهم إلّا
المبايعة على الإسلام.
[۲۴۵]وتوقّف العلّامة الحلّي في
المنتهى بعد أن نقل القولين المذكورين.
[۲۴۶]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
الموسوعة الفقهية، ج۱۳، ص۱۲۴-۱۳۴.