استحسان - ویکی فقه 


استحسان


هو دليل يستحسنه المجتهد في نفسه.


الاستحسان في اللغة [تعديل]

الاستحسان هو عدّ الشيء حسناً [۱] [۲].

الاستحسان في الاصطلاح [تعديل]

وقد استعمله الفقهاء بهذا المعنى، ومن ذلك قولهم: إنّ أقلّ مراتب الاستحسان هو الاستحباب [۳] [۴] [۵].
وللاستحسان اصطلاح خاصّ عند علماء اُصول الفقه من الجمهور ، واستعمله فقهاء الإماميّة [۶] [۷] [۸] [۹] [۱۰] [۱۱] و الاُصوليّون منهم [۱۲] بهذا المعنى أيضاً.
وقد عرّفوه بتعريفات مختلفة فقيل:
إنّه هو ما يستحسنه المجتهد بعقله [۱۳]، أو أنّه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا تساعد العبارة عليه ولا يقدر على إبرازه وإظهاره [۱۴]،أو أنّه العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه أو تخصيص قياس بدليل هو أقوى منه [۱۵] [۱۶]،أو أنّه العمل بأقوى الدليلين [۱۷]، أو أنّه اسم لدليل يقابل القياس الجلي يكون بالنصّ أو الإجماع أو الضرورة أو القياس الخفي [۱۸]، وغير ذلك من التعريفات، وما اُشير إليه أهمّها وأحسنها.

أقسام الاستحسان [تعديل]

ذكروا للاستحسان أقساماً متعدّدة وهي تختلف بحسب اختلاف ما يستند إليه:

← الأول
الاستحسان الذي يستند إلى النصّ الوارد في مسألة خاصّة فالاستحسان حينئذٍ هو العمل بذلك النصّ وإن خالف القاعدة الثابتة في الشرع في أمثال المسألة كما في بيع السلم ، فإنّه ورد فيه النصّ الذي يجوّزه على خلاف قاعدة حرمة بيع ما ليس عند الإنسان .

← الثاني
الاستحسان الذي يستند إلى الإجماع أو العرف للحكم في مسألة على خلاف مقتضى القاعدة كما في عقد الاستصناع ، فإنّ القاعدة تقتضي عدم صحّته؛ لأنّه بيع معدوم، إلاّ أنّ الإجماع أو العرف جوّزه استحساناً للحاجة العامّة إليـه.

← الثالث
الاستحسان الذي يستند إلى الضرورة التي تقتضي الحكم على خلاف الدليل الأوّلي كما في تطهير الآبار والحياض، فإنّ القياس أن لا تطهّر إلاّ بجريان الماء عليها، إلاّ أنّ الضرورة تقتضي طهارتها ولو لم يجر الماء عليها، وإلاّ فيلزم حرج شديد.

← الرابع
الاستحسان الذي يستند إلى قياس آخر هو أدقّ وأخفى من القياس الأوّل لكنّه أقوى منه كما في سؤر سباع الطير ، فإنّ قياسه بسؤر سباع البهائم كالأسد والنمر يقتضي الحكم بنجاسته؛ لأنّ السؤر معتبر باللحم ولحمها نجس، إلاّ أنّ الاستحسان طهارة سؤرها قياساً على طهارة سؤر الآدمي، وقالوا في وجه رجحان القياس الثاني ـ وهو الاستحسان ـ على القياس الأوّل: إنّ مخالطة اللعاب النجس للماء في سؤر سباع البهائم منتفية في سباع الطير؛ إذ تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر جاف لا لعاب فيه فانتفت علّة النجاسة ، فكان سؤرها طاهراً كسؤر الآدمي [۱۹] [۲۰].

حجّية الاستحسان [تعديل]

اختلف فيه الاُصوليّون من الجمهور فقبله بعضهم وردّه بعض آخر [۲۱] [۲۲] [۲۳].
وأمّا الإماميّة وفقهاء أهل البيت عليهم‏ السلام فقد أجمعوا على رفضه وعدم حجّيته فيما إذا كان مبتنياً على الوجوه الظنّيّة التي تنقدح في النفس ويستحسنها عقل الإنسان من دون أمارة و دليل شرعي [۲۴] [۲۵] [۲۶] [۲۷]، فإنّهم لا يجوّزون الاعتماد عليه في مقام استنباط الأحكام الشرعية، كما لا يجوّزون الاعتماد على القياس و الرأي ؛ إذ لا يفيد شيء منها إلاّ الظنّ والظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً، ولذا يحرم الإفتاء بمثل القياس والاستحسان [۲۸].
ويدلّ على ذلك ما ورد مستفيضاً عن الأئمّة المعصومين عليهم ‏السلام من أنّ دين اللّه‏ لا يصاب بالعقول، كرواية أبي حمزة الثمالي ، قال: قال علي بن الحسين عليهماالسلام : « إنّ دين اللّه‏ لا يصاب بالعقول الناقصة، والآراء الباطلة، والمقاييس الفاسدة، ولا يصاب إلاّ بالتسليم، فمن سلّم لنا سلم، ومن اهتدى بنا هدي، ومن دان بالقياس والرأي هلك . . . » [۲۹]، ونحو ذلك من المضامين [۳۰] [۳۱].


المراجع [تعديل]

۱. لسان العرب۱۳ : ۱۱۷.   
۲. مجمع البحرين ۱ : ۵۱۵.   
۳. المدارك ۳ : ۳۷۴ .   
۴. الذخيرة۲ : ۲۷۷ .   
۵. مستند العروة ( الصلاة ) ۴ : ۵۴۲ .   
۶. المبسوط ۸ : ۱۰۱ .   
۷. الغنية : ۴۳۸ .   
۸. الجامع للشرائع : ۵۲۹ .   
۹. المنتهى ۱ : ۳۵ .   
۱۰. جواهر الكلام ۲۷ : ۱۷۲ .   
۱۱. التنقيح في شرح العروة ( الطهارة ) ۱ : ۷۱ .   
۱۲. قوانين الاُصول : ۳۹۸.   
۱۳. المستصفى ۱ : ۲۷۴ .
۱۴. المستصفى ۱ : ۲۸۱ .
۱۵. الإحكام ( الآمدي ) ۱ : ۲۲۴ .   
۱۶. إرشاد الفحول : ۲۵۷ .
۱۷. اللمع في اُصول الفقه : ۱۲۱ .
۱۸. الإحكام ( الآمدي ) ۱ : ۲۲۴ .   
۱۹. اُصول السرخسي ۲ : ۲۰۲ ـ ۲۰۴ .
۲۰. الإحكام ( الآمدي ) ۱ : ۲۲۵ .   
۲۱. اُصول السرخسي ۲ : ۲۰۲ ـ ۲۰۴ .
۲۲. الإحكام ( الآمدي ) ۲ : ۳۹۰ .   
۲۳. الموافقات ( الشاطبي ) ۴ : ۱۵۱ .
۲۴. الخلاف ۳ : ۴۶۰ ، م ۲ .   
۲۵. الجامع للشرائع : ۵۲۹ .   
۲۶. المختلف ۸ : ۴۵۹ .   
۲۷. قوانين الاُصول : ۳۹۸ .   
۲۸. التنقيح في شرح العروة ( الطهارة ) ۱ : ۷۱ .   
۲۹. المستدرك ۱۷ : ۲۶۲ ، ب ۶ من صفات القاضي، ح ۲۵ .   
۳۰. بلغةالفقيه ۴ : ۱۱۹ ، ح ۵۲۳۹ .   
۳۱. الوسائل ۲۹ : ۳۵۲ ، ب ۴۴ من ديات الأعضاء ، ح ۱ .   


المصادر [تعديل]

الموسوعة الفقهية ج۱۱، ص۲۴۷-۲۴۹.   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار